السفارة الأميركية في بيروت... بيت مفتوح للفنّ اللبناني

السفيرة دوروثي شيا لـ«الشرق الأوسط»: قصص الفنانين ألهمتني ومبادراتنا الثقافية مستمرة

السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا متحدّثةً إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا متحدّثةً إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
TT

السفارة الأميركية في بيروت... بيت مفتوح للفنّ اللبناني

السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا متحدّثةً إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا متحدّثةً إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

الدخول إلى مقرّ إقامة السفيرة الأميركية دوروثي شيا في بيروت أشبَهُ بزيارة معرضٍ للرسم. لكل جدار لوحاته، ولكل لوحةٍ حكايتها التي ترويها السفيرة باهتمام وشغف. ليست استضافة شيا للوحات رسّامين لبنانيين مخضرمين وناشئين دعماً لإبداعهم، سوى جزءٍ بسيط من الأنشطة الثقافية التي ترعاها السفارة.

الفنّ كطوق نجاة

من قلب جائحة «كورونا» والجوائح المعيشيّة والاقتصاديّة التي ضربت لبنان، أطلقت السفارة مطلع عام 2022 مبادرة «لقاء مع فنان» (Meet the Artist). «لأنّ الفن والثقافة هما وسائل نجاة، وليسا ترفاً»، هكذا تبرّر السفيرة شيا التوقيت. في لقائها مع «الشرق الأوسط»، تشرح الدبلوماسيّة الأميركيّة أن المشروع المتواصل حتى الآن، بدأ اقتراحاً عرضَه عليها الفريق الثقافي في السفارة: «ماذا لو جمعنا هنا فنانين ناشئين مع فنان لبناني رائد في مجاله، ليتحاوروا معه ويستمعوا إليه ويشاركوه هواجسهم وتساؤلاتهم؟».

شيا وإحدى اللوحات التي ستأخذها معها إلى نيويورك (الشرق الأوسط)

ما بدأ كتجربة، سرعان ما تحوّل إلى موعدٍ ثابت يستضيف فنانين من المجالات كافةً. من السينما مع نادين لبكي، إلى الموسيقى مع رامي عيّاش، والرقص مع فرقتَي «كركلّا» و«ميّاس»، مروراً بتصميم الأزياء مع إيلي صعب، وليس انتهاءً بالتمثيل مع جورج خبّاز، وزينة دكّاش، أو الرسم مع رؤوف الرفاعي، والتصوير الفوتوغرافي مع ماهر عطّار.

تطول لائحة المبدعين الذين استضافتهم السفارة، وتتكدّس في ذاكرة السفيرة شيا لقطاتٌ ولحظات من تلك اللقاءات. سمعت هاجساً مشتركاً من الفنانين: «ماذا يمكننا أن نفعل للمجتمع الفني اللبناني في هذه الأوقات الصعبة حتى نصنع فرقاً؟». لفتها رسّامٌ شاب يسأل: «كيف أتأكّد من أنني سأنجح في المجال؟». أذهلها تواضع المصمّم اللبناني العالمي إيلي صعب: «لا أظنّ أنني التقيت في حياتي شخصاً على هذا المقدار من التواضع!».

استضافت مبادرة «لقاء مع فنّان» المصمّم اللبناني العالمي إيلي صعب (السفارة الأميركية في بيروت)

حكايات مُلهمة

غالباً ما تلعب شيا في تلك اللقاءات دور المحاوِرة ومديرة الجلسة، وقد استمتعت بتلك المهمّة الجديدة عليها. أصغت إلى حكاياتٍ أثّرت فيها وألهمتها شخصياً، من بينها تجربة مصمّم الرقص نديم شرفان الذي أسّس فرقة «ميّاس» الفائزة في الموسم 17 من برنامج «America’s Got Talent».

