الجزائر تطلق مشاريع تحلية مياه البحر للقضاء على «أزمة العطش»

الحكومة اتهمت أطرافاً بـ«استغلال شح المياه لإثارة الغضب»

الرئيسي تبون أكد أن إنتاج المياه سيصل إلى مليار و400 مليون متر مكعب سنوياً بعد إنجاز مشروعات محطات تحلية مياه البحر (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسي تبون أكد أن إنتاج المياه سيصل إلى مليار و400 مليون متر مكعب سنوياً بعد إنجاز مشروعات محطات تحلية مياه البحر (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تطلق مشاريع تحلية مياه البحر للقضاء على «أزمة العطش»

الرئيسي تبون أكد أن إنتاج المياه سيصل إلى مليار و400 مليون متر مكعب سنوياً بعد إنجاز مشروعات محطات تحلية مياه البحر (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسي تبون أكد أن إنتاج المياه سيصل إلى مليار و400 مليون متر مكعب سنوياً بعد إنجاز مشروعات محطات تحلية مياه البحر (الرئاسة الجزائرية)

وافقت الحكومة الجزائرية على تمويل 18 مشروعاً لتحلية مياه البحر، ضمن خطة عاجلة لتوفير الحاجيات المتزايدة للسكان والصناعة للمياه. وجاء ذلك بعد أن أكد الرئيس عبد المجيد تبون، بداية الأسبوع الماضي، أن خطة الحكومة في هذا المجال تتمثل في إنتاج مليار ونصف مليار متر مكعب من المياه سنوياً تقريباً، في غضون أعوام قليلة.

وجاءت موافقة السلطات بناء على دراسات أعدتها «وكالة البحوث في العلوم والتكنولوجيا»، التي أعلنت في بيان أنها تعاطت مع 33 مشروعاً لتحلية مياه البحر، وأن الحكومة وافقت على توفير التمويلات لـ18 منها، موضحة أن الخبراء والمتخصصين الذين عرضوا عليها هذه المشروعات، سيشتغلون من أجل إنجازها مع هيئات ومؤسسات حكومية، مثل محطات مياه التحلية المتوفرة، وشركة إنتاج وتوزيع المياه بالجزائر العاصمة، و«الغرفة الجزائرية للصيد البحري وتربية المائيات»، وكذا شركة «سوناطراك» للمحروقات، و«الشركة الجزائرية للطاقة»، و«الوكالة الوطنية لتحلية المياه».

محطة تحلية مياه البحر بتيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

وأوضح البيان أن العمل بخصوص المشروعات تناول الجوانب المتعلقة بتحليل المياه، ما قبل المعالجة وما بعدها، وآثار الصرف الصحي التي تنتجها محطات تحلية مياه البحر على النظم البيئية البحرية للسواحل الجزائرية، وكذا تطبيقات الطاقات المتجددة في تحلية مياه البحر.

وأضاف البيان موضحاً أن «الخطوة تأتي تجسيداً لسياسة رئيس الجمهورية لضمان الأمن المائي، الذي طالته تأثيرات التغير المناخي، من خلال إشراك مختلف الكفاءات العلمية داخل وخارج الوطن؛ قصد تجسيد مقاربة مشتركة بين قطاع البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، والفاعلين الاقتصاديين».

ويتم تقديم تقنية تحلية مياه البحر في الجزائر، إضافة إلى بناء السدود، كحلول تساهم في حل معضلة شح المياه، وخصوصاً مياه الشرب، خاصة أن الجزائر تعد واحدة من 17 دولة عربية الأكثر معاناة مع شح الأمطار والمياه الجوفية.

محطة لتحلية مياه البحر بالعاصمة (الشرق الأوسط)

وكان الرئيس تبون قد ذكر، السبت الماضي، في تصريحات نلقها التلفزيون العمومي أن إنتاج المياه سيصل إلى مليار و400 مليون متر مكعب سنوياً، بعد إنجاز مشروعات محطات تحلية مياه البحر، مؤكداً أن «هناك من يستغل شح المياه لإثارة غضب المواطنين، لكن المجهودات التي تبذلها الدولة في مجال التنمية أجهضت محاولات هؤلاء»، من دون توضيح من يقصد.

