المعلمون في مناطق الحوثيين يصرون على صرف رواتبهم

رغم التهديدات والاعتقالات والإحالة للتحقيق

معلم يمني متطوع في مدرسة بناها السكان المحليون من القش بمخيم للنازحين في محافظة حجة شمال غرب البلاد (أ.ف.ب)
معلم يمني متطوع في مدرسة بناها السكان المحليون من القش بمخيم للنازحين في محافظة حجة شمال غرب البلاد (أ.ف.ب)
TT

المعلمون في مناطق الحوثيين يصرون على صرف رواتبهم

معلم يمني متطوع في مدرسة بناها السكان المحليون من القش بمخيم للنازحين في محافظة حجة شمال غرب البلاد (أ.ف.ب)
معلم يمني متطوع في مدرسة بناها السكان المحليون من القش بمخيم للنازحين في محافظة حجة شمال غرب البلاد (أ.ف.ب)

رغم التهديدات بالفصل وحملة الاعتقالات والقمع الذي واجهت به سلطة جماعة الحوثي إضراب المعلمين والمعلمات في مناطق سيطرتها، فإنهم يواصلون للأسبوع الثاني الإضراب عن العمل في مختلف المحافظات، ويتمسكون بمطلب صرف رواتبهم المقطوعة منذ 7 أعوام ومساواتهم بقادة ومسؤولي الحوثي الذين يتسلمون رواتبهم بصورة مستمرة ودون انقطاع.

ووفق نادي المعلمين والمعلمات ومصادر تعليمية في صنعاء وإب وذمار والبيضاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن المعلمين والمعلمات يواصلون مواجهة الإدارات التعليمية لجماعة الحوثي التي هددت المضربين بالفصل من العمل وإحلال بديل عنهم من المنتسبين للجماعة.

وأكدت المصادر أن كثيراً من مسؤولي اللجان النقابية تعرضوا للتهديد كما تم استدعاؤهم إلى الإدارات التعليمية للتحقيق معهم واتهامهم بالعمل لصالح أطراف أخرى رغم أن مطالبهم واضحة ومحددة وقانونية.

بدوره، ذكر رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين والمعلمات أبو زيد الكميم، أن جماعة الحوثي اعتقلت الأمين العام للنادي محسن الدار، على خلفية المطالبة بالمرتبات، وأكد في بيان وقعه باسمه أن قيادات سلطات الحوثيين وكل موظفيها فيما يسمى المجلس السياسي الأعلى ومجلس النواب ومجلس الشورى والكهرباء والاتصالات والمياه والجمارك والضرائب، يتسلمون رواتبهم الشهرية دون انقطاع من البنك في صنعاء، في حين يُحرم المعلمون منها للعام السابع على التوالي.

تعرض أمين عام نادي المعلمين اليمنيين للإخفاء القسري في صنعاء (نادي المعلمين)

الكميم استنكر الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الجماعة الانقلابية في حق المعلمين والمعلمات المضربين وقال إنه وبدلاً من التعامل الواقعي مع مطالبهم ومعالجة مشكلة رواتب المعلمين والمعلمات، شرعت الحكومة غير المعترف بها في اتخاذ إجراءات أمنية تعسفية في حق المضربين؛ حيث قبضت على مجموعة هنا وهناك ثم تطور الأمر بتهديد للقيادات النقابية، مبيناً أن مكاتب التربية والتعليم «استدعت قيادات نقابية للتحقيق معهم بتهمة المطالبة بالرواتب».

وبحسب بيان النادي، فقد تطور الأمر إلى إخفاء الأمين العام للنادي محسن الدار ومحاولة القبض على رئيس النادي ذاته، حيث تم استدعاؤه للحضور إلى إدارة مكتب التربية في أمانة العاصمة مطلع الأسبوع الحالي؛ حيث توجه إلى هناك بناء على طلب الاستدعاء إلا أنه اختفى منذ دخوله المبنى وانقطعت أخباره ولا يُعلم أين هو.

سلطة فقدت البوصلة

المعلم محمد حسن رأى أن اعتقال وإخفاء أمين عام نادي المعلمين والمعلمات بسبب المطالبة بالمرتبات المنقطعة منذ سنوات يؤكد «أننا أمام سلطة فقدت البوصلة»، فبدلاً من أن تبحث عن الحلول التي تفضي إلى صرف المرتبات والحقوق تمضي إلى التصعيد من خلال السجن والتهديد والوعيد والتخوين لمن يطالب بمستحقاته المكفولة دستورياً وقانونياً، كما يتسلمها قادة الجماعة.

