ماذا حققت مصر من مستهدفات برنامج «الطروحات الحكومية»؟

سعت لجمع ملياري دولار بنهاية يونيو... ومدبولي لإعلان النتائج بعد إجازة العيد

فتيات مصريات يعبرن (الخميس) أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن (الخميس) أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

ماذا حققت مصر من مستهدفات برنامج «الطروحات الحكومية»؟

فتيات مصريات يعبرن (الخميس) أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن (الخميس) أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)

قبل شهرين تقريباً، تحديداً في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، حدد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، هدفاً لبرنامج الطروحات الحكومية الذي يسعى إلى بيع حصص أو شركات مملوكة للدولة لمستثمرين من القطاع الخاص، وقال حينها إن حكومته «تستهدف جمع ملياري دولار قبل نهاية يونيو (حزيران)».

وتواجه البلاد تحديات اقتصادية عبّر عنها مسؤولون بمستويات مختلفة، ومن بين إشاراتها زيادة الضغوط على سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، وكذلك استمرار ارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن تأخر إتمام مسار الحصول على شريحة جديدة من قرض لمصر من «صندوق النقد الدولي» والمُقدر ككل بـ3 مليارات دولار، لم تحصل منه البلاد سوى على الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار في نهاية العام الماضي.

وقدّر «النقد الدولي»، في يناير (كانون الثاني) الماضي، حجم الفجوة التمويلية لمصر بـ17 مليار دولار أميركي على مدار 4 سنوات تقريباً.

ومع نهاية المدة المحددة حكومياً لتنفيذ طروحات بقيمة ملياري دولار، قال مسؤولون مصريون إن «المستهدفات تحققت»، لكن من دون تقديم مزيد من التفاصيل. وأفاد مسؤول بوزارة التخطيط المصرية لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «من المقرر أن يعقد رئيس الوزراء المصري مؤتمراً صحافياً عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى (تنتهي الاثنين المقبل)، لإعلان التفاصيل الكاملة للأصول التي تم بيعها، وما حققه البرنامج من عائدات».

وكذلك قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، في مداخلة تلفزيونية، قبل أسبوع: «نحن ملتزمون بإعلان رئيس الوزراء كل المستهدف، الحمد لله تم تحقيقه».

وثيقة ملكية الدولة

وتعول الحكومة المصرية على نجاح برنامج الطروحات في إطار «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، من أجل «فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية»، حسب تصريحات وزير المالية المصري محمد معيط، منتصف مايو (أيار) الماضي.

ووفق إفصاحات منفصلة تتعلق بشركات تملك فيها الدولة حصة بالملكية، فقد تم بيع حصة من شركة «المصرية للاتصالات»، الشهر الماضي، بقيمة 3.747 مليار جنيه (ما يعادل 121 مليون دولار تقريباً)، عبر طرح 10 في المائة من أسهم الشركة لمستثمرين في البورصة المحلية.

وفي صفقة أخرى، باع بنك مصر (وهو أحد المصارف المملوكة للدولة)، الشهر الماضي أيضاً، حصته الكاملة في «شركة البويات والصناعات الكيماوية» (باكين) إلى شركة إماراتية في صفقة بلغت قيمتها 771 مليون جنيه (25 مليون دولار).

ويُعد مستهدف الملياري دولار ضمن برنامج الطروحات المحدد بنهاية يونيو، جزءاً من سياسة جديدة لملكية الدولة للشركات، أو ما بات يعرف بـ«وثيقة ملكية الدولة»، التي أعلنتها الحكومة المصرية نهاية العام الماضي، وتستهدف من خلالها «زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد إلى الضعف وجذب 40 مليار دولار من بيع حصص الدولة في بعض الأصول بحلول عام 2026 لمستثمرين استراتيجيين، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص».

وتتضمن الوثيقة إقرار عمليات البيع في 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً، وتضم حصصاً في 3 بنوك بارزة هي: «القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الأفريقي الدولي»، إلى جانب شركات تأمين، وكهرباء، وطاقة، وفنادق، وشركات صناعية وزراعية.

