إبراهيموفيتش ليس مجرد مهاجم سويدي مغرور لا يلتزم بالقواعد

الأهداف المذهلة والبطولات وسوء السلوك جعلته نجماً لامعاً وشخصيته القيادية أصبحت نموذجاً يحتذى

كانت الموهبة لدى إبراهيموفيتش موجودة دائماً (غيتي)
كانت الموهبة لدى إبراهيموفيتش موجودة دائماً (غيتي)
TT

إبراهيموفيتش ليس مجرد مهاجم سويدي مغرور لا يلتزم بالقواعد

كانت الموهبة لدى إبراهيموفيتش موجودة دائماً (غيتي)
كانت الموهبة لدى إبراهيموفيتش موجودة دائماً (غيتي)

في سبتمبر (أيلول) عام 2003، كانت السويد قد حصلت للتو على ركلة جزاء ثانية ضد سان مارينو في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الأوروبية. وكان متخصص تسديد ركلات الجزاء في الفريق، كيم كالستروم، قد سدد الركلة الأول بنجاح ومن المتوقع أن يسدد ركلة الجزاء الثانية أيضا. لكن زلاتان إبراهيموفيتش، البالغ من العمر 21 عاماً آنذاك، كان له رأي آخر. لقد كان هو اللاعب الذي تم عرقلته داخل منطقة الجزاء، وأمسك بالكرة لتسديد ركلة الجزاء وسددها بالفعل بنجاح لتصبح النتيجة تقدم منتخب السويد بخماسية نظيفة، لكن باقي لاعبي الفريق لم يكونوا في حالة مزاجية جيدة للاحتفال معه بهذا الهدف، نظرا لأنه خالف تعليمات المدير الفني، والأسوأ من ذلك أنه تصرف بأنانية ووضع نفسه فوق الفريق!

من النادر للغاية أن يحدث أمر كهذا في السويد، لكن أحد الجوانب الأكثر روعة في مسيرة إبراهيموفيتش الكروية الطويلة والناجحة، والتي وضع حدا لها يوم الأحد الماضي وهو في الحادية والأربعين من عمره، هو أنه لاعب غير تقليدي في بلد من المفترض أن يلتزم فيه الجميع بالقواعد والتعليمات. لقد كان لاعباً مغروراً ومثيراً للجدل، ولم يكن يحب أن يلتزم بالقواعد، وأكد أنه سيصبح أفضل لاعب في العالم. لقد سرق دراجات، وألقى بالبيض على النوافذ.

جاء والدا إبراهيموفيتش من يوغوسلافيا، وكانت هناك أوقات خلال نشأته في السويد شعر فيها أن هذا البلد لا يناسبه. وكتب في سيرته الذاتية، التي تحمل اسم «أنا زلاتان»: «كنت شابا نحيلا، وكان أنفي كبيرا وأعاني من تلعثم في الكلام وأتلقى علاجا للنطق. جاءت إلي امرأة في المدرسة وعلمتني كيفية نطق الحرف (إس)، ورأيت أن الأمر كان مهينا، وشعرت أنه يتعين علي أن أثبت نفسي». وقد أثبت نفسه بالفعل داخل الملعب، حيث برز منذ سن مبكرة. بدأ إبراهيموفيتش مسيرته الكروية من خلال اللعب لنادي البلقان المحلي، ورغم أنه كان في العاشرة من عمره فقد تم استدعاؤه للمشاركة مع فريق النادي تحت 12 عاما، لكن انتهى به الأمر بالجلوس على مقاعد البدلاء كعقاب له على سوء سلوكه. وبعدما تأخر الفريق في الشوط الأول بنتيجة أربعة أهداف دون رد، قرر المدير الفني الدفع به ليقود الفريق للفوز بنتيجة ثمانية أهداف مقابل خمسة، وسجل إبراهيموفيتش جميع الأهداف الثمانية.

كانت الموهبة موجودة دائماً، لكنه لم يكن يتصرف بالشكل الصحيح دائما. كما كان كسولا بشكل واضح في بعض الأحيان، فعندما كان يركض بالخارج مع زملائه في فريق مالمو السويدي، كان يتسكع حتى يصبح الأخير ثم يقفز إلى حافلة وينزل بعدهم وينتظرهم حتى يصلوا ثم ينضم إلى المجموعة مرة أخرى. ومع ذلك، استمر في الملاعب لفترة طويلة للغاية، وربما يتمثل السبب الرئيسي في ذلك في حبه للتنافس وتصميمه الهائل على أن يكون في أفضل لياقة بدنية ممكنة. وفي المراحل الأخيرة من مسيرته الكروية - وبالتحديد منذ انتقاله إلى باريس سان جيرمان - أصبح نموذجاً يحتذى به لزملائه في الفريق. وقال ماركو فيراتي، الذي لعب مع إبراهيموفيتش في باريس سان جيرمان، ذات مرة: «في باريس سان جيرمان، كان من المثير للإعجاب أن تراه وهو لا يزال يتدرب مثل صبي يبلغ من العمر 18 عاماً. كما كان نموذجاً يحتذى به في غرفة خلع الملابس، فقد كان قائدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. في بعض الأحيان، كان يكفي أن تراه وهو يتدرب لكي ينتابك شعور بالرغبة في القيام بالمزيد من العمل».

