أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، فرض عقوبات على نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، عبد الرحيم حمدان دقلو؛ بسبب انتهاكات تزعم أنه ارتكبها في إقليم دارفور، بينها أعمال عنف واعتداءات جسيمة، في حين أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها على محاسبة المسؤولين عن ارتكاب فظائع في الصراع الدائر بالسودان، وأنها سوف تسعى لتحقيق العدالة للضحايا. وعبد الرحيم دقلو هو شقيق محمد حمدان دقلو المشهور بـ«حميدتي»، قائد قوات «الدعم السريع». وقالت «الخزانة» الأميركية: «العقوبات على دقلو جاءت لقيادته قوات (الدعم السريع)» التي وصفتها بأنها «كيان شارك أعضاؤه في أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك مذابح بحق المدنيين وعمليات القتل العرقي واستخدام العنف الجنسي». وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون: «هذه العقوبات تظهر التزام الوزارة (بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والواسعة النطاق في السودان».
وأضاف نيلسون أن الولايات المتحدة تحث طرفَي الصراع على «وقف الأعمال القتالية وأعمال العنف التي تؤدي إلى استمرار الأزمة الإنسانية في السودان». وأوضح البيان أن العقوبات المفروضة على عبد الرحيم دقلو تتضمن حظر تقديم أي مساهمة أو أموال أو سلع أو خدمات إليه. كما تقضي العقوبات بتجميد جميع الممتلكات والمصالح التابعة لعبد الرحيم دقلو، والموجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أشخاص أميركيين أو تحت سيطرتهم.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، عزمها على محاسبة المسؤولين عن ارتكاب فظائع في الصراع الدائر في السودان، وأنها سوف تسعى لتحقيق العدالة للضحايا. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بيان نشرته «الخارجية» على موقعها الإلكتروني: «واشنطن ستستخدم كل ما لديها من وسائل لإجبار قوات (الدعم السريع) والجيش السوداني على وضع حد للحرب وعدم إطالة أمدها».
تفاصيل العقوبات
وأضاف البيان أن واشنطن فرضت قيوداً على منح تأشيرة لقائد قوات «الدعم السريع» في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة؛ لارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان وصفتها بأنها «جسيمة». وأوضحت «الخارجية» أن مصادر موثوقة قالت إن جمعة متورط في اختطاف وقتل والي غرب دارفور خميس أبكر وشقيقه.
وانزلق السودان إلى حرب ضروس بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) الماضي بعد أسابيع من التوتر بين الجانبين.
وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الأربعاء، تقديم مساعدة إنسانية إضافية قدرها 163 مليون دولار للشعب السوداني وبلدان مجاورة، وذلك خلال زيارتها تشاد.
وقالت «الخارجية» الأميركية في بيان بموقعها الإلكتروني: «بهذه المساعدة يبلغ حجم المساعدات الإنسانية الأميركية نحو 710 ملايين دولار في العام المالي 2023 خصصت للسودان، وتشاد، ومصر، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ لتلبية احتياجات اللاجئين والنازحين وأولئك الذين تأثروا بالصراع في المنطقة». وأضافت أن «أكثر من 24.7 مليون شخص في السودان في حاجة إلى مساعدة إنسانية؛ منهم 3.6 مليون شخص نزحوا داخل السودان، بالإضافة إلى لاجئين من دول أخرى كانوا في السودان وآخرين هربوا إلى بلدان أخرى في المنطقة بعد تجدد الصراع في منتصف أبريل» الماضي. وحثت «الخارجية» الأميركية القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» على إنهاء الصراع ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني، وأكدت أن لا حل عسكرياً للأزمة. ودعت «الخارجية» أيضاً إلى إزالة العقبات التي تحُول دون توصيل المعونات ومنح العاملين في مجال الإغاثة تأشيرات دخول للبلاد. وكانت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة قالت خلال رحلة إلى حدود تشاد مع السودان، الأربعاء: «الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على نائب قائد قوات (الدعم السريع) شبه العسكرية في السودان بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان».
وخطوة استهداف عبد الرحيم دقلو بالعقوبات هي الأبرز منذ بدء الصراع بين قواتهما والجيش السوداني في منتصف أبريل، وتأتي رداً فيما يبدو على أعمال العنف التي تشهدها ولاية غرب دارفور والتي توجه اتهامات لقوات «الدعم السريع» وميليشيات موالية لها بارتكابها.
وتنفي قوات «الدعم السريع» الاتهامات التي توجهها لها جماعات تراقب مجريات الصراع وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وروايات شهود بأنها تقف وراء هذا العنف، وتقول إن أي جندي تخلُص إلى تورطه فيها سيقدم للعدالة. وعبد الرحيم دقلو هو أول مسؤول من أي من طرفي الصراع ستفرض عليه عقوبات منذ بدء الحرب. والعقوبات السابقة على شركات استهدفت الجيش السوداني أيضاً.
والتقت توماس غرينفيلد في تشاد لاجئين سودانيين فرّوا من أعمال العنف العرقية والجنسية في دارفور، وهو أمر قالت إنه «يذكّر» بالفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاماً في الإقليم ووصفتها واشنطن بأنها إبادة جماعية. وروى بعض ضحايا أعمال العنف عن استهداف عرقية «المساليت» وتدمير أحياء بأكملها وعمليات نهب واغتصاب واسعة النطاق؛ مما دفع بمئات الآلاف للفرار إلى تشاد. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في أعمال العنف تلك. واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل بعد 4 سنوات من إطاحة الرئيس السابق عمر البشير بانتفاضة شعبية. وتصاعد التوتر بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، بعد أن اشتركا في انقلاب عام 2021، ليتحول قتالاً بسبب خلاف بشأن خطة انتقال للحكم المدني تشمل دمج قواتهما.
وقالت توماس غرينفيلد قبل وصولها إلى تشاد: «وصلنا بكل تأكيد لمستوى من الفظائع الخطرة التي تذكّرنا بشدة بما شهدناه في 2004 وأدى بنا لوصفه بأنه (إبادة جماعية)». وتابعت: «نسمع عن نساء تعرضن لاغتصاب جماعي وحشي مراراً، وقرى تتعرض للمداهمة، وهناك صور تظهر قبوراً جماعية. الدلائل موجودة». وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدّرت الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف قُتلوا في دارفور عندما ساعدت ميليشيا «الجنجويد»، التي تشكلت منها قوات «الدعم السريع» فيما بعد، الجيش على سحق تمرد من جماعات أغلبها غير عربية. وهناك زعماء سودانيون مطلوبون من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وقال مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في بيان: «مرة أخرى تنزلق دارفور إلى هاوية دون رحمة ولا أمل... المدنيون عالقون ومستهدفون ويتعرضون للاغتصاب والقتل. هذا غير قانوني ومروع». وزارت توماس غرينفيلد حدود تشاد مع دارفور في 2004 عندما كانت مسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأميركية، وهو العام ذاته الذي وصفت فيه واشنطن العنف هناك بأنه «إبادة جماعية». وقالت: «ذهبت قبل إعلان ارتكاب الإبادة الجماعية، لكني رأيت كل الأدلة على أنها تحدث بالفعل... شهدت ذلك من قبل عندما زرت مخيمات لاجئين في جوما (بجمهورية الكونغو الديمقراطية) بعد رواندا، ورأيت النظرات المعذبة والفزع على وجوه الناس».