«شبح» الصدر يهيمن على انتخابات مجالس المحافظات العراقية

الأحزاب والكتل السياسية تبدأ التحضير مبكراً

طفلان عراقيان يمران بجوار ملصق كبير لمقتدى الصدر ووالده في مدينة الصدر شرق بغداد في 14 يونيو 2022 (إ.ب.أ)
طفلان عراقيان يمران بجوار ملصق كبير لمقتدى الصدر ووالده في مدينة الصدر شرق بغداد في 14 يونيو 2022 (إ.ب.أ)
TT

«شبح» الصدر يهيمن على انتخابات مجالس المحافظات العراقية

طفلان عراقيان يمران بجوار ملصق كبير لمقتدى الصدر ووالده في مدينة الصدر شرق بغداد في 14 يونيو 2022 (إ.ب.أ)
طفلان عراقيان يمران بجوار ملصق كبير لمقتدى الصدر ووالده في مدينة الصدر شرق بغداد في 14 يونيو 2022 (إ.ب.أ)

بدأت الأحزاب والكتل السياسية في العراق التحضير لخوض انتخابات مجالس المحافظات مبكراً قبل موعد الإعلان الرسمي، وذلك على الرغم من أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد حددت بدء التسجيل الأحزاب في مطلع يوليو (تموز).

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أكد من جانبه، أن حكومته ماضية في التجهيز للانتخابات المحلية نهاية العام الحالي. وقال السوداني، خلال لقاء جمعه مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق، جينين بلاسخارت، إن «الحكومة ماضية في ملف التهيئة للانتخابات، وقد شرعت في توفير كامل متطلبات إنجاح الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لمجالس المحافظات والعمل على توفير المناخات اللازمة لذلك».

تأكيدات السوداني

وجاءت تأكيدات السوداني بعد أن صوّت البرلمان العراقي على تحديد يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، وتشمل 15 من أصل 18 محافظة، باستثناء محافظات إقليم كردستان الثلاث. وفيما بدت تأكيدات السوداني بمثابة الإعلان الرسمي لبدء التنافس الحقيقي لإجراء هذه الانتخابات، بعد 10 سنوات على تأجيلها، فإنه في الوقت الذي تعمل فيه القوى السياسية على التحضير اللازم لخوض الانتخابات، فإن شبح التيار الصدري يهيمن بقوة على هذه الانتخابات، وسط تناقض المواقف بين مشاركة الصدريين وعدمها.

وكانت قوى سياسية قد شككت بإمكان إجراء الانتخابات المحلية في الموعد المقرر بسبب تأخر البرلمان في إقرار الموازنة العامة للبلاد. كما أن هناك صراعاً يدور بين القوى الرئيسية التي لديها تمثيل كبير في البرلمان، والقوى الصغيرة والمدنية التي تعتمد في تحركها على رصيد التيار الصدري بالشارع، إذ ترى القوى الصغيرة أن القوى الرئيسية صممت الموازنة من أجل توظيف مزيد من الأموال لشراء مزيد من أصوات الناخبين.

أنصار التيار الصدري إبان احتجاجاتهم في بغداد مطلع أكتوبر 2022 (إ.ب.أ)

الصدر... الحاضر الغائب

من جانبه، لم يعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد، عن موقفه من إمكانية مشاركة تياره في الانتخابات المحلية المقبلة، وذلك على الرغم من إعلان قيادي صدري لم يذكر اسمه، عن مشاركة الصدريين بثلاث قوائم انتخابية. ولم ينفِ أو يؤكد مكتب الصدر أو هيئته السياسية ما نشر على لسان القيادي الذي حجب اسمه.

لذلك، فإن شبح التيار الصدري يبقى المهيمن الأكبر، لا سيما على صعيد القوى الشيعية التي يعد الصدر منافساً رئيسياً لها في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب. كما أن القوى المدنية التي تتأثر كثيراً في غياب الصدر أو حضوره باتت تعلن أنها تعد للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، سواء شارك الصدريون أو لم يشاركوا، ما يعني أن الانتخابات المحلية المقبلة سوف تكون الأشرس من حيث المواجهة والمشاركة، فضلاً عن تغيير خريطة التحالفات. ويبقى المعيار الحاسم الكيانات التي يتم تسجيلها بالفعل في مفوضية الانتخابات مطلع الشهر المقبل.