وبحسب إفادات معلمات في مدارس العاصمة اليمنية صنعاء، فإن وكيلة إحدى المدارس واجهت مدير المنطقة التعليمية ومرافقيه الذين حضروا إلى المدرسة لإرغام المعلمات على رفع الإضراب، وصرخت في وجهه بأنها تعاني من مرض السرطان ولم تستطع الحصول على العلاج أو دفع إيجار مسكنها بسبب قطع الحوثيين رواتب المعلمين والمعلمات، وهو موقف دفع المعلمات إلى التضامن ورفض رفع الإضراب.

المعلمون والمعلمات في مناطق سيطرة الحوثيين يقودون انتفاضة للمطالبة بالرواتب (منظمات حقوقية)

‏وفي محافظة إب لم يكتفِ القيادي الحوثي محمد الغزالي باستدعاء قادة اللجان النقابية لنادي المعلمين في المدارس للتحقيق وإلزامهم بتحرير تعهدات بعدم الدعوة للإضراب مرة أخرى، بل اقتحم مجمع الثورة التعليمي في مدينة جبلة التاريخية وطرد مديرة المجمع بسبب عدم قدرتها على إرغام المعلمات على رفع الإضراب، وألقى خطاباً تهجم فيه على المعلمات وتحدث بألفاظ نابية كما هدد بفصل واستبدال كل مَن تشارك في الإضراب.

بدوره، انتقد الكاتب القريب من جماعة الحوثي عبد الوهاب الشرفي استمرار الجماعة في قطع رواتب الموظفين، وأعلن تضامنه مع مطالب المعلمين والمعلمات وخاطب الجماعة، مؤكداً أن المعاناة اتسعت وبلغت القلوب الحناجر، وقال إن عليهم إصلاح الحال وإعادة الأمور إلى نصابها، لأن الكثير من الذين قُطعت رواتبهم لم يعد لديهم ما يخافون عليه وقد وصلوا لقناعة بأن ضريبة الصمت تفوق ضريبة المطالبة التي تواجه بالتخويف والإرعاب.

عائدات مليارية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أكد في يونيو (حزيران) الماضي أن الحوثيين يحصلون على عائدات سنوية تزيد على 4 مليارات دولار سنوياً، في حين لا تتجاوز عائدات الحكومة 1.2 مليار دولار.

وتحصل الجماعة على هذه الإيرادات من عائدات موانئ الحديدة وضرائب شركات الهاتف المحمول وغيرها من الشركات التجارية الكبيرة، لكنها ومنذ نهاية عام 2016 أوقفت رواتب معظم الموظفين في مناطق سيطرتها، وتطلب من الحكومة الشرعية دفعها.

رغم القمع والتهديدات يواصل المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين إضرابهم (منصات التواصل)

وبحسب تأكيدات حكومية، فإنه وخلال المحادثات التي جرت خلال مرحلة الهدنة الممتدة حتى الآن، اقترح الجانب الحكومي تسليم رواتب الموظفين مباشرة، إلى المستفيدين ووفقاً لقاعدة بيانات الخدمة المدنية والعسكرية لعام 2014، إلا أن الجماعة رفضت ذلك وطالبت أولاً بالحصول على المبلغ وصرفه وفق البيانات الحالية، التي تم من خلالها إحلال عشرات الآلاف من أنصارها بدلاً من الموظفين الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أولئك الذين رفضوا العمل دون رواتب.

المصادر ذكرت أن الجماعة الانقلابية عادت بعد ذلك وأسقطت موضوع رواتب الموظفين وطالبت بحصة من عائدات تصدير النفط ومنحها حق التصرف في تلك المبالغ، وهو ما تسبب في إفشال أي اتفاق بشأن صرف رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة للجماعة.


مقالات ذات صلة

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة في صنعاء قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته بالخطأ منذ بدء ضرباته الجوية لإضعاف قدرات الحوثيين

علي ربيع (عدن)
الاقتصاد مجلس الأعمال السعودي - اليمني يعقد اجتماعه في مكة المكرمة ويعلن عن مبادرات استراتيجية (الشرق الأوسط)

تأسيس 3 شركات سعودية - يمنية للطاقة والاتصالات والمعارض لدعم إعادة إعمار اليمن

أعلن مجلس الأعمال السعودي - اليمني التابع لاتحاد الغرف السعودية عن إطلاق 6 مبادرات نوعية لتعزيز التبادل التجاري وتأسيس 3 شركات استراتيجية.

أسماء الغابري (جدة)
العالم العربي جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة طوال السنوات الماضية على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية وتعطيل المشاريع الإغاثية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز) play-circle 00:37

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

باتت صواريخ الحوثيين المدعومين من إيران أكثر خطورة على إسرائيل، بعد إصابة نحو 23 شخصاً في تل أبيب، السبت، جراء انفجار صاروخ تبنت إطلاقه الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

أرغمت الجماعة الحوثية أخيراً مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، على حضور فعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية، والتبرع بالأموال لدعم الجبهات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.