«في غرفة الجلوس هذه كان اللقاء مع ميّاس، كما أقمنا لهم احتفالاً تكريمياً ضخماً في السفارة»، تخبر شيا. لكنّ أكثر ما استوقفها في رحلة النجاح تلك، أنها جاءت في وقت كان لبنان بأمسّ الحاجة إلى نقطة ضوء ودفعة نحو الأمام. لفتتها كذلك طاقة الطموح الواسعة لدى شرفان، التي جعلت حلمه بتصميم حفل للمغنّية العالمية بيونسيه يتحوّل إلى حقيقة.

السفيرة الأميركية تكرّم فرقة «ميّاس» ومؤسسها نديم شرفان (السفارة الأميركية في بيروت)

من بين اللقاءات الفنية التي أثّرت في شيا كذلك، الجلسة مع المخرجة نادين لبكي حيث تحدّثت عن فنّها ومقاربتها لصناعة الأفلام. استفاضت السفيرة حينها بسؤال لبكي عن «كفرناحوم»، انطلاقاً من إعجابها الكبير بهذا الفيلم الذي تصنّفه أنه فيلمها اللبناني المفضّل. تصفه بالمصيريّ، ونصحت عدداً من أصدقائها الأميركيين بمشاهدته.

حلّت المخرجة نادين لبكي ضيفة على «لقاء مع فنّان» (السفارة الأميركية في بيروت)

ثمارٌ كثيرة قطفتها «الدبلوماسيّة الثقافيّة» من مبادرة «لقاء مع فنّان». وفق السفيرة شيا، نجح البرنامج في نقل الإلهام والطموح إلى الأجيال الصاعدة. كما أنه ساهم على طريقته في التخفيف من الظروف الضاغطة على المجتمع الفني اللبناني. والأهمّ بالنسبة إليها، هي الرسالة التي جسّدتها تلك اللقاءات؛ «إحدى الأمور التي تبرع فيها الولايات المتحدة الأميركية هي أنها تجمع بين الناس، وهذا ما حصل في Meet the Artist»، تقول السفيرة.

دروس في الموسيقى

تبلغ ميزانيّة الروزنامة الثقافيّة المخصصة للبنان مليون دولار، وتؤكّد السفيرة الأميركية أنها لا تُصرَف بشكلٍ عشوائي، بل من خلال مبادرات تلمس حياة الناس. من بين تلك المشاريع الهادفة، تعاونٌ مع جمعيات تُعنى بأطفالٍ غير مَحظيّين إلا أنهم مهتمّون بالموسيقى، فتُقدّم لهم دروسٌ يتولّاها موسيقيون أميركيون.

دروس في الموسيقى لمواهب لبنانيّة ناشئة (السفارة الأميركية في بيروت)

تنشط السفارة كذلك في إعادة تأهيل المواقع الأثريّة وترميمها، من بينها قصر بيت الدين وقلعة المسيلحة. كما تساند جمعيّات معنيّة بتحصين مباني بيروت ضدّ الزلازل. وفق شيا، فإنّ كل هذا نابعٌ من «اهتمام واشنطن بلبنان، ومن النظرة الاستراتيجيّة التي توليها الإدارة الأميركية إلى البلد، ومن رغبتها بمساعدة الجمعيّات والبلديّات في الحفاظ على التراث الثقافي، من مواقع أثريّة إلى تقاليد وفنون».

السفيرة دوروثي شيا في زيارة لمعبد أشمون بمنطقة صيدا (السفارة الأميركية في بيروت)

حمّص وأغانٍ و«يا هلا»

أشرفت ولاية السفيرة شيا في لبنان على نهايتها. يوم تستقلّ الطائرة متّجهةً إلى مهمّتها المقبلة في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، ستحمل معها لوحتَين لرسّامَين لبنانيَين؛ إحداهما لهدى بعلبكي وهي مستوحاة من تفجير مرفأ بيروت ومن هشاشة المرأة اللبنانية وصلابتها في وجه المِحَن. وستحمل في قلبها كذلك «أصدقاء للحياة»؛ «أنشأتُ صداقاتٍ هنا»، تقول شيا: «هم ليسوا أصدقاءً فحسب، بل أشخاص يقومون بعملٍ جيّد من أجل وطنهم وقد ألهموني كثيراً».

