صندوق النقد الدولي يُفرج عن قرض للأرجنتين بـ7.5 مليار دولار

بعد مفاوضات استغرقت 4 أشهر

وزير المالية الأرجنتيني سيرخيو ماسا المرشح للرئاسة خلال لقاء مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في مقر الصندوق بواشنطن يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير المالية الأرجنتيني سيرخيو ماسا المرشح للرئاسة خلال لقاء مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في مقر الصندوق بواشنطن يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد الدولي يُفرج عن قرض للأرجنتين بـ7.5 مليار دولار

وزير المالية الأرجنتيني سيرخيو ماسا المرشح للرئاسة خلال لقاء مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في مقر الصندوق بواشنطن يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير المالية الأرجنتيني سيرخيو ماسا المرشح للرئاسة خلال لقاء مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في مقر الصندوق بواشنطن يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

قال صندوق النقد الدولي إن مجلسه التنفيذي وافق على صرف 7.5 مليار دولار للأرجنتين، في صفقة استغرق التفاوض بشأنها 4 أشهر، وذلك بعد إكمال المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامجه البالغة قيمته 44 مليار دولار.

وقال صندوق النقد في بيان نُشر مساء الأربعاء: «أكمل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي اليوم المراجعتين الخامسة والسادسة لتسهيل الصندوق الممدد للأرجنتين لمدة 30 شهراً. وقرار المجلس يُمكّن من صرفٍ فوري لنحو 7.5 مليار دولار».

وأشار الصندوق إلى أن إجمالي المبالغ المصروفة بموجب الاتفاق صار يبلغ نحو 36 مليار دولار. ويُستخدم أغلب الأموال في سداد تمويل برنامج آخر. وفي المجمل، يقوم البرنامج الذي يمتد لثلاثين شهراً على تقديم مساعدات إجمالية لبوينس آيرس بقيمة 44 مليار دولار (نحو 32 مليار من حقوق السحب الخاصة، وهي الوحدة الحسابية لصندوق النقد الدولي على أساس سلة من العملات). وهو أكبر برنامج مساعدات ينفذه حالياً صندوق النقد الدولي.

وتوصل خبراء الصندوق والأرجنتين إلى اتفاق في أواخر يوليو (تموز) الماضي، مع تعليق صرف النقود بانتظار موافقة المجلس. وييسر الاتفاق أهدافاً اقتصادية لأسباب منها جفاف مدمّر تَسبّب في الكثير من التحديات أمام الدولة المصدرة للحبوب.

وذكر الصندوق أنه بسبب الجفاف الشديد والأخطاء السياسية، فشلت الأرجنتين في إجراء تعديلات الميزانية المتفق عليها. ومع ذلك، كان من الممكن الاتفاق على أهداف جديدة مثل زيادة احتياطيات البنك المركزي والمزيد من الانضباط المالي.

ويتعين على وزارة الاقتصاد في بوينس آيرس تمرير أكثر من نصف الأموال المصروفة حديثاً إلى دائنين آخرين، حسبما ذكرت صحيفة «لا ناسيون».

وكان صافي احتياطيات الأرجنتين من النقد الأجنبي سالباً قبل صرف الصندوق للأموال، واتفقت الأرجنتين مع قطر على أخذ قرض بقيمة 775 مليون دولار، بالإضافة إلى قرض بمليار دولار من بنك التنمية لأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، و1.7 مليار دولار من مبادلة مع الصين للسداد لصندوق النقد الدولي في وقت سباق من الشهر الجاري.

ويشار إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية غارق في أزمة اقتصادية ومالية حادة. وتعاني الأرجنتين جهاز دولة متضخماً وإنتاجية منخفضة في الصناعة، واقتصاداً موازياً كبيراً يحرم الدولة من الكثير من الإيرادات الضريبية. وتستمر العملة الوطنية، البيزو، في الانخفاض مقابل الدولار الأميركي، وتتزايد الديون باستمرار مع ارتفاع معدل التضخم.

