هل يسرق أفضل المدربين أفكار الآخرين للبقاء في القمة؟

إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
TT

هل يسرق أفضل المدربين أفكار الآخرين للبقاء في القمة؟

إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)

لُعبت الكرة بشكل طويل على أمل نقل الهجمة إلى النصف الآخر من الملعب، وممارسة الضغط على مدافعي الفريق المنافس؛ لكن الفريق الذي لعب الكرة فقد الاستحواذ عليها واستعاد الفريق الآخر الكرة، وشن هجمة مرتدة سريعة كاد يسجل منها هدفاً. وعلى الفور، أعرب المشجع الذي كان يجلس بجواري عن حسرته على إهدار هذه الفرصة من الفريق المضيف، قائلاً إن التمريرات القصيرة والسريعة أفضل كثيراً من هذا الأسلوب «البطيء» في اللعب. حدث كل هذا في ملعب «تويكنهام» للرغبي؛ حيث كان من الرائع تحليل أوجه التشابه والاختلاف بين الرغبي وكرة القدم.

لقد شاهدت مؤخراً مباراة في الرغبي، وكنت أراقب طرق اللعب، سواء من خلال بناء الهجمة ببطء، أو من خلال اللعب المباشر والسريع، كما كنت مفتونة بمعرفة ما يمكن أن تتعلمه رياضة ما من الرياضات الأخرى، ورؤية النظريات والخطط التكتيكية خلال المباراة، وكيف يمكنها التأثير على الرياضات الأخرى.

تستحوذ كرة القدم على كل شيء في حياتي، بسبب عملي في مجال تحليل مباريات كرة القدم للرجال والسيدات، وقيادتي للمراجعة الحكومية المتعلقة بكرة القدم للسيدات، والعمل في مشروع «النصف الثاني» لمساعدة لاعبات كرة القدم على الانتقال إلى مهنة أخرى بعيداً عن مجال الرياضة في أعقاب الاعتزال. ومع ذلك، فقد أدركت أن هناك حاجة ماسة إلى النظر خارجياً لإيجاد أفضل السبل للتقدم والابتكار.

من المؤكد أن أي منظمة تظل ثابتة في مكانها من دون تطور سوف تتراجع وتتدهور، كما أن الأفضل دائماً هو من يتطلع إلى اتخاذ الخطوة التالية، حتى يظل متقدماً على بقية المنافسين. وتجب الإشارة في هذا الشأن إلى أن المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، والمدير الفني الألماني يورغن كلوب، قادران على الابتكار على أرض الملعب، وتطبيق خطط تكتيكية جديدة، كما أن أندية مثل برنتفورد وبرايتون تتميز بالابتكار فيما يتعلق بالصفقات الجديدة والتعاقد مع اللاعبين الجدد، فهذه الأندية تفعل ما هو مطلوب منها لكي تتقدم وتتطور بمرور الوقت.

وكان المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون مثالاً آخر على الشخصيات التي لا تكتفي أبداً بما حققته، وتبحث دائماً عن التطور والتجديد. فعلى سبيل المثال، أحضر فيرغسون اختصاصي عيون، وهو البروفسور الراحل جيل ستيفنسون، لاختبار عيون اللاعبين. لقد كان يفكر دائماً في كيفية تطوير مانشستر يونايتد حتى يظل أفضل من منافسيه.

لقد زرت المركز الوطني للدراجات في «مانشستر فيلودروم» قبل بضع سنوات، لأرى كيف يعملون هناك عندما كنت أدرس ماجستير علم النفس، وتعلمت كثيراً مما كانوا يفعلونه. لقد استفادت هذه الرياضة كثيراً من السير ديف برايلسفورد الذي ابتكر فكرة «المكاسب الهامشية»، وجعل الآخرين يفكرون بشكل مختلف في عالم التدريب. وبدأت أنا أيضاً أفكر في هذا الأمر، فإذا حصلت مثلاً على ميزة ما بنسبة 1 في المائة في 7 مناطق مختلفة، فإن هذا سيمنحك ميزة إجمالية على المنافسين بنسبة 7 في المائة. لقد نظر كثيرون إلى هذا المفهوم، وقام المحللون بدراسة التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في الرياضة على مستوى النخبة. وبالتالي، فإن الأفكار الفردية ليست وحدها هي التي تغير الرياضة، وإنما ينطبق ذلك على المفاهيم العامة أيضاً.

