لماذا يشكل سد كاخوفكا قضية حيوية لأوكرانيا وروسيا؟

TT

لماذا يشكل سد كاخوفكا قضية حيوية لأوكرانيا وروسيا؟

صورة نُشرت اليوم 6 يونيو لسد كاخوفكا في نوفا كاخوفكا بالقرب من خيرسون تظهر تضرره (أ.ف.ب)
صورة نُشرت اليوم 6 يونيو لسد كاخوفكا في نوفا كاخوفكا بالقرب من خيرسون تظهر تضرره (أ.ف.ب)

تبادل الطرفان الروسي والأوكراني الاتهامات حول تفجير سد نوفا كاخوفكا الضخم، اليوم (الثلاثاء)، وهو سد كهرمائي مُقام على نهر دنيبرو في منطقة خيرسون، وقد غمرت المياه بالفعل العديد من القرى المجاورة.

ووفق تقرير محدث نشرته اليوم صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، يوفر هذا السد الذي هو بنية تحتية استراتيجية، المياه لجزء كبير من جنوب أوكرانيا. كما ينظم مياه النهر، ويخلق بحيرة صناعية لري المنطقة، للحفاظ على درجة حرارة مفاعلات محطة زابوريجيا للطاقة النووية، ولكن أيضاً لنقل المياه إلى شبه جزيرة القرم.

أشار التقرير إلى أن هذا البناء استراتيجي للغاية لكل من كييف وموسكو. وسرعان ما فهم الروس ذلك واستولوا عليه منذ الساعات الأولى من «العملية العسكرية الخاصة». في أغسطس (آب)، بينما كانت أوكرانيا تستعد لهجماتها المضادة في الشمال الشرقي والجنوب، أدى القصف المنسوب إلى قوات كييف إلى إحداث أضرار في السد، فتوقفت العديد من التوربينات. في أكتوبر (تشرين الأول)، وسط هجوم واسع النطاق (أوكراني) في الجنوب، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، روسيا، بتقويض السد و«الإعداد عن قصد لكارثة واسعة النطاق».

ويرجح باسكال لو بوتروما، الجيوسياسي والدكتور في التاريخ المعاصر والعلاقات الدولية، أن التفجير الأخير للسد سيعيق الهجوم الأوكراني المضاد، وسيواجه الأوكرانيون مباشرة العديد من النتائج السلبية الناتجة عن تفجير السد.

كما أنه بالإضافة إلى النزوح السكاني الهائل الذي سيحدثه التفجير على ضفتي نهر دنيبرو بسبب فيضان المياه، ستشهد المنطقة (خيرسون) بالتأكيد كارثة بيئية، لأن المناطق المحيطة بها سوف تجد نفسها غارقة بالمياه، حسب التقرير.

هل محطة زابوريجيا للطاقة النووية مهددة؟

أوضح التقرير أن سكان إقليم خيرسون قد يواجهون خطرين آخرين. ففي أكتوبر الماضي، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن انفجار السد «يمكن أن يدمر إمدادات المياه لجزء كبير من جنوب أوكرانيا».

لكن الخطر الأكبر يتعلق بمحطة زابوريجيا للطاقة النووية، إذ قد يؤثر تدمير السد على تبريد مفاعلات المبنى الذي يسحب مياهه من هذه البحيرة الاصطناعية التي تبلغ مساحتها 18 مليون متر مكعب. ومع ذلك، يقول لودوفيك دوبان، من الجمعية الفرنسية للطاقة النووية (SFEN)، أن في محطة زابوريجيا احتياطياً طارئاً من المياه، سيكون كافياً لتبريد المحطة لأشهر.

حرمان القرم من المياه؟

ولفت التقرير إلى أن تدمير السد يمكن أن يسبب مشكلات خطيرة للروس أيضاً، لأنه سيحرم شبه جزيرة القرم - التي ضمتها موسكو في عام 2014 - من المياه. إذ تغذي المياه الآتية من البحيرة الصناعية التي تشكلت من سد كاخوفكا، شبه الجزيرة باستمرار (عبر قناة شمال القرم، يبلغ طولها أكثر من 400 كم)، وتوفر نظرياً 85 في المائة من الاحتياجات المائية لشبه جزيرة القرم سنوياً، أي حوالي 3.5 مليار متر مكعب من المياه.


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً في منطقة باريس، بمستشفى نقل إليه قبل أسابيع.

وقالت عائلته في بيان تلقّته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنّ جان ماري لوبن توفي ظهر الثلاثاء، محاطاً بأفراد الأسرة».

جان ماري لوبن (رويترز)

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لليمين المتطرف» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو 70 عاماً... جزءاً من التاريخ».

وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، الذي زارته تضامناً بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجياً من الحياة السياسية، بداية من عام 2011، عندما توّلت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.

وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية. وفي يونيو (حزيران) كشف تقرير طبي «تدهوراً كبيراً» في حالته الجسدية والنفسية، صار معه عاجزاً عن «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين، التي جرت في باريس بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يفحص علبة حلوى داخل متجر «هايبركاشر» اليهودي في باريس (أ.ف.ب)

ومنتصف نوفمبر أُدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى، ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس، قرب منزله في رواي مالميزون. وأعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضراً، الثلاثاء، أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد 10 سنوات من هجمات يناير (كانون الثاني) 2015.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته خلال إحياء ذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» (أ.ب)

وكان جان ماري لوبن خطيباً مفوَّهاً ومحرضاً مثيراً للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

«الجبهة الجمهورية»

لكنه لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيساً، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل (نيسان) 2002، عندما كان عمره 73 عاماً بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات. وكان لهذا الانتصار جانب سلبي؛ فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.

لم يُعبر الرجل المتصلب مطلقاً عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء؛ بدءاً من عدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية، وعدم المساواة بين الأعراق؛ مروراً بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.

وبعد 22 عاماً، ففي حين فاز حزب «التجمع» الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيراً، لكنّه تحطّم على صخرة «الجبهة الجمهورية».

كان جان ماري لوبن متزوجاً من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجدداً من جاني لوبن. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».

وحيّاه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في «الهند الصينية» والجزائر، وعبّر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس»: «إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل، لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها».

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن جان ماري لوبن، و«بعيداً عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر... عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».