ويعد هذا الاتفاق مهماً بالنسبة لوزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرخيو ماسا المرشح لانتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الرئاسية عن ائتلاف «الاتحاد من أجل الوطن» الذي يجمع الأحزاب المؤيدة لحكومة ألبرتو فرنانديز المنتهية ولايتها، والمنتمية إلى يسار الوسط.

وكان ماسا في واشنطن، الأربعاء، حيث التقى بشكل خاص المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.

وفي 13 أغسطس (آب)، أحدثت الانتخابات التمهيدية الرئاسية مفاجأة بحصول خافيير ميلي، وهو خبير اقتصادي ليبرالي متطرف عمره 52 عاماً، على 30 في المائة من الأصوات. وجاء ماسا في المركز الثالث بحصوله على نسبة 27 في المائة من الأصوات.

على الأثر، خفضت السلطات الأرجنتينية قيمة البيزو بنحو 20 في المائة، من أجل حمايته من رد فعل السوق المحتمل بعد الانتخابات التمهيدية. وأعلن البنك المركزي زيادة أسعار الفائدة على الودائع من 97 إلى 118 في المائة.

من جانبه، أشاد صندوق النقد الدولي بـ«الإجراءات الأخيرة والتزام السلطات الأرجنتينية اتجاه الحفاظ على الاستقرار وإعادة تكوين احتياطيات النقد الأجنبي وتحسين نظام الميزانية»، على لسان المتحدثة باسم المؤسسة الدولية جولي كوزاك.

ويتوقع صندوق النقد أن يبلغ النمو في الأرجنتين 0.2 في المائة فقط عام 2023، مع توقع انخفاض التضخم بحلول نهاية العام إلى 88 في المائة. ولكن التضخم بلغ 115.6 في المائة على أساس سنوي في يونيو (حزيران) الماضي، وفقاً لبيانات المعهد الوطني للإحصاء.


مقالات ذات صلة

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

الاقتصاد رجل ينسق واجهة أحد المتاجر في مدينة شنغهاي الصينية بمناسبة أعياد رأس السنة (إ.ب.أ)

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

يقوم دان كاتز، المسؤول الثاني في صندوق النقد الدولي، بأول زيارة له للصين منذ مغادرته منصبه رئيساً لمكتب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شعار الروبية الهندية يظهر داخل مقر بنك الاحتياطي الهندي في مومباي (رويترز)

الهند تراجع قيود مشتقات العملات لوقف نزوح التداول إلى الخارج

تجري هيئات الرقابة الهندية محادثات لمراجعة القيود الصارمة المفروضة على عقود مشتقات العملات المتداولة في البورصات، في محاولة لإنعاش السوق.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد تمشي امرأة أمام المدخل الرئيسي للبنك المركزي السريلانكي في كولومبو (أرشيفية - رويترز)

سيرلانكا تُثبت الفائدة قبل اعتماد الموازنة ومراجعة صندوق النقد الدولي

أبقى البنك المركزي السريلانكي، الأربعاء، على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، في انتظار صدور موافقة الموازنة الوطنية وإجراء المراجعة الأخيرة لقروض صندوق النقد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )
الاقتصاد عمانية تلوّح بالعلم الوطني أثناء عرض عسكري للقوات البحرية خلال احتفالات اليوم الوطني على شاطئ القرم في مسقط (رويترز)

صندوق النقد: اقتصاد عُمان «صامد بقوة» رغم التوترات الجيوسياسية وتقلبات النفط

أكد صندوق النقد الدولي أن سلطنة عمان أبدت قدرة قوية على الصمود في مواجهة تصاعد أجواء عدم اليقين العالمي وتجدد التوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من منطقة الخليج التجارية في العاصمة البحرينية المنامة (الشرق الأوسط)

صندوق النقد يتوقع تسارع نمو اقتصاد البحرين إلى 3.3% في 2026

أكد صندوق النقد الدولي بقاء النمو الاقتصادي في البحرين مرناً، وارتفاع التضخم بشكل متواضع في عام 2024، مع مواصلة ارتفاع الدين الحكومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
TT

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

تستعد شركة «سبيس إكس» (SpaceX)، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها، وهي الصفقة التي قد تدفع بتقييم الشركة إلى مستوى تاريخي غير مسبوق.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، قد يصل تقييم «سبيس إكس» إلى ما يناهز 800 مليار دولار، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته شركة «أوبن إيه آي» المالكة لـ«تشات جي بي تي» والذي بلغ 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

هذا التقييم، الذي ناقشه مجلس إدارة الشركة مؤخراً، من شأنه أن يعيد «سبيس إكس» إلى صدارة الشركات الخاصة الأعلى قيمة عالمياً.

