«الستايلست» في الدراما الخليجية... نقلة بصرية تواكب المرحلة الجديدة

دلال الهاجري لـ«الشرق الأوسط»: الملابس عنصر أساسي لإيصال الشخصية

أزياء لافتة في مسلسل «غسيل» المعروض حالياً على «شاهد» (الشرق الأوسط)
أزياء لافتة في مسلسل «غسيل» المعروض حالياً على «شاهد» (الشرق الأوسط)
TT

«الستايلست» في الدراما الخليجية... نقلة بصرية تواكب المرحلة الجديدة

أزياء لافتة في مسلسل «غسيل» المعروض حالياً على «شاهد» (الشرق الأوسط)
أزياء لافتة في مسلسل «غسيل» المعروض حالياً على «شاهد» (الشرق الأوسط)

لسنوات، هُمِّشت مهنة «الستايلست» (خبيرة المظهر) في الدراما الخليجية، وهي صورة بدأت تتغيّر أخيراً مع التطوّر النوعي لهذه الأعمال التي اختبرت نقلة بصرية استوقفت المُشاهد في الأزياء والمكياج وطرق تصفيف الشعر وغيرها؛ فلم يعد مهتماً فقط بالقصة والسيناريو وأسماء النجوم، بل بات يتحدّث بحماسة عن مظهر الفنانين أيضاً.

وتبدو بصمة «الستايلست» الكويتية دلال الهاجري شديدة الوضوح في هذا السياق؛ فهي خبيرة المظهر لمسلسل «غسيل» الذي يُعرض حالياً عبر منصة «شاهد»، ضمن الأعمال الأعلى مشاهدة في الخليج، وعملت أيضاً على المسلسلَين القصيرَين «الصفقة» و«القفص» اللذين عُرضا هذا العام عبر «نتفليكس» وكانا ضمن قوائم الأعلى مشاهدة.

فهم أبعاد الشخصية

تتحدث الهاجري لـ«الشرق الأوسط» عن تجربتها في عالم الأزياء الممتدّة لأكثر من 10 سنوات: «منذ طفولتي، استهواني هذا العالم. آمنتُ دائماً بأنني سأستمرّ فيه»، موضحة أنها عملت مع مجلات شهيرة، وحصلت على ماجستير في تجارة الأزياء، وعملت لمدّة في لوس أنجليس مع أسماء كبيرة.

وعن لمستها في الدراما الخليجية، تقول: «وراء كل (ستايل) قصة مختلفة. الأمر لا يتعلّق بالمظهر الجميل فحسب، بقدر ما هو مرتبط بفهم أبعاد الشخصية»، مشيرة إلى أنّ الدراما الخليجية كانت تعاني نقص الالتفات إلى هذه المسألة: «نلبس في حياتنا اليومية ما يعكس شخصياتنا ومَن نكون. وهو أمر لم نكن نراه في الدراما الخليجية، رغم أنّ الأزياء غير المناسبة للشخصية - في أي عمل - لن تجعلها تصل بشكل صحيح إلى المُشاهد».

الفنانة عبير أحمد تعكس مظهر حديثي النعمة (الشرق الأوسط)

استراتيجية رسم المظهر

وعن أسلوب العمل، تفيد الهاجري بأنها تقرأ النص كاملاً، فإنْ وقفت على حلقة تُبيّن لها سوء حالة الممثل النفسية، تصمّم له مظهراً يعكس هذه الحالة المزاجية، ليشعر المُشاهد بحزنه ويصدّقه، مبينة أنّ ذلك لا يتعلّق بالنجوم الرئيسيين فقط، بل أيضاً بالكومبارس الذين تهتم بمظهرهم فرداً فرداً.

تضيف: «بعد قراءتي النص، أحلّل كل شخصية لجهة القِطع والألوان والإكسسوار والشعر»، مشيرة إلى أنها تعمل جنباً إلى جنب مع مهندس الديكور لتتناسق الملابس مع الديكور بما يريح المشاهد: «الملابس عنصر أساسي في الدراما لإيصال الشخصية».

