في الريف الإنجليزي... أكبر «بنك للبذور» يحمي آلاف النباتات من الزوال

عالم يحمل بذوراً شبيهة بالبذور المخزنة في «ميلّينيوم سيد بنك» في وايكهورست جنوب لندن في 25 أبريل 2023 (أ.ف.ب)
عالم يحمل بذوراً شبيهة بالبذور المخزنة في «ميلّينيوم سيد بنك» في وايكهورست جنوب لندن في 25 أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

في الريف الإنجليزي... أكبر «بنك للبذور» يحمي آلاف النباتات من الزوال

عالم يحمل بذوراً شبيهة بالبذور المخزنة في «ميلّينيوم سيد بنك» في وايكهورست جنوب لندن في 25 أبريل 2023 (أ.ف.ب)
عالم يحمل بذوراً شبيهة بالبذور المخزنة في «ميلّينيوم سيد بنك» في وايكهورست جنوب لندن في 25 أبريل 2023 (أ.ف.ب)

يشكّل «ميلّينيوم سيد بنك» في الريف الإنجليزي إلى الجنوب من لندن أكبر بنك للبذور في العالم، إذ يحفظ عند حرارة 20 درجة دون الصفر في خزائنه المقاومة للفيضانات والقصف والواقعة تحت الأرض، 40 ألف نوع تعود إلى نباتات برية من كل أنحاء العالم.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، الكثير من البذور يعود إلى أنواع مهددة بالانقراض، ما يجعل هذا الموقع في سباق مع الزمن، إذ إن اثنين من كل خمسة أنواع عرضة لهذا الخطر، بحسب العلماء.

بالنسبة لمخرج الأفلام الوثائقية ديفيد أتينبورو، وهو مرجع عالمي رئيسي في مجال العلوم الطبيعية، فإن بنك البذور هذا «قد يكون أهم مبادرة للحفاظ على البيئة تم تنفيذها على الإطلاق».

ويوضح البروفيسور جون ديكي، المسؤول عن هذا المشروع، أن الهدف من هذه المبادرة يتمثل في «الحفاظ على الأنواع البرية من خلال البذور، لمنع هذه الأنواع من الاختفاء على المدى الطويل».

ويتابع هذا الباحث البالغ 70 عاماً برنامج «ميلّينيوم سيد بنك» منذ إنشائه عام 2000 للاحتفال بحلول الألفية الثالثة. ويقع بنك البذور هذا في وايكهورست، وهو فرع من حديقة كيو غاردنز النباتية الشهيرة في غرب لندن.

ويتم تخزين ما مجموعه 2,5 مليار بذرة في المكان، بجميع الأشكال والألوان والأحجام، وهي تنتمي إلى 40 ألفاً و20 نوعاً مختلفاً من 190 دولة.

وتمثل هذه البذور ما يقرب من 20 في المائة من نباتات العالم. وتعطى الأولوية للنباتات المهددة، لا سيما بسبب تغير المناخ. ولكن أيضاً للنباتات المتوطنة، والتي لا يمكن العثور عليها إلا في منطقة جغرافية محددة... وثمة مكان أيضاً للنباتات ذات الفائدة للسكان، من وجهة نظر طبية أو اقتصادية.

ويوضح جون ديكي أن «الأنواع النباتية مهددة لأسباب عدة... خصوصاً تعديل استخدام الأراضي للزراعة، فيما يؤدي تغير المناخ دوراً متزايداً» في هذا المجال.

ويلفت إلى أن «بعض النباتات ستتكيف مع هذا الوضع، فيما البعض الآخر لن يتكيف... وعلى الأقل سيبقى لها أثر هنا، بدلاً من أن تزول تماماً من الوجود».

أقبية ضد الإشعاعات

يتلقى الموقع كل أسبوع بذوراً جديدة من جميع أنحاء العالم، لتبدأ بعدها عملية حفظها.

ويقول جون ديكي إن «الحفاظ على الحياة البرية لدينا يعتمد على التكنولوجيا التي كانت تُستخدم بالفعل في الأنواع المزروعة»، مضيفاً: «الأمر ليس معقّداً: عليك أن تجفف (البذور) وتنظفها وتجمدها». وبمجرد تجميدها، يمكن تخزينها لعقود، وربما قرون، بحسب ديكي.

يعمل فريق جون ديكي تحت نظر أفراد العامة في مختبرهم المغلق بالزجاج، في الموقع الذي يضمّ نحو عشرين باحثاً وعدداً قليلاً من المتطوعين.

تركز لوسي تايلور بحثها على بذور من نوع «ألبيزيا بوليفيلا» وصلت من مدغشقر. وتشرح قائلة: «تُعدّ مدغشقر مكاناً مثيراً للاهتمام للغاية لعلماء الأحياء لأنها تضمّ نباتات فريدة بفرادة الجزيرة التي انفصلت عن أفريقيا. إلى ذلك، فإن الضغوط الممارسة على الأراضي مهمة هناك» بسبب الزراعة.