غالباً ما يزور المديرون الفنيون لكرة القدم في الأوقات التي لا يرتبطون فيها بالعمل مع أي نادٍ أو منتخب، أندية أخرى، ليروا كيف يعمل المديرون الفنيون الآخرون؛ بل وأصبحنا نرى كثيراً من الأمثلة على التعاون بين الرياضات المختلفة في هذا الشأن؛ حيث قام المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي للرغبي، إيدي جونز، بزيارة ملاعب تدريب كرة القدم، كما ذهب إيدي هاو لمشاهدة تدريبات الملاكمين، لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية. وقال شون دايك ذات مرة، إنه سيدعو جونز للحضور إلى مركز تدريب إيفرتون، مضيفاً: «إذا كنت تسعى للحصول على تقييم حقيقي لما تقوم به، فاحضر الأشخاص الذين يمكنهم تقديم ملاحظات لك على أدائك. لا يتعلق هذا الأمر بالأشخاص الذين يعملون في مجال كرة القدم فقط؛ لكنه يتعلق بمن يعملون في أي مجال عمل، وسأطلب منهم المشاركة في التقييم».

وبناءً على ذلك، يمكن أن تكون الاستعانة بآراء أشخاص من مجالات ورياضات أخرى مهمة ومفيدة للغاية، للطرفين على حد سواء، وليس لطرف واحد. وبالتالي، يمكن القول إن أفضل المديرين الفنيين هم لصوص يسرقون الأفكار من الآخرين، وينفذونها في إطار عملهم الخاص. لقد استعان تشيلسي مؤخراً بخدمات المدير الفني لمنتخب نيوزيلندا للرغبي، ومدرب المهارات الذهنية، جيلبرت إينوكا، للقيام بدور استشاري.

لقد فاز منتخب نيوزيلندا للرغبي بكأس العالم مرتين، خلال الفترة التي قاد فيها إينوكا الفريق. وتجب الإشارة هنا إلى أن الفرق بين أفضل فريق وبقية المنافسين في أعلى المستويات يتمثل في طريقة التفكير، فكل شخص في هذا المستوى يمكنه الركض والقفز والدوران والانطلاق. أنا أعجب دائماً بأي لاعب يقول بعد المباراة: «أنا أشعر بالثقة في الوقت الحالي»؛ إذ يتعين على المرء أن ينظر جيداً إلى ما تعنيه هذه العبارة.

في صالة الألعاب الرياضية، يمكنك قياس اللياقة البدنية عن طريق رفع الأثقال، على سبيل المثال؛ لأنه يمكنك رؤية التقدم الذي يحرزه اللاعب؛ لكن من الصعب قياس المكاسب الذهنية والنفسية.

وتعد لعبة التنس خير مثال على ذلك؛ لأنها لعبة تعتمد –في الغالب– على لاعب واحد فقط، ويتعين على هذا اللاعب أن يحفز نفسه دائماً في ظل عدم وجود أي شخص آخر معه في الملعب يدفعه إلى الأمام أو يشجعه. إن كل ما يحتاج إليه هذا اللاعب موجود في ذهنه، ويتعين عليه الاعتماد على نفسه لكي يواصل العمل بكل قوة. وبالتالي، يمكن للاعبي كرة القدم التعلم من لعبة التنس في هذا الصدد.

يحتاج جميع الرياضيين إلى التعافي بشكل سريع، وأصبح هناك تقدم علمي كبير في هذا المجال؛ حيث أصبحت حمامات الجليد والمشروبات التي تساعد على الانتعاش والتأمل من الأمور الأساسية والضرورية في كثير من الرياضات، بسبب فوائدها الكبيرة. ويمكن تعلم الكثير أيضاً من الرياضات الأخرى فيما يتعلق بالأعمال التجارية، وكيفية جذب المشجعين والتفاعل معهم. ففي ملعب «تويكنهام» للرغبي، ألقيت نظرة على تجربة المشجعين وكيف تختلف عما يحدث في ملاعب كرة القدم في يوم المباراة. لقد أصبح العمل على جذب الجمهور أمراً حتمياً؛ خصوصاً في سوق تتيح للمشجعين كثيراً من الخيارات فيما يتعلق بالأماكن التي ينفقون فيها أموالهم.

