النيجر تمثل المحور الأخير لقوة مكافحة الإرهاب الفرنسية في الساحل

جنود فرنسيون ينزلون من طائرة شحن تابعة للقوات الجوية الأميركية C130 في نيامي عاصمة النيجر في 9 يونيو 2021 (أ.ب)
جنود فرنسيون ينزلون من طائرة شحن تابعة للقوات الجوية الأميركية C130 في نيامي عاصمة النيجر في 9 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

النيجر تمثل المحور الأخير لقوة مكافحة الإرهاب الفرنسية في الساحل

جنود فرنسيون ينزلون من طائرة شحن تابعة للقوات الجوية الأميركية C130 في نيامي عاصمة النيجر في 9 يونيو 2021 (أ.ب)
جنود فرنسيون ينزلون من طائرة شحن تابعة للقوات الجوية الأميركية C130 في نيامي عاصمة النيجر في 9 يونيو 2021 (أ.ب)

تمثل النيجر المحور الأخير لمحاربة الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل بالنسبة لفرنسا التي تنشر فيها 1500 جندي بعد اضطرارها للخروج من مالي في صيف عام 2022، لكن الانقلابيين أعلنوا مساء الخميس في نيامي التخلي عن اتفاقات عسكرية عدة معها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

بعض هذه الاتفاقيات تنص على شروط تمركز الكتيبة الفرنسية و«مكانة» الجنود الموجودين في إطار مكافحة الجماعات المتطرفة، وفق بيان صحافي تُلي على التلفزيون الوطني في النيجر.

وقال الكولونيل أمادو عبد الرحمن عضو المجلس العسكري الخميس: «أمام موقف فرنسا اللامبالي» وردّ فعلها تجاه الوضع في النيجر، «قرّر المجلس الوطني لحماية البلاد إبطال اتفاقيّات التعاون مع هذه الدولة في مجال الأمن والدفاع».

رداً على ذلك، قالت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة: «تذكر فرنسا بأن الإطار القانوني لتعاونها مع النيجر في مجال الدفاع يستند إلى اتفاقات أبرمت مع سلطات النيجر الشرعية الوحيدة التي تعترف (بها فرنسا) شأنها في ذلك شأن كامل الأسرة الدولية».

والثلاثاء، قالت هيئة الأركان الفرنسية إن الانسحاب من النيجر «ليس على جدول الأعمال على الإطلاق».

تحت ضغط المجلس العسكري المالي الذي استعان، على الرغم من نفيه ذلك، بمرتزقة «فاغنر» الروس، خرجت فرنسا من مالي حيث طاردت الجماعات المسلحة طيلة تسع سنوات ونقلت الجزء الأكبر من قواتها إلى النيجر المجاورة.

بالمثل، اضطُرت القوات الخاصة الفرنسية المتمركزة في بوركينا فاسو إلى الانسحاب منها العام الماضي نزولاً عند طلب العسكريين الذين نفذوا انقلاب سبتمبر (أيلول) 2022.

رافق إعادة التنظيم هذه التي كانت إيذانا بنهاية عملية برخان، انخفاض حاد في عدد العسكريين الفرنسيين في منطقة الساحل من نحو 4500 إلى 2500، بمن فيهم 1500 في النيجر و1000 في تشاد.

وبينما شكلت النيجر في السابق قاعدة عبور لتنفيذ عمليات في مالي، صارت تستضيف القسم الرئيسي من القوات الفرنسية في الساحل في قاعدة جوية في نيامي حيث يتم نشر خمس طائرات من دون طيار من طراز ريبر بشكل دائم وثلاث على الأقل من طائرات ميراج العسكرية.

عزز الفرنسيون وجودهم في القاعدة وأرسلوا مئات الرجال إلى جنوب غرب النيجر لا سيما إلى أولام وأيورو بالقرب من الحدود مع مالي، حيث ينفذون عمليات مناهضة للمتطرفين إلى جانب جيش النيجر، تحت قيادة قوات النيجر.

ولتقليل الانتقادات الموجهة للوجود العسكري للقوة الاستعمارية السابقة في أفريقيا، أمر الرئيس إيمانويل ماكرون بالالتزام بصرامة بالمطالب المحددة للنيجر.

