البناء والتكيُّف مع تغيُّر المناخ

سياسات عالميّة تدعم أساليب العمارة التقليديّة

ناطحات سحاب مبنية من الطين في مدينة شبام اليمنية القديمة المسورة في محافظة حضرموت (إ.ب.أ)
ناطحات سحاب مبنية من الطين في مدينة شبام اليمنية القديمة المسورة في محافظة حضرموت (إ.ب.أ)
TT

البناء والتكيُّف مع تغيُّر المناخ

ناطحات سحاب مبنية من الطين في مدينة شبام اليمنية القديمة المسورة في محافظة حضرموت (إ.ب.أ)
ناطحات سحاب مبنية من الطين في مدينة شبام اليمنية القديمة المسورة في محافظة حضرموت (إ.ب.أ)

عبر آلاف السنين كانت المساكن تُبنى من مواد طبيعية محلية توافِق مناخ وجغرافيا مناطقها ومجموعة العادات والتقاليد الثقافية لمجتمعاتها. وتنطوي المعارف المتوارثة في البناء على مجموعة من الأساليب العمرانية المميزة، التي تتنوّع بين المنازل ذات الأسقف المغطاة بالأعشاب في الدول الإسكندنافية، وناطحات السحاب الطينية في اليمن، وبينها كثير من التصاميم التي تقوم على الموارد والخبرات المحلية التي يُمكن توظيفها بنجاح في التكيُّف مع تغيُّر المناخ.

تناغم العمارة مع محيطها

تشتمل العمارة التقليدية، لا سيما تلك المستخدمة من عامة المجتمع، على مبانٍ متناغمةٍ مع البيئة المحيطة بها، تأخذ في الاعتبار السمات الجغرافية الفريدة والجوانب الثقافية التي تنتقل من جيل إلى آخر، فتعزز الهوية المحلية والشعور بالانتماء. ومن خلال استخدام المواد المتاحة محلياً وتقنيات البناء الأصيلة، توفّر العمارة التقليدية منشآت أكثر مرونة في مواجهة تحديات تغيُّر المناخ.

وتُعد مدينة شبام اليمنية نموذجاً مهماً لتوضيح كفاءة العمارة التقليدية في إقليم الهضاب شبه الصحراوية الذي يواجه الجفاف والسطوع الشمسي المرتفع. وتوصف المدينة بأنها «مانهاتن الصحراء»، حيث تعتمد العمارة فيها على الانغلاق والنمو عمودياً في أبنية من الطوب ترتفع ما بين 5 و8 أدوار على قواعد متينة من الحجر.

وتُوجّه الفضاءات المعمارية الخدمية في شبام إلى جهة الشمال، فيما تُطلّ الواجهات الرئيسية على الجنوب، وتحتوي فتحات ونوافذ صغيرة لتدفئة المساكن بأشعة الشمس في فصل الشتاء. ويضم الركن الجنوبي الشرقي من المدينة مجموعة من الأبنية العامة المنخفضة الارتفاع، ما يسمح بتوغل أشعة الشمس في فصل الشتاء إلى منطقة السوق.

تتميز مدينة شبام اليمنية القديمة في محافظة حضرموت بأبنيتها المتصالحة مع البيئة (إ.ب.أ)

وتُطلى واجهات الأبنية في شبام بالنورة البيضاء (الجير المطفأ) في قسميها السفلي والعلوي، ما يساعد في عكس أشعة الشمس، فيما يبقى الجزء الوسطي بلون الطوب الطيني لامتصاص الحرارة. كما تُستخدم القمريات، وهي كوى صغيرة في الأسقف مغطاة بالزجاج، لإدخال الضوء الطبيعي. وتساعد مواد البناء المستخدمة وترتيبات توجيه البناء والفتحات في تأمين التوازن الحراري الجيد والتهوية والإضاءة الطبيعيين، كما تسمح بإعادة تدوير المواد المستخدمة لإنشاء مبانٍ جديدة.

وفي العراق، يستخدم عرب الأهوار القصب على نحو فعّال في بناء مساكن قابلة للفك وإعادة التركيب، وتناسب تغيُّرات المياه في نهري دجلة والفرات. وتتميز هذه المساكن بهيكلها الخفيف الوزن، المتوارث بتصاميمه من جدران وأعمدة وأقواس منذ نحو 5000 عام، وهي ذات أسلوب معماري تقليدي ينطوي على حل أصيل للتكيُّف مع الفيضانات.

