جدة «نائل» ترفض استغلال مقتله وتدعو إلى الهدوء

دعت إلى محاسبة الشرطي الذي «سلب حياة» حفيدها وانتقدت التبرعات التي حصل عليها

انتشار كثيف للشرطة في جادة شانزليزيه بباريس، مساء 1 يوليو (أ.ف.ب)
انتشار كثيف للشرطة في جادة شانزليزيه بباريس، مساء 1 يوليو (أ.ف.ب)
TT

جدة «نائل» ترفض استغلال مقتله وتدعو إلى الهدوء

انتشار كثيف للشرطة في جادة شانزليزيه بباريس، مساء 1 يوليو (أ.ف.ب)
انتشار كثيف للشرطة في جادة شانزليزيه بباريس، مساء 1 يوليو (أ.ف.ب)

دعت نادية، جدة الشاب نائل الذي أردته رصاصة شرطي قتيلاً في ضاحية باريسية، إلى الهدوء ووقف أعمال الشغب، بينما تدخل الاحتجاجات ليلتها السادسة.

ورفضت نادية، في تصريحات لقناة «BFMTV»، اتّخاذ حفيدها ذريعة للتخريب، داعية مفتعلي الشغب إلى التوقف عن تكسير السيارات والحافلات والمدارس وواجهات المحلّات «التي لم تفعل لكم شيئاً». وقالت إن «الأمهات هنّ اللواتي يستقللن الحافلات»، داعية الشباب إلى الهدوء.

وعبّرت جدّة المراهق الذي لم يتجاوز 17 عاماً، وقُتل خلال تدقيق مروري في ضاحية نانتير، الثلاثاء، عن امتعاضها من الشرطيين المتورطين في «سلب حياة» حفيدها، ودعت إلى محاسبتهما. وقالت: «انتهت حياة ابنتي (...) أنا كجدّة، سلب مني (الشرطيان) ابنتي وحفيدي»، في إشارة إلى منية والدة نائل، التي قادت الخميس «مسيرة بيضاء» مسالمة تكريماً لذكرى ابنها.

منية والدة نائل خلال «المسيرة البيضاء» لتكريم ذكرى ابنها في نانتير، 29 يونيو (أ.ف.ب)

وفي تعليقها عن حملة التبرعات لصالح الشرطي الذي قتل نائل، التي جمعت 600 ألف يورو حتى يوم الأحد، قالت نادية: «يؤلمني ذلك. (هذا الشرطي) سلب مني حفيدي. ينبغي أن يُعاقب كما يُعاقب غيره». وأضافت: «أثق في العدالة»، معبّرة عن دعمها لرجال الشرطة الذين يسهرون على الأمن.

تراجع نسبي في العنف

تراجعت حدّة العنف في الليلة الخامسة من الاحتجاجات التي فجّرها مقتل نائل. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، الأحد، إن حدة أعمال الشغب في أنحاء فرنسا تراجعت، في حين انتشر عشرات الآلاف من أفراد الشرطة في مدن بأنحاء البلاد بعد تشييع جثمان الشاب من أصول جزائرية - مغربية. ودفعت الحكومة 45 ألفاً من أفراد الشرطة إلى الشوارع في محاولة للسيطرة على الاضطرابات الأسوأ التي تشهدها فرنسا منذ سنوات، والتي شهدت إحراق سيارات ووسائل للنقل العام ونهب المتاجر، وتخريب مباني بلديات ومراكز للشرطة ومدارس.

وقالت وزارة الداخلية إنها ألقت القبض على 719 شخصاً ليلة السبت إلى الأحد، في تراجع عن 1311 معتقلاً في الليلة السابقة، و875 ليلة الخميس، كما نقلت وكالة رويترز.

رئيسة الوزراء الفرنسية تخاطب الإعلام برفقة رئيس بلدية لاي - لي - روز (رويترز)

من جانبه، ذكر لوران نونيز، رئيس شرطة باريس، أنه من السابق لأوانه القول إن الاضطرابات قد أُخمدت. وقال: «من الواضح أن الأضرار كانت أقل، لكننا سنظل مستعدين في الأيام المقبلة، وعلى درجة عالية من التركيز، ولا أحد يدعي النصر».

