وزيرة ألمانية تعلن التزام بلادها تنمية دول الساحل

في مواجهة التحديات البيئية والتنموية والأمنية

سفينيا شولتز، وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، تتحدث في جلسة البوندستاغ. ترأس شولزي، الاثنين، الجمعية العمومية لتحالف الساحل في العاصمة الموريتانية نواكشوط (د.ب.أ)
سفينيا شولتز، وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، تتحدث في جلسة البوندستاغ. ترأس شولزي، الاثنين، الجمعية العمومية لتحالف الساحل في العاصمة الموريتانية نواكشوط (د.ب.أ)
TT

وزيرة ألمانية تعلن التزام بلادها تنمية دول الساحل

سفينيا شولتز، وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، تتحدث في جلسة البوندستاغ. ترأس شولزي، الاثنين، الجمعية العمومية لتحالف الساحل في العاصمة الموريتانية نواكشوط (د.ب.أ)
سفينيا شولتز، وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، تتحدث في جلسة البوندستاغ. ترأس شولزي، الاثنين، الجمعية العمومية لتحالف الساحل في العاصمة الموريتانية نواكشوط (د.ب.أ)

أعلنت وزيرة التعاون الاقتصادي بألمانيا سفنيا شولتسه، التزام بلادها بدعم التنمية بمنطقة الساحل الأفريقي وتقديم الدعم اللازم لها في مواجهة التحديات البيئية والتنموية والأمنية.

وقالت الوزيرة الألمانية في كلمة الاثنين بالعاصمة الموريتانية نواكشوط أثناء افتتاح الجمعية العامة لتحالف الساحل الذي يدعم تنمية مجموعة دول الساحل الخمس، إن الأوروبيين كذلك ملتزمون بدعم تنمية منطقة الساحل والبحث عن مستقبل آمن ومزدهر لسكان هذه المنطقة.

وأضافت الوزيرة الألمانية التي أصبحت بلادها تتولى رئاسة تحالف الساحل خلفاً لإسبانيا أن ألمانيا مقتنعة بأن المقاربة المنسقة تبقى حاسمة في تنمية هذه الدول الخمس بمنطقة الساحل، وأنها ملتزمة بالعمل لذلك، وتتحمل مسؤوليتها تجاه تحالف الساحل ومسرورة بتولي الدورة المقبلة للتحالف. وأوضحت أن تحالف الساحل هو الآلية المناسبة لتنسيق العمل لتنمية الساحل وتنسيق الالتزام الدولي، ونتطلع لمزيد من التنسيق في السنوات المقبلة. وأضافت أن بالإمكان حل مشكلات منطقة الساحل بالتعاون والتنسيق من أجل رفاهية شعوب الساحل.

وفي جلسة الافتتاح، دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الرئيس الدوري لمجموعة دول الساحل الخمس، المجتمع الدولي، لمضاعفة الدعم والتمويل السريع لإقامة المشروعات الكبرى لمجموعة الساحل، خصوصاً المشروعات التي تحسن مستوى معيشة السكان.

رجال إطفاء ماليون بجوار مبنى دمر في عملية انتحارية في نوفمبر 2018 بمدينة غاو مما أسفر عن مقتل 3 مدنيين وجرح حوالي 30 شخصاً (أ.ف.ب)

وقال الغزواني إن المنطقة تواجه تحديات كبيرة تفاقمت في السنوات الماضية، ومنها انسحاب «قوة برخان» الفرنسية والحرب في السودان وإعلان مالي الانسحاب من مجموعة دول الساحل.

وأضاف أن هذه الدورة الرابعة للجمعية العامة لتحالف الساحل فرصة لتحسين وتعزيز الشراكة بين التحالف ومجموعة دول الساحل في ظل الأزمات والمشكلات البيئية والأمنية والتغيرات المناخية التي تنذر بمزيد من الكوارث.

وتابع أن مواجهة التحديات في منطقة الساحل تتطلب مقاربة ورداً جماعياً منسقاً مع المجتمع الدولي، لافتاً إلى أن الإرهاب لا يمكن فصله عن التنمية وسوء الحكومة والتغيرات المناخية، وأن هذه العوامل مجتمعة تساهم في زيادة الإرهاب.

وأوضح: «الأمن والتنمية هما حجر الزاوية في عمل مجموعة دول الساحل، ولا بد من تعزيز عمل الأجهزة العسكرية والأمنية ووضع البنى التحتية الضرورية».

