هل تتسع دائرة المواجهات بين الجيش و«الدعم السريع» جنوباً؟

إجراءات أمنية مشددة في ولاية الجزيرة... وتهديدات بهجوم على مدينة ود مدني

جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)
جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)
TT
20

هل تتسع دائرة المواجهات بين الجيش و«الدعم السريع» جنوباً؟

جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)
جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)

سادت حالة من التوجس بين سكان ولاية الجزيرة، الأربعاء، لا سيما المناطق الشرقية والجنوبية منها، بما في ذلك مدينة «ود مدني» حاضرة الولاية، وتناقل مواطنون روايات عن احتمالات قيام قوات «الدعم السريع» بتوسيع دائرة المواجهة مع الجيش جنوباً واستهداف الولاية.

وتشهد المنطقة تطورات دراماتيكية نتجت عن إعلان قائد «قوات درع السودان»، أبو عاقلة كيكل التحاقه بقوات «الدعم السريع» مع قواته، وهو إعلان سبقه تداول معلومات عن محاولات إسناد من منطقة «البطانة» تصدى لها الطيران الحربي التابع للجيش، ودمر عدداً من الشاحنات المحملة بالأسلحة والعتاد.

ويقود أبو عاقلة كيكل ميليشيا شبه عسكرية يقول إنها تنطلق من منطقة البطانة، وأعلنت عن وجودها ودعمها للجيش للدفاع عن المنطقة قبل اندلاع الحرب منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ووجدت ترحيباً واسعاً من المؤيدين للجيش وأنصار النظام السابق، لكن قوات «الدرع» فاجأت الجميع، وأعلن قائدها المنتمي لمجموعة ثقافية من الوسط، الالتحاق بقوات «الدعم السريع» وتأييد قائدها محمد حمدان دقلو، ما عزّز من احتمالات انتقال القتال إلى شرق الجزيرة على الأقل.

أحد جنود الجيش (أ.ف.ب)
أحد جنود الجيش (أ.ف.ب)

وقال كيكل، في فيديو كليب تم تداوله على نطاق واسع الأسبوع الماضي، إن انضمام قواته المكونة من كل ألوان الطيف الإثني السوداني لـ«الدعم السريع»، يؤكد أنها «جيش قومي»، وذلك أثناء ظهوره وسط مجموعة المقاتلين الموالين له وهو يرتدي زي «الدعم». وأضاف: «هذه القوة تنفي مزاعم أن الدعم السريع قوة عنصرية، أو (تضم) تشاديين أو نيجريين، والحقيقة أن قائد (الدعم السريع) لو كان تشادياً أو نيجرياً لما وصل لمنصب نائب رئيس دولة السودان».

وفي الأثناء، اتخذت سلطات ولاية الجزيرة إجراءات تأمينية مشددة، وزادت من نقاط التفتيش «الارتكازات» أو السيطرات التابعة للجيش، وقررت تقييد حركة عربات النقل، وإغلاق المتاجر والأسواق بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً. كما شنّت سلطات الأمن في مدينة ود مدني، حملات على الباعة المتجولين وباعة الشاي على وجه الخصوص، خشية تشكيلهم «غطاءً محتملاً لمتسللين من قوات الدعم السريع». كما أُفيد بأن السلطات ألقت القبض على مشتبه بهم في مدينة «تمبول» شرق الجزيرة، ومتسللين في مدينة الحصاحيصا التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن العاصمة ود مدني.

بائع يتجول لبيع الشاي في ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)
بائع يتجول لبيع الشاي في ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

»وزاد الطين بلة» بعدما تقدمت قوات «الدعم السريع» جنوباً، ووسعت نطاق سيطرتها إلى منطقة «النوبة» على بُعد نحو 40 كلم داخل ولاية الجزيرة من الجهة الغربية للنيل الأزرق، في حين تعد منطقة الهلالية على الطريق الموازية من الضفة الشرقية، آخر سيطرة للجيش.

