قاعدة تنصت صينية في كوبا تستهدف أميركا مقابل مليارات الدولارات

مبنى السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا (أ.ف.ب)
TT

قاعدة تنصت صينية في كوبا تستهدف أميركا مقابل مليارات الدولارات

مبنى السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا (أ.ف.ب)

في خطوة من شأنها أن تزيد في تعقيد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، قبيل الزيارة المتوقعة لوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن لبكين، كشف مسؤولون أميركيون مطلعون على معلومات استخبارية سرية للغاية، أن الصين وقّعت اتفاقاً سرياً مع كوبا لبناء محطة تنصت إلكتروني في الجزيرة.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها، إن بناء المحطة سيعد تهديداً جيوسياسياً جديداً للولايات المتحدة، خصوصاً وأن كوبا لا تبعد عن البر الأميركي أكثر من 160 كيلومتراً، وقد يسمح لأجهزة المخابرات الصينية، بمراقبة الاتصالات الإلكترونية في جميع أنحاء جنوب شرقي الولايات المتحدة، حيث توجد العديد من القواعد العسكرية، ومراقبة حركة السفن الأميركية.

أضافت الصحيفة أن الصين وافقت في المقابل، على دفع مليارات عدة من الدولارات لكوبا التي تعاني ضائقة مالية للسماح لها ببناء محطة التنصت، وأن البلدين توصلا إلى اتفاق من حيث المبدأ.

كوبية تستخدم الفحم لإعداد الأكل لعائلتها بسبب نقص حاد بالغاز في 18 مايو الماضي (أ.ب)

وأثار كشف الموقع المخطط له، قلق إدارة بايدن التي تعتبر أن بكين هي أهم منافس اقتصادي وعسكري لها. كما يمكن النظر إليه على أنه تحدٍ صيني للرد على جهود الولايات المتحدة في تايوان؛ ما قد يسمح للقاعدة الصينية ذات القدرات العسكرية والاستخباراتية المتقدمة في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، من أن تُعدّ تهديداً جديداً غير مسبوق.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي: «على الرغم من أنني لا أستطيع التحدث عن هذا التقرير المحدد، فإننا ندرك جيداً، وقد تحدثنا مرات عدة، عن جهود الصين للاستثمار في البنية التحتية حول العالم، التي قد يكون لها أغراض عسكرية، بما في ذلك في نصف الكرة هذا... نحن نراقبها من كثب، ونتخذ خطوات لمواجهتها، ونبقى على ثقة من أننا قادرون على الوفاء بجميع التزاماتنا الأمنية في الداخل، وفي المنطقة، وحول العالم».

وبحسب «وول ستريت جورنال»، فقد وصف المسؤولون الأميركيون المعلومات الاستخباراتية عن محطة التنصت المخطط لبنائها، والتي تم جمعها على ما يبدو في الأسابيع الأخيرة، بأنها مقنعة. وقالوا إن القاعدة ستمكّن الصين من إجراء استخبارات إشارات، معروفة في عالم التجسس باسم «سيغينت»، والتي يمكن أن تشمل مراقبة مجموعة من الاتصالات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والبث عبر الأقمار الصناعية.

ورفض المسؤولون تقديم مزيد من التفاصيل حول الموقع المقترح للمحطة، أو ما إذا كان البناء قد بدأ. كما لم يكن من الممكن تحديد ما يمكن أن تفعله إدارة بايدن، إذا كان هناك أي شيء، لوقف بناء المحطة.

وجدد كشف هذه المحطة، الجدل السياسي حول التعامل مع كوبا، بعدما اكتفت إدارة بايدن باتخاذ إجراءات طفيفة، لإعادة دفع العلاقات التي كانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما قد اتخذتها، وأوقفتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب مع الجزيرة. فقد قامت بتوسيع نطاق الخدمات القنصلية للسماح لمزيد من الكوبيين بزيارة الولايات المتحدة، وأعادت بعض الموظفين الدبلوماسيين الذين تم إبعادهم بعد سلسلة من الحوادث الصحية الغامضة التي أثرت على الموظفين الأميركيين في هافانا. لكنها لم تعمد إلى إعادة العلاقات الطبيعية معها، ولم تسمح بتطوير العلاقات التجارية والاستثمارات الأميركية المباشرة.

وتصدت الولايات المتحدة من قبل لمنع القوى الأجنبية من بسط نفوذها في نصف الكرة الغربي، وعلى الأخص أثناء أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. ووصلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، إلى شفا حرب نووية بعد أن نشر السوفيات صواريخ ذات قدرة نووية في كوبا، مما دفع البحرية الأميركية إلى فرض حصار بحري على الجزيرة. تراجع السوفيات وأزالوا الصواريخ، وبعد بضعة أشهر، أزالت الولايات المتحدة بهدوء صواريخ باليستية متوسطة المدى من تركيا، كان السوفيات قد اشتكوا منها.

