عائلة كولومبية تتخلى عن تربية المواشي لرعاية حيوانات تضررت من إزالة الغابات

عائلة زابتار في محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)
عائلة زابتار في محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)
TT
20

عائلة كولومبية تتخلى عن تربية المواشي لرعاية حيوانات تضررت من إزالة الغابات

عائلة زابتار في محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)
عائلة زابتار في محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)

يتشارك اثنان من الكوغر حديثي الولادة وحيوان من قوارض النيص غرفة داخل منزل عائلة زاباتا التي أحجمت قبل نحو عشر سنوات عن تربية المواشي، واستبدلتها بالاعتناء بحيوانات الأدغال الكولومبية التي تدفع فاتورة باهظة جراء إزالة الغابات.

في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، تقول دورا سانشيز التي تدير مع زوجها وابنتهما محمية نوبانا في مقاطعة غوافياري في جنوب كولومبيا «عندما وصلنا إلى المحمية لم تكن هناك دودة واحدة، كانت التربة مضغوطة».

دورا سانشيز تطعم براون كابوشين (ساباجوس أبيلا) في محمية لا أوبانا الطبيعية كجزء من عملية إعادة التأهيل في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)
دورا سانشيز تطعم براون كابوشين (ساباجوس أبيلا) في محمية لا أوبانا الطبيعية كجزء من عملية إعادة التأهيل في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)

وتتابع مهندسة الزراعة المتخصصة في الأحراج والبالغة 48 عاماً «بدأت في إجراء اختبارات واعتماد أنظمة زراعية، وبدأنا نرى تغييرات في الغابة وعودة الحياة البرية»، مضيفةً «أدركت عائلتي تدريجياً أن ما اعتمدناه جيداً».

وفي العام 2012، تخلّت العائلة نهائياً عن تقليد تربية المواشي في المنطقة والذي تطلب قطع غابات لتحويلها مراعي. وكان معظم الوافدين الجدد إلى القطاع عام 1997، يمارسون تربية المواشي أو زراعة أوراق الكوكا، وهي مادة خام يُصنع منها الكوكايين وتُعد كولومبيا أكبر منتج لها في العالم. وفي الممارستين، كانت الغابة هي الضحية.

منظر جوي يُظهر محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)
منظر جوي يُظهر محمية لا أوبانا الطبيعية (أ.ف.ب)

وتعمل العائلة راهناً مع الحكومة المحلية لإنعاش الحياة البرية. ويتلقى نحو ستين حيواناً من أنواع مختلفة كالأرماديلو والأصلوت والكوغر والنيص، رعايةً في المحمية.

واستُقدمت الحيوانات من أشخاص كانوا يربّونها أو على وشك بيعها. وتمثل حيوانات أخرى كالكوغر الصغير ضحايا جانبية لإزالة الغابات في مقاطعة خسرت 25 ألف هكتار من الغابات في العام 2021.

وتؤكد ربة الأسرة التي أعادت زراعة الأشجار تدريجياً أنّ «هذه المزرعة كانت مخصصة لتربية المواشي، ومن بين 56 هكتاراً يشكل 12 منها فقط غابات جرى استغلالها».

وتضيف «قلنا لأنفسنا أخيراً (لنتوقف عن تربية المواشي! ونختار الغابة والأشجار)». وتغطي الغابة اليوم 40 هكتاراً من مساحة المحمية التي تشهد زيارات سياحية. ويقدِم البعض على «تبنّي» حيوانات ويساهمون تالياً في رعايتها.

وتبدي سامانتا زاباتا، وهي كريمة الزوجين، سعادة وحزناً في الوقت نفسه وهي تُطعم بزجاجة حيوان كوغر يبلغ أسبوعين. وتقول طالبة الهندسة الزراعية البالغة 23 عاماً «إن الحيوانات لطيفة (...) لكنّها حزينة أيضاً لأن أمها قُتلت».

يمكن حمل الصغيرين في يد واحدة، ولكن في غضون بضعة أشهر عندما يخسران البقع على فرائهما، سيصبحان ثاني أكبر نوع من فصيلة السنوريات في الأميركتين بعد الجكوار.

