قمة باريس: دعوات لقيام نظام مالي جديد «أكثر عدلا»

ماكرون يستقبل الأمير محمد بن سلمان… ويشدد على أنه لا يجوز الاختيار بين الفقر وحماية الكوكب

قمة باريس: دعوات لقيام نظام مالي جديد «أكثر عدلا»
TT

قمة باريس: دعوات لقيام نظام مالي جديد «أكثر عدلا»

قمة باريس: دعوات لقيام نظام مالي جديد «أكثر عدلا»

وسط إجراءات أمنية مشددة وقطع منافذ وطرق ونشر قوة أمنية رئيسية وإجراءات تفتيشية متشددة، انطلقت في باريس صباح الخميس أعمال قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد»، حيث نجحت باريس بحشد عدد كبير من قادة الدول ورؤساء الحكومات ومسؤولي البنوك الدولية والإقليمية والصناديق الاستثمارية، عدا عن ممثلي الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في قطاعي المناخ ومحاربة الفقر.

استقبال استثنائي

وجاءت الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة باريس لتزيد من ازدحامات السير وتؤخر الحضور من الوصول، سواء كانت الوفود الدولية أو المجتمع المدني وأيضا الصحافة، ومنها «الشرق الأوسط» التي جاءت بقوة لتغطية الحدث الكبير. ومنذ الثامنة صباحا، بدأ تقاطر مواكب وفود رؤساء الدول والحكومات المدعوين، وكانت في استقبالهم وزيرة الخارجية كاترين كولونا... إلا أن الرئيس إيمانويل ماكرون قام ببعض الاستثناءات، إذ استقبل شخصيا الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، على مدخل «قصر برونيار» مقر الاجتماع.

وعند دخوله قاعة الاجتماعات الكبرى، حظي ولي العهد بحفاوة استثنائية، حيث صافح العديد من قادة الدول المشاركة الذين تبادل معهم أطراف الحديث، وخص منهم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي جلس إلى يساره.

قمة مختلفة

ثمة خصائص عديدة تدمغ قمة باريس. فمن جهة، ليست اجتماعا في إطار قمم المناخ التي تتولاها الأمم المتحدة، وليست اجتماعا في إطار كمجموعة السبع أو العشرين أو أي منظمة دولية أو إقليمية. ذلك أنها جاءت بمبادرة من الرئيس ماكرون أطلقها العام الماضي ونجح في اجتذاب ما بين أربعين إلى خمسين من قادة العالم وكبار المسؤولين الماليين، والغرض التداول بصراحة حول ضرورة تعديل النظام المالي الدولي. وإذا كانت القمة، مضمونا، قد تميزت

بشيء، فحول استشعار الحاجة إلى إعادة تشكيل النظام المالي الدولي مع التحذير والتركيز على مسألة التعامل مع التغيرات المناخية وما تستجلبه من كوارث، ولكن من غير التخلي عن محاربة الفقر في البلدان النامية... من هنا، الحاجة إلى مزيد من التمويل للسير بالأولويتين معا.

يصعب تلخيص مجريات ما حصل في اليوم الأول للقمة، إذ بعد افتتاحها بكلمة من الرئيس ماكرون وبشهادتين لناشطتين من المجتمع المدني، حصلت ثلاث مداخلات لرئيس النيجر ورئيسة وزراء جزيرة بربادوس، ثم كلمة للأمين العام للأمم المتحدة. بعد ذلك، التأمت بالتتابع ست طاولات مستديرة شارك فيها العديد من رؤساء الدول والمسؤولين الاقتصاديين والماليين والمؤسسات المالية الدولية والناشطين من منظمات المجتمع المدني. وأدار ثلاثا منها وزراء فرنسيون «الاقتصاد والخارجية والتعاون الدولي»، والرابعة نائبة رئيس وزراء إسبانيا، والطاولتين الأخيرتين اختصاصيان اقتصاديان.

محاور متعددة

ودارت مناقشات الطاولة الأولى حول تطوير بنوك التنمية متعددة الأطراف لمواجهة تحديات العصر، والثانية حول النهج الجديد لتوفير نمو أخضر، والثالثة تركزت على مديونية الدول الناشئة، والرابعة تناولت كيفية توفير البيئة المناسبة لمزيد من انخراط القطاع الخاص في الاستثمار بالبنى التحتية وفي الشركات المتوسطة والصغرى. أما الطاولتان الأخيرتان فقد ركزتا على إيجاد أدوات التمويل المتجددة لمساعدة الاقتصادات الهشة، وعلى توفير قاعدة بيانات ومعلومات تتمتع بالصدقية.

وبالتوازي، وفي موقعين آخرين، شارك الكثيرون بثلاثين حدثا بصيغ مختلفة توزعت ما بين مبنى اليونيسكو ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في باريس.