من المؤكد أن البقاء في القمة هو أصعب جزء في كرة القدم على المستوى الاحترافي. وتتمثل المهمة الأساسية لأي مدير فني في إعداد الفريق بدنياً وذهنياً للمباريات، ولكي يتمكن من القيام بذلك فإنه يكون بحاجة إلى أفضل المساعدين والمرافق والمعدات والأدوات؛ لكن من المفيد أيضاً أن يعرف المدير الفني كيف يسرق الأفكار الغريبة ويطوعها من أجل فريقه؛ لأنه إذا لم يفعل ذلك فسوف يفعله الآخرون ويتفوقون عليه!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

رياضة عالمية روبن أموريم المدرب الجديد لمانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

قال المدرب البرتغالي روبن أموريم إنه الرجل المناسب لإعادة مانشستر يونايتد أخيراً إلى مجده السابق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية بن وايت (يمين) سيغيب أشهراً عن آرسنال بداعي الإصابة (رويترز)

وايت يبتعد لأشهر عن آرسنال بعد جراحة في الركبة

يواجه مدافع آرسنال رابع الدوري الإنجليزي لكرة القدم بن وايت خطر الغياب أشهراً عدّة بعد خضوعه لجراحة في الركبة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (رويترز)

غوارديولا: سأدرب سيتي حتى لو هبط!

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي إنه سيبقى حتى نهاية عقده مع حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم حتى في حالة هبوطه.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز سينطلق 16 أغسطس المقبل (رابطة الدوري الإنجليزي)

موسم «البريميرليغ» الجديد ينطلق 16 أغسطس 2025

أعلنت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، الجمعة، أن موسم 2025-2026 سينطلق في 16 أغسطس المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لاعب الوسط الكرواتي ماتيو كوفاسيتش يغيب عن مانشستر سيتي للإصابة (د.ب.أ)

ضربة جديدة لوسط سيتي... إصابة كوفاسيتش

يغيب لاعب الوسط الكرواتي ماتيو كوفاسيتش عن فريقه مانشستر سيتي بطل إنجلترا لكرة القدم لفترة تتراوح بين «ثلاثة أسابيع وشهر».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
TT

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول عام 2017، إذ سجل وصنع أهدافاً قادت الريدز إلى منصات التتويج المحلية والعالمية.

ولا يزال صلاح يواصل العطاء بشكل مثير للإعجاب. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أحرز هدفاً في المباراة التي فاز فيها الريدز على برايتون بهدفين مقابل هدف وحيد، وكان ذلك هو هدفه رقم 164 في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني تجاوزه أسطورة ليفربول السابق روبي فاولر ووصوله إلى المركز الثامن في قائمة أفضل هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه.

وبعد ذلك، وبفضل تمريرته الحاسمة وهدفه رقم 165 في المباراة التي فاز فيها ليفربول على أستون فيلا بهدفين دون رد، أصبح صلاح أول لاعب في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا هذا الموسم يسجل ويصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات، إذ سجل عشرة أهداف وصنع مثلها في 17 مباراة فقط هذا الموسم.

وكان الوحيد الذي انضم إليه في هذا الإنجاز مواطنه ونجم آينتراخت فرانكفورت عمر مرموش، وهو ما جعل الناس يقولون مرة أخرى: «محمد صلاح هو الوحيد أيضاً الذي سجل وصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات هذا الموسم».

صلاح وصل هذا الموسم إلى أفضل معدل في صناعة الأهداف (أ.ف.ب)

بدأ ليفربول مسيرته بعد رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب بشكل رائع، إذ حقق أرني سلوت الفوز في 9 من أول 11 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تأهل ليفربول إلى الدور ربع النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، ويتصدر مجموعته في دوري أبطال أوروبا باعتباره الفريق الوحيد الذي حقق أربعة انتصارات من أربع مباريات.

ولم يكن من الغريب أن يكون صلاح المساهم الرئيسي في وصول الفريق إلى صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوزه على أستون فيلا. والآن، يتوقع الكمبيوتر العملاق التابع لشركة «أوبتا» للإحصاءات أن يفوز الريدز باللقب. وكان موسم 2019-20، عندما فاز بلقب الدوري، الموسم الوحيد الذي جمع فيه ليفربول عدداً أكبر من النقاط بعد مرور 11 جولة من الموسم (كان قد حقق الفوز في عشر مباريات وتعادل في مباراة واحدة في أول 11 جولة من الموسم).