نواب البرلمان العراقي يرفعون أيديهم أثناء إقرار الموازنة في 11 يونيو الحالي (رويترز)

اتفاق سياسي مشروط

يذكر أن إجراء انتخابات مجالس المحافظات كان جزءاً من الاتفاق السياسي الذي وقعته القوى السياسية، الشيعية والسنية والكردية، التي تشكل الأطراف الرئيسية لـ«ائتلاف إدارة الدولة» الداعم للحكومة الحالية برئاسة السوداني. وبما أن التيار الصدري الذي انسحب من البرلمان في يونيو (حزيران) 2022 رغم إحرازه المرتبة الأولى في انتخابات 2021 بحصوله على 73 مقعداً، لم يكن جزءاً من الاتفاق السياسي... فإن مسألة مشاركته من عدمها لا ترتبط بورقة الاتفاق السياسي بقدر ما ترتبط بكون انتخابات مجالس المحافظات دستورية، وأن غيابها بسبب الخلافات السياسية جعلت 15 محافظة عراقية من دون رقابة لعمل وسلوك المحافظين الذين يرتبطون عادة بقوى وأحزاب سياسية.

وكانت القوى السياسية الرئيسية (قوى الإطار التنسيقي الشيعي وتحالف السيادة السني والقوى الكردستانية) قد عقدت اتفاقاً سياسياً مشروطاً كونه يتضمن مطالب لكل طرف من هذه الأطراف مقابل دعم الحكومة.

وبالرغم من تعرض هذا الائتلاف الداعم للحكومة إلى اختبار قوي خلال المناقشات التي سبقت إقرار الموازنة المالية، عبر اعتراض الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني على بعض فقراتها، فقد تم التصويت على الموازنة ولم يتأثر الائتلاف الذي كان البعض يعتبره تحالفاً هشاً.

والقوى السنية التي وافقت على تمرير الموازنة تؤكد دائماً التزامها بتوجهات رئيس الوزراء، لكنها تواجه الآن اختباراً أمام جمهورها بعد بروز اعتراضات كبيرة على أحد مطالبها ضمن ورقة الاتفاق السياسي وهو قانون العفو العام.


مقالات ذات صلة

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

المشرق العربي صورة أرشيفية لأنصار الصدر بعد اقتحامهم المنطقة الخضراء في بغداد (رويترز)

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

فجّر رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي معلومات من الوزن الثقيل بشأن قيادات شيعية في «الإطار التنسيقي» كانت حثته على «إبادة» أتباع التيار الصدري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني في بغداد 6 يونيو 2024 (إعلام حكومي)

بغداد: «حماس» لم تطلب رسمياً نقل قيادتها إلى العراق

نفت الحكومة العراقية ما تناقلته وسائل إعلام محلية وغربية منذ أيام عن رغبة قيادة منظمة «حماس» الفلسطينية في نقل مقار قيادتها إلى بغداد من العاصمة القطرية الدوحة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عناصر فصيل عراقي مقرب من طهران يحرقون علم إسرائيل في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

«الحرس الثوري» يفحص خططاً عراقية لدعم «حزب الله»

يناقش قادة فصائل عراقية «خططاً أولية» لدعم «حزب الله» في لبنان حال خاض حرباً مع إسرائيل، لكنها جميعاً غير نهائية بانتظار رأي الفصيل اللبناني وموافقة طهران.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي عراقيون يسبحون في نهر الفرات بمدينة النجف في ظل ارتفاع درجات الحرارة في العراق يوم 21 يونيو الجاري (رويترز)

