«الطبول» المصري يعزز حضوره فنياً بدورة عاشرة

يجتذب المهرجان آلاف الرواد إلى قلب القاهرة التاريخية

حضور أفريقي (وزارة الثقافة المصرية)
حضور أفريقي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«الطبول» المصري يعزز حضوره فنياً بدورة عاشرة

حضور أفريقي (وزارة الثقافة المصرية)
حضور أفريقي (وزارة الثقافة المصرية)

رغم العاصفة الترابية التي ضربت القاهرة مساء السبت، فقد حرص أكثر من 5 آلاف شخص على حضور افتتاح «المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية» بدورته العاشرة، الذي نُظّم في سور القاهرة الشمالي بالقرب من باب النصر الأثري في القاهرة التاريخية.

وانطلقت الفرق المشاركة لتقدم فنونها التراثية الإيقاعية، ولفتت فرق من جنوب السودان الأنظار إليها بإطلاق الزغاريد السودانية، لتتبادل معها عضوات الفرق المصرية الزغاريد وسط تصفيق الحضور، وقدمت الحفل الفنانة سميرة عبد العزيز.

عروض متنوعة شهدها الحفل الافتتاحي (وزارة الثقافة المصرية)

وخلال حفل الافتتاح ألقى رئيس المهرجان ومؤسسه الفنان انتصار عبد الفتاح كلمة جاء فيها، أن مهرجان الطبول يؤكد على التواصل الإنساني بين شعوب العالم لنشر ثقافة السلام والتأكيد على تفرد شخصية مصر التراثية، كما يهدف إلى إحياء فنون القاهرة التاريخية وتحقيق مفهوم التنمية الثقافية في أحياء مصر المختلفة، والتبادل الثقافي بين مختلف دول العالم.

«رغم الأزمات الاقتصادية التي أثرت على العالم كله كان لدينا إصرار على إقامة الدورة العاشرة من المهرجان الذي يحتضن غالبية ثقافات الشعوب»

الفنان انتصار عبد الفتاح

بدأت الدورة العاشرة للمهرجان أمس وتستمر حتى 2 يونيو (حزيران) المقبل، تحت شعار «حوار الطبول من أجل السلام»، وتشارك فيه 32 فرقة تمثل 10 دول، هي: مصر، وجنوب السودان، وفلسطين، والجزائر، والهند، وبنغلاديش، واليونان، وسيريلانكا، واليمن، وإندونيسيا، وتقام عروض المهرجان بساحة الهناجر في دار الأوبرا، و«بيت السناري»، والحديقة الثقافية بالسيدة زينب، و«مركز الطفل والحضارة» في مصر الجديدة، إضافة لسور القاهرة الشمالي، كما تقدم بعض الفرق عروضها في الميادين العامة وسط الجمهور.

الفنان انتصار عبد الفتاح (وزارة الثقافة المصرية)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال الفنان انتصار عبد الفتاح: «رغم الأزمات الاقتصادية التي أثرت على العالم كله كان لدينا إصرار على إقامة الدورة العاشرة من المهرجان الذي يحتضن غالبية ثقافات الشعوب، عبر فرق فنية تعكس ثقافة كل دولة، مما يحدث زخماً ثقافياً كبيراً يجمعنا في بوتقة واحدة تؤكد على التواصل الإنساني، فيصبح الإنسان هو الوطن والوطن هو الإنسان».

وبشأن تراجع حجم الدول المشاركة في الدورة الجديدة مقارنة بالدورات الماضية قال عبد الفتاح: «كنا نفكر في كيفية استقطاب فرق من كل دول العالم في هذه الظروف الصعبة، واستطعنا استقدام 4 من الخارج، واستعنا بالسفارات والفرق التابعة لها في مصر والفرق المستقلة»، لافتاً إلى أنه «يعزز بذلك حضوره على المستوى الفني والجماهيري في مصر». مضيفاً: «يهدف المهرجان إلى اكتشاف فرق جديدة وتقديمها للجمهور، فلأول مرة نقدم فرقة (مكتبة مصر العامة) ودفعنا بها في هذا المهرجان الدولي، و(فرقة الإسماعيلية للفنون الشعبية للأطفال)، وكانت عروضهما في الافتتاح مفاجأة للجمهور، كما قدمنا 3 فرق من جنوب السودان، وتتواصل عروض الفرق الأخرى على مدى أيام المهرجان».

ووصف عبد الفتاح المهرجان بأنه «حالة إبداعية فريدة»، «وعُرس ثقافي» يؤكد أنه بات ملكاً للجمهور الذي يترقب عروضه ويتاح له حضوره مجاناً لإيصال الخدمة الثقافية للجميع، مشيراً إلى تقديم بعض العروض في الشوارع والميادين في القاهرة ومنها ميدان «روكسي»، و«الكوربة» في مصر الجديدة، وممر «بهلر» بوسط البلد، وكذلك داخل الحدائق العامة للوصول لأكبر قدر من الجمهور.

يذكر أن «المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية» يقام تحت رعاية وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة السياحة، ومؤسسة «حوار» لفنون الشعوب وثقافاتها، التي يرأسها الفنان انتصار عبد الفتاح.



السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.