بتأثّر واضح، تقول: «مع اقتراب موعد الرحيل، أتأكد كم أنّ وقتي في لبنان ثمين. هذا يزيدني اندفاعاً ورغبةً باستكشاف المزيد».

تُكثر شيا من الرحلات في أرجاء البلد. زارت قضاء عكّار مؤخّراً وعادت مندهشة بما رأت من اخضرار وشجر أرز ومشاهد طبيعيّة خلّابة. السير في إهدن والشوف وفقرا وتنّورين كان له الفعل نفسه عليها. وعندما تُعدّد المناطق التي أحبّت، لا تنسى شيا بيروت «بنبضها وصمودها».

إلى نيويورك تأخذ شيا معها نكهة الحمّص بالطحينة اللبناني، هذا الطبق الذي تضعه على رأس القائمة. ومن بين المفردات اللبنانية القليلة التي حفظتها، تختار «يا هلا»، عبارةَ ترحاب هي الأقرب إلى قلبها. وبالانتقال إلى القائمة الموسيقيّة، فتتصدّرها «لبيروت» بصوت فيروز، ومعها أغاني ماجدة الرومي ونانسي عجرم ورامي عيّاش.

الفنان رامي عيّاش من بين ضيوف «لقاء مع فنّان» (السفارة الأميركية في بيروت)

«إذا خُيّرتِ بين لقاء مع فنّان ولقاء مع سياسيّ، ماذا تختارين؟». بدبلوماسيّة فائقة تجيب السفيرة شيا: «في الجلسات المنفردة مع السياسيين، ألمس لهفةً لمساعدة لبنان وأهله، لكنّ شيئاً ما يحصل عندما يجتمعون». تستغرب هذا التحوّل، وتتمنّى لو أنّ التناغم الحاصل في اللقاءات مع الفنّانين ينتقل إلى السياسيين.

قليلةٌ هي النجاحات السياسية مقارنةً بتلك الثقافية، لكنّ شيا تحمل في حقيبتها الدبلوماسيّة «إنجازاً تاريخياً» تقول إنها تفتخر بأنها شهدت على لحظاته المفصليّة، وهي اتفاقية ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل.


مقالات ذات صلة

ختام «ساوندستورم 2025» يرسخ مفهوم المدينة الموسيقية في الرياض

يوميات الشرق تفاعل الجماهير في مسرح «ساوندستورم 2025» (ميدل بيست)

ختام «ساوندستورم 2025» يرسخ مفهوم المدينة الموسيقية في الرياض

أسدل مهرجان «ساوندستورم 2025» الذي تنظمه شركة «ميدل بيست» الستار على نسخة استثنائية حوَّلت أرض المهرجان في الرياض إلى مدينة موسيقية.

فاطمة القحطاني (الرياض)
يوميات الشرق تحتفي جوائز «جوي أواردز» بنجوم السينما والدراما والموسيقى والإخراج والرياضة والمؤثرين العرب (هيئة الترفيه)

انطلاق التصويت لجوائز «جوي أواردز 2026»

انطلق التصويت لجوائز صُنَّاع الترفيه «جوي أواردز 2026»، التي تُعدّ الأرقى والأضخم في المنطقة، بعد اكتمال مرحلة التسمية التي شهدت تفاعلاً واسعاً من الجمهور.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الوتر السادس تامر نجم لـ«الشرق الأوسط»: عملت بجهد للوصول إلى مرحلة النضوج

تامر نجم لـ«الشرق الأوسط»: عملت بجهد للوصول إلى مرحلة النضوج

قطع الفنان تامر نجم مراحل عدّة قبل أن يضع اليوم حجر الأساس لمسيرته الفنية، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، فقد أعدّ أغنيته الجديدة «يا هاك القلب» بإتقان.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس مصطفى حدوتة لـ«الشرق الأوسط»: تعمدت إثارة الجدل في أغنية «مسيطرة»

