هدوء حذر في العاصمة السودانية... دوي مدافع متقطع وتحليق طيران

أشخاص يسيرون في أحد شوارع الخرطوم اليوم 13 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون في أحد شوارع الخرطوم اليوم 13 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
TT

هدوء حذر في العاصمة السودانية... دوي مدافع متقطع وتحليق طيران

أشخاص يسيرون في أحد شوارع الخرطوم اليوم 13 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون في أحد شوارع الخرطوم اليوم 13 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

قال سكان اليوم (الثلاثاء)، إن العاصمة السودانية (الخرطوم) تشهد هدوءاً حذراً بعد قتال عنيف بالمدافع والطيران بين الجيش وقوات «الدعم السريع» استمر ليومين على التوالي، عقب هدنة قصيرة لمدة 24 ساعة انتهت صباح أول من أمس.

وأبلغ سكان جنوب العاصمة «وكالة أنباء العالم العربي» بأن القصف المدفعي وسقوط القذائف على الأحياء استمر حتى وقت متأخر من مساء أمس الاثنين. وقال المواطن أيوب جمعة: «على الرغم من توقف القتال صباح اليوم، فإن الطيران الحربي ما زال يحلق في سماء العاصمة، ما يعني أن هناك نية لاستمرار القتال».

وأضاف: «لم يتوقف تساقط الدانات والقذائف على أحياء جنوب الخرطوم منذ يومين. مساء أمس، سقطت دانة بمنزل أحد الجيران تسببت في جروح لشخصين، وكسر في قدم رب الأسرة».

وأشار أيوب إلى أن الأسرة وجدت صعوبة في الوصول إلى مستشفى «بشائر»، وهو المستشفى الوحيد الذي يعمل بمنطقة جنوب الخرطوم؛ بسبب استمرار القتال وانتشار القوات العسكرية في الطرق الرئيسية والأزقة في الأحياء.

وأضاف: «كانت الدماء تغطي المكان، ولم نستطع فعل شيء. هذا إحساس صعب للغاية».

وأعلنت اللجنة التمهيدية «لنقابة أطباء السودان» في مطلع يونيو (حزيران) الحالي أن 66 في المائة من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة.

وأبلغ سكان في مدينة أم درمان «وكالة أنباء العالم العربي» بسماع دوي طلقات مدافع متقطع شمال المدينة، صباح اليوم، مع تحليق مكثف للطيران الحربي.

وأشارت ماريا حامد، التي تسكن شمال المدينة، في حوار مع «وكالة أنباء العالم العربي» إلى أن الأوضاع هدأت صباح اليوم. لكنها قالت: «نسمع دوي مدافع من وقت لآخر. كانت الاشتباكات أمس في الشوارع المحيطة بنا؛ تساقطت فوارغ الرصاص في فناء منزلنا، وفي شوارع الحي، واضطررنا للاختباء تحت الأسرّة».

وذكرت أن الاشتباكات أدت إلى اندلاع حريق في إحدى الصيدليات الكبرى التي تعمل بانتظام منذ بداية الصراع المسلح بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وأن معظم المحال التجارية والمخابز بالمنطقة لم تتمكن من فتح أبوابها نتيجة للرعب.

وتتخوف ماريا من أن يؤدي استمرار الاشتباكات وسط الأحياء إلى إحجام أصحاب المحال التجارية والمرافق الخدمية عن العمل بسبب المخاطر الأمنية العالية.

ويعاني المدنيون في السودان ظروفاً معيشة صعبة، حيث تحوّلت مناطق سكنية في الخرطوم وأنحاء أخرى من البلاد إلى ساحات للمعارك العسكرية، مع انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة، وخروج العديد من المستشفيات عن الخدمة.

واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» على نحو مفاجئ في منتصف أبريل (نيسان)، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

وكان من المفترض أن تنتهي تلك العملية بإجراء انتخابات في غضون عامين؛ لكن الطرفين كانا قد اختلفا حول خطط دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش.

واتفق الطرفان على أكثر من هدنة خلال المعارك المستمرة بينهما منذ ما يقرب من الشهرين، كان آخرها برعاية سعودية - أميركية؛ لكنهما يتبادلان الاتهامات بانتهاكها مراراً.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة توصل ممثلي الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أنحاء السودان كافة لمدة 24 ساعة، تبدأ اعتباراً من الساعة السادسة من صباح يوم السبت الماضي بتوقيت الخرطوم.

وقال البلدان الميّسران للمحادثات، في بيان مشترك أمس، إنهما لاحظا أن وقف إطلاق النار الذي انتهى صباح الأحد «مكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة».

غير أن الرياض وواشنطن عبّرتا عن أسفهما الشديد لعودة الطرفين إلى أعمال العنف فور انتهاء الهدنة القصيرة، وأبدتا استعدادهما لاستئناف المحادثات «بمجرد أن يُظهر طرفا الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة» لحماية المدنيين في السودان.

وفي شمال كردفان، التي تعاني من حصار مستمر منذ بدء القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، يتعرض سكان مدينة أم روابة القريبة من الأبيض، حاضرة الولاية، لعمليات نهب مسلح نتج عنها عدد من الإصابات.

وقال مالك محمد، الطبيب بمستشفى أم روابة: «منذ الساعة العاشرة من مساء أمس وحتى الصباح، تحول مستشفى أم روابة إلى بؤرة مصابين برصاص جراء نهب مسلح عند مدخل المدينة. أكثر من 4 إصابات في حوادث مختلفة حتى اللحظة وقابلة للزيادة، لأن هناك مفقودين والوضع الأمني بالمستشفى في غاية السوء».

وشكا مالك في تصريح لـ«وكالة أنباء العالم العربي» من اقتحام أفراد مسلحين يرتدون زياً مدنياً الغرف أثناء إجراء عملية جراحية، في غياب تام لأفراد الأمن بالمستشفى. وقال: «هذه ليست بيئة عمل».

وذكر أن الأمر ذاته تكرر أول من أمس، لكن الفرق أن حوادث النهب تلك كانت بالأسلحة البيضاء، في ظل غياب تام لقوات الشرطة المدنية، مشيراً إلى أن أصوات الذخيرة تتعالى يومياً بعد صلاة العشاء «نتيجة للحرب الدائرة، وبالتأكيد سيمضي الأمر إلى أسوأ من ذلك ما دامت الحرب مستمرة».

وتشكلت قوات «الدعم السريع» قبل نحو 20 عاماً، حيث قاتلت إلى جانب القوات الحكومية من قبل في دارفور.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».