«وثائق ترمب» بين الأسرار النووية والخطط الدفاعية

اتهامات جمهورية للديمقراطيين بتسييس الملف «لإبعاده» عن السباق الرئاسي

ترمب أول رئيس في التاريخ يواجه تهماً فيدرالية (أسوشييتد برس)
ترمب أول رئيس في التاريخ يواجه تهماً فيدرالية (أسوشييتد برس)
TT

«وثائق ترمب» بين الأسرار النووية والخطط الدفاعية

ترمب أول رئيس في التاريخ يواجه تهماً فيدرالية (أسوشييتد برس)
ترمب أول رئيس في التاريخ يواجه تهماً فيدرالية (أسوشييتد برس)

شهدت الولايات المتحدة أسبوعاً حافلاً تصدر عناوينه مجدداً الرئيس السابق دونالد ترمب. فترمب الذي سبق وأن حقق سوابق تاريخية من خلال عزله مرتين في مجلس النواب، وتوجيه اتهامات جنائية بحقه في ولاية نيويورك للمرة الأولى في التاريخ الأميركي كرئيس سابق، دخل التاريخ مجدداً بعد توجيه اتهامات فيدرالية بحقه في قضية الوثائق السرية.

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، تداعيات الاتهامات بحق ترمب، والسيناريوهات المتوقعة، كما يقارن بين قضية الرسائل الإلكترونية لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وقضية وثائق ترمب التي تحتوي على أسرار نووية وخطط دفاعية.

قضية مسيسة أم مسألة أمن قومي؟

جمهوريون يلوحون بتسييس القضية رغم ارتباطها بالأمن القومي (أسوشييتد برس)

يقول جون فيري، المتحدّث السابق باسم رئيس مجلس النواب الجمهوري دنيس هاسترد والخبير الاستراتيجي في الحزب، إن قضية ترمب سياسية بامتياز، تهدف الى إبعاده عن السباق الرئاسي. ويضيف فيري: «أعتقد أن هناك دوافع سياسية وراء هذه المسألة وأنها نوع من الصراع بين رئيس سابق وإدارة تكرهه بشدّة وترغب باستبعاده. وقد رأينا حملة تهدف إلى كبح محاولته للترشح مجدداً، وهذا كله جزء من الصراع». ويشير الخبير الجمهوري إلى أن معظم الجمهوريين يوافقونه الرأي ويرون المسألة على أنها حملة مطاردة سياسية.

ويسعى الجمهوريون لمقارنة قضية ترمب بقضية وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون التي احتفظت برسائل إلكترونية، بعضها سري، على كومبيوتر خاص في منزلها، الأمر دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى النظر رسمياً في المسألة من دون توجيه التهم ضدها. ويأتي ذلك إضافة إلى قضية العثور على وثائق سرية بحوزة كل من الرئيس الحالي جو بايدن ونائب ترمب السابق مايك بنس.

لكن المدعي العام الفيدرالي السابق مايكل زيلدن يرفض هذه المقاربة، ويعد أنه لا يمكن المقارنة من وجهة نظر قانونية بين هذه الاتهامات، وتلك التي وجهت إلى بايدن أو كلينتون أو بنس، ويفسر قائلاً: «في كل من هذه الحالات، كان هناك أخذ غير مقصود لوثائق كانوا يجهلون أنها سرية. وحين تم التأكد من أنها في حوزتهم، قاموا بإعادتها وبالتعاون مع السلطات المعنية. أما ترمب، فهو يواجه ادعاءات بأنه قام عمداً بأخذ وثائق كان يعلم بأنها محمية من قبل الأمن القومي، وحين طالبته السلطات بإعادتها، عرقل التحقيق وكذب بشأن ما كان يفعله».

يقارن الجمهوريون بين قضية ترمب وقضية هيلاري كلينتون (رويترز)

وتوافق جيس أوكونيل، مستشارة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، على تقييم زيلدن. وتشير إلى أن القضية الأساسية هنا هي ليست أخذ الوثائق، لكنها العرقلة. وعدت أوكونيل، التي عملت كذلك في اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، أنه لو قام الرئيس السابق بأخذ وثائق لكنه أعادها بعد أن تم توجيه الطلب الرسمي له بذلك، لما كان تم توجيه أي تهم متعلقة بحقه في هذه القضية. وأضافت: «لقد عمل بشكل مقصود لعرقلة استرجاع معلومات حساسة كان يعلم بأنها سرية، لكنه كان يعتقد أنه فوق القانون. إلا أن ما تبين خلال الأسبوع الأخير هو أنه ليس هناك أحد فوق القانون في هذا البلد، حتى الرئيس السابق للولايات المتحدة».