قفزة هائلة نحو التريليون وانتظار الطرح العام

يُتوقع أن يتم بيع الأسهم بسعر يزيد عن 400 دولار للسهم الواحد، مما يضع تقييم الشركة بين 750 و800 مليار دولار. ويمثل هذا التقييم زيادة هائلة، ومضاعفة للتقييم السابق للشركة الذي بلغ 400 مليار دولار في يوليو (تموز)، عندما باعت أسهماً بسعر 212 دولاراً للسهم.

وفي حال تأكيد هذا الرقم، فإن «سبيس إكس» ستنضم إلى مجموعة نادرة من أكبر 20 شركة عامة في العالم، متفوقة على العديد من عمالقة السوق، ومحتلة مرتبة أدنى بقليل من «تسلا»، الشركة الأخرى التي يملكها ماسك.

وتشير التكهنات إلى أن «سبيس إكس» قد تتجه نحو طرح عام أولي بحلول أواخر العام المقبل، وإذا تم الطرح بقيمة 800 مليار دولار، وبيع 5 في المائة من أسهمها، فإنه سيكون أكبر طرح عام على الإطلاق.

ريادة الفضاء والإنترنت

يعود هذا التقييم القياسي إلى هيمنة «سبيس إكس» على قطاع الفضاء، حيث تُعد الشركة الأكثر إطلاقاً للصواريخ في العالم بفضل صاروخها «فالكون 9» الذي ينقل الأقمار الاصطناعية والأشخاص إلى المدار. كما تُعد الشركة رائدة في توفير خدمات الإنترنت من المدار الأرضي المنخفض عبر مشروع «ستارلينك»، الذي يضم أكثر من 9000 قمر اصطناعي، متفوقة بفارق كبير على منافسيها، مثل مشروع «أمازون ليو» التابع لشركة «أمازون». وقد أدت هذه الأخبار إلى ارتفاع أسهم الشركات الشريكة، مثل «إيكو ستار»، بنسبة وصلت إلى 18 في المائة.

خيارات الطرح العام والتحول الاستراتيجي

رغم قدرة «سبيس إكس» على جمع التمويل بتقييمات تتجاوز 100 مليار دولار، مع تأجيل خطط الطرح العام، فإن فكرة الانفصال لا تزال قائمة. فقد طفت على السطح مجدداً مقترحات لفصل نشاط «ستارلينك» في شركة مطروحة للاكتتاب العام بشكل منفصل، وهي فكرة سبق أن اقترحتها الرئيسة جوين شوتويل في عام 2020. ومع ذلك، شكك ماسك علناً في هذا الاحتمال على مر السنين، بينما أشار المدير المالي بريت جونسن في عام 2024 إلى أن طرح «ستارلينك» سيكون شيئاً يحدث على الأرجح «في السنوات القادمة». وفي الوقت نفسه، تستمر «سبيس إكس» في تطوير مركبة «ستارشيب»، الصاروخ الأقوى على الإطلاق، والمصمم لحمل أعداد هائلة من أقمار «ستارلينك»، ونقل البضائع والأشخاص إلى القمر، ثم إلى المريخ في نهاية المطاف.


حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد أن أعلنت شركة «نتفليكس» يوم الجمعة عن إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على استوديوهات الأفلام، والتلفزيون، ووحدة البث التدفقي التابعة لـ«وارنر براذرز ديسكفري» (WBD) بقيمة بلغت 72 مليار دولار.

هذه الصفقة، التي بدأت بمجرد «مهمة استطلاعية»، لم تكن متوقعة علناً من عملاق البث التدفقي الذي كان يقلل من شائعات شراء استوديو كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتنتهي بـ«نتفليكس» وهي تفوز بأثمن جائزة في هوليوود، متفوقة على منافسين عمالقة، مثل «باراماونت» و«كومكاست».