وأمام أستون فيلا بقيادة مديره الفني أوناي إيمري، لم تكن تمريرة صلاح الحاسمة في الهدف الذي سجله داروين نونيز متعمدة، حيث كان النجم المصري يحاول الركض نحو المرمى بنفسه قبل أن يسقطه ليون بايلي، ثم اندفع نونيز نحو الكرة المرتدة ووضعها في الشباك، لكن السبب الرئيسي وراء هذا الهدف هو صلاح أيضاً، لأنه انطلق بسرعة فائقة في هجمة مرتدة سريعة بعد قطع الكرة من ركلة ركنية لأستون فيلا.

وأحرز صلاح الهدف الثاني بطريقته المعتادة، فبعد قطع الكرة من دييغو كارلوس في منتصف الملعب، اندفع النجم المصري نحو المرمى بسرعة هائلة وسدد الكرة في مرمى الحارس الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز المتوج مؤخراً بجائزة أفضل حارس مرمى في العالم. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن صلاح سجل وصنع في مباراة واحدة بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة 35، ولا يتفوق عليه في هذا الأمر سوى واين روني (36 مرة)، وبالتالي فإن صلاح بحاجة إلى التسجيل والصناعة في مباراة واحدة أخرى ليصبح أكثر من فعل ذلك في تاريخ المسابقة.

لقد كان أداءً استثنائياً مرة أخرى من اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً، بعد أن صنع هدفين يوم الثلاثاء الماضي ليقود الريدز للفوز برباعية نظيفة على بطل ألمانيا باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فإن وصوله إلى 10 أهداف و10 تمريرات حاسمة في 17 مباراة فقط يجعله أسرع لاعب يفعل ذلك مع ليفربول في آخر 40 موسماً. ويأتي النجم الأورغوياني لويس سواريز في المركز الثاني، إذ فعل ذلك في 23 مباراة في موسم 2013-14.

بقاء صلاح في ليفربول بات ضرورة حتمية بالنسبة لمسؤولي وجماهير النادي (الشرق الأوسط)

دعونا نتوقف قليلاً عن استخدام عبارة «محمد صلاح هو الوحيد...»، ونقول هذه المرة إن اللاعبين الوحيدين الذين ساهموا في أهداف أكثر من صلاح هذا الموسم في جميع المسابقات في الدوريات الخمس الكبرى هم هاري كين (24 هدفاً)، ومرموش (24 هدفاً) وروبرت ليفاندوفسكي (21 هدفاً).

وهذا هو الموسم الرابع على التوالي الذي يتجاوز فيه صلاح الرقم 10 في كل من تسجيل وصناعة الأهداف، كما أنه الآن في أفضل معدل له على الإطلاق من حيث المساهمة في الأهداف لكل 90 دقيقة منذ وصوله إلى ملعب «آنفيلد» قبل أكثر من سبع سنوات. لقد ساهم صلاح في 20 هدفاً في 1347 دقيقة فقط هذا الموسم، وهو ما يعني تسجيل أو صناعة هدف كل 67.5 دقيقة في جميع المسابقات هذا الموسم. وخلال موسمه الأول المذهل مع النادي في 2017-18، الذي سجل فيه 44 هدفاً وصنع 14 هدفاً، وصل متوسط مساهماته في الأهداف إلى هدف كل 71 دقيقة.

لقد عودنا صلاح دائماً على تسجيل الأهداف، كما يخلق الفرص لزملائه بطريقة استثنائية. لقد تمكن من صناعة 10 أهداف أو أكثر في كل موسم من المواسم التي قضاها في ليفربول، باستثناء موسم 2020-21 عندما صنع 6 أهداف. ومع ذلك، يبدو صلاح في طريقه لأن ينهي الموسم الحالي بأعلى حصيلة له مع الريدز في موسم واحد، حيث لا يحتاج إلا لصناعة 7 أهداف أخرى ليتجاوز أكبر عدد من التمريرات الحاسمة له في موسم واحد، الذي وصل إلى 16 تمريرة حاسمة في موسم 2022-23. ويعد صلاح ومواطنه مرموش اللاعبين الوحيدين اللذين صنعا 10 أهداف أو أكثر في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا في جميع المسابقات هذا الموسم، في حين أن 7 لاعبين فقط في هذه الدوريات صنعوا فرصاً من اللعب المفتوح أكثر من صلاح (30 فرصة).