صورة متشائمة

وفي كلمته، رسم ماكرون صورة متشائمة لواقع العالم، واضعا الإصبع على تعمق الانقسامات والهشاشة البيئوية وتبعات جائحة كوفيد واستعادة النشاط الاقتصادي المبعثرة والحرب في أوكرانيا وتهلهل النظام المالي العالمي. من

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

هنا، جاء اقتراحه لـ«ميثاق» جديد، واضعا له أربعة مبادئ رئيسية... أولها أنه لا يتعين لأي بلد في العالم أن يكون عليه الاختيار ما بين محاربة الفقر وحماية الكوكب، وأنه يتعين السير بالمعركتين معا. والمبدأ الثاني ينص على حق كل بلد أن يختار طريقه الخاص من غير إملاء أو ضغوط، بمعنى أن الميثاق الجديد «يجب أن يكون أكثر احتراما لسيادة كل طرف وخياراته ونموذجه». والمبدأ الثالث ينص على أن ضخامة الحاجات التمويلية يجب أن تفضي إلى تعبئة كافة الموارد من بنى مالية ومنظمات إقليمية ودولية وبنوك إنمائية متعددة الأطراف. وأخيرا، أشار ماكرون إلى ضرورة تعبئة القطاع الخاص وتوفير الأموال الضرورية «لوضعها في خدمة الكوكب» ولمحاربة الفقر والتغيرات المناخية، ولكن أيضا المحافظة على غنى التنوع البيولوجي. وباختصار يريد ماكرون، صاحب الدعوة، إحداث «صدمة تمويل عامة» وإعادة صياغة النظام المالي العالمي ليكون أكثر عدلا ونجاعة.

ما قاله ماكرون، شكل جوهر كلمة أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأم المتحدة الذي لم يتردد بالتنديد بـ«فشل الهيكلية المالية الدولية»، وبالقواعد التي تتحكم بأداء مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي وصف ممارساتها بأنها «أصبحت غير أخلاقية تماما». وندد غوتيريش بوجود 750 مليون شخص يعانون من الجوع في العالم وبـ«الهندسات المالية غير العادلة، وبانعدام المساواة». مشيرا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي «لها الحق في 160 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، فيما حصة أفريقيا لا تزيد على 34 مليار دولار».

ولم يعبر غوتيريش عن الكثير من التفاؤل لجهة تغيير القواعد المالية الدولية، إذ إن ذلك يحتاج إلى «إرادة سياسية»، خاتما كلمته بالتذكير بأنه اقترح توفير 500 مليار دولار سنويا للتنمية المستدامة ومحاربة التحولات المناخية، إضافة إلى الحاجة لتخفيف الديون عن البلدان ذات الاقتصاد الهش.

مطالبة بعدالة أكثر

دعوة غوتيريش وجدت صدى قويا خصوصا لدى قادة الجنوب الذين تحدثوا الخميس. فرئيس النيجر محمد بازوم باشر كلمته بالدعوة إلى «رؤية استراتيجية» تشمل إيجاد ميثاق مالي جديد أكثر عدلا وشمولية ولتعاون أكبر بين القطاعين العام والخاص، متحدثا بأسى عن معاناة النيجر البائسة بسبب الجفاف والتصحر والهجرات والعنف والأزمات الاقتصادية والاجتماعية. وكان طريفا إيحاؤه بتجربة شخصية، إذ قال إن البقرة سابقا، في بلدان الساحل، كانت تلد مرة كل عام وتعطي الحليب طيلة تسعة أشهر... والآن، لا تلد إلا مرة كل عامين وتعطي حليبا أقل.

وشدد بازوم على تضرر هذه المنطقة أكثر من غيرها من التغيرات المناخية، مؤكدا بقوة على حاجات أفريقيا لمزيد من حقوق السحب الخاصة وخفض مديونيتها وتحسين الأدوات المالية الجديدة وتوفير موار إضافية. بيد أن أقوى ما قاله إعرابه عن «الخوف من أن نبقى في حيز الكلام ولا ننتقل إلى الأفعال».

ولم يغفل غوتيريش التنديد بوكالات التصنيف الدولية التي اعتبرها «غير نزيهة في رؤيتها للأمور».

من جانبها، كانت رئيسة باربادوس عنيفة في خطابها، إذ إنها بعد التأكيد على ضرورة «الانتقال من الكلام إلى الأفعال»، شددت على أن المطلوب من القمة «ليس إصلاح المؤسسات المالية بل تغييرها جذريا لأنه عندما أنشئت كان 70 في المائة من دول أفريقية غير موجودة». ودعت ميا موتلي التي حضّت على إعادة توجيه التمويل الدولي نحو قضايا المناخ، إلى «تحول مطلق» في النظام المالي وليس فقط «إصلاح مؤسساتنا». وأضافت: «نأتي إلى باريس اليوم بقلب حزين لكن بأمل» وتوجهت لغوتيريش قائلة: صوتك صارخ في الصحراء «أي لا أحد يسمعه». وخلصت: «علينا المبادرة اليوم وليس الغد، علينا القيام بالعمل المناسب وفي الوقت المناسب وتسريع الوتيرة وإلا سنفشل في إنقاذ الناس والكوكب».