ومن المتوقّع أن يجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزراء الحكومة، مساء الأحد، لبحث الوضع بعد أن أعلنت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن تفعيل «وحدة الأزمات».

وتركّزت الاضطرابات الأكثر عنفا ليلة السبت في جنوب باريس ومرسيليا، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مثيري شغب، وخاضت اشتباكات مع شبان في محيط وسط المدينة حتى ساعة متأخرة. وأذكت وفاة نائل شكاوى مستمرّة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والجمعيات الحقوقية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية الممنهجة داخل أجهزة إنفاذ القانون، وهو ما تنفيه السلطات. وصرّح المدعي العام بأن رجل الشرطة، الذي أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، قال للمحققين إنه أراد منع مطاردة للشرطة خوفاً من تعرضه هو أو أي شخص آخر للإصابة. وهو قيد التحقيق بتهمة القتل العمد.

«أقصى درجات الحزم»

صدم اعتداء على منزل رئيس بلدية لاي - لي - روز، جنوب باريس، فرنسا، ليلة السبت. وقال رئيس البلدية، فنسان جانبران، إن «مشاغبين» اقتحموا منزله فجراً بسيارة أثناء تواجد زوجته وولديه، قبل إضرام النيران بهدف إحراقه. وأوضح على «تويتر» أن ما جرى «محاولة اغتيال جبانة بدرجة لا توصف»، بينما كان موجوداً في بلدية البلدة التي يقطنها نحو 30 ألف نسمة.

وأشار مقربون من المسؤول المنتمي إلى حزب «الجمهوريين» (يمين معارض)، لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن زوجته أصيبت بجروح في ركبتها، بينما تعرض أحد ولديه لإصابة طفيفة أثناء محاولة الفرار من المعتدين. ومع تزايد الهجمات على رؤساء البلديات ومسؤولين منتخبين في فرنسا، أكدت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، الأحد، من لاي - لي - روز أن الحكومة «لن تتسامح مع أي عنف»، وأنه سيتم تطبيق «أقصى درجات الحزم» في العقوبات. كما أطلق رئيس رابطة رؤساء البلديات في فرنسا، ديفيد ليسنار، دعوة للمسؤولين المنتخبين والمواطنين للتجمع الاثنين ظهراً أمام البلديات في أنحاء البلاد. وأكد ليسنار أن «150 مقر بلدية أو مبنى بلدياً هوجم منذ الثلاثاء».

وفي دليل على تصاعد العنف ضد رموز الدولة، أعلنت وزارة الداخلية استهداف 10 مراكز شرطة، و10 ثكنات للدرك، و6 مراكز شرطة، ليل السبت إلى الأحد. من جانبه، قال وزير المالية برونو لو مير، السبت، إن نحو 10 مراكز تجارية تعرضت للهجوم والنهب، في غمرة الاضطرابات. وأضاف أن أكثر من 200 متجر تعرضت للهجوم، وأُضرمت النيران في نحو 15 منها، كما استُهدفت بنوك ومحال لبيع التبغ والملابس الرياضية ومنافذ للوجبات السريعة. وتم توقيف 719 شخصاً في البلاد بتهمة حيازة أدوات يمكن استخدامها أسلحة أو مقذوفات. وأجبر تفجر الاضطرابات ماكرون على تأجيل زيارته إلى ألمانيا ومغادرة قمة للاتحاد الأوروبي مبكراً. ودعا منصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى التعاون مع السلطات للمساعدة في تحديد هوية من «يروجون للعنف».

جدل إعلان الطوارئ

في ظل أعمال العنف، أُجبر الرئيس الفرنسي على إلغاء زيارة دولة إلى ألمانيا، كان من المقرر أن تبدأ الأحد، وتستمر ليومين، بعدما اختصر أيضاً مشاركته في قمة للاتحاد الأوروبي استضافتها بروكسل، الجمعة.