صورة جوية لشعار «وارنر براذرز» معروض على برج المياه في استوديو «وارنر براذرز» في باربنك كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من الفضول إلى الاستحواذ

بدأت مساعي «نتفليكس» نحو «وارنر براذرز» بدافع الفضول لمعرفة المزيد عن أعمالها، لكن التنفيذيين سرعان ما أدركوا الفرصة الاستراتيجية الهائلة التي يوفرها الاستوديو.

تتجاوز الصفقة مجرد إضافة مكتبة محتوى عمرها قرن من الزمان إلى منصة «نتفليكس» (وهي مكتبة تشكل 80 في المائة من مشاهدات البث التدفقي)، حيث أدركت «نتفليكس» أن وحدات أعمال «وارنر براذرز»، خاصة التوزيع المسرحي، والوحدة الإنتاجية، تُعد مكمّلة بشكل مثالي لنماذج أعمالها.

وقد تصاعد الاهتمام بالاستحواذ بعد أن أعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» في يونيو (حزيران) عن خططها للانقسام إلى شركتين عامتين، فصلت بموجبها الشبكات التلفزيونية التقليدية عن الأصول الرئيسة، مثل استوديوهات «وارنر براذرز» و«HBO» وخدمة «HBO Max».

سباق المزايدة يشتد

دخلت «نتفليكس» منافسة شرسة للاستحواذ على الأصول، واضعة نفسها في مواجهة مباشرة مع «باراماونت» وشركة «إن بي سي يونيفرسال» الأم «كومكاست». وقد بدأ المزاد علنياً في أكتوبر بعدما قدمت «باراماونت» أول عرض غير مرغوب فيه في سبتمبر (أيلول)، بهدف استباق الانقسام المخطط له.

تواصل العمل بوتيرة محمومة، حيث عقد فريق «نتفليكس» الاستشاري، الذي ضم بنوكاً استثمارية، مثل «مويلس آند كومباني»، و«ويلز فارغو»، مكالمات يومية صباحية على مدى الشهرين الماضيين، بل وعقدوا مكالمات متعددة في يوم عيد الشكر ذاته للتحضير للعرض النهائي في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

على الجانب الآخر، اجتمع مجلس إدارة «وارنر براذرز» يومياً خلال الأيام الثمانية الأخيرة التي سبقت اتخاذ القرار. وفضّل المجلس عرض «نتفليكس»، لأنه كان الوحيد الذي وُصف بأنه «ملزم وكامل»، كما أنه سيحقق فوائد فورية للشركة.

وعلى النقيض، تم رفض عرض «كومكاست» لدمج قسم الترفيه الخاص بها مع «وارنر براذرز»، لكونه سيستغرق سنوات عديدة للتنفيذ. ورغم أن «باراماونت» رفعت عرضها لتبلغ القيمة الإجمالية للشركة 78 مليار دولار، فقد أعرب مجلس إدارة «وارنر براذرز» عن قلقه بشأن تمويل هذا العرض.

صورة جوية لشعار «نتفليكس» معروض في استوديوهات «نتفليكس» مع لافتة هوليوود في الأفق (أ.ف.ب)

ثقة «نتفليكس» في اجتياز العقبات التنظيمية

لتأكيد إيمانها بنجاح الصفقة، خاصة في ظل توقعات مراجعة تنظيمية كبيرة، أرفقت «نتفليكس» عرضها بواحد من أكبر رسوم الإنهاء في تاريخ صفقات الاندماج والاستحواذ، بلغ 5.8 مليار دولار.

وقد وصف أحد المستشارين هذا الضمان بأنه دليل على قناعة «نتفليكس» المطلقة بقدرتها على الحصول على الموافقات اللازمة، قائلاً: «لا أحد يحرق 6 مليارات دولار دون اقتناع».