اتساع الاحتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي في العراق

بدأ «ائتلاف إدارة الدولة» الداعم للحكومة العراقية، التحرك على خط أزمة الكهرباء بعد اتساع نطاق الاحتجاجات في أكثر من محافظة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من القوات البيشمركة في حزب «كوملة» الكردستاني الإيراني المعارض في معسكر تدريبي بموقع شمال العراق (إكس)

العراق: لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قرب الشريط الحدودي مع إيران

أكد مسؤول أمني عراقي أنه «لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قريب من الشريط الحدودي بين العراق وإيران»، كاشفاً أيضاً عن خطة لتأمين الحدود مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

حرب جنوب لبنان تنتقل من محاولة «قطع الأذرع الإيرانية» إلى «تحييدها»

جنديان من «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)
جنديان من «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)
TT

حرب جنوب لبنان تنتقل من محاولة «قطع الأذرع الإيرانية» إلى «تحييدها»

جنديان من «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)
جنديان من «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)

أثبتت الحرب الأخيرة التي يخوضها «حزب الله» ضد الجيش الإسرائيلي، متغيراً أساسياً، يتمثل في تحوله من «منظومة قتال أمنية»، تتبع حرب العصابات، إلى «منظومة قتال عسكرية» مكّنت إسرائيل من استهداف قادته، وسط حرب تكنولوجية يخوضها الجيش الإسرائيلي، ويرد عليها «الحزب» بصواريخ موجهة وأخرى ثقيلة لم تكن موجودة في حرب يوليو (تموز) 2006، وسط تصعيد متواصل من قبل الطرفين ضمن الحدود الجغرافية للمعركة.

واشتدّ تبادل إطلاق النار في الأسابيع الأخيرة مع تصعيد «الحزب» هجماته وتنفيذ الجيش الإسرائيلي غارات في عمق الأراضي اللبنانيّة. وركز «حزب الله» في قتاله على استخدام المسيّرات المفخخة، وهي لم تكن موجودة في «حرب تموز» 2006، كما استخدم منظومات دفاع جوي ضد المسيّرات والطائرات الحربية، فيما أدخلت إسرائيل منظومات عسكرية حديثة تعمل وفق الذكاء الاصطناعي، وهو ما لم يكن موجوداً في حروبها السابقة في لبنان، وفق ما يقول العميد المتقاعد خليل الحلو لـ«الشرق الأوسط».

«القبة الحديدية» تحاول اعتراض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه كريات شمونة (أ.ف.ب)

تحولات استراتيجية

على المستوى الاستراتيجي، يقول العميد الركن المتقاعد فادي داود لـ«الشرق الأوسط» إن المتغير الأساسي أن الحرب السابقة كانت من لبنان وللبنان، أما الحرب الأخيرة فتحمل عنوان «نصرةً لغزة»، لكن في الوقت نفسه «هناك تشابه بين حرب اليوم وحرب 2006؛ لأن مفهوم الردع الذي تُبنى عليه الجيوش؛ الإسرائيلي وغيره، تهشّم»، في إشارة إلى الضربات المكثفة بالمسيّرات.

سكان محليون بهضبة الجولان يشاركون في إخماد نيران اندلعت جراء قصف «حزب الله»... (أ.ف.ب)

واستناداً إلى «مصالح كبرى» في الحروب، «كان الهدف من حرب 2006 قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة تمهيداً للشرق الأوسط الجديد»، بينما «تتمحور الأهداف الحالية حول تحييد الأذرع الإيرانية، وتجلى هذا الأمر بمواقف مسؤولين أميركيين»، وفق ما يقول داود. ويشير إلى أن إسرائيل دخلت إلى لبنان في 2006 بهدف خلق منطقة عازلة، وأنها «لم تنجح في خلق هذه المنطقة عسكريّاً؛ إنما دبلوماسياً من خلال القرار (1701)»، أما الآن؛ «فانعكست المعادلة بالنسبة إلى المنطقة العازلة التي أصبحت داخل إسرائيل نتيجة قصف (حزب الله) شمالها، مما أدى إلى تهجير سكان شمال إسرائيل». ويرى أن أهم النتائج ستتمثل في انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني بقوة أكبر وحضور أكثر فاعليّة، مؤكداً أن «أي اتفاق سيتوصّلون إليه، فسيكون الجيش ضمانة هذا الاتفاق».