وقال بول كليمنت، مساعد المدير الفني لباريس سان جيرمان السابق، لصحيفة «الغارديان» في عام 2014 إن إبراهيموفيتش كان «لاعباً استثنائياً من حيث القدرات والإمكانات والشخصية والقوة والحماس»، مشيرا إلى أن التزامه في التدريبات هو أحد أسباب هذا النجاح. وقال كليمنت: «أتذكر أنه شارك بشكل رائع في إحدى الحصص التدريبية التي لا يمكن أن أنساها على الإطلاق. كان ذلك بعد أيام معدودة من عودته من المشاركة مع منتخب بلاده في المباراة التي سجل فيها أربعة أهداف في مرمى المنتخب الإنجليزي (في نوفمبر/تشرين الثاني 2012). لقد كان الهدف الأخير الذي سجله للسويد خرافيا».

وأضاف: «كان لدينا فقط مجموعة صغيرة من اللاعبين، وكنا نتدرب من خلال تقسيمهم إلى فريقين يضم كل منهما خمسة لاعبين، ولم أر في حياتي لاعبا يتدرب على هذا النحو، من حيث الجودة والقوة والقيادة. لقد سجل هدفا خرافيا من ركلة خلفية مزدوجة يشبه الهدف الذي سجله في مرمى المنتخب الإنجليزي، لكن في ملعب صغير لا تتجاوز فيه مساحة المرمى مترين في متر واحد. لقد أصاب هذا الهدف الجميع بالذهول».

لقد ظل إبراهيموفيتش لفترة طويلة واحدا من أفضل 10 لاعبين في العالم. صحيح أنه لم يصل أبداً إلى مستويات كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي من حيث التألق المستمر لموسم كامل، لكنه كان لاعبا فذا يجعلك تشعر بالمتعة وأنت تشاهده داخل المستطيل الأخضر. لقد فاز بالدوري في هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وسجل أهدافا مذهلة، مثل هدفه الاستثنائي من ضربة خلفية مزدوجة في مرمى إيطاليا، وهدفه الخرافي بطريقة أكروباتية غريبة من مسافة 40 ياردة في مرمى إنجلترا، وهدفه على الطائر مع فريق لوس أنجلوس غالاكسي.

السويدي الأيقونة إبراهيموفيتش يسدل الستار على مسيرة مظفرة (رويترز)

وكان سلوكه خارج الملعب مثيرا للجدل أيضا، فعندما أثير نقاش في السويد حول سبب منح لاعب كرة قدم سيارة كهدية له بعدما نجح في كسر الرقم القياسي للمشاركة في أكبر عدد من المباريات، لكن لم يتم منح سيارة للاعبة عندما كسرت الرقم القياسي أيضا للمشاركة في أكبر عدد من المباريات في كرة القدم للسيدات، قال إبراهيموفيتش إنه من «السخافة» مقارنة كرة القدم للرجال بكرة القدم للسيدات، مشيرا إلى أن هذه اللاعبة يمكن أن تحصل على «دراجة عليها توقيعه الخاص» بدلاً من ذلك! كما أخبر ليبرون جيمس أن الرياضيين يجب أن يبتعدوا عن السياسة، وكان كثيرا ما يشير إلى نفسه باسم «الإله». في الحقيقة، لم يكن بحاجة للقيام بكل هذا، فقد كان جيداً بما يكفي لكي يتذكره عشاق كرة القدم بفضل الأشياء المذهلة التي يقوم بها على أرض الملعب. يمكن تلخيص بعض ما حققه بالأرقام - مثل الأهداف والتمريرات الحاسمة والجوائز والبطولات والألقاب - لكن من المستحيل تحديد أو وصف إرثه الأكثر أهمية. ربما لم يكن المواطن السويدي المثالي من حيث السلوك، لكنه أعطى أجيالاً من المهاجرين في وطنه أملاً في أن كل شيء ممكن، حتى لو نشأت في منزل مفكك في ضاحية فقيرة.

ولم يلعب «إيبرا» كثيراً هذا الموسم بسبب الإصابات المتكرّرة التي لحقت به، وعاد إلى الملاعب في فبراير (شباط) الماضي إثر عملية جراحية في ركبته اليسرى في مايو (أيار) 2022. سجّل هدفاً في مرمى أودينيزي خلال فوز فريقه 3-1 في مارس (آذار) الماضي، ما جعله أكبر لاعب يسجل هدفا في تاريخ الدوري الإيطالي. كان يرغب في خوض بطولة كبرى أخيرة في صفوف منتخب السويد وتحديداً كأس أوروبا عام 2024، لكنه أصيب مجدداً في أبريل (نيسان) في ربلة الساق ولم يعد إلى الملاعب.