لم تكن «نتفليكس» متأكدة من الفوز حتى اللحظات الأخيرة، حيث اعترف أحد التنفيذيين بأنهم كانوا يعتقدون أن فرصتهم لا تتجاوز 50/50. لكن مع إعلان قبول العرض في وقت متأخر من ليلة الخميس، ساد التصفيق والتهليل على مكالمة جماعية بين فريق «نتفليكس»، إيذاناً ببدء عصر جديد سيعيد تشكيل المشهد الترفيهي العالمي بالكامل.


العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)
TT

العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)

شهد القطاع العقاري المُدرج في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً استثنائياً وغير مسبوق في الربع الثالث من عام 2025. فقد تضاعفت أرباح الشركات العقارية بأكثر من ستة أضعاف، مسجلة نمواً تجاوزت نسبته 633.6 في المائة لتبلغ 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال).

هذا الارتفاع الصارخ، مقارنة بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار في الربع المماثل من العام السابق، يؤكد أن القطاع العقاري السعودي قد دخل مرحلة نضج تشغيلي مستدام، متجاوزاً مرحلة الانتعاش «الظرفي» المؤقت.

كما تعكس هذه القفزة الكبيرة نجاح الشركات في إعادة هيكلة منتجاتها، وتعزيز تدفقاتها النقدية، والانتقال من مجرد النمو «الورقي» إلى نمو حقيقي مدعوم بالإيرادات التشغيلية، والتسليم الفعلي

للمشاريع.

المحركات التشغيلية

وأرجع خبراء ومختصون عقاريون تسجيل الشركات العقارية المُدرجة في السوق هذه القفزة الكبيرة إلى بداية جني الأرباح من إيرادات المشاريع العقارية المحورية في المدن الكبرى، وارتفاع جودة المشاريع العقارية، وتحسن البيئة التمويلية، ومستويات السيولة في القطاع العقاري.

وأشاروا إلى أن هذه القفزة تتواكب مع نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما ساهم بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، وفي نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة.

العاصمة السعودية الرياض (واس)

تفاصيل أداء الشركات

وكانت أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية «تداول» قد تضاعفت لأكثر من 6 أضعاف، خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال)، بنسبة نمو وصلت إلى 633.67 في المائة، مقارنةً بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار (253.32 مليون ريال) في الربع المماثل من العام السابق.

كما بلغت أرباح شركات القطاع خلال الأرباع الثلاثة من 2025 نحو 1.44 مليار دولار (5.4 مليار ريال)، بصدارة من «سينومي سنترز» و«جبل عمر» و«مسار»، وبنسبة نمو 244.2 في المائة عن الفترة ذاتها من العام، والتي حققت خلالها أرباحاً صافية وصلت إلى 419 مليون دولار (1.57 مليار ريال)، وبزيادة قدرها 1.02 مليار دولار (3.83 مليار ريال).

ووفق إعلانات نتائجها المالية في السوق المالية السعودية، حققت 9 شركات ارتفاعاً في أرباحها، من بين 16 شركة تعمل بالقطاع، في حين تحولت 4 شركات للربحية. وتصدرت شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (مسار) أعلى شركات القطاع ربحيةً، خلال الربع الثالث، بعد تحقيقها أرباحاً بلغت 516.57 مليون ريال، بنسبة نمو وصلت إلى 341.9 في المائة عن الربع المماثل من العام السابق. وحلّت شركة المراكز العربية «سينومي سنترز» ثانيةً في أعلى شركات القطاع ربحيةً بعد تحقيقها أرباحاً بنحو 499.8 مليون ريال خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل نمواً عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 52.2 في المائة، في حين حلت شركة «دار الأركان» ثالثاً، بنسبة نمو تجاوزت 89 في المائة، بعد أن بلغت أرباحها نحو 255.6 مليون ريال في الربع الثالث من 2025.

صورة محاكية لمشروع «مسار» الذي تقوم بتطويره شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (الشركة)

القطاع أكثر كفاءة

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، قال الخبير والمهتم بالشأن العقاري، عبد الله الموسى لـ«الشرق الأوسط» إن القفزة التاريخية في أرباح شركات العقار المدرجة تؤكد أن السوق دخلت مرحلة نضج تشغيلي، وليس مجرد انتعاش ظرفي، وإن هذه الأرقام تعكس قدرة الشركات على إعادة هيكلة منتجاتها، وتحسين تدفقاتها النقدية، والتحول من النمو الورقي إلى النمو الحقيقي المدعوم بالتسليم، والتشغيل، والإيرادات المتكررة.