وعلى غرار معظم الحيوانات في المحمية، تم إنقاذهما من هيئة التنمية المستدامة في شمال الأمازون وشرقه، وهي هيئة بيئية محلية.

حيوانات الغابة في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)
حيوانات الغابة في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)

ويقول البيطري أدولفو برافو: إنّ امرأة من بلدية كالامار على بعد نحو 80 كيلومتراً، عثرت عليهما في الغابة «مع الحبل السري في حين كانت عيونهما مغلقة (...) ومغطيان بالنمل وأوراق يابسة». يقول «نعتقد أنّ الأم نفقت نتيجة الصيد الجائر».

وتندد دورا سانشيز بإزالة الغابات، وتقول «بدأ الناس في توسيع المساحات الزراعية وغزو موائل السنوريات»، مضيفةً «في بعض المناطق، جرى التخلي عن الحيوانات كما لو كانت تعيش على جزر. فماذا يفعل السنوري؟ يصطاد ثم يُقتَل».

بومة شوهدت في محمية لا أوبانا الطبيعية كجزء من عملية إعادة التأهيل في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)
بومة شوهدت في محمية لا أوبانا الطبيعية كجزء من عملية إعادة التأهيل في أغوا بونيتا بسان خوسيه ديل غوافياري - كولومبيا (أ.ف.ب)

وتقول زاباتا «في الوقت الراهن، يتغذى صغيرا الكوغر على تركيبة قريبة من حليب الثدي. وبعد قرابة الأربعة أو الخمسة أشهر سنبدأ بإطعامهما لحوماً (...) وفرائس حية حتى يتعلّما الصيد»، مبديةً أملها في ألّا «يُقرّر أن يعيشا داخل أقفاص».

أما والدها هيكتور زاباتا (57 عاماً) فيعدّ أنّ «القدرة على توجيههما تدريجياً نحو إطلاقهما قريباً أو مستقبلاً تمثل أحد أصعب التحديات التي يتعيّن علينا مواجهتها».


مقالات ذات صلة

حرائق الغابات تتسبب في إصدار أمر إخلاء إجباري في ولاية نورث كارولاينا

الولايات المتحدة​ منازل محترقة في ألتادينا بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرائق الغابات تتسبب في إصدار أمر إخلاء إجباري في ولاية نورث كارولاينا

تسبَّبت حرائق الغابات في ولاية نورث كارولاينا الأميركية في إصدار أمر إخلاء إجباري في إحدى المقاطعات، حيث تعمل طواقم الطوارئ على السيطرة على النيران.

«الشرق الأوسط» (نورث كارولاينا )
آسيا مروحية تحاول إخماد حريق اندلع في غابات بمقاطعة جنوب جيونج سانج (ا.ف.ب)

مقتل 4 أشخاص جراء حرائق غابات في كوريا الجنوبية  

لقي أربعة أشخاص حتفهم في حرائق الغابات التي اندلعت في كوريا الجنوبية، وأعلنت الحكومة حالة الكارثة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا جانب من حريق الغابات بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

«الأمم المتحدة»: كوارث المناخ اضطرت أعداداً قياسية من البشر للفرار خلال 2024

أجبرت كوارث المناخ مئات الآلاف من البشر على الفرار، خلال العام الماضي، ما يبرز الحاجة المُلحة إلى أنظمة إنذار مبكر تغطي الكوكب بأَسره.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

بعد أقل من عام على أسوأ حرائق غابات في تاريخ بوليفيا، يجد المزارعون أنفسهم أمام خيارين: إما مواصلة إشعال الحرائق لتنظيف الأراضي من أجل الزراعة، أو زرع الأشجار.

«الشرق الأوسط» (لاباز)

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
TT
20

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)

سلّط معرض ⁧فني، انطلق في الرياض الاثنين، الضوء على فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي، من خلال أعمال تتيح للجمهور خوض تجربة فنية فريدة، واكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن، وتأمل الحدود بين الإنسان والآلة.