نوّه به مدرب ميلان ستيفانو بيولي بقوله: «لا نستطيع إلا توجيه الشكر إليه لكل ما قام به من أجلنا. أمر حزين أن يقرّر بطل مثله ألا يمارس كرة القدم من الآن وصاعداً». تحدّث عنه مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي عندما كان في صفوف سان جيرمان في كتابه «أسراري كمدرب» عندما قال: «قدّموا لي زلاتان على أنه لاعب من الصعب إدارته». وأضاف: «لكني اكتشفت لاعباً محترفاً شديد التركيز دائماً على عمله».

*خدمة الغارديان


مقالات ذات صلة

«البريميرليغ»: السلبية تُخيم على مواجهة إيفرتون ونيوكاسل

رياضة عالمية من مباراة إيفرتون ونيوكاسل ضمن الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

«البريميرليغ»: السلبية تُخيم على مواجهة إيفرتون ونيوكاسل

فرض التعادل السلبي نفسه على مباراة إيفرتون ضد ضيفه نيوكاسل يونايتد، ضمن منافسات الجولة السابعة بالدوري الإنجليزي لكرة القدم، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كومباني مدرب بايرن ميونيخ (أ.ف.ب)

كومباني واثق من «النجاح» في مواجهة فرنكفورت

انتهت البداية المثالية لبايرن ميونيخ، بعد 6 انتصارات متتالية، عقب تعادله 1 - 1 مع باير ليفركوزن، حامل اللقب

رياضة عالمية سيغيب أليسون عن الملاعب لبضعة أسابيع (د.ب.أ)

ضربة لليفربول بإصابة الحارس أليسون وماك أليستر

تلقى ليفربول، متصدر الدوري الإنجليزي لكرة القدم، ضربة قوية بإصابة حارس مرماه البرازيلي أليسون بيكر، ولاعب وسطه الأرجنتيني ألكسيس ماك أليستر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ف.ب)

صدام بين غوارديولا ورابطة الدوري بشأن موعد بدء الموسم الجديد

غوارديولا: رابطة الدوري الإنجليزي لن تؤجل مباريات سيتي بعد كأس العالم للأندية.

رياضة عالمية لاعبو مانشستر يونايتد وأحزان السقوط بثلاثية أمام توتنهام (رويترز)

هل وصل تن هاغ إلى حافة الهاوية مع مانشستر يونايتد؟

ربما لم تعد عائلة غليزر تدير الأمور... لكن يبدو الأمر وكأنه لا يوجد أحد من الأساس يدير النادي الآن.


«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

«الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)
«الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

«الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)
«الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

أطلقت «الشرق للأخبار» في عام 2022، إحدى أبرز خدماتها المتخصصة في مجال الرياضة تحت اسم «الشرق رياضة»، وهي منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني.

وتهدف «الشرق رياضة» إلى تلبية احتياجات المتابع العربي من خلال توفير معلومات دقيقة وموثوقة حول جميع أنواع الرياضات، سواء أكانت محلية أم عالمية، مما يجعلها المصدر المثالي لعشاق الرياضة في العالم العربي. تُقدّم «الشرق رياضة» تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية، بما في ذلك مباريات الدوري، والبطولات الكبرى، والأحداث الرياضية البارزة التي تؤثر في الساحة الرياضية. هذه التقارير لا تقتصر على تقديم الأخبار فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل تحليلات دقيقة وشاملة من قبل مجموعة من الصحافيين الرياضيين والمحللين المحترفين، ويتميز هؤلاء المحللون بخبراتهم الواسعة ومعرفتهم العميقة باللعبة، مما يسمح لهم بتقديم رؤى وتحليلات تتجاوز الخبر السطحي، وتغوص في التفاصيل الفنية والتكتيكية. وعبر صفحات «الشرق للأخبار - رياضة»، يستطيع المشجعون متابعة أحدث أخبار الفرق واللاعبين، فضلاً عن التعمق في تحليل الأداء الفني والتكتيكي للفرق. يتناول المحتوى التحليلي الاستراتيجيات المتبعة والتكتيكات المستخدمة في المباريات، مما يسهم في تحسين فهم الجمهور للألعاب والمباريات التي يشاهدونها. من خلال هذه التحليلات، يتمكّن المتابعون من استكشاف كيفية تأثير القرارات الاستراتيجية في نتائج المباريات، وفهم الجوانب المختلفة التي تؤثر في الأداء الرياضي. بالإضافة إلى التغطية الإخبارية والتحليلية، كما توفر «الشرق رياضة» محتوى متنوعاً يشمل مقاطع الفيديو، والصور، والمقالات التثقيفية التي تسلط الضوء على جوانب مختلفة من الرياضة. تُمكّن هذه المكونات الجماهير من التفاعل مع المحتوى، ومشاركة آرائهم ومناقشاتهم، مما يعزز من تجربة المتابعة، ويشجّع على المشاركة النشطة في النقاشات الرياضية. من خلال التزامها بتقديم معلومات دقيقة وشاملة وتحليلات عميقة، تُعد «الشرق رياضة» بمثابة منصة رياضية رائدة تسهم في تعزيز الثقافة الرياضية، وتلبية تطلعات المتابعين في العالم العربي.