صندوق النقد يدعو الكويت لضبط المالية العامة وفرض ضرائب

طالب بإلغاء دعم الطاقة تدريجياً لخفض الإنفاق

عامل يعمل على تعبئة وقود في إحدى محطات الكويت (كونا)
عامل يعمل على تعبئة وقود في إحدى محطات الكويت (كونا)
TT

صندوق النقد يدعو الكويت لضبط المالية العامة وفرض ضرائب

عامل يعمل على تعبئة وقود في إحدى محطات الكويت (كونا)
عامل يعمل على تعبئة وقود في إحدى محطات الكويت (كونا)

دعا صندوق النقد الدولي الكويت، الاثنين، إلى ضبط أوضاع المالية العامة وإلغاء الدعم الكبير على الطاقة تدريجياً لخفض الإنفاق.

وقال صندوق النقد، في بيان خبراء الصندوق في ختام بعثة مشاورات المادة الرابعة لعام 2023: «سيتعين ضبط أوضاع المالية العامة بشكل كبير من خلال إجراءات على جانبي الإيرادات غير النفطية والنفقات».

وأضاف: «من أجل تخفيض الإنفاق الجاري، سيكون من الضروري ترشيد فاتورة أجور القطاع العام، وكذلك إلغاء الدعوم الكبيرة على الطاقة بالتدريج مع الاستعاضة عنها بدعم الدخل الموجه للأسر محدودة الدخل».

ضريبة القيمة المضافة

وشدد بيان الصندوق أيضاً على ضرورة فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة لزيادة الإيرادات غير النفطية، وفرض ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات المُحلاة، على نحو ما اتفق عليه مع بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى في عامي 2015 و2016.

غير أن البيان أكد أن التعافي الاقتصادي لا يزال مستمراً في الكويت بدعم من زيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، لافتاً إلى أنه تم احتواء التضخم وتعزيز رصيد المالية العامة والحساب الخارجي مع الحفاظ على الاستقرار المالي.

وأوضح أن احتواء التضخم جاء «نظراً لمحدودية انتقال آثار ارتفاع أسعار الأغذية والطاقة العالمية بفضل نظام الأسعار الموجهة إدارياً والدعوم، فضلاً عن تشديد السياسة النقدية على نطاق واسع».

ولفت أيضاً إلى أن الاقتصاد تعافى بشكل كبير بعد جائحة «كورونا»، حيث تشير التقديرات لارتفاع النمو إلى 8.2 في المائة في العام الماضي من 1.3 في المائة في 2021، مدفوعاً في الأساس بزيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره.

هبوط النمو الناتج

وعلى الرغم من ذلك، توقع صندوق النقد هبوط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت إلى 0.1 في المائة في عام 2023، متأثراً بتخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها في إطار تحالف «أوبك بلس» وبطء نمو الطلب الخارجي.

كان تحالف «أوبك بلس»، الذي يضم أعضاء «أوبك» وبعض كبار المنتجين خارجها، قد اتفق في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 على خفض إنتاج الخام بمقدار مليوني برميل يومياً حتى نهاية العام الحالي.

وأمس (الأحد)، قرر تحالف «أوبك بلس» تعديل مستوى إنتاج التكتل إلى 40.4 مليون برميل يومياً اعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2024 ولمدة عام.

وأعلنت الكويت، أمس، أيضاً تمديد خفضها الطوعي للإنتاج البالغ 128 ألف برميل يومياً حتى ديسمبر (كانون الأول) 2024. وفيما يتعلق بالنمو غير النفطي للكويت، قال صندوق النقد، في بيانه اليوم، إن من المتوقع أن يظل هذا النمو قوياً عند 3.8 في المائة، بدعم من «التنشيط المالي والانتعاش الجزئي في توظيف الوافدين».

وارتفع النمو غير النفطي إلى 4 في المائة في 2022، مقارنة مع 3.4 في المائة في 2021، بحسب تقديرات الصندوق.


مقالات ذات صلة

«إنفوغراف»... الاقتصاد ما بين ترمب وهاريس

الاقتصاد دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ف.ب)

«إنفوغراف»... الاقتصاد ما بين ترمب وهاريس

«إنفوغراف» يعرض التباين الاقتصادي الشاسع بين برامج نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، وخصمها الجمهوري دونالد ترمب في سباقهما إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد هاتف ذكي يحمل شعار «أبل» وشعار الاتحاد الأوروبي في الخلفية (أ.ف.ب)

«أبل» تخسر معركة ضريبية تاريخية مع الاتحاد الأوروبي

خسرت شركة «أبل»، الثلاثاء، معركتها ضد أمر من هيئات تنظيم المنافسة في الاتحاد الأوروبي بدفع 13 مليار يورو (14.4 مليار دولار) من الضرائب المتأخرة إلى آيرلندا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
الاقتصاد المرشحة الرئاسية الديمقراطية ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث أثناء حملتها في نورث هامبتون (رويترز)

«غولدمان ساكس»: اقتراحات هاريس الضريبية قد تخفض أرباح «ستاندرد آند بورز 500».

قد تؤدي الزيادة المقترحة في معدل الضرائب على الشركات من قبل مرشحة الرئاسة الديمقراطية كامالا هاريس إلى خفض الأرباح للشركات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مباني «باركليز» و«إتش إس بي سي» في لندن (رويترز)

المصارف البريطانية تستعد لاحتمال زيادة الضرائب مع اقتراب الموازنة

تستعد المصارف التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها لزيادة جهود الضغط ضد الزيادات الضريبية المحتملة في موازنة الحكومة الأولى المقرر الإعلان عنها في 30 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق في الشارع أمام مبنى سكني تضرر بشدة في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تحت ضغط صندوق النقد لخفض العملة وزيادة الضرائب

يتوقع المسؤولون الأوكرانيون أن يضغط صندوق النقد الدولي على البلاد هذا الأسبوع لخفض قيمة عملتها بشكل أسرع، وخفض أسعار الفائدة، وتكثيف الجهود لزيادة الضرائب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».