مصطفى حدوتة لـ«الشرق الأوسط»: تعمدت إثارة الجدل في أغنية «مسيطرة»

تحدث الشاعر الغنائي المصري مصطفى حدوتة عن نشاطه الفني المكثف في الفترة الأخيرة، وكواليس تعاونه مع نخبة من النجوم، من بينهم عمرو دياب، ومحمد منير، وأنغام، وغيرهم

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق 5 اتفاقيات تسهيلات ائتمانية وقَّعها الصندوق الثقافي خلال «مؤتمر التمويل التنموي» الأربعاء (واس)

تسهيلات ائتمانية لدعم منشآت ثقافية سعودية بـ17 مليون دولار

وقّع الصندوق الثقافي السعودي 5 اتفاقيات تسهيلات ائتمانية ضمن «التمويل الثقافي» بقيمة تتجاوز 63 مليون ريال (16.8 مليون دولار) لتمويل عدة مشاريع ثقافية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

لماذا ينصح الخبراء بتجنب الإيموجي في رسائل البريد الإلكتروني المهنية؟

استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
TT

لماذا ينصح الخبراء بتجنب الإيموجي في رسائل البريد الإلكتروني المهنية؟

استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)

إذا كنت تضع في رسائلك الإلكترونية بعض العبارات، أو التعبيرات (الإيموجي)، فإن ذلك يقلل من جديتها، وفقاً لخبراء.

وأفاد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الاعتذارات غير الضرورية، والوجوه الضاحكة، وعلامات التعجب، وحتى القبلات، تقلل من جدية الرسائل الإلكترونية في العمل.

الوجوه التعبيرية

وعلى الرغم من أن الكثير يستخدم تلك الوجوه التعبيرية، للتعبير عن الود، والتعاون، فإنه وفقاً لخبراء قد تُضعف هذه العادات اللغوية، دون قصد، مدى جدية تعامل الزملاء في العمل.

تشرح هانا سالتون، مدربة التطوير المهني، وويليام هانسون، مدرب الإتيكيت، سبب كتابة الكثيرين منا بهذه الطريقة، وتأثير ذلك على نظرة الآخرين إلينا، وحتى على فرص ترقيتنا في العمل.

علامات التعجب

ووجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي أن النساء يستخدمن علامات التعجب أكثر بثلاث مرات من الرجال.

وتعتقد هانا أن ذلك يعود على الأرجح إلى فكرة أن «النساء غالباً ما يُحكم عليهن بقسوة أكبر من الرجال عندما يكنّ صريحات، ويُطلق عليهن لقب متسلطات، وغير ذلك من الكلمات السلبية المرتبطة بالجنس».

وتحذر هانا من أنه بينما لا تُمثل علامة التعجب الواحدة مشكلة، فإن التأثير التراكمي قد يكون كذلك. وتوضح قائلة: «إذا بدت علامات التعجب مُصطنعة، أو وكأنها تُخفي انعدام الثقة، فقد تؤثر على المصداقية».

الرموز التعبيرية تحمل دلالات لقلة الخبرة

ويلجأ الكثيرون إلى استخدام الرموز التعبيرية للتعبير عن ودهم، أو روح الدعابة لديهم، ولتجنب سوء الفهم، لكن خبير الإتيكيت ويليام هانسون يحذر من أن هذا قد يأتي بنتائج عكسية، ويقول: «قد يحمل الرمز التعبيري الواحد معاني مختلفة لدى مختلف الأشخاص، أو معنىً غير مقصود على الإطلاق».

وينصح قائلاً: «من الأفضل استخدام الكلمات، وإتقان اللغة الإنجليزية»، ويضيف أن الرموز التعبيرية قد تحمل دلالات طفولية، مما قد يدفع الآخرين إلى اعتبارك أصغر سناً، أو أقل خبرة، أو أقل كفاءة، أو أقل مسؤولية.

