الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

في سياق حرب الجماعة الانقلابية ضد الحكومة الشرعية

منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
TT

الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)

صعَّدت الميليشيات الحوثية من الحرب الاقتصادية ضد الحكومة الشرعية في اليمن، وأرغمت التجار على تحرير تعهدات بالاستيراد عبر مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها، كما أغرقوا السوق بكميات كبيرة من غاز الطهي المستورد، ومنعوا دخول الشحنات التي كانت تأتي من مناطق سيطرة الحكومة، بعد أن استهدفوا مواني النفط ومنعوا تصديره.

وذكرت مصادر تجارية في مناطق سيطرة الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات بعد أسابيع على احتجاز ناقلات البضائع والمواد الغذائية في منفذ الراهدة الجمركي الذي استحدثته بالقرب من خطوط التماس مع القوات الحكومية في محافظة تعز، سمحت بمرور هذه الشحنات، ولكن بعد أن حرر التجار تعهدات بأن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يستوردون فيها عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وأن يلتزموا بتحويل وارداتهم عبر مواني الحديدة.

ومن شأن هذه الخطوة أن تحرم الحكومة اليمنية من مصدر مهم من مصادر تمويل الموازنة العامة، عبر الجمارك والضرائب التي كانت تدفع في مواني الاستيراد والمنافذ الحدودية، قبل أن يتم تخفيف قيود الاستيراد عبر المواني الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

الحوثيون يستولون على عائدات مواني الحديدة المخصصة للرواتب (إعلام حوثي)

مسؤولان حكوميان وصفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الخطوة التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي بأنها تصعيد في الحرب الاقتصادية التي أعلنتها ضد الشرعية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما استهدفت مواني تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، وتهديد سفن الشحن بالقصف إذا ما دخلت تلك المواني لنقل شحنات النفط الخام، وهو ما تسبب في إيقاف التصدير وحرمان الحكومة من نصف عائداتها من العملة الصعبة.

استغلال التسهيلات

وفق ما ذكره المسؤولان فإن الحوثيين يحصلون على شحنات مجانية من غاز الطهي الإيراني، ومنعوا توزيع الغاز المنتج محلياً في مناطق سيطرتهم، وهو ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من عائدات بيع غاز الطهي.

وأوضح المسؤولان أن الميليشيات إلى جانب أنها تحصل على هذه الشحنات بشكل مجاني فإنها تبيعها بزيادة تصل إلى 70 في المائة عن السعر الذي كان يباع به غاز الطهي المنتج محلياً، وهو ما يشكل مصدر دخل غير عادي للميليشيات، يستخدم في تمويل معسكرات تجنيد الأطفال، والتغيير الطائفي، وتكوين ثروات ضخمة، والاستمرار في وضع الاشتراطات والعراقيل التي أفشلت كل جهود إحلال السلام حتى الآن.

المسؤولان اليمنيان أوضحا أن إقدام ميليشيات الحوثي على إغلاق الطرق الرئيسة التي تربط مناطق سيطرة الحكومة بمناطق سيطرتهم منذ 4 أعوام، كان هدفه الضغط على الشرعية والتحالف، من أجل رفع القيود التي كانت مفروضة على تهريب الأسلحة وسط الشحنات التجارية الواصلة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

واتهم المسؤولان الجماعة الحوثية بأنها استغلت التسهيلات التي قُدمت مع بداية تطبيق الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في مطلع العام الماضي، في الحرب الاقتصادية ضد الحكومة، من خلال إرغام التجار على تحويل بضائعهم إلى المواني التي يديرونها، بغرض الحصول على موارد إضافية وحرمان الحكومة منها.

الحوثيون يستهدفون ميناء عدن عبر منع التجار من الاستيراد عبره (إعلام رسمي)

هذا التصعيد جاء عقب إقدام ميليشيات الحوثي على الإطاحة بقيادة الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة صنعاء، برئاسة رجل الأعمال المعروف حسن الكبوس، بسبب اعتراضها على ممارسات الميليشيات مع القطاع التجاري، ومداهمة المحال، وابتزاز التجار، ومصادرة البضائع، وفرض أسعار غير واقعية للسلع.

