مطالب أميركية بعقوبات ضد جنوب أفريقيا بسبب دعمها لروسيا

إلى أين تتجه العلاقات بين واشنطن وبريتوريا؟

الرئيس الروسي ورئيس جنوب أفريقيا خلال القمة الروسية - الأفريقية عام 2019 في سوتشي (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي ورئيس جنوب أفريقيا خلال القمة الروسية - الأفريقية عام 2019 في سوتشي (أ.ف.ب)
TT

مطالب أميركية بعقوبات ضد جنوب أفريقيا بسبب دعمها لروسيا

الرئيس الروسي ورئيس جنوب أفريقيا خلال القمة الروسية - الأفريقية عام 2019 في سوتشي (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي ورئيس جنوب أفريقيا خلال القمة الروسية - الأفريقية عام 2019 في سوتشي (أ.ف.ب)

أثيرت تساؤلات أخيراً تتعلق بالعلاقات المستقبلية بين واشنطن وبريتوريا، في أعقاب مطالبات لمشرعين أميركيين، الجمعة الماضي، بعقوبات ضد جنوب أفريقيا بسبب دعمها لروسيا. في حين يرى خبراء أن «توقيع واشنطن لعقوبات اقتصادية على بريتوريا سوف يسبب ضرراً للبلدين، وقد يدفع الأخيرة لتقارب أكبر مع موسكو وبكين، وتقليل الاعتماد على واشنطن كشريك اقتصادي وتجاري».

طلب المشرعين الأميركيين لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، جاء عبر رسالة في 9 يونيو (حزيران) الجاري، حصلت عليها صحيفة «نيويورك تايمز». وتم توجيه الرسالة من عدد من أعضاء الكونغرس، من الحزبين، إلى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي، جاكوب سوليفان، وممثلة التجارة الأميركية، كاثرين تاي. ووقع على الرسالة السيناتور كريس كونز، الديمقراطي من ولاية ديلاوير، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور جيم ريش، الجمهوري البارز في اللجنة. وتمت المصادقة على الرسالة من قبل المسؤولين الجمهوريين والديمقراطيين الأساسيين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.

وركزت الرسالة على منتدى سنوي لقانون النمو والفرص في أفريقيا المعروف باسم «أغوا» الذي من المقرر أن تستضيفه جنوب أفريقيا هذا العام. وجاء في الرسالة: «نشعر بقلق بالغ من أن استضافة بريتوريا (منتدى قانون أغوا 2023) سيكون بمثابة تأييد ضمني لدعم جنوب أفريقيا لغزو روسيا لأوكرانيا». وقال المشرعون إن نقل المؤتمر إلى دولة أخرى سيكون بمثابة «رسالة قوية من الحكومة الأميركية، وإن الإجراءات التي اتخذتها جنوب أفريقيا تُشكك في (أهليتها) للحصول على مزايا تجارية بموجب قانون أغوا، نظراً للمتطلبات القانونية التي تنص على أن الدول المستفيدة لا تشارك في أنشطة تقوض الأمن القومي للولايات المتحدة أو مصالح سياستها الخارجية».

وقانون «أغوا» هو تشريع وافق عليه الكونغرس في مايو (أيار) عام 2000 لمساعدة اقتصادات أفريقيا، وتحسين العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وفتح الأسواق الأميركية أمام بضائع تلك الدول من دون رسوم جمركية.

وفي حديثه لوسائل الإعلام في بريتوريا، الاثنين الماضي، قال فينسينت ماجوينيا، المتحدث باسم الرئاسة في جنوب أفريقيا، إن «الاقتراحات بأن البلاد ستتعرض لعقوبات دولية بسبب مواقف عدم الانحياز (طائشة وتضر باقتصادها)».

وأضاف: «أجرينا العديد من المناقشات الثنائية مع حكومة الولايات المتحدة، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستدرس فرض عقوبات على جنوب أفريقيا».

عبد العزيز أبو بكر، الصحافي المقيم في جوهانسبورغ، يرى أن «ضغوط المشرعين الأميركيين ودوائر أخرى مؤثرة في صناعة القرار بواشنطن في تزايد، وإدارة الرئيس بايدن ربما تستجيب للضغوط وتعاقب بريتوريا بشكل أو بآخر». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك عقوبات أخرى تمت الدعوة إليها من ضمنها فرض عقوبات على صناعة الدفاع في جنوب أفريقيا»، موضحاً أن «خيار إدانة بريتوريا للغزو الروسي لأوكرانيا (مستبعد للغاية)»، لافتاً إلى أنه «يُمكن أن تحاول جنوب أفريقيا استيعاب الولايات المتحدة من خلال الموافقة على بعض العقوبات ضد روسيا، لكن ليس جميعها، ومن المحتمل أن يُنظر إلى هذا على أنه حل وسط من قبل الجانبين».