واللافت، حسب ما تنقله الصحافة المحلية، أن احتجاجات كثيرة قامت في الأحياء الشعبية، بسبب انقطاع تزويدها بالماء. وتزداد الأزمة تعقيداً عندما تشتد درجات الحرارة. كما تعهد تبون بـ«توفير المياه للجزائريين لمدة 15 سنة على الأقل دون أي اضطراب».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، طلب تبون في اجتماع لمجلس الوزراء من حكومته وضع «مخطط لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي للبلاد». وتلقت وزارات الداخلية والموارد المائية والفلاحة والصناعة والبيئة أوامر بإطلاق «مخطط استعجالي»، يهدف إلى سن سياسة جديدة لاقتصاد المياه، والحفاظ على ثروة المائية الجوفية. وشدد تبون على المراقبة الصارمة لتراخيص استغلال المياه الجوفية لسقي المساحات المزروعة، مع تسليط أقصى العقوبات ضد أعمال حفر الآبار غير المرخصة.

وتوفر محطات تحلية مياه البحر في الجزائر نحو 17 في المائة من احتياجات مياه الشرب، ويتوقع أن تصل النسبة إلى 60 في المائة بحلول عام 2030. وتعد محطة التحلية بالعاصمة من أهم المشروعات التي أنجزت في السنوات الأخيرة، وحالياً يتم بناء 5 نماذج أخرى مشابهة في «كاب بلان» بوهران (غرب)، و«محطة الجزائر غرب» (فوكة بولاية تيبازة)، ومحطة الجزائر شرق (كاب جنات بولاية بومرداس)، إضافة إلى محطة بجاية ومحطة الطارف بالشرق الجزائري.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)
يوميات الشرق الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)

أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

حذّر خبراء من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ليبيا لكسر «حاجز الانقسام» بخوض الانتخابات المحلية غداً

بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)
بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)
TT

ليبيا لكسر «حاجز الانقسام» بخوض الانتخابات المحلية غداً

بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)
بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)

يتوجه الناخبون الليبيون في 58 بلدية ليبية للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية، التي ستجرى، غداً السبت، في محاولة لكسر «حاجز الانقسام السياسي» المسيطر على البلاد.

وتأتي هذه الخطوة وسط جمود في العملية السياسية، وسوابق تأجيلات لعمليات اقتراع حظيت بدفع دولي..

جانب من توعية الليبيين بالانتخابات المحلية التي تجرى السبت (المفوضية العليا للانتخابات)

والاستحقاق الانتخابي، الذي دخل مرحلة «الصمت الانتخابي»، اليوم الجمعة، هو الثاني في تاريخ البلاد؛ إذ سبقه أول انتخابات محلية أجريت بين عامي 2013 و2018، لكن مسارها تعثر بسبب الأوضاع الأمنية في عدد من البلديات.

وإلى جانب الإعلان عن اكتمال الاستعدادات الأمنية اللوجيستية والفنية للانتخابات المقررة غداً، كثفت «المفوضية العليا للانتخابات» نشر مقاطع مصورة ومنشورات تحفز المواطنين على التوجه لصناديق الاقتراع. كما عقد رئيس مجلس المفوضية عماد السايح ثلاثة اجتماعات مهمة هذا الأسبوع مع مانحين غربيين، وممثلين للأجهزة الأمنية بالمنطقة الغربية، إلى جانب نشطاء من المجتمع المدني.

رئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح في لقاء مع قادة أمنيين ليبيين في المنطقة الغربية (مفوضية الانتخابات)

وتُجرى الانتخابات المقررة في المناطق الثلاث: الغربية، والشرقية، والجنوبية.

وفي حين لم تحظ الانتخابات بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلي، فقد رصد متابعون لـ«الشرق الأوسط» زخماً لدعاية المرشحين ومؤتمراتهم الدعائية في مدينة مصراتة (غرب)، حيث يتنافس 45 مرشحاً فردياً، و11 قائمة لتمثيل المدينة.

ويبدو أن سوابق تأجيل الاستحقاقات الرئاسية والبرلمانية تقلص حجم التفاؤل لدى بعض السياسيين، ومن بينهم عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، صلاح بوخزام، الذي يرى أنه «لا مواعيد ثابتة في ليبيا».

ودافع عضو «تأسيسية الدستور» عن صحة تقديره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بسابقتي «تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي كانت مقررة في عام 2021، وكذلك الانتخابات المحلية التي تأجلت عن موعدها السابق في يناير (كانون الثاني) الماضي».