منطاد التجسس الصيني لحظة إسقاطه بصاروخ في الأجواء الأميركية يوم 5 فبراير (أ.ب)

وتأتي المعلومات الاستخباراتية حول القاعدة الجديدة في خضم جهود إدارة بايدن لتحسين العلاقات بالصين بعد أشهر من التوتر الذي أعقب إسقاط بالون تجسس صيني فوق الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام. وفي الشهر الماضي، قام مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز، بزيارة سرية لبكين، وأجرى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان محادثات مع مسؤول صيني كبير في فيينا. لكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت محطة التنصت الصينية المخطط لها، من بين القضايا التي تم بحثها في تلك اللقاءات.

وقال محللون إنه من المرجح أن تجادل بكين بأن القاعدة في كوبا لها ما يبررها بسبب الأنشطة العسكرية والاستخباراتية الأميركية القريبة من الصين.

وتحلق الطائرات العسكرية الأميركية فوق بحر الصين الجنوبي، وتشارك في المراقبة الإلكترونية. كما تبيع الولايات المتحدة الأسلحة إلى تايوان، التي تعدّها الصين مقاطعة منشقة، وتقوم بنشر قوات قريبة من الجزيرة، وتبحر سفنها عبر مضيق تايوان، فضلاً عن دورياتها الجوية، وكان آخرها إعلان تايبيه عن تحليق 37 طائرة مقاتلة في منطقة دفاعها الجوي.

وقال كريغ سينغلتون، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن منشأة التنصت في كوبا ستوضح أن «الصين مستعدة لأن تفعل الشيء نفسه في الفناء الخلفي لأميركا». وأضاف، أن «بناء هذه المحطة، يشير إلى مرحلة تصعيدية جديدة في استراتيجية الدفاع الأوسع للصين، وقد تكون غيّرت قواعد اللعبة بعض الشيء... اختيار كوبا هو أيضاً استفزاز متعمد».


مقالات ذات صلة

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
تكنولوجيا صورة لفرع شركة «مايكروسوفت» للتكنولوجيا في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأميركية (د.ب.أ - أرشيفية)

«مايكروسوفت» تواجه شكوى تتهمها بتخزين بيانات مراقبة إسرائيلية لفلسطينيين

تواجه مجموعة «مايكروسوفت» العملاقة للتكنولوجيا، شكوى تتهمها بأنها تخزّن بشكل غير قانوني داخل الاتحاد الأوروبي بيانات مراقبة الجيش الإسرائيلي لفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال مأدبة عشاء عمدة لندن بقاعة غيلدهول في وسط لندن... 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

بكين: ستارمر يوجّه «اتهامات لا أساس لها» بأن الصين تهدّد الأمن القومي البريطاني

اتهمت بكين، الثلاثاء، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بتوجيه «اتهامات لا أساس لها» بأن الصين تهدّد الأمن القومي البريطاني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا عناصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب - أرشيفية)

سجن 3 أشخاص في فرنسا بتهمة التجسس والتدخل لحساب روسيا

وُجهت اتهامات قضائية لـ3 أشخاص، أودعوا على إثرها السجن في باريس، في إطار تحقيق مع امرأة فرنسية روسية يُشتبه بها في التجسس الاقتصادي والتدخل لصالح روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ الجاسوس جوناثان بولارد (رويترز)

البيت الأبيض: لم نكن على علم بلقاء سفيرنا لدى إسرائيل مع جاسوس مدان

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن البيت الأبيض لم يكن على علم بلقاء السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي مع جوناثان بولارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
TT

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)

مثُل أميركي للمرة الأولى أمام المحكمة بعد توقيفه بتهمة وضع قنابل بدائية الصنع قرب مقار للحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن عشية أعمال الشغب في مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

ولم يقر بريان كول جونيور بالذنب خلال جلسة الاستماع الجمعة في المحكمة بواشنطن.

وأمرت القاضية موكسيلا أوباديايا بإبقاء كول الذي أُوقف في منزله في وودبريدج بولاية فرجينيا الخميس، قيد الاحتجاز حتى الجلسة المقبلة في 12 ديسمبر (كانون الأول).

ووجّه الادعاء إلى كول البالغ 30 عاماً تهمة نقل جهاز متفجر بين الولايات ومحاولة التدمير باستخدام مواد متفجرة.

ومثّل توقيفه أول تقدم كبير محرز في القضية التي أثارت العديد من نظريات المؤامرة في صفوف نشطاء اليمين المتطرف.

ولم تنفجر «القنابل الأنبوبية» التي وُضِعَت خارج مكاتب اللجنة الوطنية الديمقراطية واللجنة الوطنية الجمهورية في واشنطن مساء 5 يناير (كانون الثاني).

واكتشفت السلطات القنابل في اليوم التالي عندما اقتحم أنصار للرئيس دونالد ترمب مبنى الكابيتول في محاولة لمنع مصادقة الكونغرس على فوز غريمه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات.

ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) العديد من الصور ومقاطع الفيديو لمشتبه به مقنّع على مر السنوات، ورصد مكافأة مالية مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه، رفعها تدريجياً إلى نصف مليون دولار.


الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.