ويؤكد: «لا أنصح باستخدام الرموز التعبيرية في رسائل البريد الإلكتروني. يمكنك أن تكون ودوداً في كتابتك، وأن تحافظ على مهنيتك في الوقت نفسه». أما فيما يتعلق بختم الرسائل بقبلة، فيقول: «لن أضع قبلة في نهاية أي بريد إلكتروني إلا إذا كنت سأقبلهم على خدّهم في الواقع».

عبارات ذات معنيين

قد يؤدي استخدام لغة لطيفة إلى إضعاف السلطة، وتقول هانا إن رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن عبارات تطمينية قد تُفسر على أنها استخفاف بالنفس، مضيفةً أن هذه النبرة، مع مرور الوقت، قد تُؤثر بشكل غير مباشر على نظرة الآخرين للشخص.

وتقول: «بصفتي مديرة، من الصعب تحقيق التوازن بين أن أكون محبوبة، ومحترمة، وإذا لم أكن صريحة، فهناك خطر إعطاء انطباع بأنني أقل كفاءة». وتضيف: «بالتأكيد هناك أوقات قد تجعلك فيها المبالغة في الاعتذار أو التردد في التواصل تبدو أقل تأثيراً». وتقول هانا: «الكثير من ذلك يحدث دون وعي. لا أحد يقرأ بريداً إلكترونياً ويفكر: (أوه، إنهم لا يثقون بأنفسهم)، الأمر أكثر دقة من ذلك». وتختتم قائلة: «لكن إذا كنت تتواصل باستمرار بطريقة تُرضي الآخرين، فقد يُكوّن ذلك انطباعاً بأنك شخص لا يثق بنفسه، أو أنه ربما أقل كفاءة».

اسأل الذكاء الاصطناعي

يؤكد كل من هانا وويليام أن الأمر لا يتعلق بإزالة كل الدفء، أو الطابع الشخصي من التواصل المهني. وتقول هانا: «الأسلوب الشخصي مهم. إظهار شخصيتك في العمل ليس أمراً سيئاً. لا تريد أن تشعر بأنك مضطر لتصفية كل ما تكتبه، وإزالة أي طابع شخصي منه، ولكن في الوقت نفسه، لا ينبغي عليك استخدام كلمات ورموز معينة باعتبارها أداة لكسب الإعجاب».

وتضيف سالتون أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون مفيدة أيضاً في مراجعة المسودات، وإزالة الكلمات الزائدة، أو المُطوّلة. وتقول سالتون إنّ إحدى الطرق العملية لاكتشاف هذه العادات والحدّ منها دون المساس بشخصيتك هي الانتباه إلى رسائل البريد الإلكتروني التي تتلقاها، وملاحظة تأثير الأساليب المختلفة عليها -ما يبدو واضحاً، وواثقاً، ومطمئناً، وما يبدو مبالغاً فيه.

ما يجب حذفه من رسائلك الإلكترونية

إليك بعض الأمور التي قد ترغب في حذفها لتبدو أكثر احترافية، كما يقترح الخبراء:

- كلمات مثل «فقط» («كنت أتأكد»، «كنت أتساءل»).

- اعتذارات استباقية مثل «آسف للإزعاج»، أو «أنا متأكد من أنك مشغول جداً، ولكن...».

- عبارات تأكيد مثل: «هل هذا واضح؟»، «أتمنى أن يكون هذا مناسباً»، أو «لا بأس على أي حال».

- علامات التعجب. والرموز التعبيرية. القبلات، أو عبارات الوداع المبالغ فيها.


«بين ضفّتين» من الأزرق: فاديا أحمد تُحوّل المتوسّط إلى جغرافيا نفسية

طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
TT

«بين ضفّتين» من الأزرق: فاديا أحمد تُحوّل المتوسّط إلى جغرافيا نفسية

طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)

بين ضفّتين، لا يقف الإنسان دائماً على اليابسة. أحياناً يقف في الماء وفي المسافة التي لا تُعرَّف، حيث لا يكون الانتماء قراراً واضحاً. في هذا الوقوف المُراوغ، يتحوَّل الانتماء إلى حالة مُتقلّبة تتبدَّل مع الضوء والذاكرة ومع تغيُّر الأزرق نفسه. في معرضها الجديد، تفتح الرسّامة فاديا أحمد هذا الفضاء الأزرق، وتدع الزائر يعبُره بهدوء من دون أن تفرض عليه اتجاهاً أو تفسيراً جاهزاً.