تفصل لوسي تايلور البذور الفارغة عما عداها. وتقول: «الكثير منها فارغ أو موبوء بالحشرات أو الآفات الزراعية... لكننا نريد مجموعة من أفضل جودة ممكنة والمساحة لدينا محدودة».

يتم فحص البذور بالأشعة السينية للتحقق من وجود أمراض فيها.

كل منها لديه بطاقة تعريف، مع اسمها، وبلد المنشأ، وتاريخ وصولها إلى بنك البذور. ويتم تخزينها في عبوات زجاجية قبل تجميدها في أقبية تحت الأرض، بُنيت لمقاومة الفيضانات والقصف والإشعاع. ويدخل العلماء إلى هناك وهم يغطّون أنفسهم كما لو كانوا على قاعدة في القطب الشمالي أو القطب الجنوبي.

أكبر مجموعة من البذور هي تلك التي تنتمي إلى عائلة الأوركيد. ولكن هناك بالطبع نباتات نادرة، مثل أصغر زنبق الماء في العالم، أو ديشامبسيا أنتاركتيكا، ويسمى أيضاً عشب الشعر في القطب الجنوبي، وهو أحد النباتات المزهرة المحلية في القارة المتجمدة.

«ميلّينيوم سيد بنك»، الذي يتلقى تمويلا عاما وتبرعات، عقد شراكات مع 90 دولة. بعض الدول، مثل إندونيسيا، ترفض مشاركة بذورها مع بنك البذور هذا، لكنها تحتفظ بها في أراضيها.


مقالات ذات صلة

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق السباقات الهادفة (حساب ليندسي كول في فيسبوك)

«حورية بحر» بريطانية تحاول تحطيم الرقم القياسي العالمي للسباحة

تُخطِّط امرأة من بريستول لتحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول سباحة باستخدام «الزعنفة الواحدة» من خلال السباحة على طول نهر بريستول أفون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

ملابس متعددة الأغراض لأداء أمثل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق العِلم ومفاجآته (فريق إيكو)

وفاة السمكة «شارلوت» التي حَمَلت بلا تشارُك الحوض مع ذَكَر

أعلن حوض أسماك نورث كارولاينا وفاة سمكة الراي التي حَمَلت رغم عدم وجودها مع ذَكَر من نوعها في حوض لسنوات.

«الشرق الأوسط» (نورث كارولاينا)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية الأخرى، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وضرب أقوى إعصار هذا العام تايوان والفلبين ثم الصين هذا الأسبوع، مما أدى إلى إغلاق مدارس وشركات وأسواق مالية مع زيادة سرعة الرياح إلى 227 كيلومتراً في الساعة. وتم إجلاء مئات الآلاف على الساحل الشرقي للصين قبل وصول الإعصار إلى اليابسة، أمس الخميس.

ويقول العلماء إن العواصف المدارية الأقوى جزء من ظاهرة أوسع من الظواهر الجوية المتطرفة الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.

ودرس الباحثون بقيادة تشانغ وين شيا في الأكاديمية الصينية للعلوم البيانات التاريخية للأرصاد الجوية وخلصوا إلى أن 75 في المائة تقريباً من مساحة اليابسة في العالم شهدت ارتفاعاً في «تقلبات هطول الأمطار»، أو تقلبات أوسع بين الطقس الجاف والرطوبة.

وذكر الباحثون في بحث نشرته مجلة «ساينس» أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى زيادة قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بالرطوبة، مما يسبِّب تقلبات أوسع في هطول الأمطار.

وقال ستيفن شيروود، وهو عالم في مركز أبحاث تغير المناخ بجامعة نيو ساوث ويلز ولم يشارك في الدراسة: «التقلبات زادت في معظم الأماكن، ومن بينها أستراليا، مما يعني فترات أمطار أكثر غزارة وفترات جفاف أكثر جفافاً».

وأضاف: «سيزيد هذا الأمر مع استمرار ظاهرة الاحترار العالمي، مما يزيد من فرص حدوث جفاف و/ أو فيضانات».

ويعتقد العلماء أن تغير المناخ يعمل أيضاً على تغيير سلوك العواصف المدارية، بما يشمل الأعاصير، مما يجعلها أقل تواتراً لكن أكثر قوة.

وقال شيروود لـ«رويترز»: «أعتقد أن ارتفاع نسبة بخار الماء في الغلاف الجوي السبب الرئيسي وراء كل هذه الاتجاهات نحو ظواهر هيدرولوجية أكثر تطرفاً».

والإعصار «جايمي»، الذي وصل إلى اليابسة لأول مرة في تايوان، يوم الأربعاء، الأقوى الذي يضرب الجزيرة، منذ 8 سنوات.