حصلت الجيوش الفرنسية على تفويض لتقديم الدعم للقوات النيجرية في القتال ومساعدتها على بناء جيشها بعد تصاعد تهديد تنظيم داعش في الصحراء على الحدود مع مالي.

قال قائد القوات الفرنسية في منطقة الساحل الجنرال برونو باراتز في مايو (أيار) إن «الرؤية التي يستند إليها الموقف (الفرنسي) في النيجر وفي كل مكان في أفريقيا تختلف عما كانت عليه الحال في مالي. اليوم تنطلق مساعدتنا في المقام الأول من حاجة الشريك».

ومن ثم، فإن النيجر هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تحتفظ فيها فرنسا بما يسمى «الشراكة القتالية ضد المتطرفين». أما تشاد فتستضيف الأركان العامة للعمليات الفرنسية في منطقة الساحل، بالإضافة إلى القوات المنتشرة في إطار شراكة عسكرية مع نجامينا.

وتنتشر في القواعد الفرنسية الأخرى في القارة قوات تسمى قوات دائمة متمركزة تشارك في حماية المواطنين وهي على استعداد للتدخل لتعزيز العمليات والتعاون مع الجيوش الوطنية في تنفيذ مناورات وأنشطة تدريب وما إلى ذلك. وتنشر فرنسا قوات دائمة في جيبوتي (1500 فرد) وساحل العاج (900) والسنغال (400) والغابون (350).


مقالات ذات صلة

3 سيناريوهات أمام الوجود العسكري الروسي في سوريا

تحليل إخباري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده قواته في قاعدة حميميم باللاذقية يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

3 سيناريوهات أمام الوجود العسكري الروسي في سوريا

مع هزيمة الرئيس السوري السابق بشار الأسد وفراره إلى موسكو، ما هي السيناريوهات المطروحة أمام مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا؟

رائد جبر (موسكو)
أوروبا قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية (أرشيفية-رويترز)

مخاوف ألمانية بعد رصد مسيّرات مجهولة فوق منشآت صناعية وعسكرية

أعلنت السلطات الألمانية أنها رصدت تحليق طائرات مسيّرة مجهولة فوق منشآت صناعية ومواقع عسكرية حساسة؛ بينها قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي تظهر صورة الأقمار الاصطناعية طائرات ومروحيات ومعدات عسكرية روسية في قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية 9 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تجري اتصالات مع «هيئة تحرير الشام»

قالت موسكو إنها بدأت اتصالات مباشرة مع الإدارة السياسية في «هيئة تحرير الشام» المعارضة في سوريا، وإن روسيا تستهدف إبقاء قاعدتيها العسكريتين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بمقر وزارة الدفاع التركية (وزارة الدفاع التركية)

تركيا: هدفنا النهائي ليبيا موحدة

أكدت تركيا أنها ستواصل تقديم جميع أنواع الدعم والإسهام في تطوير الأنشطة المشتركة مع ليبيا، وأن هدفها النهائي «ليبيا موحدة» تعمل جميع مؤسساتها معاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

افتُتحت رسمياً، اليوم (الأربعاء)، في بولندا، قاعدة تشكّل جزءاً من نظام دفاعي أميركي مضاد للصواريخ الباليستية يثير ريبة موسكو.

«الشرق الأوسط» (وارسو)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
TT

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

شنت «جبهة تحرير ماسينا»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، ليل الاثنين - الثلاثاء، هجوماً عنيفاً على مدينة نيورو، الواقعة شمال غربي مالي على الحدود مع موريتانيا، لتندلع مواجهات بين مقاتلي «القاعدة» والجيش المالي، أسفرت عن مقتل عدد من الجنود و30 إرهابياً، حسب حصيلة صادرة عن الجيش.

ويأتي الهجوم في وقت يصعد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم، بدعم من مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

هجوم عنيف

شن العشرات من مقاتلي «جبهة تحرير ماسينا» المنخرطة في صفوف تنظيم «القاعدة»، هجوماً مسلحاً عنيفاً في حدود العاشرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، ضد موقع تابع للجيش المالي في مدينة نيورو.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر قوة المواجهات التي شهدتها المدينة، وظهرت في المقاطع ألسنة اللهب وهي تعلو في المنطقة المحيطة بثكنة عسكرية تابعة للجيش، كما سمع دوي المدفعية الثقيلة.