الأزرق مسافة تُقطع بالنظر قبل أن تُقطع بالذاكرة (فاديا أحمد)

في الأعمال المعروضة، لا يظهر الأزرق لوناً جمالياً أو خياراً شكلياً. إنه حيّز نفسي يتكرَّر لأنه يعود، وذاكرة لا تتوقَّف عن إعادة طرح نفسها. تقول فاديا أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنّ الأزرق، بالنسبة إليها، «أكثر من لون. هو مساحة للتنفُّس وذاكرة لا تخبو، ومجال بين ما عشتُه وما لا أزال أبحث عنه». تكراره في الأعمال عودة دائمة إلى نغمة قديمة تظهر في لحظة جديدة، كأنّ اللون نفسه يتحرّك مع الزمن وليس خارجه.

هذا الأزرق لا يسعى إلى ابتكار لغة بصرية جديدة، بقدر ما يكشف عن لغة كامنة فيه لا تظهر إلا حين يتوقَّف المُتلقّي عن البحث عن المعنى المباشر، ويترك للصورة أن تتكلَّم بإيقاعها الخاص. في اللوحات التي تُحاكي البحر والسماء والماء المفتوح، لا حدود واضحة ولا خطوط فاصلة حادّة. كلّ شيء في حالة عبور. فالضوء ينساب والظلال تتداخل والمسافة بين الأعلى والأسفل تصبح سؤالاً بصرياً أكثر منها تركيباً هندسياً.

بحر بلا ضفاف واضحة كأنّ المكان يتردَّد في أن يكون وطناً (فاديا أحمد)

عبارة «بين ضفّتين» التي تحضر في عنوان المعرض، توصيف لحياة معيشة بين أماكن متعدّدة، بين لبنان وإسبانيا وأفريقيا، وبين الذاكرة والمنفى، وما تُرك خلفاً وما لا يزال يُحمَل في الروح. هذا العبور اليومي، كما تقول الفنانة، جعل نظرتها إلى العالم أقل يقيناً وأكثر إنسانية. فالانتماء، في تجربتها، حركة دائمة لردم المسافات، في الصورة كما في الذات.

من هنا، يمكن قراءة المعرض على أنه محاولة لإعادة التفكير في معنى الانتماء. هو عند فاديا أحمد ليس مفهوماً فكرياً أو تعريفاً نظرياً. إنه تجربة حسّية تصعب تسميتها. الانتماء، كما تراه، يتجاوز كونه مكاناً وشعوراً واضح الحدود، ليغدو توقاً واهتزازاً داخلياً. المعرض يدعو إلى الغوص في هذا الإحساس من دون وصاية.

هنا يتحوَّل المتوسّط من جغرافيا إلى حالة نفسية. البحر في الصور سكون وعمق، خوف وانفتاح، احتواء وقلق. هو، كما تصفه الفنانة، جغرافيا روحية ترى فيها حالات وجود. في بعض الأعمال، يبدو البحر أشبه برحم كونية، تحتضن أكثر مما تفصل وتجمع ما يبدو متناقضاً في الظاهر.

المتوسّط حالة نفسية أكثر منه جغرافيا (فاديا أحمد)

السؤال عن العودة حاضر بقوة. العودة هنا إلى مكان وعودة إلى الذات. وتكاد الفنانة ترى أنّ المحاولتين متداخلتان إلى حدّ يصعب فصلهما. فكلّ محاولة للعودة إلى الوطن تقود إلى مواجهة الذات، وكلّ محاولة لفهم الذات تُعيد طرح سؤال المكان. غير أن استعادة الذات في نظرها هي الأصعب، لأنها تتطلَّب شجاعة يومية وعملاً داخلياً لا ينتهي.

