كيف تستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليف وصناعة صورٍ رائعة؟

قد يوظف في حملات تضليل خطيرة أو ابتكارات طريفة

كيف تستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليف وصناعة صورٍ رائعة؟
TT

كيف تستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليف وصناعة صورٍ رائعة؟

كيف تستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليف وصناعة صورٍ رائعة؟

ركّز القسم الأكبر من الحماس والمخاوف التي أثارها الذكاء الاصطناعي التوليدي على النصّ، إلّا أنّ الأنظمة التي تولّد الصور تشهد بدورها تطوّرات سريعة ودراماتيكية. في حالات كثيرة، تتشارك هذه الأنظمة تركيبة شبيهة بالذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يعتمد على النصوص، ولكنّها أيضاً قد تكون أكثر غرابة وتفسح المجال لبعض الأنشطة الإبداعية الممتعة.

بدعات الذكاء التوليدي

تُدرَّب أدوات توليد الصور على مليارات الصور، مما يتيح لها إنتاج إبداعات كانت يوماً حكراً على الرسّامين والفنّانين. يعجز الخبراء أحياناً عن التمييز بين الصور التي يولّدها الذكاء الاصطناعي والصور الفوتوغرافية الحقيقية (يفتح هذا الوضع الباب واسعاً لحملات تضليل خطيرة وابتكارات مرحة في الوقت نفسه).

عند مقارنتها بمنتجات كـ«تشات جي بي تي»، يتبيّن لنا أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي التي تولّد الصور لم تبلغ مستوى التطوّر نفسه بعد، إذ لا يزال عليها تجاوز بعض التحديات وقد تكلّف المزيد من المال. ولكن إذا كنتم مهتمّين بتعلّم استخدام هذه الأدوات، لا يوجد وقتٌ أفضل من الآن.

«فوتوشوب» بالذكاء الاصطناعي

أضافت شركة «أدوبي» أخيراً ميزة ذكاء اصطناعي توليدي إلى نسخةٍ تجريبية جديدة من برنامجها النموذجي الخاص بالرسوميات «فوتوشوب»، وأحدثت الميزة ضجّة على منصات التواصل الاجتماعي كـ«تيك توك» و«إنستغرام».

عندما اختبرنا الميزة الجديدة «جنريتف فيل» generative fill في برنامج «فوتوشوب»، انبهرنا بالسرعة والاحترافية التي أدّى بها الذكاء الاصطناعي المهام التي كانت لتتطلّب ساعات لو أتممناها بأنفسنا. ففي أقلّ من خمس دقائق وببضع نقرات فقط، استخدمنا الميزة لحذف بعض الأشياء، وإضافة أخرى، واستبدال الخلفيات.

(لاختبار هذه الأدوات، ابدأوا بالتسجيل في التجربة المجانية من «أدوبي كرييتف سويت»، ثمّ حمّلوا نسخة «أدوبي فوتوشوب بيتا» التجريبية الجديدة التي تتضمّن ميزة «جنريتف فيل»).

وفور تحميل النسخة، يصبح بإمكانكم استقدام أيّ صورة وتجربة الحيل التالية:

- لتغيير الخلفية، انقروا على رمز «اختيار الموضوع» (يأتي على شكل سهم يشير إلى صندوق). بعدها، اذهبوا إلى لائحة خيارات «اختَر» وانقروا على «معكوس» لاختيار الخلفية ثمّ انقروا على مربّع «جنريتف فيل» واطبعوا الأمر (الحثّ) أو اتركوه فارغًا إفساحاً في المجال أمام «فوتوشوب» لابتكار خلفيات جديدة لكم.

استخدمنا هذه الخطوات لتوليف صورة لكلب «كورغي»، وطبعنا «مربي الكلاب» في مربّع الحثّ، ونقرنا على «توليد» لاستبدال الخلفية.

- للتخلّص من الأشياء، استخدموا أداة لاسو. في صورةٍ لدرّاجة نارية، أردنا حذف جرّار خلف السور الظاهر في الخلفية. رسمنا خطّاً حول الجرّار، ومن ثمّ نقرنا على مربّع «جنريتف فيل» وبعدها على «توليد» دون إدخال تعليمات في مربّع الحثّ. نجح البرنامج في حذف الجرّار وملأ الخلفية دون المساس بالسور.

لا يستخدم خبراء توليف الصور في صحيفة «نيويورك تايمز» الذكاء الاصطناعي لتحسين أو تعديل أو توليد الصور، ولكنّ أوّل فكرة خطرت لنا بعد تجربة ميزة «أدوبي» الجديدة كانت أن خبراء تعديل الصور الذين يعملون في مجالات أخرى كالتسويق، قد يصبحون قريباً بلا عمل. عندما شاركتُ هذه النظرية مع إيلي غرينفيلد، رئيس قسم التقنية في «أدوبي»، أجاب أنّ الميزة قد تجعل توليف الصور أكثر وفرةً وسهولة للنّاس، ولكنّه بدا متفائلاً باستمرار الحاجة للبشر.