وأثار الهجوم المسلح هلع سكان المدينة، ومع استمراره عدة ساعات، وصلت تعزيزات من الجيش المالي إلى المدينة، قبل أن ينسحب مقاتلو «القاعدة» نحو الغابات الواقعة في المنطقة المحاذية للحدود مع موريتانيا.

رواية الجيش

بعد ساعات من الهجوم، أصدرت قيادة الأركان العامة للجيش المالي بياناً قالت فيه إن الوحدة العسكرية المتمركزة في مدينة نيورو نجحت في التصدي لهجوم إرهابي استهدف المدينة، ووصفت ما حدث بأنه «رد قوي».

وقالت قيادة الجيش المالي إن «عدداً كبيراً من العناصر الإرهابية تسللوا إلى المدينة بمساعدة داخليّة، واستهدفوا عدة مواقع حساسة في المنطقة»، دون إعطاء أي تفاصيل عن طبيعة المساعدة الداخلية التي حصل عليها مقاتلو «القاعدة».

وأضاف الجيش أنه «بفضل الاحترافية والتزام الجنود الماليين، لم يتمكن المهاجمون من تحقيق أهدافهم»، قبل أن يشير إلى أن الحصيلة الأولية تؤكد «وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش المالي، إضافة إلى تدمير مركبة عسكرية جراء طلقات نارية حارقة».

ولكن الجيش المالي أكد أنه نجح خلال صد الهجوم في «قتل 30 إرهابياً بقيت جثثهم في موقع الهجوم، كما تركوا أيضاً 19 بندقية رشاش (AK-47)، و3 رشاشات (PKM)، وقاذف صواريخ مضاد للدبابات (LRAC)، إلى جانب كمية كبيرة من الذخائر التي تم الاستيلاء عليها».

ضربة موجعة

على صعيد آخر، كان الجيش المالي قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي اعتقال قيادي بارز في تنظيم «داعش» في منطقة الصحراء الكبرى، وذلك عقب ما سماه الجيش «عملية استخباراتية ناجحة».

وأعلنت القيادة العامة لأركان الجيش المالي أنها نفذت يوم الجمعة الماضي «عملية دقيقة» أسفرت عن اعتقال القيادي محمد ولد أركحيل، المعروف في الأوساط «الجهادية» بكنية «أبي رقية»، كما يعرف في بعض الأوساط بلقب «أبو حاش».

وأكدت قيادة الجيش المالي أن المدعو «أبو حاش» كان مطلوباً منذ مدة بسبب «دوره المحوري في تنسيق العديد من الفظائع الجماعية والانتهاكات ضد السكان في منطقتي ميناكا وغاو»، الواقعتين شرق مالي على الحدود مع دولة النيجر، حيث يتمركز تنظيم «داعش».

كما أكد الجيش المالي أن العملية الاستخباراتية أسفرت عن القضاء على «عدد من مقاتلي التنظيم»، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بينها «مكونات لتصنيع العبوات الناسفة».

ضحايا مدنيون

وفيما يخوض الجيش المالي بدعم من مجموعة «فاغنر» حرباً شرسةً ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، قالت منظمات من المجتمع المدني إن تسعة مدنيين بينهم نساء وأطفال قتلوا في إطلاق نار مجهول المصدر.

وقالت هذه المنظمات، في بيان، إن إطلاق نار استهدف سيارة كانت تقل مدنيين في منطقة سيغو، وسط مالي، متوجهة نحو مخيم «امبره» للاجئين داخل أراضي موريتانيا المجاورة.

في غضون ذلك، قالت مصادر من داخل المتمردين الطوارق إن بحوزتهم أدلة تثبت تورط الجيش المالي ومجموعة «فاغنر» في إطلاق النار على السيارة المدنية، أما منظمات المجتمع المدني فدعت إلى «فتح تحقيق في الحادث»، نافية أن يكون بحوزتها ما يثبت تورط الجنود الماليين في إطلاق النار.

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة المالية أو الجيش على الحادثة.