يسطّر جو بايدن الذي يفخر بخبرته الدبلوماسية إنجازاً لا يمكن إنكاره عبر استضافته الجمعة أول قمة تجمعه بزعيمي كوريا الجنوبية واليابان، وهما دولتان يفرقهما ماض من العلاقات الصعبة.
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن اللقاء يدشن «عصرًا جديدًا من التعاون الثلاثي»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
يعمل بايدن على تبديد العداء بين القوتين الاقليميتين، والذي يعود الى الرواسب المؤلمة للاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية بين عامي 1910 و1945.
فالولايات المتحدة، حليفة كل من اليابان وكوريا، ترغب في تشكيل جبهة موحدة متينة في مواجهة طموحات الصين.
ومن أجل التأكد من إيصال رسالة التفاهم الودّي هذه، اختار بايدن استقبال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في كامب ديفيد، وهو مكان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الدبلوماسية الأميركية.
ففي كامب ديفيد، وهو مقر للرؤساء الأميركيين قريب من واشنطن، تم توقيع اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل في سبتمبر (أيلول) 1978. لكن الموقع لم يستضف أي اجتماع دولي منذ عام 2015.
يعتزم القادة الثلاثة الإعلان عن اتفاقات تعاون في مجال الصواريخ والاستخبارات والتكنولوجيا المتقدمة. كما سيتعهدون بتعزيز رؤية «منطقة الهندي والهادئ باعتبارها منطقة بحرية حرة ومفتوحة ومتماسكة وآمنة ومتصلة»، كما أوضح بلينكن. وذلك يعني بصراحة أنها منطقة لا تخضع لنفوذ الصين وحدها.
منذ انتخابه في العام الماضي، سعى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول لحل خلافات صعبة على صلة بالعمل القسري الذي خضع له العديد من الكوريين خلال الحقبة الاستعمارية.
وفي مايو (أيار)، قام الرئيس الكوري الجنوبي بأول زيارة من نوعها إلى اليابان منذ اثنتي عشرة سنة. وأعلن الثلاثاء، خلال الاحتفال بذكرى تحرير كوريا الجنوبية، أن البلدين أصبحا «شريكين».
* تشكيك
لا تحظى سياسة التقارب هذه بالضرورة بتأييد الكوريين الجنوبيين، كما يُنظر إليها بتشكيك في اليابان، وفق ما يشير إليه كريستوفر جونستون، الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية.
ويضيف أن القمة ترمي إلى «تثبيت التقدم الذي تم تحقيقه بحيث يكون من الصعب على القادة المستقبليين العودة إلى الوراء».
يبدو السياق الدولي مناسبًا للتقارب. فطوكيو وسيول تبديان القلق نفسه تجاه كوريا الشمالية.
أما الصين، فهي تثير أيضًا القلق في كوريا الجنوبية كما في اليابان حيث ينظر 80% على الأقل من السكان البالغين نظرة سلبية إليها، وفقًا لدراسة أجراها مركز الأبحاث «بيو» العام الماضي.
وتتفق طوكيو وسيول مع واشنطن أيضًا على إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بلينكن في هذا الصدد إن «اليابان وكوريا الجنوبية هما حليفتان رئيسيتان، ليس فقط في المنطقة بل في جميع أنحاء العالم».
وتقول شيلا سميث، الخبيرة في مجلس العلاقات الخارجية إن «أهمية هذه الصيغة الثلاثية تتجاوز المشكلات الأمنية المحددة المتعلقة بكوريا الشمالية، بل يمكن أن تخدم أيضًا الأهداف الأوسع» للولايات المتحدة في آسيا.
تجدر الإشارة إلى أن بايدن وفوميو كيشيدا ويون سوك يول التقوا عدة مرات على هامش لقاءات دولية، ولكن ليس في إطار قمة رسمية.
واستقبل الرئيس الأميركي نظيره الكوري الجنوبي في زيارة دولة تخللها عشاء رسمي قام خلاله يون سوك يول بإضفاء بعض السرور على الحضور عندما أدى أغنيته المفضلة «أميريكان باي» أمام الضيوف.