«الستايلست» دلال الهاجري تضع لمساتها على الدراما الخليجية (الشرق الأوسط)

البوهيمية والكلاسيكية في «غسيل»

تتحدث دلال الهاجري عن مسلسل «غسيل»، من بطولة شجون الهاجري وعبد الله بوشهري وعبير أحمد، وتتناول قصته زوجين ينتقلان من الفقر إلى الثراء الفاحش بعد تورّطهما بغسل الأموال، فتقول: «اتّضحت هذه القفزة على شخصية (حنين) - الهاجري - ففي مرحلة الفقر، بدا مظهرها بوهيمياً؛ بالشعر (الكيرلي) واللباس البسيط والإكسسوار من الأحجار والمعادن. أما بعد الثراء، فراحت تغيّر تسريحة شعرها وتُظهر مجوهراتها وملابسها الفاخرة».

كذلك تشير إلى تباين ذلك مع شخصية «حصة» (عبير أحمد)، صاحبة القوة والسلطة بكونها العقل المدبّر، فتوضح، في هذا السياق، أنّ «الأثرياء نوعان: ثمة الأثرياء منذ القدم، ومَن يُطلَق عليهم حديثو النعمة». الشخصية هنا من الصنف الثاني؛ لذا حرصت الهاجري على إبراز العلامات التجارية للملابس والمجوهرات، لكونها ترغب في إظهار ذلك لتحاول فرض هيمنتها.

تضيف: «كذلك شخصية (حسن) - بوشهري - فهو شاب حديث نعمة يرتدي الماركات بشكل مبالغ فيه. وفي أحد المَشاهد، تندّرت زوجته عليه لهذا السبب! هذه التفاصيل تجعل العمل قريباً من الواقع، فيلمس المشاهدين بصورة أكبر».

من أزياء مسلسل «الصفقة» التي اختارتها الهاجري من حقبة الثمانينات (الشرق الأوسط)

أزياء الثمانينات في «الصفقة»

وعن مسلسل «الصفقة» الذي عُرض هذا العام على «نتفليكس»، من بطولة منى حسين وروان مهدي، ويتناول حقبة الثمانينات؛ تكشف الهاجري أنّ كل القِطع التي ظهرت في العمل أصلية، «فنتج»، اشترتها من متاجر في أميركا، واستلهمت تنسيق المظهر فيها من اطّلاعها على صور نساء عائلتها في تلك الفترة الزمنية.

تضيف: «وصلت إليّ أصداء من جمهور أوروبي شاهد العمل، من بينهم سيدة رومانية تابعت المسلسل لدهشتها بجمال الأزياء فيه»، مشيرة إلى أنها اعتمدت على تباين الشخصيات بشكل كبير: «مظهر (فريدة) - مهدي - جاء كلاسيكياً بسيطاً ومحتشماً، لكونها شخصية هادئة ويغلب عليها الخوف والتردّد».

وبعكس ذلك، ظهرت نظيرتها «منيرة» (حسين)، ذات الألوان القوية والمكياج الصارخ وأنماط تصفيف الشعر الغريبة. تقول خبيرة الملابس: «كانت شخصيتها مغامِرة وقوية وطموحة؛ لذا حاولتُ عكس ذلك في مظهرها، لكونها تحاول لفت انتباه الآخرين إليها»، مؤكدة أنّ هذا العمل نال أصداء جميلة مُنطلقها أزياؤه.


مقالات ذات صلة

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

يوميات الشرق جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق معرض «جدة للكتاب» في العام الماضي (واس)

«جدة للكتاب»... يعود لعشّاق القراءة بحُلّة جديدة وإصدارات مخفّضة

يعود معرض الكتاب بحلة جديدة لعشاق القراءة في جدة غرب السعودية ليعرض على مدار 9 أيام كلّ ما هو جديد بعالم الكتابة بمساراتها المختلفة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد وصوله إلى أبوظبي (رويترز)

ستارمر: شمال إنجلترا سيستفيد من تعزيز التجارة مع السعودية

قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن شمال إنجلترا سيستفيد مباشرة من تعزيز الروابط التجارية مع السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)

خاص السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السعودية تنمو بخطوات مدروسة

قال مسؤول إيراني إن العلاقات مع السعودية تسير وفق خطوات مدروسة، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدين وما يمتلكانه من موارد طبيعية وبشرية وغيرها يساهم بشكل…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله أنجي موتشيكجا في الرياض الثلاثاء (واس)

مباحثات سعودية – جنوب أفريقية لتعزيز العلاقات الدفاعية

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع أنجي موتشيكغا وزيرة الدفاع بجنوب أفريقيا، الثلاثاء، سبل تعزيز العلاقات في المجال الدفاعي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.