انقلابيو اليمن يخضعون 200 قاضٍ في صنعاء للتعبئة الطائفية

الإرياني: الميليشيات استخدمت القضاء لتصفية خصومها

حوثيون يحتفلون في صنعاء بأحقيتهم المزعومة في حكم اليمن (إ.ب.أ)
حوثيون يحتفلون في صنعاء بأحقيتهم المزعومة في حكم اليمن (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يخضعون 200 قاضٍ في صنعاء للتعبئة الطائفية

حوثيون يحتفلون في صنعاء بأحقيتهم المزعومة في حكم اليمن (إ.ب.أ)
حوثيون يحتفلون في صنعاء بأحقيتهم المزعومة في حكم اليمن (إ.ب.أ)

​ذكرت مصادر يمنية محلية في صنعاء، أن الميليشيات الحوثية استدرجت 200 قاضٍ إلى اجتماع في أحد المنشآت الحكومية، قبل أن تقوم باحتجازهم ومصادرة هواتفهم منذ يوم السبت الماضي، وتمنع تواصلهم مع عائلاتهم.

وبينما لقيت الخطوة الحوثية تنديداً حكومياً، رجحت المصادر أن الجماعة قامت باحتجاز القضاة من أجل إخضاعهم لدورة تعبوية طائفية، في سياق نهجها لأدلجة الموظفين الخاضعين لها، وحشو أدمغتهم بأفكار زعيم الجماعة ومؤسسها، وهي الأفكار التي تتمحور حول أحقية الحوثي المزعومة في حكم اليمنيين.

وأكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في بيان رسمي، واقعة احتجاز القضاة في صنعاء. وقال إن الميليشيات استدرجتهم لحضور اجتماع في معهد القضاء، وزجت بهم فيما تسمى «دورة ثقافية مغلقة»؛ حيث انقطع التواصل معهم منذ لحظة الاختطاف.

ووصف الوزير اليمني ما قامت به الميليشيات الحوثية بأنه «عمل إجرامي يندرج ضمن مخططها الهادف لتجريف مؤسسات الدولة، بما فيها السلطة القضائية».

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وأضاف الإرياني أن الميليشيات الحوثية عمدت منذ لحظة الانقلاب إلى بسط سيطرتها على مفاصل السلطة القضائية، والنيل من استقلال القضاء، عبر إخضاع منتسبيها لدورات طائفية، ومحاولة إخضاعهم عبر عمليات التصفية والاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والتهجير والتشريد، ونهب الأموال والممتلكات، وإحلال المئات من عناصرها القادمين من صعدة بديلاً عنهم.

واتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الميليشيات الحوثية بأنها «استخدمت القضاء أداة لتصفية حساباتها السياسية مع مناهضي مشروعها الانقلابي، وقمع حرية الرأي والتعبير في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، وابتزاز التجار، ونهب ومصادرة أموال المواطنين وممتلكاتهم، وشرعنة ممارساتها الإجرامية بحق اليمنيين»، وفق تعبيره.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن «بإدانة واضحة لهذه الممارسات الإجرامية، والضغط على قيادات ميليشيا الحوثي لتحييد السلطة القضائية عن الصراع، والتوقف عن مساعيها للنيل من استقلال القضاء والمساس بالحريات القضائية، واستخدامه أداة للقمع والإرهاب السياسي».

يمنيون يخضعون للمحاكمة في صنعاء أمام محكمة حوثية (تويتر)

يشار إلى أن الميليشيات كانت قد شرعت بعد انقلابها في إحكام سيطرتها على أجهزة القضاء ومؤسساته في صنعاء، وقامت بتعيين المئات من المنتسبين إلى سلالة الحوثي في جميع مفاصل القضاء، بما في ذلك المحاكم والنيابات.

كما احتكرت الجماعة الانقلابية الدراسة في المعهد العالي للقضاء لمصلحة الموالين لها وأبناء قادتها، وسخَّرت المحاكم لإصدار مئات الأحكام التعسفية ضد خصومها السياسيين والمناهضين، بما في ذلك أحكام الإعدام ومصادرة الأموال والعقارات.

وتسعى الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على التوافق اليمني واقتحام صنعاء، إلى تطييف المجتمعات المحلية والمؤسسات الحكومية؛ حيث فرضت ما تسمى «مدونة السلوك الوظيفي» التي تلزم العاملين الحكوميين بالاعتراف بأحقية السلالة الحوثية في الحكم.

تأزم سياسي واقتصادي

ويجزم مراقبون للحالة اليمنية بأن الجماعة الحوثية فاقمت من انهيار مؤسسات الدولة في مناطق سيطرتها، بعد أن قامت بتسخيرها لمصلحة أغراضها الانقلابية، وهو الأمر الذي سيضع مزيداً من العقبات أمام التوصل إلى تسوية سياسية مستقبلية.

وفي أحدث رد للحكومة اليمنية على استمرار الحرب الاقتصادية التي تشنها الجماعة ضد الاقتصاد اليمني، هددت بمراجعة التسهيلات الممنوحة للحوثيين، المتصلة برحلات مطار صنعاء وتشغيل ميناء الحديدة، رداً على هذه الحرب، واستمرار منع تصدير النفط من المناطق المحررة.