ويتضمن جدول أعمال الجمعية مناقشة عدة مواضيع، من بينها موضوع الأمن والتنمية، ويتم خلاله تقديم عرض عن العلاقة بين الأمن والتنمية، إضافة إلى تقييم سياق الأولويات بالنسبة لدول الساحل، وكذا تقديم الاستراتيجية الجديدة للتنمية في مجموعة الساحل، ودعم دول مجموعة الساحل على خلفية عدم الاستقرار وانعدام الأمن المتزايد. وتضم مجموعة دول الساحل وتشاد وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو، بعد انسحاب مالي.


مقالات ذات صلة

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

فتح مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال يتهمه بـ«إهانة موظف عمومي علناً بسبب أداء واجبه».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

تشاد تنهي اتفاقية الدفاع مع فرنسا وروسيا تراقب الوضع

الرئيس التشادي محمد ديبي مع الرئيس ماكرون خلال لقاء للقمة الفرانكوفونية في فرنسا في أكتوبر الماضي (أ.ب)
الرئيس التشادي محمد ديبي مع الرئيس ماكرون خلال لقاء للقمة الفرانكوفونية في فرنسا في أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

تشاد تنهي اتفاقية الدفاع مع فرنسا وروسيا تراقب الوضع

الرئيس التشادي محمد ديبي مع الرئيس ماكرون خلال لقاء للقمة الفرانكوفونية في فرنسا في أكتوبر الماضي (أ.ب)
الرئيس التشادي محمد ديبي مع الرئيس ماكرون خلال لقاء للقمة الفرانكوفونية في فرنسا في أكتوبر الماضي (أ.ب)

أعلنت تشاد إنهاء اتفاق التعاون العسكري والأمني مع فرنسا، لتلتحق بركب دول الساحل؛ مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي دخلت في قطيعة مع فرنسا، وتوجّهت نحو شراكة مع روسيا، التي تواصل تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.

ولكن قرار تشاد، وإن كان يشبه في كثير من تفاصيله ما أقدمت عليه دول الساحل، فإنه لم يتضمن أي إشارة إلى التعاون مع روسيا، بل حاولَت حكومة تشاد نفي أن يقود إلى أي قطيعة مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

الرئيس التشادي محمد ديبي خلال حفل تنصيبه في نجامينا 23 مايو 2024 (أ.ب)

وبموجب هذه الاتفاقية، كانت فرنسا قد ساندت عائلة ديبي، التي تحكم تشاد منذ أكثر من 3 عقود، على البقاء في الحكم، وتدخلت أكثر من مرة عسكرياً لقصف المتمردين حين حاصروا العاصمة نجامينا، إبان حكم الرئيس السابق إدريس ديبي إيتنو، عامي 2008 و2019.

وحين قتل ديبي في معارك ضد المتمردين قبل 4 سنوات، ساندت فرنسا نجله الجنرال محمدي ديبي، ووقفت إلى جانبه في فترة انتقالية مضطربة، حتى جرى انتخابه رئيساً للبلاد شهر مايو (أيار) الماضي.

عناصر من الجيش النيجيري خلال إحدى العمليات التي استهدفت عناصر موالية لـ«داعش» (الشرق الأوسط)

البحث عن السيادة

تعود جذور اتفاقية التعاون العسكري والأمني بين فرنسا وتشاد إلى حقبة الاستعمار، ولكنها تعززت أكثر بعد الاستقلال، وجرى توقيع أول اتفاقية للتعاون العسكري والأمني بين البلدين عام 1976، وهي الاتفاقية التي تمت مراجعتها وتحديثها عام 2019، لتشمل تدريب القوات المسلحة التشادية، وتعزيز قدراتها اللوجستية، والتعاون الاستخباراتي العسكري والأمني.

وبموجب الاتفاقية، تنشر فرنسا قوات خاصة في قواعد عسكرية فوق أراضي تشاد، من أبرزها قاعدة جوية في العاصمة نجامينا، يوجد فيها اليوم أكثر من ألف جندي فرنسي، أغلبهم قادمون من النيجر بعد طردهم العام الماضي.

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

في غضون ذلك، قالت تشاد إن إنهاء الاتفاقية يمثلُ «نقطة تحول تاريخية»، مشيرة إلى أنه جاء «بعد تحليل عميق»، والهدف منه هو «تأكيد السيادة الكاملة وإعادة تحديد شراكاتها الاستراتيجية وفقاً للأولويات الوطنية».

مع ذلك، أوضحت تشاد أنها ستحترم «الشروط المنصوص عليها» لإنهاء الاتفاقية، وأنها ستتعاون مع الفرنسيين لضمان «انتقال توافقي»، مشيرة في السياق ذاته إلى أن القرار «لا يقوض بأي حال من الأحوال العلاقات التاريخية وروابط الصداقة بين البلدين».

