ماذا يعني أن تصبح صحافيًا معارضًا في إيران؟

صحافيان إيرانيان لـ «الشرق الأوسط»: روحاني لا يختلف عن نجاد

ماذا يعني أن تصبح صحافيًا معارضًا في إيران؟
TT

ماذا يعني أن تصبح صحافيًا معارضًا في إيران؟

ماذا يعني أن تصبح صحافيًا معارضًا في إيران؟

«لكي تعمل صحافيا داخل إيران لا بد أن تتبع الخطوط الحمراء للدولة.. وهي خطوط لا تتغير كثيرًا مع تغيير الحكومات»، هكذا قال الصحافي الإيراني بويا عزيزي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، لكن كلمات بويا الذي غادر طهران خشية محاكمته، تصطدم بتصريحات لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قال فيها إن بلاده «لا تسجن أي شخص بسبب رأيه»، رغم وجود نحو 65 صحافيا داخل السجون الإيرانية بحسب تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود».
وانتاب المراقبين تفاؤل بشأن تحسن أجواء حرية التعبير في إيران مع انتخاب حسن روحاني المحسوب على التيار الإصلاحي رئيسا للبلاد قبل عامين. وتعهد روحاني في حملته الانتخابية خلال لقائه مع الطلاب في جامعة طهران بحماية حقوق الإنسان والصحافة، وهو ما علق عليه عزيزي قائلا: «حكومة روحاني لا تريد أن تفتح نقابة للصحافيين، ولا يوجد مجال لانتشار الصحف، كما أن اللائحة الجديدة بتنظيم الإعلام تحد من نشاطه». وتابع: «الرئيس روحاني رفض اتباع رغبات الناخبين، ونسي وعود حملته الانتخابية».
وأغلقت بعض الصحف الإيرانية منذ تولي روحاني الحكم، أبرزها «روزنامه بهار» (صحيفة الربيع)، «مجله زنان» (مجلة المرأة)، «مردم امروز» (الشعب اليوم)، كما يستمر إلقاء القبض ومحاكمة الصحافيين بأساليب نظام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
بهمان أحمدي أموي، صحافي إيراني اعتقل عام 2009، قال لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من طهران: «كتبت مقالا اقتصاديا سياسيا أنتقد فيه الحكومة وقت تولي الرئيس أحمدي نجاد الحكم، مما تسبب في اعتقالي، وعوقبت بالسجن 7 سنوات و4 أشهر و32 جلدة، خُفّفت إلى 5 سنوات و4 أشهر».
وتابع: «الحكومة الإيرانية ليست صادقة فيما يتعلق بالتعبير بحرية عن الرأي.. هي كسابقها.. ونحن لا نريد إلا أن نكتب عن الواقع في الصحف الإيرانية».
أموي، ليس الحالة الوحيدة التي يلقى القبض عليها جراء انتقادها للنظام الإيراني، الشهر الماضي أطلقت السلطات الإيرانية صراح الصحافي مسعود باستاني بعد اعتقاله لمدة 6 سنوات على خلفية كتاباته المنتقدة لنظام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، إلا أن الكثير من معتقلي الرأي يقبعون داخل السجون وتطالب المنظمات الحقوقية الإيرانية بالإفراج عنهم دون استجابة النظام.
ونشرت منظمة «مراسلون بلا حدود» تقريرا لها حول وضع الصحافيين والمدونين المسجونين في إيران بعد مرور عام على تولي حسن روحاني رئاسة إيران، وذكرت المنظمة في تقريرها أن هناك 65 صحافيا ومدونا يقبعون في السجون، من بينهم 10 صحافيات و3 صحافيين أميركيين، وبهذا سجلت إيران رقما قياسيا في ارتفاع عدد الصحافيين المسجونين خلال العام الحالي، حيث تعد الدولة الخامسة على مستوى العالم في اعتقال الصحافيين.
هذا ما يؤكده عزيزي أيضا، وتحدث الصحافي الإيراني إلى الشرق الأوسط من مهجره في السويد التي انتقل إليها قبل ما يزيد عن العامين خشية اعتقاله ومحاكمته. وقال عزيزي: «لكي تعمل صحافيا داخل إيران لا بد أن تتبع الخطوط الحمراء للدولة ولا تتعارض معها، الخط الأحمر لا يتغير كثيرا مع تغيير الحكومات، ولكن إذا حافظت عليه دون توجيه أي انتقادات للدولة ستحافظ على عملك». وتابع: «الصحافيون المستقلون داخل إيران يُواجَهون بحملات أمنية من قبل النظام، يطاردونهم في كل مكان ويلقون القبض عليهم ولا نعرف مصيرهم، كما حدث مع جیسون رضاییان مراسل (واشنطن بوست) الذي أُفرج عنه أخيرًا».
وأضاف عزيزي أن «حكومة روحاني لا تريد أن تفتح نقابة للصحافيين، ولا يوجد مجال لانتشار الصحف، كما أن اللائحة الجديدة بتنظيم الإعلام تحد من نشاطه».
وكانت محكمة إيرانية قضت، العام الماضي، بحكم أولى بجلد صحافي ومصورين أدينوا بتهمة إهانة مسؤول 75 جلدة، حكم على واحد بـ25 وآخر بـ50 جلدة، على خلفية نشر مقالتين انتقدتا مدير الثقافة والسياحة بمحافظة قزوين بطباعة كتاب مصور للتاريخ والآثار الثقافية للمحافظة بجودة منخفضة وبتكلفة عالية من ميزانية الحكومة.
وبحسب ما قال نشطاء حقوقيون إيرانيون لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوانين الحريات المتعلقة بحقوق الإنسان والصحافة في إيران لن تتغير بتغير رئيس، بل إنها ستستمر مع استمرار نظام الجمهورية الإسلامية.
وكان الرئيس الإيراني روحاني أجرى مقابلة مع شبكة «سي إن إن الأميركية» العام الماضي، قال فيها إنه «لا يوجد لدينا سجناء من الناشطين أو الصحافيين بسبب آرائهم»، وهو ما قابله 135 صحافيا إيرانيا في الداخل والخارج، بإصدار بيان استنكار كذبوا فيه ما قاله روحاني، مؤكدين وجود قائمة تضم أسماء عدد من الناشطين والإعلاميين في إيران داخل المعتقلات، مطالبين روحاني بضرورة الوفاء بتعهداته، وتحقيق الإصلاحات التي وعد بها الشعب الإيراني خلال حملته الانتخابية.
ومنذ الانتخابات الرئاسية في عام 2009، تم اعتقال ما يقرب من 300 صحافي، أجبر الكثير منهم على العيش في المنفى.



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.