كما ناقشت الحكومة في مايو (أيار) الماضي، الموقف الخاص بالشركات التي يتم طرحها ضمن البرنامج في قطاع الكهرباء، ومنها ما يتعلق بطرح «محطة كهرباء عملاقة ببني سويف»، وهي واحدة من أحدث المحطات التي تم تشييدها خلال السنوات الماضية بالتعاون مع مجموعة «سيمينز» الألمانية.

ودرست الحكومة أيضاً طرح عدد من العقارات والأراضي بالمدن الجديدة بعد تقييمها من مقيمين عالميين، وكذلك موقف طرح شركتي «صافي»، و«وطنية»، وهما من الشركات المملوكة لمؤسسات تابعة للجيش المصري.

مؤسسة التمويل الدولية

وعلى صعيد الطروحات أيضاً، فوضت الحكومة المصرية «الصندوق السيادي المصري» للتفاوض مع الجهات الاستثمارية لتنفيذ برنامج الطروحات، كما وقعت الحكومة المصرية في 18 يونيو، اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وهي ذراع مجموعة البنك الدولي لتمكين القطاع الخاص، التي تعمل بموجبها «مؤسسة التمويل الدولية» مستشاراً استراتيجياً للحكومة لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، بهدف «دفع جهود جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص، وتحفيز تنافسية الاقتصاد المصري والمساهمة في خلق فرص العمل وتحسين المستويات المعيشية للمواطنين»، بحسب بيان لمجلس الوزراء المصري عقب توقيع الاتفاقية.

ويعتقد وائل النحاس الخبير الاقتصادي المصري، أن عملية الطرح «لم تتم بالأسلوب الأمثل»، الأمر الذي يصعب معه «وفاء برنامج الطروحات الحكومية باحتياجات الدولة من الحصيلة الدولارية خلال الفترة المقبلة».

ويفسر النحاس وجهة نظره بالقول إن «طرح الأصول المملوكة للدولة للبيع كان ينبغي أن تسبقه عمليات تمهيد وترويج تسويقي دون تسرع، وبما يمهد السبيل أمام المستثمرين للشراء بطريقة آمنة وسلسة، وبما يحقق الهدف المرجو من تلك الطروحات، وليس فقط للوفاء بالتزامات الحكومة بشأن اتفاقها مع صندوق النقد الدولي».

لكن على الجانب الآخر، يعد هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن هدف خطة الطروحات «يتعدى بيع الأصول أو الشركات للحصول على قدر من النقد الأجنبي، بل الأهم رغبة الدولة في تحسين النشاط الاقتصادي وزيادة معدل النمو الاقتصادي وفتح مجال لمزيد من المنافسة».

وقال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «طرح أي شركة أو نقل ملكيتها يستغرق كثيراً من الوقت في التقييم، وإن المستثمرين يحتاجون لفترة زمنية لتقييم الأصول بدقة وشفافية، عبر فحص فني لما تمتلكه الشركة من أصول وما عليها من التزامات، وفي ضوء ذلك تُحدد القيمة».

نقص المعلومات

وأشار النحاس إلى أن «نقص المعلومات المتاحة بشأن برنامج الطروحات، سواء فيما يتعلق بالشركات المعروضة للبيع أو العائدات لا يتيح فرصة كافية لتقييم ما حققه البرنامج من أهداف»، داعياً إلى البحث عن أدوات جديدة لتوفير الاحتياجات التمويلية للنشاط الاقتصادي، ومحذراً من أن «الاعتماد على الأدوات التقليدية لن يحقق المستهدف، بل ربما يزيد المخاطر».

ويرى إبراهيم أن من أبرز العقبات والتحديات التي تواجه برنامج الطروحات؛ مدى تناسب سعر الصرف الحالي وتعبيره بشكل دقيق عن قيمة العملة، مؤكداً أن «بعض المستثمرين قد يرفضون سعر الصرف المقيم، ويرون أنه لا يعكس الحقيقة، ويطالبون بتخفيضه، لكن القرار بالرفض أو القبول سيكون بيد الحكومة».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة. وأضاف بيدرسن: «نرى أنه من الضروري للغاية تهدئة التصعيد حتى لا يتم جر سوريا أكثر إلى هذا النزاع».

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.