تتواصل فصول الخصام الحاد بين بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الكاردينال لويس روفائيل ساكو من جهة، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وزعيم حركة «بابليون» ريان الكلداني من جهة أخرى. وبعدما قام الرئيس رشيد، الجمعة قبل الماضي، بإصدار مرسوم ألغى مرسوماً آخر كان قد أصدره رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني يعطي الحق لساكو بتولية الأوقاف المسيحية، أصدر القضاء العراقي، اليوم (السبت)، أمراً باستقدام ساكو، وتكليفه بالحضور أمام القضاء خلال مدة أقصاها 48 ساعة من تاريخ التبليغ، بناء على شكوى سابقة أقامها ضده ريان الكلداني.
ووفق الوثيقة الصادرة عن القضاء أول من أمس، فإن الكلداني وجه إلى ساكو «تهمة القذف»، وسيتم إصدار أمر قبض بحقه في حال لم يمتثل للطلب بالحضور.
التطورات المتسارعة في إطار صراع ساكو مع خصومه، دفعته لاتخاذ قرار مغادرة مقر بطريركيته في بغداد والتوجه إلى أحد الأديرة في محافظة أربيل بإقليم كردستان.
وفي الرسالة التي وجهها، اليوم (السبت)، إلى رئيسي الجمهورية والوزراء والمسيحيين والعراقيين بشكل عام، قال البطريرك ساكو: «أمام حملتي كتائب بابليون المتعمدة والمهينة لي والكل يعلم نزاهتي ووطنيتي، وللمكون المسيحي الذي عانى الكثير، وغياب أي قوة رادعة لهم، وصمت الحكومة، وإقدام رئيس الجمهورية على سحب المرسوم الجمهوري عني، وهي سابقة لم تحصل في تاريخ العراق، قررت الانسحاب من المقر البطريركي في بغداد والتوجه إلى أحد الأديرة في إقليم كردستان».
وأضاف أن «هذا القرار اتخذته ليحقق حامي الدستور (رئيس الجمهورية) وحافظ النسيج العراقي الجميل الرغبة لبابليون بإصدار مرسوم تعيين ريان سالم (رئيس كتلة بابليون 5 مقاعد برلمانية) متولياً لأوقاف الكنيسة، وشقيقه أسوان نائباً له، وشقيقه سرمد مسؤولاً للمال».
وتابع: «من المؤسف أننا في العراق نعيش وسط شبكة واسعة من المصالح الذاتية والفئوية الضيقة والنفاق أنتج فوضى سياسية ووطنية وأخلاقية غير مسبوقة».
ومنذ سنوات تشتعل الخصومة بين البطريرك ساكو وريان الكلداني، حيث يتهم الأخير باحتكار التمثيل المسيحي في البرلمان عبر النفوذ الذي حصل عليه من خلال تشكيله لفصيل مسلح يعمل تحت مظلة «الحشد الشعبي» وتلقيه الدعم والمساندة من قبل بعض الفصائل الشيعية المسلحة.
وسبق أن قام مقربون من حركة بابليون، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بإصدار أوامر قبض قضائية ضد ساكو بتهمة «الاحتيال وتزوير سندات عقارية بهدف الاستحواذ عليها» قبل أن يقوم القضاء برد الدعوى.
وقالت رئاسة الجمهورية في وقت سابق، إن إلغاء المرسوم من البطريرك ساكو «ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي (بطريرك) للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، لكن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري، إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري».
وخرج المئات من المسيحيين في منطقة عينكاوا بمحافظة أربيل، الخميس الماضي، بمظاهرة ضد ما يتعرض له البطريرك ساكو، وطالبوا رئاسة الجمهورية بإعادة مرسوم «التولي» له.
وأثارت مذكرة الاستقدام مجمل ما يدور حول أرفع مرتبة دينية مسيحية كلدانية، تساؤلات عديدة حتى من خارج الأوساط المسيحية، فرئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المدى» البغدادية علي حسين، كتب معلقاً على مذكرة استقدام ساكو: «ماذا سيحدث لو أن القضاء العراقي أصدر مذكرة استقدام لأحد مراجع الدين الكبار سواء من الشيعة أو السنّة؟».
وأعرب حسين في منشور عبر منصة «فيسبوك» عن أسفه، «لأننا نتعامل مع المسيحيين باعتبارهم (بدون). ففي قرار غريب وعجيب أصدرت السلطة القضائية أمراً يقضي باستقدام البطريرك لويس ساكو».
وأضاف: «لقد أمر قاضي محكمة تحقيق الكرخ بتبليغ (المتهم لويس روفائيل موشي) بالمثول أمام المحكمة، أرجو أن تركز على كلمة (متهم) حيث قرر القاضي اعتبار الكاردينال متهماً حتى قبل أن يستمع إلى أقواله، وستصاب بالعجب العجاب عندما تعرف أن المشتكي هو (ريان الكلداني)!».