وزاد أن القطاع أصبح أكثر كفاءة وربحية من أي وقت مضى، ما ينسجم مع اتجاهات الاقتصاد السعودي، وتطور أدوات التنظيم، والتمويل.

وحدد الموسى ثلاثة محركات رئيسة للقفزة الكبيرة في أرباح شركات القطاع، وهي:

- ارتفاع جودة المشاريع، والتحول للنماذج التشغيلية، كما حدث مع شركات «سينومي سنترز» و«مسار» و«جبل عمر»، والتي بدأت تجني ثمار الاستثمار طويل الأجل في تشغيل الأصول، وزيادة الإشغال، ونمو العوائد الإيجارية، ما انعكس مباشرة على الربحية.

- تحسن البيئة التمويلية، وتقليل الأعباء عبر استقرار أسعار الفائدة، وبداية انخفاضها، وتحسن مستويات السيولة، وهو ما ساعد الشركات على إدارة مديونياتها بكفاءة أكبر، خصوصاً تلك التي كانت تعاني سابقاً من أعباء مالية مرتفعة.

- اكتمال مشاريع محورية، ودخولها مرحلة تحقيق الإيرادات، حيث شهدت شركات عدة تحوّلاً للربحية نتيجة تحسن ملحوظ في عمليات البيع والتطوير في المدن الكبرى، وخاصة في الرياض، ومكة.

ويتوقع الموسى أن تستمر شركات القطاع في أدائها الإيجابي خلال الأرباع القادمة، واستمرار المسار الصاعد، لكن بوتيرة أكثر توازناً، وذلك لوجود عوامل داعمة، أبرزها دخول مشاريع استراتيجية جديدة مرحلة التشغيل، واستمرار الطلب القوي على الإسكان، والمشاريع التجارية في ظل توسع الرياض، وتحولها لوجهة استثمارية عالمية، وتحسن الأداء المالي لشركات كانت تواجه خسائر لسنوات، وهو ما يرفع مستوى المنافسة داخل القطاع، وكذلك استمرار مبادرات التنظيم العقاري التي تقلّل المخاطر، وتزيد من جاذبية الاستثمار المؤسسي، مضيفاً أنه في حال حافظت الشركات على هذا النهج، فمن المتوقع أن تتحول أرباح 2025 إلى نقطة مرجعية جديدة لمستوى ربحية أعلى، وأكثر استدامة خلال السنوات المقبلة.

أحد المراكز التجارية التابعة لشركة «سينومي سنترز» في الرياض (الشركة)

دور الاقتصاد غير النفطي

من جهته، قال المهتم بالشأن العقاري سلمان السعيد، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ساهما بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، مما ساهم في نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في جذب الاستثمارات، مثل توسيع ضريبة الأراضي البيضاء، وخطوات ضبط الإيجارات، مما عزز من المشاريع التنموية، ومن جدوى المشاريع العقارية، وكذلك الدعم الحكومي الكبير لتملك المواطنين للإسكان، والسياسات الداعمة لذلك، ما ساهم في ارتفاع نسبة المواطنين المتملكين للإسكان.

وأضاف أن ارتفاع الطلب على العقار التجاري والمكتبي ساهم في زيادة أرباح الشركات العقارية، خصوصاً في مدينة الرياض، وتحديداً مع تدفق الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات إلى السعودية، وارتفاع الطلب على المكاتب، وزيادة إشغالها بنسب مرتفعة. كما ساعد ذلك شركات التطوير العقاري التي تعمل في العقارات متعددة الاستخدامات على الاستفادة من تنويع مصادر الدخل، وليس الاعتماد فقط على العقارات السكنية في تحقيق الأرباح، وأشار إلى أن بعض الشركات حققت نمواً في أرباحها من المعاملات الاستثمارية في بيع الأراضي، والأصول غير الاستراتيجية، مما أدى إلى تحسين النتائج، والكفاءة التشغيلية.