كما عينت الجماعة على رأس الغرفة التجارية أحد قادتها، ويدعى علي الهادي الذي يعمل مقدم خدمات لوجيستية للمنظمات الإغاثية؛ حيث تم فرضه من خلال جهاز المخابرات المشرف على العمل الإغاثي، كما أنه يستخدم مخازن ووسائل نقل المؤسسة الاقتصادية العسكرية، وليس له علاقة بالعمل التجاري من قبل.

التضخم وصل إلى 45 في المائة

سبق للاتحاد العام للغرف التجارية ومنظمات مجتمع مدني يمنية أن قادوا وساطات محلية متعددة طوال العامين الماضيين، بهدف إعادة فتح الطرق الرئيسية التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرة الميليشيات، إلا أنه عند تنفيذ الاتفاقات، وبعد تنفيذ الجانب الحكومي التزاماته، تعود الميليشيات وترفض ما تعهدت به للوسطاء، وتتمسك بموقفها؛ حيث تستغرق الطرق الفرعية التي يعبرها المسافرون من صنعاء إلى عدن أكثر من 13 ساعة بالسيارة الخاصة، ونحو 20 ساعة في حافلات النقل الجماعي، في حين أن هذه المسافة كانت تقطع خلال 6 ساعات.

وكانت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن جويس وونغ، قد أكدت أن الهجمات على مرافق تصدير النفط «حرمت الحكومة من معظم إيراداتها بالعملة الأجنبية التي تساوي نحو نصف الإيرادات الإجمالية».

الميليشيات الحوثية عينت موالين لها على رأس الغرفة التجارية بصنعاء (إعلام حوثي)

وذكرت وونغ، عقب مشاورات مع الجانب الحكومي، أن توقف تصدير النفط إلى جانب ارتفاع أسعاره عالمياً، أدى إلى اتساع العجز في المالية العامة اليمنية؛ حيث وصل إلى 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي، وتوقعت أن يتسع هذا العجز أكثر خلال هذا العام «إذا لم تُستأنف صادرات النفط رغم خفض النفقات الضرورية».

ممثلة صندوق النقد الدولي قالت إنه «على الرغم من التفاؤل الحذر بشأن عملية السلام الجارية، فما زالت الأزمة الاقتصادية والإنسانية ماثلة في اليمن»، وإن التقديرات الحالية تشير إلى أن 17 مليون شخص سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، وإن الأسعار المحليّة للغذاء والوقود مرتفعة؛ حيث وصل معدّل التضخم في أسعار الغذاء إلى 45 في المائة في 2022.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحض واشنطن على ضربة مزدوجة لإيران والحوثيين

شؤون إقليمية أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

إسرائيل تحض واشنطن على ضربة مزدوجة لإيران والحوثيين

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن جهود حثيثة لإقناع الإدارة الأميركية بوضع خطة لتنفيذ ضربة عسكرية واسعة ومزدوجة تستهدف الحوثيين في اليمن وإيران في الوقت ذاته.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو: إسرائيل ستتحرك ضد الحوثيين

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل ستواصل التحرك ضد جماعة الحوثي في اليمن، متهماً إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لمقاتلة أميركية تستعد للإغارة على مواقع للحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

الجيش الأميركي يعلن سقوط مقاتلة في البحر الأحمر بـ«نيران صديقة»

أعلن الجيش الأميركي، أن طيارين اثنين من البحرية الأميركية قد تم إسقاطهما فوق البحر الأحمر في حادثة تبدو أنها نتيجة «نيران صديقة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي ينفذ غارات جوية دقيقة على منشأتين للحوثيين في صنعاء

قال الجيش الأميركي إنه نفذ غارات جوية دقيقة على مستودع لتخزين الصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة تديرهما جماعة الحوثي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)

إسرائيل تدرس خياراتها في الرد على الحوثيين وتبدأ برسم «صورة استخباراتية»

تدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها، وآخرها صاروخ سقط أدى إلى أضرار وإصابات يوم السبت، لكنها تواجه عدة مشكلات، بعدّ الجبهة بعيدة.

كفاح زبون (رام الله)

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.