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» يزيلون خراطيم إسرائيلية استُعملت لإحراق الأحراج الحدودية (مديرية التوجيه)

الأسلحة المستخدمة

وإلى جانب التطوير في الاستراتيجيات والتكتيك، أثبتت المعركة الأخيرة متغيرات على مستوى الأسلحة المستخدمة. يقول العميد المتقاعد خليل الحلو، وهو أستاذ جامعي في الجيوسياسة، إن «الحزب» يطلق صواريخ الـ«كاتيوشا»، كما كان الأمر في 2006، «مع متغير أساسي؛ هو وجود (القبة الحديدية)، علماً بأن (حزب الله) تعلّم كيفية التعامل مع منظومة (القبّة الحديدية) لتجاوزها»، ولأن إسرائيل «ترمي الذخائر الحارقة للكشف عن مداخل الأنفاق، وتراقب المسيّرات والرمايات ومنصات الـ(كاتيوشا)»، فإن «الحزب» نقل منصاته من بين الأشجار إلى داخل الأنفاق.

كان لافتاً التطوير في حجم الذخائر عما كان الأمر عليه في 2006. يقول الحلو لـ«الشرق الأوسط» إن الجديد في هذه الحرب «يتمثل في امتلاك (حزب الله) صواريخ (البركان)، بحشوة متفجّرة يتراوح وزنها بين 300 و500 كيلوغرام، وهي تشبه في فاعليتها قذائف الطيران التي تزن 250 كيلوغراماً»، فضلاً عن صاروخ «فلق»، وهو «صاروخ مطوّر وليس متطوراً»، موضحاً أنه مطُوّر عن صواريخ «غراد» الروسية، فضلاً عن صواريخ «107 مليمتر» التي تطلق من قلب الأنفاق بواسطة منصّات صغيرة، وهي كانت موجودة في حرب 2006.

لقطة من فيديو نشره «حزب الله» اللبناني تظهر إطلاق صواريخ «بركان»

التكتيك العسكري

وتنسحب المتغيرات على المستوى العسكري. فقد أدخلت إسرائيل المسيّرات على أنواعها، إلى جانب القنابل الذكية التي تُرمى من طائرات حربية، والتي كانت تطوّراً نوعيّاً في 2006. ولا يزال الجيش الإسرائيلي محتفظاً بالتفوق الجوي، كما يقول العميد الركن داود، لكنه يرصد متغيراً آخر في تكتيكات «حزب الله». ويوضح: «في عام 2006 (حزب الله) كان لا يزال يعمل بوصفه (مقاومة تحت الأرض - Under Ground)، وهذا يعني أن عملياته غير عسكرية ولا تكشف عن جاهزيتها، أما في الوقت الراهن فيعمل (الحزب) على الاشتباك في جنوب لبنان بوصفه منظومة عسكريّة وليست أمنية، وهذا من الأسباب الأساسية التي مكّنت إسرائيل من استهداف قياداته»، مضيفاً: «هو يستعمل المسيّرات أيضاً والصواريخ وقتال المشاة، وهذا مما أدى إلى خسارة كبيرة في صفوفه، إلى أن بدل أخيراً في استراتيجيته، وعاد إلى العمل بوصفه (مقاومة تحت الأرض)، مما ساهم في تراجع نسبة الإصابات في صفوفه؛ لأنه أجرى نقلة نوعية ودراسة (لعسكره)».

وتتبع إسرائيل سياسة «قطع الرؤوس» في استهداف القيادات، ومع أنها اعتمدتها في 2006، فإنها طورتها الآن تقنياً «بتتبّع بصمة الصوت»، فضلاً عن تحييد إسرائيل في الحرب الأخيرة مؤسسات الدولة عن القصف، كما كان الأمر في 2006.

