مجلس الشيوخ الأميركي يقر موازنة دفاعية ضخمة بـ886 مليار دولار

تركيز على مواجهة نفوذ الصين في المحيطين الهندي والهادئ ودعم أوكرانيا حتى 2027

زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث للصحافيين في الكابيتول الخميس (أ.ب)
زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث للصحافيين في الكابيتول الخميس (أ.ب)
TT

مجلس الشيوخ الأميركي يقر موازنة دفاعية ضخمة بـ886 مليار دولار

زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث للصحافيين في الكابيتول الخميس (أ.ب)
زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث للصحافيين في الكابيتول الخميس (أ.ب)

وافق مجلس الشيوخ الأميركي، بتوافق واسع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على مشروع قانون ضخم للسياسة الدفاعية، يتضمن تدابير ردع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ومواجهة التهديد المتزايد من الصين، بالإضافة إلى استمرارية الدعم الأمني لأوكرانيا حتى السنة المالية 2027 في ظل توقعات بمفاوضات مريرة مع مجلس النواب. إذ يعمل اليمينيون المتشددون على نسخة مختلفة إلى حد كبير تتضمن أحكاماً مثيرة للانقسام رفضها معظم أعضاء المجلس.

وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، ليل الخميس، بالتوقيت المحلي بأكثرية 86 سيناتوراً مقابل 11 سيناتوراً، على موازنة دفاعية تبلغ 886 مليار دولار، توفر زيادة بنسبة 5.2 في المائة لرواتب أعضاء الخدمة، ويحافظ على العمل العسكري في البلاد. لكن مجلس النواب كان أقرّ نسخته المختلفة سابقاً هذا الشهر، بعد مناقشات حادة حول القضايا الاجتماعية، مثل الإجهاض، ما أدى إلى جدل حزبي حاد ابتعد عن تقليد الحزبين الديمقراطي والجمهوري، المتمثل في إيجاد توافق في الآراء بشأن سياسة الدفاع الوطني. ويأمل المسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن أن يسهم التصويت بغالبية كبيرة في مجلس الشيوخ في تليين مواقف مجلس النواب، على أن تكون عطلة أغسطس (آب) فرصة يعود بعدها المجلسان لتسوية خلافاتهما في الخريف المقبل. وعن إقرار المشروع، أصدر قادة لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بياناً مشتركاً أشادوا فيه بالخطة «الطليعية»، آملين أن تؤدي المحادثات مع مجلس النواب إلى مشروع قانون نهائي «يضع دفاعنا الوطني على طريق تحسين قدراتنا الرادعة». وأقرّ زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، بأن هناك «تناقضاً صارخاً» بين مشروعي القانون الدفاعي في المجلسين، لافتاً إلى أن مجلس الشيوخ لم يكن لديه «عداء أو حدة»، على عكس المعارك الحزبية في مجلس النواب.

وقال كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ السيناتور روغر ويكر: «لا أعتقد أن أياً من الحزبين حصل على ما يريده بالضبط» في مشروع قانون مجلس الشيوخ. لكنه اعتبر أن التشريع سيساعد الجيش على تحسين التجنيد ومنع النزاع.

* الخلاف مع مجلس النواب

وسيتعين على المجلسين الآن كتابة مشروع قانون نهائي، وهو اختبار لمجلس النواب المنقسم بشدة، على وجه الخصوص، إذ جرى القضاء على التشريع التقليدي للحزبين في النزاعات حول العرق والإنصاف والرعاية الصحية للمرأة التي كانت من الأولويات السياسية للجمهوريين. وعبّر ويكر عن ثقته بتمرير التشريع، كما يفعل الكونغرس سنوياً منذ عام 1961. وحذر مشرّعون من المخاطرة بالفشل في تمرير قانون تفويض الدفاع الوطني للمرة الأولى منذ أكثر من 6 عقود. وتوقع عضو لجنة الخدمات المسلحة، السيناتور مايك راوندز، اعتماد نهج مجلس الشيوخ في الغالب. وقال: «حقيقة أننا سنتبع نهجاً قوياً من الحزبين في شأن هذا الأمر تشير إلى أننا على الأرجح أقرب إلى حيث سننتهي مما فعله مجلس النواب على أساس حزبي».

زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر مع زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل في الكابيتول الخميس (أ.ب)

ويحدد مشروع قانون الدفاع في مجلس الشيوخ مستويات الإنفاق الدفاعي عند 886 مليار دولار للعام المقبل، طبقاً لما طلبه الرئيس جو بايدن. ويتعين على الكونغرس تمرير تشريع إنفاق منفصل لتخصيص الأموال، لكن التشريع الدفاعي يحدد الميزانية وسياسة وزارة الدفاع (البنتاغون). وتميزت مناقشة مجلس النواب في وقت سابق من هذا الشهر بتعديلات أدخلها المحافظون المتشددون للتراجع عن تدابير التنوع والدمج في البنتاغون ومنع بعض الرعاية الطبية للأفراد المتحولين جنسياً. وفي مجلس الشيوخ، حيث تحتاج معظم التعديلات إلى 60 صوتاً لتمريرها، كانت الإضافات على مشروع القانون من الحزبين أكثر تركيزاً على السياسة العسكرية، مع تركيز الكثير على مواجهة الخصوم الأميركيين المحتملين مثل روسيا والصين.

وسيتطلب بند واحد موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ إذا حاول أي رئيس أميركي الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في ما بدا أنه خشية كامنة من انتقادات مشابهة لتلك التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترمب، وشكك مراراً في فائدة «الناتو» للولايات المتحدة.

مثل مشروع قانون مجلس النواب، تسمح حزمة مجلس الشيوخ بإنفاق أكبر لتحسين تكنولوجيا الأسلحة والشراكات العسكرية وتدابير الردع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع التركيز على مواجهة التهديد المتزايد من الصين. ويصرح بزيادة رواتب 5.2 في المائة لأعضاء الخدمة وموظفي وزارة الدفاع الآخرين. ويوسع المشروع أيضاً مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية، وهو البرنامج الذي يوفر البنتاغون من خلاله المساعدة بالأسلحة والتدريب لدعم الجيش الأوكراني أثناء محاربة الغزو الروسي حتى السنة المالية 2027.

* إيران وكوريا الشمالية

وضم المشروع اقتراحاً ناجحاً من السيناتور الديمقراطي جون تيستر لمنع وكلاء الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية من شراء أراضٍ زراعية في الولايات المتحدة. ودفع السيناتور الديمقراطي بوب كايسي نحو تعديل لزيادة إشراف وزارة الخزانة على الاستثمار الأميركي في شركات التكنولوجيا الروسية والصينية التي تعمل باستخدام «التكنولوجيا الحساسة»، مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي. وهناك بند آخر حصل على دعم الطرفين سيسمح لوزارة الخزانة باستخدام العقوبات ضد الأشخاص والمنظمات المشاركة في تجارة مخدرات «الفنتانيل» الدولية.

وبرعاية شومر، جرى تضمين لغة تطلب من الحكومة جمع السجلات المتعلقة بـ«الظواهر الجوية غير المحددة»، وهو المصطلح الرسمي الذي تستخدمه الحكومة الأميركية بدلاً من الأجسام الطائرة المجهولة الهوية، ومراجعة ما إذا كانت هناك حاجة إلى إبقائها سرية. وسيسمح التعديل بتحرير بعض هذه السجلات بمرور الوقت.


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».