ترمب «الضحية»

ترمب يصلي مع مناصريه بعد خروجه من المحكمة في فلوريدا يوم 13 يونيو 2023 (أسوشييتد برس)

يعد فيري أن التحقيقات والاتهامات التي يواجهها ترمب تعزز من حظوظه في السباق الانتخابي، مشيراً إلى أن الرئيس السابق ماهر في تصوير نفسه «ضحية سياسية». ويقول فيري الذي يدعم المرشح الجمهوري رون ديسانتس للرئاسة إن «الأمور تصب لمصلحة ترمب اليوم من الناحية السياسية، فهو يجمع مبالغ هائلة عبر استخدام صورة الضحية السياسية». ويضيف فيري بصراحة: «لا أرغب أن يفوز ترمب في الانتخابات، بل أود رؤية بعض التغيير. لكن أقول إنه سياسي. هذه المسألة ستساعده مع الناخبين التمهيديين لأنهم يعتقدون أنه ضحية سياسية، وهذا ما يزيد حماسة قاعدته الانتخابية». ولعلّ خير دليل على ذلك استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن أكثر من 60% من الناخبين الجمهوريين لم يغيروا رأيهم بترمب بعد توجيه الاتهامات الأخيرة بحقه. ويشير فيري إلى أن هذا أمر «مثير للإحباط» لأشخاص مثل رون ديسانتس وغيره من الذين يرغبون بالتغلب على ترمب في هذه الانتخابات. مضيفاً: «أفضّل أن تكون المواجهة على القضايا، وليس على هذه الاتهامات السخيفة في محاولة لاستبعاده».

إلا أن أوكونيل هاجمت موقف فيري بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الديمقراطيين كانوا يفضلون كذلك التركيز على قضايا انتخابية بدلاً من تسليط الضوء على ترمب في هذه الاتهامات، لكنها عدت أن «اتهام رئيس سابق بسلوك إجرامي هو أمر في غاية الجدية. وكل من يؤمن بأن هذه الاتهامات تافهة غير صادق حيال ما يجري. فهذا أمر في غاية الأهمية يحدث في البلاد، وليس هناك من هو سعيد بهذا الوضع بمن فيهم الديمقراطيون».

وفسرت أوكونيل هذا الموقف قائلة: «نحن كأميركيين لا نرغب أبداً أن نجد أنفسها في هذا النوع من المواقف، هذه وثائق سرية تضم معلومات خاصة بالأمن القومي مهمة جداً لحماية الولايات المتحدة، والرئيس السابق أخذ هذه الوثائق إلى منزله في مارالاغو، ووضعها في مختلف أرجائه. لذا نحن لا نعلم من اطلع عليها، أو من شاركها. ينبغي أن يأخذ النظام مجراه».

النظام القضائي وهيئة المحلفين

ترمب خلال مثوله أمام المحكمة في فلوريدا -13 يونيو 2023- (أسوشييتد برس)

ويفسر زيلدن الذي عمل في وزارة العدل سابقاً كمدع عام، طبيعة النظام القضائي الأميركي، فيقول: «المدعي العام والرئيس لا يقرران توجيه التهم، بل القرار يقع بيد هيئة المحلفين الكبرى المؤلفة من مواطنين عاديين، تم اختيارهم بشكل عشوائي نوعاً ما، وهم يصوتون ما إذا كانت المخالفات خطيرة بشكل كاف لتوجيه التهم».

وهذا ما حصل في قضية ترمب، ولا ينتهي دور هيئة المحلفين لدى توجيه التهم، بل يتم اختيار مجموعة أخرى من المحلفين لدى بدء المحاكمة للنظر في إدانة الرئيس السابق وتحديد ذنبه أو براءته ويضيف زيلدن: «توجيه التهم وتحديد ما إذا كان مذنباً أم لا، في يد المحلفين الذين يختارهم المحامون، الرئيس ترمب وفريقه القانوني وجاك سميث (المحقق الخاص) وفريقه القانوني يشاركون في هذا القرار. إذن فهناك العديد من الخطوات الآمنة لمنع تسييس هذه المسألة من قبل السلطة التنفيذية الحالية. لهذا السبب، أرفض فكرة توصيف هذه القضية بقضية سياسية يقودها بايدن. فبايدن ليس له أي علاقة في القرار بتوجيه هذه التهم».