وكان الإدخال الحديث نسبياً للتقنيات والمواد الجديدة تسبب في تعطيل تقاليد البناء القديمة. ورغم أن المواد الحديثة، مثل الخرسانة والفولاذ، يمكنها تأمين منشآت أكثر ديمومة وأمتن وأخف وزناً، فإن العديد من هياكلها المتجانسة معمارياً غير مهيأة بطبيعتها للمناخات المحلية، وتتطلب غالباً كميات كبيرة من الطاقة للتدفئة أو التبريد.

وتساهم أساليب العمارة المعاصرة في البصمة الكربونية العالمية الكبيرة لصناعة البناء. ويشير تقرير الحالة العالمية للمباني لعام 2020، الصادر عن التحالف العالمي للمباني والتشييد (GlobalABC)، إلى أن صناعة تشييد المباني، إلى جانب الانبعاثات التشغيلية، تجعل حصة الانبعاثات الكربونية لقطاع البناء تعادل 38 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة.

العودة إلى التصميم بالطاقة المنخفضة

في مواجهة المشاكل البيئية لعمارة الإسمنت المسلّح، التي أصبحت نهجاً عالمياً واسع النطاق بعد الحرب العالمية الأولى، أخذ عدد من المصممين على عاتقهم إحياء أشكال من العمارة التقليدية أكثر مرونة تجاه المناخ وأعلى كفاءة في استخدام الطاقة.

وكانت الدعوة للعودة إلى العمارة التقليدية ظهرت في خمسينات القرن الماضي ضمن مفهوم «العودة إلى الطبيعة»، ثم استُبدلت بـ«الطبيعة» فكرة «التصميم ذو الطاقة المنخفضة»، بسبب مشاكل التلوُّث وتغيُّر المناخ العالمي. وتبع ذلك حركات لتطويع البيئة لما فيه راحة الإنسان وبأساليب متعددة.

وفيما تظهر هذه الاتجاهات بارزةً في قطاع السياحة، حيث يسير عرض الثقافة المحلية جنباً إلى جنب مع مناهج التصميم المستدام ذات التفكير المتقدم، تمثّل تجربة المعماري المصري حسن فتحي نموذجاً رائداً للعمارة المستدامة الموجهة لكل فئات المجتمع، لاسيما الفقراء.

ويُعدّ المهندس حسن فتحي، الذي توفي عام 1989، أشهر المعماريين العرب الذين استخدموا المواد التقليدية ووسائل وأساليب البناء العاميّة للوصول إلى عمارة غير مكلفة للفقراء. وتعتمد مشاريعه على استخدام مجموعة محدودة من الأشكال والهياكل التقليدية كالأقواس، والمساحات المغطاة بالقباب، والشرفات ذات المشربيات التي توفر الإنارة الطبيعية وتضمن الخصوصية، وأبراج الرياح (الملاقف أو البراجيل) التي تمثّل حلاً طبيعياً لمشكلة المناخ الحار.

وبسبب القيمة التي ينسبها إلى العمل اليدوي، ولأسباب اقتصادية وثقافية، كان المهندس حسن فتحي يلجأ إلى التقنيات التقليدية التي تقلل بشكل كبير من استخدام الآلات وتستغل الموارد المتاحة والرخيصة، مثل التراب والقش والحجارة. ولذلك فإن مادة البناء التي يستخدمها في عمارته كانت الطوب المجفف بالشمس والمصنوع من التراب والقش (اللِبن)، أو الحجارة المحلية، أو الطوب المحروق.

بوابة مدينة شبام اليمنية القديمة المسورة في محافظة حضرموت وتعد أقدم مدينة في العالم تستخدم البناء الرأسي (إ.ب.أ)

وتقوم فلسفة حسن فتحي على إعطاء الطبيعة الأسبقية عند تصميم المنشآت الجديدة، ويرى ضرورة أن يراعي الشكل المعماري قوى الطبيعة من رياح ومطر وغيرها. ولذلك جاءت تصاميمه منسجمة مع محيطها، ومنخفضة الكلفة، وذات بصمة كربونية محدودة عند التشييد وخلال الاستثمار.

ويوظّف المعماريون أساليب العمارة التقليدية وموادها في أكثر المناطق تعرضاً لموجات الحر، كاستجابة لمشاكل تغيُّر المناخ. ويُعدّ تصميم وتخطيط مسجد الشيخ زايد في أبوظبي من أفضل الأمثلة على العمارة التقليدية، وهو يستفيد من عناصر التصميم الشائعة في المنطقة مثل استخدام الألوان الفاتحة، والأفنية المركزية، والتشكيلات المائية، والممرات الطويلة والضيقة التي توفر الظل والتهوية الطبيعية. ويؤثر اتجاه المبنى وتخطيطه أيضاً على عمل ساحاته الداخلية ويعزز تدفق الرياح المباشرة فيها لتلطيف درجة حرارة المكان.