التطوير والإصلاح

ثمة اقتناع بأن قمة باريس ستبقى في حدود العموميات ولن تخرج بقرارات أو توصيات ملموسة رغم المقترحات التي قدمت في الطاولات المستديرة. فوزيرة المالية الأميركية اعترفت بحاجة المؤسسات الدولية متعددة الأطراف لـ«لأن تتطور من أجل مواجهة التحديات الجديدة» وإجراء «الإصلاحات المؤاتية».

كذلك، أشارت إلى أن بلادها «ستضغط» من أجل أن يشارك دائنو الدول الفقيرة والنامية في مفاوضات لإعادة هيكلة ديونها. ورأت جانيت يلين أنه يتعين على الصناديق السيادية أن تساهم من أجل مواجهة التغيرات المناخية من غير التوقف عن جهود مكافحة الفقر. وخلاصتها أنه يتعين حصولها على إمكانات إضافية. والمقارنة بين ما قالته يلين وما جاء على لسان قادة من الجنوب يبدو صارخا وكأن الطرفين لا يعيشان على الكوكب نفسه.

مزيد من التفهم

أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شارك في الطاولة المستديرة الثانية، فقد دعا مؤسسات التمويل الدولية إلى تفهم ظروف بلاده ومراعاة تأثير السنوات الثلاث الماضية على الاقتصاد. وأردف: «نتيجة الظروف التي شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، أقول ببساطة إننا نحتاج إلى تفهم شركائنا في التنمية ومؤسسات التمويل الدولية ومراعاتهم لهذا الأمر، ليس لمصر فقط ولكن لكل الدول التي تشهد ظروفا مماثلة»، مضيفا أن بلاده كان لديها خطة لإدارة الديون، لكن هذه الخطة «واجهت صعوبات كبيرة جدا نتيجة الظروف التي مررنا بها».

وفي السياق العام، حث الرئيس المصري على «إصلاح الهيكل المالي العالمي لتعزيز تمويل التنمية المستدامة، بما يتضمن إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي وتعليق أو إلغاء الرسوم الإضافية للصندوق وقت الأزمات». وشدد السيسي على أهمية «اتخاذ قرارات دولية سريعة تحول دون اندلاع أزمة ديون كبرى مع استحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل».

كذلك دعا السيسي إلى «تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعظيم قدرتها على الإقراض، وتيسير نفاذ الدول النامية لها وكذلك تعزيز الحوار بينها وبين وكالات التصنيف الائتماني لزيادة قدرتها على الإقراض دون المساس بتصنيفها».


مقالات ذات صلة

قمة ماكرون - زيلينسكي تطلق مروحة اتصالات أوروبية

أوروبا إيمانويل ماكرون مرحباً بزيلينسكي عند مدخل قصر الإليزيه (إ.ب.أ)

قمة ماكرون - زيلينسكي تطلق مروحة اتصالات أوروبية

مشاورات مكثفة وموسعة جذبتها القمة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلنسكي في باريس.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا خلال لقاء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين روسيا 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

بوتين خلال استقباله أوربان: سأكون سعيداً بعقد لقاء مع ترمب في بودابست

أكّد الرئيس الروسي بوتين خلال لقائه رئيس الوزراء المجري أوربان، الجمعة، أنه سيكون سعيداً بعقد لقاء قمة مع نظيره الأميركي ترمب في بودابست.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال جلسة اليوم الثاني لقمة قادة «مجموعة العشرين» (واس)

السعودية تؤكد التزامها بالعمل مع «العشرين» لمنظومة اقتصادية أكثر شمولاً وعدالة

أكدت السعودية، الأحد، التزامها بمواصلة العمل مع دول مجموعة العشرين لتعزيز منظومة اقتصادية أكثر شمولاً وعدالة واستدامة، تقوم على التعاون والابتكار وتكافؤ الفرص.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

الكرملين ينفي تكهنات بوجود خلاف بين لافروف وبوتين

نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، التكهنات بوجود خلاف بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدّث خلال حفل استقبال نظرائه بدول آسيا الوسطى في وزارة الخارجية بالعاصمة واشنطن 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

ترمب يعقد أول قمة له مع قادة آسيا الوسطى

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأول مرة، اليوم (الخميس)، في واشنطن قادة الجمهوريات السوفياتية السابقة الخمس في آسيا الوسطى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.