صلاح لاعب رئيسي في وصول الفريق إلى صدارة الدوري (أ.ف.ب)

في الحقيقة، يعد صلاح أهم لاعب في ليفربول مرة أخرى هذا الموسم. وبالمقارنة مع زملائه في الفريق، فإن مساهمات صلاح في الأهداف تتجاوز تقريباً ضعف مساهمات أي لاعب آخر (لويس دياز 11 مساهمة تهديفية)، كما صنع النجم المصري فرصاً من اللعب المفتوح تزيد عن أي لاعب آخر بما لا يقل عن تسع فرص (كودي غاكبو 21 فرصة). وعلاوة على ذلك، فإن صلاح، الذي صنع 30 فرصة من اللعب المفتوح، قد تجاوز صانع اللعب الأبرز في ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد بفارق 12 فرصة، حيث صنع النجم الإنجليزي الدولي 18 فرصة من اللعب المفتوح هذا الموسم.

لقد شارك صلاح في 100 هجمة من اللعب المفتوح في جميع المسابقات، وهو ما يزيد بنحو 24 هجمة على الأقل عن أي لاعب آخر في ليفربول. ورغم كل ما يقال، فمن الواضح أن صلاح لا يزال في قمة مسيرته الكروية، أو قريباً منها، وهو الأمر الذي يجعل انتهاء عقده بنهاية الموسم الحالي يخلق الكثير من القلق بين عشاق الريدز.

ربما يكون من المفهوم أن النادي لم يكن في عجلة من أمره لتقديم عرض ضخم لصلاح هذا الصيف، نظراً لأن أداء صلاح كان مخيباً للآمال، مثل أي لاعب آخر بالفريق، بعدما تبخرت آمال ليفربول للفوز باللقب في موسم 2023-24.

النجم المصري قدم مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول (أ.ب)

وكان صلاح قد لعب مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الفترة بين يوم رأس السنة الجديدة والمباراة التي خاضها الفريق على ملعبه أمام مانشستر سيتي في 10 مارس (آذار). وخلال الفترة من عودته للمشاركة في المباريات وحتى نهاية الموسم، سجل صلاح 3 أهداف فقط في 11 مباراة بالدوري، من بينها ركلة جزاء في المباراة التي انتهت بالتعادل مع مانشستر يونايتد بهدفين لكل فريق، وهدف وتمريرة حاسمة في الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين على توتنهام، بعد انتهت آمال الفريق تماماً في المنافسة على لقب الدوري.

لكن لو كانت هناك أي شكوك حول مستوى صلاح، وكيف سيتأقلم مع طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني الجديد أرني سلوت، وما إذا كان لا يزال يستحق الأموال الكبيرة التي سيحصل عليها في حال تمديد عقده، فمن المؤكد أن كل هذه الشكوك قد تلاشت تماماً الآن. خلال الموسم الماضي، تعرض صلاح لانتقادات في بعض الأحيان بسبب بقائه كثيراً بجوار خط التماس وعدم الدخول إلى عمق الملعب، لكن الخريطة الحرارية لتحركاته داخل الملعب خلال الموسمين الماضي والحالي تُظهر أنه يتحرك في عمق الملعب بشكل أقل الآن تحت قيادة سلوت، إذ يتحرك في تلك المساحة على الجانب الأيمن من منطقة الجزاء في كثير من الأحيان، وهذا هو المكان الذي يقدم فيه أفضل مستوياته، كما تُظهر خريطة مشاركته في الأهداف.

تشير التقارير إلى أن ليفربول فتح محادثات بالفعل مع صلاح، إلى جانب فيرجيل فان دايك وألكسندر أرنولد، اللذين تنتهي عقودهما أيضاً في الصيف المقبل. من المؤكد أن قوة النجم المصري في التفاوض قد زادت كثيراً بعد المستويات الرائعة التي قدمها في الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع أحد المشجعين إلى رفع لافتة في مباراة ليفربول يوم السبت الماضي كتب عليها: «إنه يُطلق السهام، جددوا تعاقد محمد الآن»، في إشارة إلى احتفاله الشهير بالقوس والسهم عند إحراز الأهداف. يحقق صلاح أرقاماً مذهلة منذ وصوله إلى ليفربول، فقد سجل 221 هدفاً وصنع 97 هدفاً في 366 مباراة مع النادي، ولم يسجل أقل من 23 هدفاً في موسم واحد. لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: إلى متى يُمكن للنجم المصري الاستمرار في تقديم هذه المستويات؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن مشجعي ليفربول يأملون بالتأكيد أن يستمر الملك المصري في ملعب «آنفيلد» لفترة طويلة مقبلة.

* خدمة «الغارديان»