وكان السفير الأميركي في جنوب أفريقيا، روبن بريدجيتي، قال في وقت سابق، إنه «متأكد من أنه تم تحميل أسلحة على سفينة روسية خاضعة للعقوبات الأميركية، رست في قاعدة سيمونز تاون البحرية في كيب تاون خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي».

وأعربت جنوب أفريقيا وقتها عن «خيبة أملها لأن السفير الأميركي اتخذ موقفاً علنياً (غير مثمر)». وسبق أن أعربت واشنطن عن قلقها إزاء مشاركة جنوب أفريقيا في مناورات عسكرية مع روسيا الاتحادية والصين جرت في فبراير (شباط) الماضي.

من جهتها، نفت جنوب أفريقيا تزويد روسيا بأسلحة. وأصرت على أنها تظل محايدة فيما يتعلق بالحرب الروسية - الأوكرانية.

وهنا أشار أبو بكر إلى أن «خيار مقاومة بريتوريا للعقوبات الأميركية المحتملة مطروح أيضاً، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التوترات بين البلدين، ويشمل هذا الخيار أن تلجأ جنوب أفريقيا إلى البحث عن مصادر بديلة للتجارة والاستثمار».

في السياق، قال صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة الأميركية من غير المرجح أن تستجيب لضغوط المشرعين في الوقت الحالي، لا سيما في ظل المبادرة الأفريقية التي تقودها بريتوريا لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، وفي ظل محاولة واشنطن مجابهة تزايد النفوذ الروسي والصيني في القارة».

وأضاف: «هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات الوثيقة والتاريخية بين بريتوريا وموسكو انتقادات من المشرعين الأميركيين، لكن مسألة اتخاذ قرار بعقوبات اقتصادية كبيرة على جنوب أفريقيا ستضر بالمصالح الأميركية والغربية، وستدفع الحكومة في بريتوريا إلى درجات أكبر من التعاون في كل المجالات مع موسكو والصين».


مقالات ذات صلة

مقاتلتان روسيتان تعترضان قاذفتين أميركيتين قرب مدينة كالينينغراد الروسية

العالم طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)

مقاتلتان روسيتان تعترضان قاذفتين أميركيتين قرب مدينة كالينينغراد الروسية

اعترضت مقاتلتان روسيتان من طراز «سوخوي 27» قاذفتين أميركيتين من طراز «بي - 52 ستراتوفورتريس» بالقرب من مدينة كالينينغراد الروسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

قال ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية، إن روسيا تقوم ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا، وذلك خلال قمة دولية في كمبوديا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا امرأة تمشي خارج مبنى السفارة البريطانية في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

روسيا تطرد دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس

أعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها طردت دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس، في أحدث ضربة للحالة المتدهورة بالفعل للعلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أضرار في موقع هجوم صاروخي روسي ضرب مبنى إدارياً لبنك متوقف عن العمل جنوب غربي أوكرانيا 25 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

روسيا تستهدف البنية التحتية الأوكرانية بأكبر هجوم مسيّرات منذ بدء الحرب

قال مسؤولون أوكرانيون، الثلاثاء، إن القوات الروسية شنّت أكبر هجوم لها على الإطلاق بطائرات مسيّرة على أوكرانيا الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فريق ترمب ينظر إيجابياً إلى اتفاق وقف النار في لبنان

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)
TT

فريق ترمب ينظر إيجابياً إلى اتفاق وقف النار في لبنان

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)

ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» الإخبارية الأميركية، اليوم الثلاثاء، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب اطلع على خطة وقف إطلاق النار في لبنان وينظر إليها بشكل إيجابي.

ونقلت «سي بي إس» عن مسؤول أميركي قوله، إن إيران اطلعت أيضاً على الاتفاق «نظراً لدعم طهران (حزب الله) اللبناني».

وأضاف المسؤول الأميركي أن الرئيس جو بايدن سيشير في كلمة من المقرر أن يلقيها في وقت لاحق اليوم للإعلان عن الاتفاق، إلى فرنسا، قائلاً إنها ستشارك في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في خطاب بثه التلفزيون إنه مستعد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، مضيفاً أنه سيعرض الاتفاق على مجلس الوزراء بكامل تشكيله في وقت لاحق اليوم.

ووسعت إسرائيل الحرب التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في سبتمبر (أيلول)، وقتلت الأمين العام لجماعة «حزب الله» حسن نصر الله والكثير من كبار قادة الجماعة اللبنانية التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف من جنوب لبنان، وألحقت دماراً واسعاً في أنحاء مختلفة من البلاد.