وتتشدد السلطات الأمنية في ولاية الجزيرة والحاضرة ود مدني، وتمنع كل الأنشطة غير المؤيدة للجيش، ومنعت، السبت الماضي، إقامة ندوة نظمتها مبادرة «لا لقهر النساء» التي تطالب بوقف الحرب وترفع شعار «أرضاً سلاح»، وعدّتها من مهددات الأمن، وحققت مع قياديات في المبادرة النسوية، وأبلغتهن أنها لن تسمح بأي نشاط غير مؤيد للجيش، بينما كان والي الولاية قد أعلن، الأربعاء، حظر تجول محدوداً بإغلاق الأسواق في الحادية عشرة مساءً.

وتتصاعد حالة استنفار المواطنين للقتال مع الجيش، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» أن منطقة شرق الجزيرة «البطانة» وحدها، حشدت 10 آلاف مقاتل أُدخلوا معسكرات التدريب، في حين أعلنت منطقة «المناقل» غرب الجزيرة عن حشد 5 آلاف آخرين. وقال والي الجزيرة المكلف إسماعيل عوض الله العاقب، الأسبوع الماضي في مخاطبة بقيادة الفرقة الأولى مشاة بود مدني، إن «قوافل الدعم والمؤازرة للجيش تجسد تلاحم الشعب مع جيشه».


مقالات ذات صلة

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

شمال افريقيا مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، قد دُمّر في…

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري نازحون من الفاشر ومعسكر زمزم (المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور)

تحليل إخباري قصف كثيف وتوغل بري... هل اقترب سقوط الفاشر؟

تعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

يواجه منتصر عبد الله، محامي هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد، فيما انبرت جهات حقوقية للدفاع عنه

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة «حميدتي» وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، أمس، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بالإضافة إلى 14 من قادة «الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
TT
20

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، قد دُمّر في الخرطوم بسبب الحرب في السودان.

وصرح مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس «لقد تضرر مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم بشدة جراء الحرب وتعرض لدمار كبير». واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل (نيسان) 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص متسبّبة، وفق الأمم المتحدة، بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق. وقد تسببت أيضا بانهيار النظام الصحي.

وفي مقطع فيديو يظهر مركز الأبحاث متضررا بشكل كبير، إذ يمكن خصوصا رؤية أسقف منهارة ورفوف مقلوبة ووثائق متناثرة. وقال أحمد فحل مؤسس المركز «فقدنا كل المحتوى الموجود في بنوكنا البيولوجية وكانت فيها بيانات منذ أكثر من 40 سنة»، مضيفا أن هذا وضع «يصعب تحمله».

ولا يزال متعذرا على السلطات الصحية الوصول إلى موقع المركز، ما يحول دون «إجراء أي تقييم للأضرار»، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وأكدت المنظمة أن المركز الذي تأسس عام 1991 برعاية جامعة الخرطوم هو الوحيد في العالم المخصص لدراسة الورم الفطري. وكان المركز يستقبل كل عام 12 ألف مريض، وفقا لمؤسسه.

في عام 2019، أجرى المركز أول تجربة سريرية في العالم على هذا الورم، بدعم من منظمة الصحة العالمية والحكومة السودانية. وقد عالجت عيادة موقتة في كسلا، في شرق البلاد، 240 مريضا مصابين بالورم الفطري، وفق منظمة الصحة العالمية.

وأُعيد افتتاح مركز طبي آخر في قرية ود أونسة في جنوب شرق البلاد. ويتلقى كلا المرفقين دعما من وزارة الصحة، لكنهما يواجهان تحديات تمويلية كبيرة، حسب منظمة الصحة العالمية. ويمكن للورم الفطري الذي تسببه بكتيريا أو فطريات موجودة في التربة أو الماء، أن يؤدي إلى تآكل العظام.

في عام 2016، صنفت منظمة الصحة العالمية مرض المايستوما الذي يؤثر خصوصا في الفئات السكانية المحرومة وكذلك المزارعين والعمال والرعاة في البلدان النامية، على أنه من بين «الأمراض المدارية المُهمَلة».