السيناريوهات المطروحة

تخوف من اندلاع أعمال عنف في حال إدانة ترمب (أسوشييتد برس)

يشير فيري إلى أن حظوظ ترمب بالفوز في قضية الوثائق كبيرة. فالمواجهة، بحسب وصفه، ستكون في ولاية فلوريدا وليس في نيويورك، وستضم مجموعة من المحلفين من الولاية التي لا «تكرهه» كولاية نيويورك، كما ستكون القاضية في فلوريدا منفتحة للاستماع إلى الطرفين بدلاً من «تجريم ترمب». ويضيف فيري: «بناء على هذه الأسس، أعتقد أن ترمب لديه فرصة جيدة للفوز».

لكن زيلدن يشير إلى احتمال مختلف، وهو احتمال «انقلاب» المتهم الآخر في القضية، مساعد ترمب والت نوتا، عليه. فيقول: «لو كنت أمثل والت نوتا، لكنت نصحته بمحاولة عقد صفقة، يحصل من خلالها على اتهام أقل خطورة مقابل التعاون». ويعرض زيلدن خياراً آخراً يتعلق بطبيعة الوثائق، فسريتها سوف تتطلب إصدار تصريح خاص للمحامين وهيئة المحلفين قبل الاطلاع عليها، الأمر الذي سيتطلب وقتاً طويلاً ويدفع بالمحاكمة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية. حينها، إذا ما فاز ترمب في الانتخابات، يمكنه «إصدار عفو عن نفسه» في حال إدانته.

مناصرو ترمب لم يغيروا دعمهم له بعد الاتهامات (رويترز)

من السيناريوهات الأخرى المطروحة، احتمال إصدار الرئيس الحالي جو بايدن عفواً عن ترمب، لتجنب أي تشنجات سياسية، قد تؤدي إلى أعمال عنف يتخوف منها البعض، خاصة في ظل تلويح بعض مناصري الرئيس السابق كالمرشحة السابقة لمقعد مجلس الشيوخ كيري لايك، باستعمال السلاح في حال إدانته. لكن أوكونيل تستبعد هذا الاحتمال، فتقول: «أعتقد أن الرئيس بايدن سيترك النظام القضائي يتخذ مجراه الطبيعي، لهذا هو لا يتحدث عن هذا الموضوع أبداً، لأنه لا يرغب بالتورط في هذه القضية». وتختم أوكونور بالقول: «هناك الكثير على المحك هنا، ومن المهم أن تأخذ الأمور مجراها، لأن الأمر لا يتعلق فقط بدونالد ترمب أو بالانتخابات الرئاسية، بل بالديمقراطية في هذه البلاد وتطبيق القانون. وهذا ما يتم اختباره هنا».

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة تطارد ناقلة نفط تقترب من فنزويلا

أميركا اللاتينية ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تطارد ناقلة نفط تقترب من فنزويلا

تطارد الولايات المتحدة سفينة في منطقة البحر الكاريبي كانت تقترب من فنزويلا في إطار الحصار الذي فرضته واشنطن على ناقلات النفط المرتبطة بكراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائب المدعي العام تود بلانش (أ.ب)

«العدل» الأميركية: حذف صور من ملفات إبستين «لا علاقة له بترمب»

قالت وزارة العدل الأميركية إن حذف أكثر من 12 صورة من ملفات قضية جيفري إبستين لا علاقة له بالرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز) play-circle

ستارمر يناقش جهود السلام في أوكرانيا خلال اتصال هاتفي مع ترمب

ذكر مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن رئيس الوزراء بحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجهود المبذولة لتحقيق «نهاية عادلة ودائمة» للحرب في أوكرانيا.

شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز) play-circle

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها واحتجزت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لدفعه للتنحي.