وتعاني الحكومة اليمنية من شحة حادة في الموارد، ما يهدد بعجزها عن دفع الرواتب في المناطق المحررة، والإنفاق الحتمي على الخدمات الملحة، بما في ذلك الكهرباء والماء والصحة.

وحسب مصرفيين في العاصمة المؤقتة، عدن، كسر الدولار الواحد حاجز 1400 ريال يمني، في أحدث تدهور للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وسط مخاوف من استمرار تهاويها، في ظل عدم توفر الموارد اللازمة للحكومة، بخاصة بعد أن خسرت عائدات تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقب الهجمات الحوثية الإرهابية على مواني التصدير.

وكان الدولار الواحد قد استقر عدة أشهر عند حاجز 1200 ريال يمني في المناطق المحررة، قبل أن تشهد الأيام الأخيرة تراجعاً سريعاً في سعر العملة، في مقابل ثبات الدولار في مناطق سيطرة الحوثيين عند 530 ريالاً.

دعوة للمساندة

وفي لقاء جمع في الرياض، الثلاثاء، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي مع السفير الأميركي ستيفن فاجن، جدد الأول دعوته للمجتمعَين الإقليمي والدولي لاتخاذ موقف حاسم من التحشيد المتواصل للميليشيات، وشدد على أهمية دعم مجلس القيادة الرئاسي للقيام بدوره في التصدي لأي مغامرة قد تُقدِم عليها ميليشيات الحوثي الرافضة لكل الجهود الرامية لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي (سبأ)

وقالت المصادر إن اللقاء ناقش مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية في اليمن، في ظل تصعيد ميليشيات الحوثي الإرهابية في عموم الجبهات، وانسداد أفق الحل السياسي في البلاد.

كما ناقش اللقاء -حسب وكالة «سبأ»- الحكومية: «مستجدات الأوضاع الاقتصادية في المحافظات المحررة، في ظل الانهيار المتواصل لسعر العملة المحلية، جراء استمرار توقف صادرات النفط إثر الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية في شبوة وحضرموت».

ونقل الإعلام الرسمي أن الزبيدي أكد للسفير الأميركي أن الحكومة بحاجة إلى دعم عاجل، يمكنها من تنفيذ المهام المنوطة بها لإنعاش الوضع الاقتصادي، وتقديم الخدمات للمواطنين، وانتشال الأوضاع الإنسانية في عموم البلاد.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي

نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
TT

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي

نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)

جددت السعودية، الثلاثاء، دعوتها لتكثيف التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والتربوية لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي في الأجيال القادمة، لضمان مستقبل أفضل يتسم بالتنوع والموائمة، وذلك خلال المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» الذي عُقد في العاصمة البرتغالية لشبونة.

ونيابةً عن الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، شارك المهندس وليد الخريجي نائب وزير الخارجية في المؤتمر، مؤكداً في كلمة له على ما يشهده الوقت الحاضر من تحديات عالمية كبيرة تتطلب تضافر الجهود وتعزيز قيم التعاون والتعايش السلمي، مشيراً إلى أن تحالف الحضارات ليس مجرد منصة حوار، بل هو رسالة سامية تهدف لتعزيز فهم أعمق بين الشعوب والثقافات، وإيجاد جسور للتواصل تمكننا من تجاوز الخلافات وتعزيز الفهم المشترك.

المهندس وليد الخريجي أكد في مؤتمر «تحالف الحضارات» إيمان السعودية الراسخ بأن التنوع مصدر قوة وثراء (واس)

وأشار إلى أن مشاركة السعودية في هذا المؤتمر تؤكد أن «رؤية المملكة 2030» لا تقتصر على تقليل اعتماد المملكة على النفط وتحقيق النمو الاقتصادي فقط، بل هي مشروع ثقافي وطني يسعى لبناء قيم الاعتدال والانفتاح على الحضارات والثقافات الأخرى.

وبيّن نائب وزير الخارجية أن «رؤية المملكة 2030»، منظومة شاملة تُعنى بإرساء أسس التنوع الثقافي والانفتاح على العالم، وتعزيز دورها في دعم السلام العالمي ومحاربة التطرف ونشر التعايش السلمي بين مختلف الشعوب، ويأتي ذلك ضمن التزامها ببناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، وهو ما يعزز دورها الإيجابي في المجتمع الدولي ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأشار إلى ما قدمته السعودية من تجارب وطنية عبر العديد من المبادرات التي أسهمت في إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، وإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وإنشاء مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف كنموذجٍ لتعزيز التسامح والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع، بما يعكس إيمان المملكة الراسخ بأن التنوع مصدر قوة وثراء، مؤكداً في الوقت نفسه استمرار المملكة في دعم التحالف سياسياً ومالياً، معرباً عن ترحيب السعودية باستضافة الدورة الـ11 من مؤتمر تحالف الحضارات في العام المقبل 2025.

نائب وزير الخارجية السعودي خلال لقائه نظيره الروسي في العاصمة البرتغالية لشبونة (واس)

ولاحقاً، التقى المهندس وليد الخريجي، سيرغي فيرشينين نائب وزير خارجية روسيا، وخوسيه خوليو غوميز نائب وزير خارجية الدومينيكان (كل على حدة) على هامش المؤتمر، وجرى خلال اللقاءين استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الدولية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.