ويطرح جزء من الأوساط السياسية، مدفوعين بسياسيين من اليمين واليمين المتطرف، مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد، وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج. خاصّة أن فرنسا تستضيف عدداً من الفعاليات الكبيرة، أبرزها سباق الدراجات، الذي انتقل من إسبانيا إلى فرنسا، الأحد، وكأس العالم للرغبي في الخريف، ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في 2024. ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية، مثل منع التجول.

جانب من الصدامات بين الأمن والمتظاهرين في باريس، مساء 1 يوليو (أ.ف.ب)

وقامت دول عدة بتحديث نصائح السفر لرعاياها إلى فرنسا، ودعتهم إلى تجنب زيارة المناطق التي تشهد أعمال شغب. وسبق أن تراجعت شعبية الرئيس الفرنسي على خلفية احتجاجات واسعة النطاق بقيادة النقابات هذا العام بسبب رفع سن التقاعد، ومن شأن انتفاضة منسقة وطويلة في الشوارع، على غرار احتجاجات السترات الصفراء على ارتفاع أسعار الوقود، أن تشكل تحدياً جديداً لحكمه. وقال يان فيرنرت، من معهد «جاك دولور» للأبحاث في برلين، إن تأجيل الزيارة سلّط الضوء على تأثير الاضطرابات على قدرة ماكرون على إدارة السياسة الخارجية. وأضاف، وفق وكالة الصحافة الفرنسية: «يمكن القيام بالزيارة الرسمية في وقت لاحق، لكن الاحتجاجات العنيفة وردود الفعل عليها تظهر أيضاً أن المزاج السياسي في فرنسا مشحون في الوقت الحالي».


مقالات ذات صلة

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا مسيرة في بنغلاديش اليوم للاحتجاج على عمليات القتل العشوائية والاعتقال الجماعي في دكا (أ.ف.ب)

شرطة بنغلاديش تعتقل قادة الحركة الطلابية

اعتقلت الشرطة في بنغلاديش زعيم الحركة الرئيسية التي تنظّم الاحتجاجات المناهضة لحصص توزيع الوظائف الحكومية في بنغلاديش ناهد إسلام واثنين آخرين من مستشفى في دكا.

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ اتساع المظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأميركية

مظاهرات ضد برنامج تلفزيوني نظم احتجاجاً مزيفاً بجامعة أميركية

اجتمعت مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في حرم كلية «كوينز»، احتجاجاً على تصوير مشهد درامي وهمي نظمته دراما بوليسية تُبث على قناة «CBS».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا الشيخة حسينة باكية بين مرافقيها لدى تفقدها محطة المترو التي لحقت بها أضرار كبيرة خلال الاحتجاجات في دكا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في «قمع» المظاهرات ببنغلاديش

دعت الأمم المتحدة الخميس بنغلاديش إلى الكشف فوراً عن تفاصيل قمع المظاهرات الأسبوع الماضي وسط تقارير عن «أعمال عنف مروعة».

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)
عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)
TT

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)
عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)

قال القائم بأعمال حاكم منطقة كورسك الروسية أليكسي سميرنوف اليوم (الأحد)، إن النيران اندلعت في 3 خزانات بمستودع للنفط بالمنطقة نتيجة هجوم بطائرات مسيرة شنته أوكرانيا.

ولم يصَب أحد في الهجوم وتم إخماد حريق أحد الخزانات بسرعة. ولكن سميرنوف قال على تطبيق «تلغرام»، إن 82 من رجال الإطفاء و32 وحدة من المعدات يحاولون إخماد النيران في الخزانين الآخرين.

وفي سياق متصل، قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 7 طائرات مسيرة أطلقتها أوكرانيا خلال الليل.

وأضافت الوزارة في بيان على تطبيق «تلغرام» أنه تم تدمير 5 طائرات مسيرة فوق منطقة بيلغورود واثنتين فوق منطقة كورسك.