استقبلت حدائق القناطر الخيرية (شمال القاهرة)، زوارها في وقت مبكر من ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، حيث شهدت وجوداً كبيراً من العائلات والأهالي لمشاهدة جمال الطبيعة والاستمتاع بموقعها المتميز على نهر النيل.
وتتميز المنطقة الواقعة على مسافة نحو (22 كيلومتراً شمالي القاهرة) بطراز المتنزهات والحدائق الأوروبية، وهي مزودة بالأشجار النادرة التي استُقدمت شتلاتها من مختلف أنحاء العالم، حتى أُطلق عليها عند افتتاحها «أروع حدائق الشرق»، وفق المهندس حنفي موسى، نائب رئيس مجلس مدينة القناطر الخيرية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «استقبلت المدينة في أول أيام العيد نحو مليون زائر، فيما ارتفع العدد في ثاني يوم لنحو مليون ونصف المليون زائر».
وتمثل حدائق القناطر متنفساً مهماً لسكان القاهرة والمحافظات القريبة الذين يستغلون الإجازات والمناسبات لزيارة هذه المنطقة السياحية المتفردة باتساع حدائقها ومعانقتها للطبيعة الريفية البسيطة ذات المناظر الخلابة التي تطل على النيل مباشرةً.
وتحولت حدائق هذا المزار السياحي الترفيهي التي تتجاوز الـ500 فدان، حسب موسى، إلى منتجعات للأسر المصرية في عيد الأضحى؛ حيث افترش الزائرون المسطحات الخضراء والمظلات للاستمتاع بالمناظر الطبيعية، بينما اتجه الأطفال إلى اللهو والانطلاق والاستمتاع باستخدام الأرجوحة والألعاب الترفيهية.
وقال: «جسدت الحدائق لوحة فنية كبيرة تمتزج فيها الضحكات بالمرح والسعادة والمياه والخضرة، وساعدت على ذلك أعمال التطوير التي شهدتها القناطر الخيرية ولا تزال تخضع لها، كما رُفعت الإشغالات، واستمرت أعمال التنظيف في إطار جهود مكثفة لاستقبال المدينة للعيد».
وعلى مدى عقود طويلة بقيت القناطر الخيرية من أهم المقاصد السياحية للمصريين في الأعياد والعطلات الرسمية حتى استحقت بجدارة لقب «فسحة العيد المفضلة»، فمن الصعب إيجاد موقع مميز منافس لها، وعبّر عن ذلك الكثير من الأعمال السينمائية والدرامية، ومن أشهرها فيلم «أميرة حُبي أنا» الذي قدمت فيه السندريلا سعاد حسني أبرز أغاني الربيع «الدنيا ربيع» 1975 لصلاح جاهين، وألحان كمال الطويل.
وبخلاف ما تتمتع به من طابع معماري مميز فإنه على طول الطريق إليها يستمتع الزائر بالطرز المعمارية المميزة لبعض المباني، مثل محلج القطن والقصور والفيلات المتجاورة، المملوكة لبعض الشخصيات التاريخية والمشاهير المصريين لا سيما قصر الخديو الذي بناه محمد علي باشا، مؤسس القناطر، والذي كان يتخذه الملك فاروق، ملك مصر السابق، استراحة له.
ولم يكتفِ بعض الزوار في العيد بافتراش الحدائق الشاسعة والتجول وسط مشاهدها الرائعة وإنما اتجهوا كذلك إلى رحلات نيلية لاستكشاف المزيد من الجمال، فعلى متن القوارب تجولوا إلى جوار العيون والجزر الصغيرة التابعة لمدينة القناطر، واقترب بعض الرحلات من فرعَي النيل، دمياط ورشيد، عند نقطة الملتقى.
وتزخر «القناطر الخيرية» بالكثير من الحدائق التراثية المميزة التي تم طورتها أخيراً وزارة الري المصرية، من بينها حديقة «عفلة» التي يصل عمرها إلى نحو قرنين وتتمتع بمجموعة من الأشجار النادرة التي جلبها محمد علي باشا من الخارج لزراعتها في المكان، وتبلغ مساحتها نحو 13 فداناً، وشهدت أخيراً في إطار تطويرها إنشاء ممشى «أهل مصر» بواجهة الحديقة. بالإضافة إلى حديقة «الياسمين»، التي تتميز بتصميمها ذي المستويات مختلفة المرتفعات والمنخفضات، ما يمنحها طابعاً جمالياً خاصاً، وتقع على 8 أفدنة، وشمل التطوير بها عمل شلال صناعي على مسطح 1000 متر مربع وإقامة نافورة.
يُذكر أن القناطر الخيرية من أعظم مشاريع الري وفقاً للنظم الحديثة، وقد استغرق بناؤها نحو 20 عاماً. حيث استوحى محمد علي باشا فكرتها بعد أن لمس فوائد القناطر التي أنشأها على عدة ترع، ووضع حجر أساسها في احتفال ضخم عام 1847، ومر إنشاؤها بعدة مراحل، حتى تم تدشينها في عهد الخديو سعيد، ووصفها كبار مهندسي الري بأنها من أكبر أعمال الري في العالم قاطبةً، لأن فن بناء القناطر على الأنهار لم يكن بلغ من التقدم ما بلغه اليوم.