وفي المغرب، حيث يتعذّر استخدام الطوب مادة هيكلية في تشييد الأبنية العامة بسبب ضعف مقاومته للزلازل، قام معماريون بتوظيف التصاميم المستخدمة في العمارة الطينية المحلية ضمن عمارة الباطون المسلح لتحسين دورة الهواء والتحكم في الضوء. ويظهر ذلك في تصميم المدرسة العليا للتكنولوجيا في مدينة كلميم، حيث وُضعت النوافذ الكبيرة على الواجهات الشمالية والنوافذ الصغيرة على الواجهات الجنوبية للتحكم في كمية أشعة الشمس المباشرة التي تدخل المبنى وتوفّر الإضاءة الطبيعية. ويُحسِّن تموضع كتل المباني تدفق الهواء ضمن مجمّع المدرسة، ما يشكّل نظام تبريد طبيعي ينفي الحاجة لتركيب أجهزة التكييف رغم المناخ الحار في شمال أفريقيا.

سياسات تدعم الخروج من القوالب العمرانية

في السعي للحدّ من الانبعاثات الكربونية، تفرض السياسات العالمية الجديدة البحث عن أساليب بناء مستدامة توظّف الخبرات المتوارثة محلياً بكلفة قليلة. وعلى سبيل المثال، أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة جديدة لتقليل الانبعاثات عبر توجيه الوكالات الفيدرالية لشراء مواد بناء ذات انبعاثات أقل، وتشجيع الولايات والحكومات المحلية على فعل الشيء نفسه في الأبنية المدعومة فيدرالياً. ومؤخراً، أضافت اليابان متطلبات العزل وخفض استهلاك الطاقة إلى برنامج الرهن العقاري الحكومي، بحيث تحظى المنازل القليلة الانبعاثات بأسعار فائدة مخفّضة.

ويتّسع توظيف الخبرات والموارد المحلية في مواجهة تغيُّر المناخ عمرانياً، ليشمل أيضاً المرافق العامة والتخطيط الحضري. ففي فرنسا، التي تواجه موجات حر متعاقبة منذ سنوات، جرى تبني برنامج لتحويل 761 مدرسة في باريس إلى جزر خضراء للمساعدة في التخفيف من ظاهرة جزر الحرارة الحضرية الناتجة عن انتشار الأسطح القاتمة ضمن المدن. وفي جنوب أفريقيا، يتسبب اعتماد مدينة كيب تاون على الهطولات المطرية لتأمين المياه العذبة في حدوث حالات جفاف كارثية، ونتيجة لذلك يجري استبدال أنواع محلية بديلة أكثر تحملاً للجفاف بالمروج والنباتات الحساسة للماء.

إن مستقبل العمارة يكمن في سد الفجوة بين التقاليد والابتكار، حيث تقدم ممارسات البناء التقليدية معرفة قيمة وإلهاماً للمعماريين الذين يسعون جاهدين من أجل مستقبل مستدام يحافظ على الثقافة والهوية ويقاوم تغيُّر المناخ في الوقت ذاته. وفيما يفرض الاحترار العالمي على العمارة المحلية إعادة التفكير في علاقتها ببيئتها القريبة، يصبح الخروج من قوالب العمارة المستحدثة لاستكشاف إمكانات العمارة التقليدية أمراً محتوماً أكثر من أي وقت مضى.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة فيضانات إسبانيا إلى ثلاثة قتلى

أوروبا سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع حصيلة فيضانات إسبانيا إلى ثلاثة قتلى

عثرت فرق البحث، الاثنين، على جثتي رجلين فُقد أثرهما بعد أمطار غزيرة تسببت بفيضانات في جنوب إسبانيا، حسب ما أفاد مسؤولون.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الإطلاقات تمثل خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية المركز في تنمية الحياة الفطرية بالمملكة (واس)

إطلاق 61 كائناً فطرياً في محمية الملك خالد الملكية بالسعودية

أطلقت هيئة تطوير محمية الإمام عبد العزيز بن محمد الملكية، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، 61 كائناً فطرياً في محمية الملك خالد الملكية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الولايات المتحدة​ مياه الفيضانات في الولايات المتحدة (أ.ب)

كندا وأميركا تتأهبان لمزيد من الأمطار والفيضانات

انحسرت مياه الفيضانات في غرب الولايات المتحدة وكندا، اليوم السبت، بعد أيام من الأمطار الغزيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024

«الشرق الأوسط» (جنيف)

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
TT

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)

رصد باحثون في كندا مؤخراً حالة نادرة جداً لدبة قطبية تبنَّت شبلاً لم تلده في شمال البلاد.