ويقدم معرض «مكننة» الذي افتتح أبوابه في مركز الدرعية لفنون المستقبل، رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي، وعلى ممارسات فن الإعلام الجديد في العالم العربي، بمشاركة أكثر من 40 فناناً عربياً لاستكشاف تصوراتهم في توظيف التقنيات المعاصرة للتعبير الفني، وتكيفهم معها للتفاعل مع التغيرات الاجتماعية والتراث الثقافي والتحديات المعاصرة.

ويحتفي المعرض بإبداعات فناني الإعلام الجديد العرب، ويضعهم في قلب الحوار العالمي حول تأثير التكنولوجيا على الفن والمجتمع، من خلال 4 رحلات فكرية، هي «مكننة، الاستقلالية، التموجات، الغليتش»، وهي موضوعات تتقاطع فيها الهموم الفنية المتكررة عبر الأجيال، والجغرافيا، والأنماط التكنولوجية، واختيرت لاستكشاف الحضور العربي في قلب الحوارات الرقمية المعاصرة.

اكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن (مركز الدرعية)
اكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن (مركز الدرعية)

70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً

افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل، أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معرضه الفني الثاني «مَكْنَنَة... أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي».

ويقدّم المعرض التاريخ الغني لفنون الوسائط الجديدة في العالم العربي من خلال أكثر من 70 عملاً فنياً لأكثر من 40 فناناً من الروّاد العرب في هذا المجال، ويستلهم عنوانه من الكلمة العربية «مَكْنَنَة»، التي تعني إحالة العمل إلى الآلة، أو أن تكون جزءاً منه، ويطرح تساؤلاً جوهرياً حول كيفية تعامل الفنانين العرب مع التكنولوجيا، وكيف أعادوا توظيفها وتحدّوها لصياغة مفرداتهم الإبداعية الخاصة.

وتتفاعل الأعمال المختارة مع سياقات اجتماعية وسياسية راهنة، بدءاً من الاحتجاجات الرقمية، ومنطق الآلة، وصولاً إلى حفظ الذاكرة، والبيئات التخيلية، وجماليات الغليتشات.

70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً في المعرض (مركز الدرعية)
70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً في المعرض (مركز الدرعية)

رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي (الشرق الأوسط)
رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي (الشرق الأوسط)

ريادة سعودية في احتضان الفنون الرقمية

إلى جانب ما يعكسه معرض «مكننة» من تاريخ غني للفنانين العرب الذين خاضوا تجارب مع وسائط تكنولوجية غير تقليدية، في إطار التجدد والتفاعل مع قضايا العصر، يمثل المعرض من جهة أخرى ريادة السعودية في احتضان الفنون الرقمية، وجهود قطاعها الثقافي للاحتفاء بريادة الفنانين العرب، وفتح الأبواب أمام المبتكرين في مجالي الفن والتكنولوجيا عبر طيف ملهم من المواهب والأعمال الفنية.

المعرض الثاني لأول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مركز الدرعية)
المعرض الثاني لأول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مركز الدرعية)

ويفتح المعرض آفاق التأمل في مستقبل الفنون الرقمية والوسائط الجديدة، في أروقة أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو مركز الدرعية لفنون المستقبل، الذي انطلق كصرح للفنون والبحوث والتعليم، يهدف إلى ريادة الآفاق الجديدة للممارسة الإبداعية في تخصصات متنوعة، يتقاطع فيها الفن مع العلوم والتكنولوجيا.

وأُسّس المركز السعودي ليكون مساحة للمُبدعين من حول العالم للتعاون والتفكير والابتكار، مركّزاً على البحث والتوثيق وإنتاج الأعمال الفنية الجديدة المُلهمة.

ويقدّم المركز فرصةً للفنانين والباحثين للمشاركة في أنشطته المقرّرة، من فعاليات عامة وبرامج تعليمية وبرامج إقامة للفنانين والباحثين، إسهاماً منه في إثراء المشهد الفني في السعودية، وتعزيز مكانتها كوُجهة عالمية لفنون الوسائط الجديدة والرقمية، مع إبراز مواهب الفنانين الفاعلين في المنطقة ليتركوا بصمتهم المؤثرة في الفن والعلوم والتكنولوجيا.