وأكدت تشاد أنها «عازمة على الحفاظ على علاقات بناءة مع فرنسا في مجالات أخرى ذات اهتمام مشترك لصالح الشعبين»، وعبّرت تشاد عن «امتنانها» تجاه فرنسا على سنوات التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وقالت إنها «ستظل منفتحة على أي حوار بناء لاستكشاف أشكال جديدة من الشراكة».

مظاهرة في باماكو بمالي تدعم روسيا وتدين فرنسا في ذكرى 60 سنة على استقلال مالي في 22 سبتمبر 2020 (أرشيفية - أ.ب)

تحولات عميقة

يأتي قرار إنهاء الاتفاقية بعد ساعات قليلة من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى تشاد، التقى خلالها رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، كما زار مخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد، من أجل الوقوف على الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في السودان، ووجّه انتقادات لروسيا واتهمها بالتورط في الحرب السودانية.

وفيما يحضر الصراع بين فرنسا وروسيا بقوة في المنطقة، يقول الخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه إن قرار تشاد «يمثل حلقة جديدة في سلسلة التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الساحل في الآونة الأخيرة، حيث تتسارع وتيرة الانفصال عن النفوذ الفرنسي التقليدي الذي هيمن على دول المنطقة لعقود طويلة».

الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي مع نظيره الفرنسي في نجامينا 2018 (أ.ف.ب)

ومع ذلك، يؤكد الخبير في حديث مع «الشرق الأوسط» أن تشاد «لم تُظهر - حتى الآن - تقارباً صريحاً مع روسيا، على غرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولكن في ظل تراجع النفوذ الفرنسي، فإن الباب يبقى مفتوحاً أمام خيارات جديدة».

وأضاف ولد الداه أن «روسيا، عبر مجموعة (فاغنر)، تسعى بنشاط لتعزيز وجودها في أفريقيا، مستفيدة من الفراغ الذي تتركه فرنسا. ومع ذلك، تشاد قد تكون أكثر حذراً، نظراً لتعقيدات علاقاتها الإقليمية والدولية، ولحساسيتها تجاه الانتقال المفاجئ من شريك تقليدي إلى شريك جديد مثير للجدل».

خصوصية تشاد

قوات بقاعدة فرنسية في تشاد تعود لعام 2007 (أ.ف.ب)

ويوضح الخبير في الشأن الأفريقي أن «تشاد تمثل حالة خاصة بالنظر إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب الساحل الأفريقي، ودورها المحوري في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وعلاقتها العميقة مع فرنسا الممتدة لعقود»، مشيراً إلى أن القرار الأخير «يعكسُ تحولاً في نظرة تشاد لطبيعة العلاقة، وربما السعي نحو تأكيد السيادة بعيداً عن الإملاءات الخارجية».

الخبير في الشأن الأفريقي وصف قرار تشاد بأنه «ضربة موجعة لاستراتيجية باريس في منطقة الساحل، لكنه لا يعني بالضرورة خسارة آخر موطئ قدم لها في المنطقة»، مشيراً إلى أن «فرنسا لا تزال تحتفظ بعلاقات مع دول أخرى في المنطقة مثل النيجر (رغم التوترات الأخيرة) وموريتانيا».

عناصر فرنسية وتشادية بصدد استقلال طائرة عسكرية في شمال تشاد 2022 (أ.ف.ب)

ويؤكد ولد الداه أن انسحاب القوات الفرنسية من تشاد «سيضع باريس أمام تحديات حقيقية لتأكيد وجودها في أفريقيا»، مشيراً إلى أن «تشاد، بحكم موقعها وأهميتها الاستراتيجية، كانت أحد الأعمدة الرئيسية للوجود العسكري الفرنسي، لذا فإن هذا القرار يكرّس انكماش النفوذ الفرنسي، ويُظهر أن باريس تفقد تدريجياً قدرتها على الحفاظ على علاقاتها العسكرية والأمنية التقليدية في أفريقيا».

أما بخصوص تداعيات القرار على تشاد، فيشير الخبير إلى أنه «على المدى القصير، قد تواجه تشاد تحديات في ضبط أمنها الداخلي ومواجهة المجموعات الإرهابية، خاصة حين تنسحب القوات الفرنسية بسرعة». أما على المدى البعيد فيعتقد الخبير في الشأن الأفريقي أن القرار «قد يفتح المجال أمام تشاد لتبني سياسات أكثر استقلالية، ولكن ذلك يعتمد على قدرة القيادة التشادية على إدارة المرحلة الانتقالية بفاعلية».