وقال الباحث في هيئة البيئة الكندية إيفان ريتشاردسون الذي يجري دراسات بشأن هذا المفترس الأكبر في القطب الشمالي منذ 25 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تُسجَّل سوى 13 حالة (من هذا النوع) خلال 45 عاماً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن ريتشاردسون وفريقه من الإمساك بدبة مع شبلين لها، يبلغ سن أحدهما 10 أشهر، والآخر 11 شهراً، بالقرب من تشرشل التي تُلقَّب بـ«عاصمة الدببة القطبية في العالم»، والواقعة في شمال مانيتوبا بوسط كندا.

وأضاف: «عندما اقتربنا، لاحظنا أن أحد الشبلين يحمل علامة تعريف، بينما الآخر لا يحملها»؛ مشيراً إلى أن الأم نفسها شوهدت قبل بضعة أشهر مع شبل واحد فقط.

دب قطبي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي هذه المنطقة الشمالية، يضع الباحثون علامات تعريف على الدببة القطبية ليتسنى لهم تتبعها ودراستها طوال حياتها.

وأكدت عمليات التتبع عبر أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع العالمية (جي بي إس) والملاحظات التي أجرتها منظمة «بولار بيرز إنترناشيونال»، وهي مجموعة بحثية معنية بالدببة القطبية، أن الأنثى المعنية احتفظت بالشبلين معها لأسابيع.

وقال إيفان ريتشاردسون: «إنها قصة رائعة. هذه الدببة القطبية تتمتع بحسِّ أمومة مذهل؛ إذ إنها مهيَّئة بطبيعتها لرعاية صغارها».

وقد انخفض عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30 في المائة خلال بضعة عقود فقط، من نحو 1200 دب في ثمانينات القرن الماضي إلى 800 دب اليوم. ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع ذوبان الجليد الذي يشكل عنصراً ضرورياً لبقائها.

مع ذلك، لا يوجد دليل يربط بين هذا التبني وتغير المناخ، وفق ريتشاردسون.

ويجري حالياً فحص جيني لتحديد الأم البيولوجية للشبل المتبنَّى. وقال العالِم إنَّ ثمة «احتمالاً كبيراً أن نكتشف هويتها».

على مدى 45 عاماً، رُصد أكثر من 4600 دب قطبي في هذه المنطقة من كندا، ما يجعلها، حسب ريتشاردسون: «أفضل مجموعة دببة قطبية دُرست في العالم».


العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
TT

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني، وهو اكتشاف يقولون إنه بين أغنى مواقع العصر الترياسي في العالم، وفقاً لـ«رويترز».

وتمتد المسارات، التي يصل عرض بعضها إلى 40 سنتيمتراً وتظهر عليها علامات مخالب، لمسافة خمسة كيلومترات تقريباً في منطقة فالي دي فرايلي الجليدية المرتفعة قرب بورميو، وهو أحد أماكن استضافة الأولمبياد الشتوي لعام 2026 في إقليم لومبارديا الشمالي.

وقال كريستيانو دال ساسو عالم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بميلانو في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، في مقر رئاسة إقليم لومبارديا: «هذا أحد أكبر مواقع آثار الأقدام في إيطاليا وأقدمها، ومن أروع المواقع التي رأيتها منذ 35 عاماً».

ويعتقد الخبراء أن هذه الآثار خلّفتها قطعان من الديناصورات آكلات الأعشاب طويلة العنق، على الأرجح من فصيلة بلاتيوسورس، منذ أكثر من 200 مليون سنة عندما كانت المنطقة بحيرة دافئة، وهي مثالية لتجول الديناصورات على الشواطئ تاركة آثاراً في الطين قرب المياه.

ومع تحرك الصفيحة الأفريقية تدريجياً نحو الشمال مؤدية إلى إغلاق المحيط تيثيس وتجفيفه، طويت الصخور الرسوبية التي شكلت قاع البحر، مما أدى إلى تكون جبال الألب.

وقال خبراء إن آثار أقدام الديناصورات المتحجرة تحولت من الوضع الأفقي إلى الوضع الرأسي على منحدر جبلي رصده مصور للحياة البرية في سبتمبر (أيلول) في أثناء مطاردته غزلاناً ونسوراً.


القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
TT

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية يرسم صورة قاتمة لمستقبل القطب الشمالي المعرَّض بشكل خاص لتبِعات تغيّر المناخ.

ووفق هذا التقرير السنوي، الذي نشرته الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، الثلاثاء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وسبتمبر (أيلول) 2025، المعدل المسجل بين عاميْ 1991 و2020 بمقدار 1.60 درجة مئوية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».