صورة عرضها غالانت خلال زيارته الحدود الشمالية قال إنها تتضمن قيادات من «حزب الله» اغتالتهم إسرائيل (إعلام إسرائيلي)

ألف صاروخ «كورنيت»

ومع أن «الحزب» استخدم صواريخ «كورنيت» الموجهة ضد الدروع في 2006، فإنه كثف استخدامها في هذه الحرب، ويقول الحلو إن «الحزب» أطلق نحو ألف صاروخ من هذا الطراز، إلى جانب نسخات روسية شبيهة، مثل «كونكرس» الروسي، وصاروخ «ألماس» الإيراني الموجه والمزود بكاميرا في رأسه، وهو جديد لم يستعمل سابقاً. ويضيف: «هذه الصواريخ لا إمكانية لردها إن استُعملت ضد تحصينات أو ضد بيوت، أو ضد مدرعات».

والمستجد أيضاً في هذه الحرب الرادارات والصواريخ المضادة للطائرات التي يستعملها «حزب الله»، وهي «غير فعالة ضد الطيران النفاث العادي؛ إنما استطاعت إسقاط 5 مسيّرات؛ بينها 3 من طراز (هيرمس) 900»، وهذا فضلاً عن المسيّرات التي يطلقها «الحزب».

صورة وزّعها إعلام «حزب الله» للطائرة الإسرائيلية بعد استهدافها (وسائل التواصل الاجتماعي)

تفوق تكنولوجي إسرائيلي

في المقابل، تفوقت إسرائيل في التطوير التكنولوجي، لا سيما منظومات «تروفي» المثبتة على «ميركافا4» وناقلات الجند من طراز «النمر»، كما يقول الحلو، إلى جانب أسلحة جديدة لم تُستخدم في السابق وتُعتمد اليوم بكثافة مثل مسيّرة «هيرمس 900»، ومسيّرة «هيرمس 450» المسلحتين، لافتاً إلى أن إسرائيل «استعملت عدداً كبيراً من هذه المسيّرات في الاغتيالات الخاصة؛ لأنها ذات فاعلية كبيرة عندما تُوجه إلى سيارة أو منزل أو دراجة نارية».

ويشير الحلو إلى أن «المسيّرات الإسرائيلية مزوّدة اليوم بالذكاء الاصطناعي، وهذه المسيّرات لم تكن متطورة بهذا الشكل في 2006. كما أدخلت إسرائيل اليوم طائرات (F35) الشبحية؛ وهي فعّالة»، إضافة إلى صواريخ «هايمارس» التي «باتت تمتلكها إسرائيل اليوم ولم تكن تمتلكها في 2006، ومن المرجح أن تستعمل ضد بعض الأهداف في لبنان».

جثث متفحمة... والقتلى أكثر من المصابين

وخلافاً لحرب 2006، تعدّ الإصابات في صفوف المدنيين أقل من إصابات العسكريين الذين يُنقلون إلى «مستشفيات حزبية»، وفق ما يقول أحد الأطباء الذي يعاين الجرحى والجثث في أحد مستشفيات الجنوب، لافتاً إلى أنه لم يرَ أي إصابات عسكرية بسبب نقلها إلى مستشفيات خاصة بـ«حزب الله».

ويضيف الطبيب؛ الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه «ما يفاجئ أيضاً خلال هذه الحرب أن عدد الجرحى قليل جداً مقارنة مع عدد القتلى، بخلاف كل الحروب السابقة»، موضحاً أنه «في حرب 2006 بلغ عدد القتلى 1200، وكان هناك 5000 جريح أو مصاب، أما حرب اليوم فأعداد الإصابات قليلة جداً، رغم أنها حرب طويلة».

ووفق معطيات حصل عليها من جثث عاينها، يقول إن جثث القتلى «بها حروق بليغة، ومعظم جثث القتلى متفحّمة بسبب نوعية الأسلحة المتقدمة التي تستعملها إسرائيل في هذه الحرب، خلافاً لما كان عليه الأمر في (حرب تموز) عندما كانت الجثث تبقى على حالها».