حين يغيب البشر تظلّ آثارهم عالقة في الضوء والفراغ (فاديا أحمد)

على مستوى الزمن، لا تتعامل فاديا أحمد مع الصورة على أنها أداة لتجميد اللحظة. تراها وسيلة لتفكيكها وإعادة ترتيبها. التصوير، بالنسبة إليها إعادة بناء الوقت. اللحظة المُصوَّرة شظايا زمنية يُعاد جمعها بطريقة تتيح رؤيتها بوضوح أكبر. من هنا، تحمل الصور إحساساً بالزمن المُعلَّق، كأنها لا تنتمي إلى لحظة واحدة، وإنما إلى سلسلة من اللحظات المُتشابكة.

صورة تُعيد ترتيب زمن اللحظة (فاديا أحمد)

ورغم غياب الأشخاص عن معظم الأعمال، لا يبدو المعرض خالياً من الحضور الإنساني. على العكس، تكمن إنسانيته في الأثر والفراغ، وفي المساحات التي تركها البشر خلفهم. فالصورة، كما ترى الفنانة، تصبح إنسانية حين تحمل نَفَساً، حتى وإن غاب الجسد. وأحياناً، يكون الغياب أكثر كثافة من الحضور وأكثر قدرة على استدعاء التجربة الإنسانية العميقة.

لا بداية واضحة ولا نهاية مؤكدة (فاديا أحمد)

معرض «بين ضفّتين» مساحة تتيح التأمُّل في العبور والانقسام والشعور الغامض بأنّ الإنسان يعيش دائماً بين مكانَيْن ويحمل كليهما في قلبه. يُقام في «نو شيف إنْ ذا كتشن» بمنطقة الصيفي البيروتية، ويقترح على زائره أن يتوقّف قليلاً وينظر، فيسمح للأزرق بأن يقوده إلى داخله.


ماسك أول شخص في التاريخ تتجاوز ثروته 600 مليار دولار

يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
TT

ماسك أول شخص في التاريخ تتجاوز ثروته 600 مليار دولار

يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)

أعلنت مجلة «فوربس» أن إيلون ماسك أصبح الاثنين أول شخص على الإطلاق تبلغ ثروته 600 مليار دولار، وذلك في أعقاب تقارير تفيد بأن شركته الناشئة «سبيس إكس» من المرجح أن تُطرح للاكتتاب العام بتقييم قدره 800 مليار دولار.

وأفادت وكالة «رويترز»، الأسبوع الماضي، بأن ماسك، الذي كان أول من تجاوز صافي ثروته 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول)، يملك حصة تقارب 42 بالمائة في «سبيس إكس» التي تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب العام المقبل.

وذكرت «فوربس» أن من شأن تقييم «سبيس إكس» أن يرفع ثروة ماسك 168 مليار دولار إلى نحو 677 مليار دولار اعتباراً من الساعة 12 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة اليوم.

وحصلت ثروة ماسك أيضاً على دفعة من حصته البالغة 12 بالمائة تقريباً في شركة «تسلا» لتصنيع السيارات الكهربائية التي قفزت أسهمها 13 بالمائة حتى الآن هذا العام على الرغم من تراجع المبيعات. وصعدت أربعة بالمائة تقريباً اليوم بعد قول ماسك إن الشركة تختبر سيارات روبوتية دون شاشات لمراقبة السلامة في مقعد الراكب الأمامي.

يظهر شعار شركة «سبيس إكس» وصورة إيلون ماسك (رويترز)

ووافق مساهمو «تسلا» في نوفمبر (تشرين الثاني) على خطة أجور بقيمة تريليون دولار لماسك، وهي أكبر حزمة أجور للشركات في التاريخ، إذ أيد المستثمرون رؤيته لتحويل شركة تصنيع السيارات الكهربائية إلى شركة عملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر تقرير إعلامي أن شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» تجري محادثات في مرحلة متقدمة لجمع 15 مليار دولار من طرح أسهم جديدة بتقييم يبلغ 230 مليار دولار.