وأضاف غرينفيلد: «يمكنني أن أصنع صوراً رائعة بواسطة هذه الأداة، ولكنّ صوري لا تزال مملّة. عندما أنظر إلى المحتوى الذي يصنعه الفنّانون وأقارنه بمحتواي، أشعر أنّ أعمالهم مثيرة أكثر بكثير للاهتمام لأنّهم يعرفون جيّداً كيف يخبرون القصّة».

نعترف أنّ ما استطعنا فعله بواسطة «جنريتف فيل» كان أقلّ إبهاراً بكثير ممّا ينشره الآخرون على «التواصل الاجتماعي». نشر لورينزو غرين، الذي يغرّد دائماً عن الذكاء الاصطناعي، ملصقاً لأغلفة ألبومات موسيقية شهيرة كـ«ثريلر» لمايكل جاكسون و«21» لأديل، كان قد وسّعها باستخدام الذكاء الاصطناعي، ولا بدّ من الاعتراف أنّ النتائج كانت رائعة حقاً.

(ملاحظة واحدة: إذا شعرتم أنّ تحميل «فوتوشوب» منهك، يمكنكم اختبار الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«أدوبي» في موقع «أدوبي فايرفلاي» حيث يمكنكم فتح أداة «جنريتف فيل»، وتحميل الصورة التي تريدون تعديلها والنقر على «أضف» لرسم خطّ حول الجسم المستهدف، ومن ثمّ انقروا على «خلفية» واطبعوا أيّ أمر في مربّع الحثّ كـ«شاطئ».)

أدوات متعددة لتوليد الصور

تستطيع أدوات كـ«دال - إي» DALL-E و«ميدجورني» Midjourney ابتكار صور جديدة في ثوانٍ. تعمل هذه الأدوات كبرامج المحادثة: تطبعون نصاً للحثّ، وكلّما كان نصّكم دقيقاً، حصلتم على نتائج أفضل.

لكتابة نص ذي نوعية عالية، ابدأوا بالوسيط الذي تريدون محاكاته متبوعاً بالموضوع الأساسي وأيّ تفاصيل إضافية. على سبيل المثال، اطبعوا «صورة فوتوغرافية لقطّة ترتدي سترة وتقف في غرفة مضيئة» في مربّع الحثّ في «دال - إي» وستحصلون على الصورة التي طلبتموها.

يعتبر برنامج «دال - إي»، المملوك من شركة «أوبن إي آي» المطوّرة لـ«تشات جي بي تي»، واحداً من أوّل أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور وأكثرها انتشاراً وسهولةً للاستخدام. يزوّدكم البرنامج بـ115 رصيداً مقابل 15 دولاراً، ويمكنكم استخدام الرصيد الواحد لابتكار نسقٍ من أربع صور.

لا تزال «ميدجورني»، أداة ذكاء اصطناعي أخرى لتوليد الصور، قيد التطوير، أي أنّها لا تقدّم نتائج بجودة وإتقان سلفها. تكلّف الخدمة 10 دولارات شهرياً، وتتسم عملية الحثّ فيها ببعض التعقيد لأنّها تعتمد على تطبيق منفصل اسمه «ديسكورد». ومع ذلك، يمكن لهذا المشروع أن يخرج بصورٍ واعدة وعالية الجودة.

لاستخدامه، انضمّوا لتطبيق «ديسكورد» ومن ثمّ اطلبوا دعوة لخادم «ميدجورني». وبعد الانضمام، اطبعوا في مربّع المحادثة «/تخيّل متبوعة بأمر الحثّ». عند الاختبار، طبعنا «/تخيّل غلاف مجلّة مانجا يظهر كلب من نوع كورغي في زي سلحفاة نينجا»، فابتكرت لنا الأداة مجموعة من الصور المقنعة.

لا بأس بطباعة طلب عادي، ولكنّ البعض وجدوا أنّ أوامر الحثّ غير الواضحة أعطت نتائج غير مألوفة. وتجدر الإشارة إلى أنّ لانس ويلر يعلّم طلّابه في جامعة كولومبيا كيف يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي، ومنها «ميدجورني»، لإنتاج الأعمال الفنية.

مهما كانت الأداة التي تستخدمونها، أبقوا في بالكم أنّ استخدام هذه الأدوات بمسؤولية يقع على عاتقكم أنتم. إذ يحذّر خبراء التكنولوجيا من أنّ أدوات توليد الصور قد تزيد انتشار المواد المزيفة المقنعة والتضليل، ولكنّ هذه الأدوات يمكن أن تُستخدم بطرائق إيجابية وبنّاءة أيضاً كصناعة صور عائلية أفضل وعصف المبادئ الفنية ذهنياً.

* خدمة «نيويورك تايمز».



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».