من حملة حث المواطنين على المشاركة بكثافة في الانتخابات البلدية

ويعتقد بوخزام أن «الانتخابات تحمل تهديداً لوجود الأجسام السياسية القائمة والمتعددة، سواء كانت تشريعية أم تنفيذية»، حسب تعبيره.

وتعيش ليبيا على وقع انقسام حكومي وأمني منذ عام 2011، وتتقاسم إدارة البلاد حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد، التي يترأسها أسامة حماد، المدعومة من البرلمان.

وعلى عكس تيار التشاؤم ومخاوف الانقسام، يبدو عضو مجلس النواب علي أبوزربية متمسكاً بـ«التفاؤل» حيال هذه التجربة، وقال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص: «الأمور تذهب إلى انعقاد الانتخابات البلدية... وستكون خطوة ممتازة لو نجحت، استناداً إلى رغبة المواطن في اختيار ممثليه بالمجالس البلدية».

متطوع يوزع منشورات تدعو المواطنين للمشاركة في الاقتراع الانتخابي غداً (أ.ف.ب)

وتوجد 143 بلدية في عموم ليبيا، وفق مسؤولي المفوضية الوطنية العليا، إلا أن الانتخابات لن تعقد إلا في 106 منها، مما انتهت مدة مجالسها الانتخابية.

وآخر المعطيات القائمة ترجح إجراء الانتخابات غداً السبت، وفق الزميل البارز في «برنامج الشرق الأوسط» التابع للمجلس الأطلسي، عماد الدين بادي.

وغابت مدينة البيضاء، ثاني أكبر بلدية في شرق البلاد، عن أجندة المرحلة الأولى لهذا الاستحقاق، وهو ما أرجعه الناطق الرسمي باسم «الحراك الوطني» للأحزاب الليبية، الدكتور عبد اللطيف سحيب، وأحد أبناء المدينة، إلى «استمرار عمليات إعادة الإعمار، بعد أكثر من عام من فيضانات عارمة، اجتاحت مدن شرق البلاد»، علماً بأن شق الطرق والجسور لا يزال مستمراً في المدينة».

ويبلغ عدد المسجلين في منظومة ناخبي المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية أكثر من 210 آلاف ناخب.

وبعيداً عن التفاصيل الفنية واللوجيستية، يلمح فريق من السياسيين الليبيين إلى وجود «حسابات خاصة لانعقاد الانتخابات من عدمه»، يحكمها «ميزان القوة المسلحة والنفوذ السياسي».

ودون تسمية أطراف بعينها، يرى المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم فتوش، أن «أطرافاً ليبية فرضت نفسها في المنطقة الجغرافية، التي تنتمي إليها استناداً إلى قوة السلاح، أو دعم من السلطات السياسية»، وقال موضحاً: «قد تجرى انتخابات في بلديات، وقد تُمنع في أخرى، وذلك حسب رغبة السلطة السياسية أو المسلحة في تغيير الأفراد القائمين على إدارة هذه البلديات».

وتقول «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» في ليبيا إنها استكملت الاستعدادات للعملية للاقتراع البلدي، وسط دعم دولي، داعية في بيان، هذا الأسبوع، جموع المواطنين إلى «التخلي عن حالة الاستسلام للانقسام السياسي، والتفاعل مع الاستحقاقات المحلية» المرتقبة.

لكن فتوش يرفض اختزال قراءة المشهد في «توفير الإمكانيات للمفوضية العليا للانتخابات، وقدرتها على إنجازها».

في المقابل، هناك من لا يرى فرص نجاح للانتخابات (حتى وإن عُقدت)، أو أي اقتراع وطني في ظل «أجسام سياسية حاكمة منتهية الولاية، وفاقدة للشرعية ومتشبثة بالسلطة»، وفق رؤية رئيس «الحزب المدني الديمقراطي»، الدكتور محمد سعد امبارك، الذي يصفها بـ«عديمة الأهمية».

ووفق حديث امبارك لـ«الشرق الأوسط»، فإن انتخابات البلديات تمثل «تغطية على الفشل في الذهاب نحو الآلية الديمقراطية للتغيير»، و«جرعة أمل أخرى تُضخ لإكساب سلطات الأمر الواقع مزيداً من الوقت والتشبث بالسلطة»، حسب تعبيره.

ولا يرى رئيس «الحزب المدني الديمقراطي» خياراً سوى «استعادة الدولة الليبية، بما يشرع الأبواب أمام نظام حكم محلي شامل، ويستعيد شرعية مؤسسات الدولة لتنتهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار».