رحلة بالقطار فوق وديان المكسيك السحيقة تثير الحماس والخوف

تجذب هواة الإثارة

يقوم القطار «تشيبي» برحلة تعبر فوق الوديان السحيقة في شمال غربي المكسيك وصولاً إلى جبال سييرا مادري (أ.ف.ب)
يقوم القطار «تشيبي» برحلة تعبر فوق الوديان السحيقة في شمال غربي المكسيك وصولاً إلى جبال سييرا مادري (أ.ف.ب)
TT

رحلة بالقطار فوق وديان المكسيك السحيقة تثير الحماس والخوف

يقوم القطار «تشيبي» برحلة تعبر فوق الوديان السحيقة في شمال غربي المكسيك وصولاً إلى جبال سييرا مادري (أ.ف.ب)
يقوم القطار «تشيبي» برحلة تعبر فوق الوديان السحيقة في شمال غربي المكسيك وصولاً إلى جبال سييرا مادري (أ.ف.ب)

في قطار يطلَق عليه اسم «تشيبي» ويُعدّ من المخلَّفات النادرة لثورة السكك الحديدية، التي انطلقت في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، سافرت الأميركية أدير مارغو، بصحبة أحفادها، في رحلة تعبر فوق الوديان السحيقة في شمال غرب المكسيك، وصولاً إلى جبال سييرا مادري.

وصنّفت مجلة «ناشونال جيوغرافيك» رحلة «تشيواوا - المحيط الهادئ» بأنها من الأروع في العالم، ولو أن مسارها قد يثير هلع الدبلوماسيين واختصاصيي الأمن، إذ ينطلق القطار من مدينة لوس موتشيس؛ أحد معاقل تجارة المخدرات، حيث ترتبط المنطقة بمؤسس كارتيل سينالوا خواكين «إل تشابو» غوزمان الذي قُبض عليه في عام 2016، وهو قابع منذ ذلك الحين في سجن أميركي يقضي فيه حكماً مؤبّداً.

قطار «تشيبي» في تيموريس بولاية تشيواوا بالمكسيك (أ.ف.ب)

بعد مرور 7 سنوات، لا تزال الحكومة الأميركية تطلب من رعاياها عدم التوجه إلى ولاية سينالوا، وتفادي ولاية تشيواوا المجاورة التي يربطها خط القطار بساحل المحيط الهادئ، وفق تقرير لـ«وكالة فرنس برس».

ولا يبدو أن التحذير أثّر في عزم دير مارغو، البالغة 69 عاماً، للقيام بالرحلة، قائلة إنها لا تأبه لهذه التعليمات. وتقول الأميركية، المنحدرة من تكساس، والمقيمة في مدينة إل باسو على حدود المكسيك: «الحياة حافلة بالمخاطر».

وتضيف الجدّة المُحاطة بأحفادها السبعة الذين تتدرّج أعمارهم من سنتين إلى 12 سنة، أن «رحلة كهذه لن تقحمكم في وسط الحرب بين كارتيلات المخدرات».

يسير «تشيبي»، القادر على نقل 700 شخص، على خط وحيد يربط بين المحيط الهادئ وسلسلة جبال سييرا تاراهومارا، مروراً عبر «وادي النحاس» (بارانكا ديل كوبري)، الذي يزيد عمقه بأربعة أضعاف عن وديان ولاية أريزونا الأميركية، المجاورة المعروفة بـ«الأخدود العظيم Grand Canyon».

وقد تشهد سنة 2023 نهضة السكك الحديدية، على ضوء وعد الرئيس أندريس مانويل لوبيز أودبرادور بتدشين أول جزء من «قطار مايا»، في ديسمبر (كانون الأول)، في سياق مشروعه الضخم المثير للجدل الممتد على طول أكثر من 1500 كيلومتر، عبر شبه جزيرة يوكاتان.

سائح يستمتع بالمناظر الطبيعية التي يمر بها القطار «تشيبي» في رحلته (أ.ف.ب)

وأكد كريستوف شيلد، الفرنسي البالغ 55 عاماً، الذي استقل قطار «تشيبي» مع رفيقته وتوأمتيهما العشرينيّتين، «إنها طريقة مختلفة لاكتشاف المكسيك».

ويضيف: «بالطبع، يعرف كثيرون كانكون أو أكابولكو، لكننا نريد استكشاف البلد، بعيداً عن المسارات المعهودة، وهذا القطار هو الفرصة المناسبة لذلك».

وعند الخروج من لوس موتشيس، يعرّج القطار بين وديان سينالوا الخصبة التي تتخللها حقول الذرة، ثم يصعد باتجاه جبال سييرا مادري الغربية، المطلّة على الوديان، سالكاً 37 جسراً و86 نفقاً. وتتوارى الأنهار؛ الواحد تلو الآخر، لتحلّ محلّها شلّالات، وتنحسر نباتات الصبّار لتنتصب محلها أشجار الصنوبر. وعلى ارتفاع 2260 متراً يشرف موقع «إل ديفيساديرو» على وادي أوريكي السحيق، البالغ عمقه 1800 متر.

سياح على متن القطار «تشيبي» (أ.ف.ب)

تقول فلور كولاريس، الطبيبة المكسيكية البالغة 61 عاماً، والتي استقلت القطار مع زوجها وابنهما: «إنها رحلة طويلة، لكنها تستحق العناء. مِن حظنا أننا تمكّنا من القيام بها عدة مرات، ولم نسأم منها».

وبعد 9 ساعات، يصل القطار إلى محطته الأخيرة في كريل؛ كبرى مدن جبال تاراهومارا.

وهذه المرتفعات معقل لقبيلة راراموري (أو تاراهومارا) من السكان الأصليين، المعروفة بقدرتها على الصمود والركض لمسافات طويلة.

يُذكَر أن السياحة توقفت في جبال سييرا، خلال أغسطس (آب) 2008، على أثر مجزرة نفّذها مسلَّحون، وراح ضحيتها 13 من السكان، بينهم طفل. ويذكر الأب اليسوعي خافيير أفيلا، من أبرز شخصيات المنطقة: «بدأت المدينة تموت، لم يعد أي سائح يأتي إليها».

وبعد انتعاشة خجولة، انتكست السياحة مجدداً في 2018 حين قُتل متنزّه أميركي بأيدي تجار مخدِّرات في وادي النحاس.

وفي يونيو (حزيران) 2022، قُتل اثنان من الآباء اليسوعيين، ومرشد قرب أوريكي بيد تاجر مخدرات صغير محلي يشتبه بأنه تابع لكارتيل سينالوا في المنطقة، وعُثر عليه بدوره مقتولاً، في مارس (آذار).

ويقول الأب أفيلا إن «المجموعات المسلَّحة احترمت السياح حتى الآن، لا تسرقهم ولا تهاجمهم».

وتقول أدير مارغو، التي تفهم تماماً، على ما يبدو، الذهنية المحلية: «لستُ راغبة في الانتحار، ولا أريد لأحفادي أن يصابوا، لكنني أريد أن يختبروا الحياة، ويمكنكم أن تعيشوا تجارب كثيرة في المكسيك».


مقالات ذات صلة

مصر تروّج لـ«مسار العائلة المقدسة» بوثائقي «أم الدنيا»

يوميات الشرق وزير السياحة والآثار المصري خلال الاحتفال بإطلاق سلسلة الأفلام الوثائقية  (وزارة السياحة والآثار)

مصر تروّج لـ«مسار العائلة المقدسة» بوثائقي «أم الدنيا»

أطلقت وزارة السياحة والآثار المصرية الجزء الثاني من سلسلة أفلام وثائقية بعنوان «أم الدنيا»، تضمن جزءاً من رحلة العائلة المقدسة إلى مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)

للمرة الأولى منذ حريق 2019... أجراس كاتدرائية «نوتردام» في باريس تُقرع مجدداً (صور)

دقت الأجراس الثمانية لبرج الجرس الشمالي لكاتدرائية نوتردام في باريس، التي تستعد لإعادة فتحها في 7 ديسمبر (كانون الأول)، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (باريس)
سفر وسياحة الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» في لندن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طعم التجربة يتغيَّر (أ.ب)

سخرية من رمي النقود في «مسبح البلدية» البديل لنافورة تريفي

تهدف الخطة إلى إقامة ممرّ مرتفع يسمح للزوار بإلقاء نظرة فاحصة على النصب التذكاري، الذي سيُستخدم أيضاً وسيلةً لقادة المدينة لمراقبة تدفُّق السياح قبل فرض رسوم.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.