هبة القدسي

الوفدان الأميركي والأوكراني: محادثات ميامي كانت «مثمرة وبناءة»

الوفد الأميركي برئاسة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترمب خلال مباحثات مع وفد أوكراني في برلين (حساب ويتكوف عبر منصة «إكس»)
الوفد الأميركي برئاسة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترمب خلال مباحثات مع وفد أوكراني في برلين (حساب ويتكوف عبر منصة «إكس»)
TT

الوفدان الأميركي والأوكراني: محادثات ميامي كانت «مثمرة وبناءة»

الوفد الأميركي برئاسة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترمب خلال مباحثات مع وفد أوكراني في برلين (حساب ويتكوف عبر منصة «إكس»)
الوفد الأميركي برئاسة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترمب خلال مباحثات مع وفد أوكراني في برلين (حساب ويتكوف عبر منصة «إكس»)

رحب الوفدان الأميركي والأوكراني، في بيان مشترك، يوم الأحد، بالتبادلات «المثمرة والبناءة» التي جرت خلال المفاوضات في ميامي مع حلفاء أوروبيين، بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وجاء في البيان الذي نشره ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لدونالد ترمب، ورستم عمروف كبير المفاوضين الأوكرانيين، على منصة «إكس»: «على مدار الأيام الثلاثة الماضية في فلوريدا، عقد الوفد الأوكراني سلسلة من الاجتماعات المثمرة والبناءة مع شركائه الأميركيين والأوروبيين».

وأضاف البيان: «أولويتنا المشتركة هي وقف القتل، وخلق الظروف لتعافي أوكرانيا واستقرارها وازدهارها على المدى الطويل». وتابع: «يجب أن يكون السلام ليس فقط توقفاً للأعمال العدائية، ولكن أيضاً أساساً لمستقبل مستقر».

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأحد)، إن المفاوضات الجارية في ولاية فلوريدا بهدف إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا «بنّاءة».

وأضاف زيلينسكي، في منشور عبر منصة «إكس»: «نمضي بوتيرة سريعة إلى حد ما، ويعمل فريقنا في فلوريدا مع الجانب الأميركي»، حسبما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

وقال زيلينسكي: «تمت دعوة ممثلين أوروبيين أيضاً. هذه المفاوضات بنّاءة، وهذا أمر مهم».

ويوجد مفاوضون أوكرانيون وأوروبيون وأميركيون في ميامي بولاية فلوريدا خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع، لإجراء محادثات يتوسط فيها ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لدونالد ترمب، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، كما يوجد الموفد الروسي كيريل ديميترييف في ميامي منذ السبت.

وكان آخر اجتماع رسمي مباشر بين وفدي أوكرانيا وروسيا في يوليو (تموز) بإسطنبول، وأسفر عن عمليات تبادل للأسرى، من دون إحراز تقدم ملموس في مسار المفاوضات، لكن زيلينسكي شكّك في إمكانية أن يأتي اجتماع من هذا القبيل الآن بنتائج جديدة.


«العدل» الأميركية: حذف صور من ملفات إبستين «لا علاقة له بترمب»

نائب المدعي العام تود بلانش (أ.ب)
نائب المدعي العام تود بلانش (أ.ب)
TT

«العدل» الأميركية: حذف صور من ملفات إبستين «لا علاقة له بترمب»

نائب المدعي العام تود بلانش (أ.ب)
نائب المدعي العام تود بلانش (أ.ب)

قالت وزارة العدل الأميركية، اليوم (الأحد)، إن الحذف المفاجئ لأكثر من 12 صورة من الملفات التي أفرج عنها حديثاً، والمتعلقة بالتحقيق في قضية مرتكب الجرائم الجنسية الملياردير الراحل جيفري إبستين «لا علاقة له بالرئيس الأميركي دونالد ترمب».

وأوضح نائب المدعي العام تود بلانش لشبكة «إن بي سي نيوز»، أن الصور المفقودة أظهرت ضحايا محتملين لإبستين لم يتم التعرف عليهم سابقاً بوصفهم ضحايا، مضيفاً أن الملفات المعنية حذفت بناء على مخاوف أثارتها «مجموعات حقوق الضحايا».

وقال بلانش إن الصور ستتاح للجمهور مرة أخرى بمجرد تحديد ما إذا كانت بحاجة إلى تنقيح، بيد أنه لم يحدد موعداً لذلك.

وبعد ظهر أول من أمس (الجمعة)، وتحت ضغط شعبي واسع، قامت وزارة العدل برفع 4 مجموعات بيانات تحتوي على آلاف من ملفات إبستين إلى موقعها الإلكتروني مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لذلك.


هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها بفرض حصار شامل على ناقلات النفط المبحرة من فنزويلا وإليها، واحتجزت يوم السبت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تستهدف مضاعفة الضغوط لدفعه للتخلي عن السلطة.

وأثارت التحركات الأميركية العسكرية والتهديدات المتكررة واحتجاز ناقلات النفط تساؤلات حول الهدف الحقيقي لإدارة ترمب؛ ما بين مكافحة المخدرات وأطماع السيطرة على النفط والمعادن النادرة وهدف الإطاحة بنظام مادورو، وتساؤلات حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية في تغيير السلطة في فنزويلا، وتساؤلات أخرى تجادل بأن مصادرة ناقلات النفط هي أعمال حرب تتطلب تفويضاً من الكونغرس.

مبررات واشنطن

تعتمد استراتيجية واشنطن في فرض هذه الضغوط ضد فنزويلا على المخاوف الأمنية المتعلقة بتهريب المخدرات مثل الكوكايين والفنتانيل والاتجار بالبشر، إضافة إلى الرغبة في تقوية النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية التي تعد «الفناء الخلفي» للولايات المتحدة.

وتتماشى هذه الاستراتيجية مع استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترمب التي أعلنتها قبل أسبوعين، والتي تركز على أميركا اللاتينية، معتبرة فنزويلا «نقطة البداية» للقضاء على العديد من المشاكل المثيرة للقلق في نصف الكرة الغربي، على أن يتوسع نطاق الضغط ليشمل كوبا أيضاً.

وأشارت سوزي ويلز رئيسة موظفي البيت الأبيض في مقابلتها مع مجلة «فانيتي فير» إلى أن «الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بالرئيس الفنزويلي»، وقالت إن «ترمب يريد مواصلة تدمير القوارب حتى يستسلم مادورو».

وخلال الأسابيع الماضية ضاعفت إدارة ترمب إرسال مجموعات ضاربة من عشرات السفن الحربية والطائرات، ونشرت 15 ألف جندي أميركي قبالة سواحل فنزويلا، وصفها ترمب بأنها أكبر أسطول بحري تم إرساله في تاريخ أميركا الجنوبية. وأسفرت عمليات مكافحة تهريب المخدرات عن تدمير 28 قارباً ومقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص، كما أعلن ترمب أن «حكومة فنزويلا هي منظمة إرهابية أجنبية». ودعمت إدارة ترمب المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، والمرحبة بتدخل ترمب في منطقة البحر الكاريبي.

شبح الحرب

غموض حول أهداف إدارة ترمب في فنزويلا ما بين مكافحة المخدرات وأطماع النفط وإسقاط النظام في كاراكاس (رويترز)

وعلى خلاف ترويج الرئيس ترمب لنفسه بأنه «صانع سلام»، فقد أعلن في مقابلة يوم الجمعة أنه لا يستبعد إمكانية شن حرب على فنزويلا. وطالبها عبر تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة جميع النفط والأراضي والأصول الأخرى التي يقول إن فنزويلا «سرقتها» من الولايات المتحدة، وقال: «لقد استولوا على حقوقنا النفطية. كان لدينا الكثير من النفط هناك. لقد طردوا شركاتنا، ونريد استعادتها»، وهي إشارة لقيام فنزويلا بتأميم قطاعها النفطي في عام 1976، ما أثر على الشركات الأميركية. لكن تصريحات ترمب بعدم استبعاد شن حرب ضد فنزويلا تقابلها انتقادات واعتراضات من المشرعين بالكونغرس؛ إذ ينص الدستور الأميركي على ضرورة موافقة الكونغرس على أي أعمال حربية في البر أو البحر. كما يكشف استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيياك أن 53 في المائة من الأميركيين يعارضون هجمات ترمب على السفن في المياه الإقليمية لفنزويلا، ويعارض 63 في المائة أي عمل عسكري ضد فنزويلا.

ولم يطالب ترمب علناً بتنحي مادورو عن السلطة، لكنه قال مراراً وتكراراً إن أيام الزعيم الفنزويلي أصبحت معدودة. وأفادت بعض التقارير بأن ترمب أعطى الضوء الأخضر لعمليات سرية ضد نظام مادورو الذي يسيطر على فنزويلا منذ عام 2013.

وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن هناك ما يصل إلى 11 مليون برميل من النفط الخام الفنزويلي عالقة على متن 39 ناقلة ترسو قبالة الساحل الفنزويلي. ويمثل النفط أكثر من 80 في المائة من الصادرات لفنزويلا، ونحو 90 في المائة من إيرادات الحكومة، مما يفاقم الوضع الاقتصادي الداخلي الذي يعاني منذ سنوات من الانهيار الاقتصادي نتيجة للسياسات الاشتراكية في فنزويلا. ويعاني 80 في المائة من سكان فنزويلا من مستويات عالية من الفقر.

هل ينجو مادورو؟

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحمل سيفاً كان ملكاً لإيزيكيل زامورا وهو جندي فنزويلي وقائد الفيدراليين في الحرب الفيدرالية في حين يخاطب أنصاره خلال مسيرة لإحياء ذكرى معركة سانتا إينيس في نفس اليوم الذي مُنحت فيه زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو جائزة «نوبل للسلام» لعام 2025 في النرويج... وذلك في كاراكاس بفنزويلا يوم 10 ديسمبر 2025 (رويترز)

وأشارت ميليسا فورد مالدونادو مديرة مبادرة نصف الكرة الجنوبي بمعهد «سياسة أميركا أولاً» إلى أن «الديكتاتور الفنزويلي تحدى لسنوات التوقعات بانهيار نظامه، إلا أن التصعيد المتواصل من قبل إدارة ترمب لمصادرة ناقلات النفط وفرض حصار على السفن، يضرب النظام الفنزويلي في أضعف نقاطه، وهي تجارة النفط الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد، مما يعرض نظام مادورو لخطر شديد؛ لأنه لا يستطيع البقاء دون عائدات النفط». وأضافت: «يحتاج مادورو لأموال النفط لشراء الولاء ودفع رواتب الجنرالات والكارتلات للبقاء في السلطة».

من جانبه، أشار جورج جرايساتي رئيس مجموعة «الإدماج الاقتصادي» إلى أن الضغط النفطي وحده لن يؤدي إلى إسقاط نظام مادورو، بل «مزيج من العقوبات والمصادرات لناقلات النفط، إضافة إلى العزلة الدولية». وقال: «الضغط النفطي وحده لا يكفي، والضغط الدبلوماسي وحده لا يكفي، لكن حينما تجتمع كل هذه العوامل فهناك فرصة أكبر بكثير لسقوط مادورو فعلياً».

ويختلف معه كالي براون رئيس شركة «بولاريس» للأمن القومي الذي أشار إلى أن «الأنظمة الاستبدادية غالباً ما تتغلب على العقوبات من خلال التحول إلى مصادر إيرادات غير مشروعة، ولا يظهر نظام مادورو اهتماماً كبيراً بتأثير العقوبات الأميركية على شعبه».

ويرى محللون أن استراتيجية «الخنق الاقتصادي» التي تمارسها إدارة ترمب قد تؤدي إلى نتائج عكسية تعزز موقف مادورو الذي يروج لرواية «سرقة النفط في ممارسة استعمارية جديدة»، وتجتذب هذه الرواية جمهوراً من الفنزويليين غير المؤيدين له، وتعاطفاً من شرائح اجتماعية معارضة ومترددة، لكنها حساسة لانتهاكات السيادة.

ويرى مسؤولون سابقون أن هذه الاستراتيجية الأميركية إذا لم تنجح في إقناع مادورو بالفرار، فلن يتبقى أمام الولايات المتحدة سوى خيارين؛ الانسحاب أو تغيير النظام بالقوة. ويقول إليوت أبرامز المبعوث الخاص لترمب في ولايته الأولى إلى فنزويلا، إنه «من الممكن أن يعلن الرئيس في غضون شهر أو شهرين النصر، على أساس أن تهريب المخدرات بحراً قد انخفض بشكل كبير، لكن إذا نجا مادورو وانسحب ترمب فهذه هزيمة».

وحذر المحللون من التحديات التي ستنجم من الإطاحة المفاجئة للنظام في كاراكاس، ونصحوا إدارة ترمب بالنظر في عروض الوساطة المقدمة من المكسيك والبرازيل اللتين تحرصان على تجنب التصعيد المسلح في أميركا اللاتينية.