بعد الفوز الكبير الذي حققه حزب رئيس الوزراء اليوناني اليميني كيرياكوس ميتسوتاكيس في الانتخابات التشريعية، الأحد، تتجه اليونان نحو اقتراع جديد لضمان تشكيل حكومة مستقرّة.ودعا ميتسوتاكيس، الاثنين، إلى اقتراع جديد «في 25 يونيو (حزيران) ربما»؛ سعياً لغالبية مطلقة تمكّن معسكره السياسي من تولي الحكم منفرداً في الحكومة.وقال خلال اجتماع مع رئيسة الجمهورية كاترينا ساكيلاروبولو «نتجه نحو انتخابات جديدة (...) في أسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى استحالة تشكيل حكومة جديدة في ظلّ البرلمان الحالي.
وحاز حزب «الديمقراطية الجديدة» الحاكم منذ أربع سنوات، ما نسبته 40.8 في المائة من الأصوات، وفق النتائج النهائية، متقدماً على حزب «سيريزا» اليساري بزعامة رئيس الحكومة السابق أليكسيس تسيبراس والذي حاز 20 في المائة من الأصوات. وحلّ ثالثاً حزب «باسوك كينال» الاشتراكي، محققاً 11.5 في المائة من الأصوات. ورحّب ميتسوتاكيس بالنتائج قائلاً إن حزبه المحافظ أحدث «زلزالاً سياسياً» بفوزه الكبير في انتخابات الأحد، لكنّه فتح المجال أمام إجراء انتخابات جديدة في نهاية يونيو أو مطلع يوليو (تموز) لحصد غالبية مطلقة تمكّن معسكره السياسي من تولي الحكم منفرداً. وينص النظام الانتخابي على أن الفائز في هذا الاقتراع الثاني سيستفيد حينئذ من مكافأة تصل إلى 50 مقعداً تعطيه غالبية مستقرة. ونال حزب ميتسوتاكيس 145 مقعداً نيابياً من أصل 300؛ لذلك سيحتاج إلى ستة مقاعد إضافية لنيل الغالبية المطلقة. وفي بلد لا تستند ثقافته السياسية إلى الحلّ الوسط، استبعد ميتسوتاكيس خلال الحملة الانتخابية تشكيل ائتلاف.الاثنين، كتبت صحيفة «إفسين» اليسارية عن «الصدمة والتعجّب»، وهما شعوران يتشاركهما ناخبو حزب «الديمقراطية الجديدة» وحزب «سيريزا». وأشارت صحيفة «بروتو ثيما» الموالية للحكومة إلى أن الفارق بعشرين نقطة بين الحزبَين هو الأكبر منذ عودة الديمقراطية إلى اليونان في العام 1974.واعترف ميتسوتاكيس نفسه بأن «الفوز الكبير» قد «تجاوز توقعاتنا». وقال «معاً سنناضل منذ الغد من أجل أن يتأكد حسابياً في الانتخابات المقبلة ما قرّره المواطنون، وهو أن يحكم حزب الديمقراطية الجديدة منفرداً».بموجب الدستور، يتوجب على الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيلاروبولو الآن أن تمنح كل حزب من الأحزاب السياسية تفويضاً لمدة ثلاثة أيام لمحاولة تشكيل حكومة. ودعا تسيبراس من جهته مناصريه إلى خوض «صراع انتخابي ثانٍ حاسم». لكن تسيبراس (48 عاماً) الذي كان وعد بـ«التغيير» تكبّد خسارة كبيرة. ولم يسامحه اليونانيون قط على تعنّته في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول خطة إنقاذية عام 2015، في مواجهة كادت أن تُخرج البلاد من منطقة اليورو. وقد رضخ في نهاية المطاف وأقر تدابير تقشّف جذرية تلبية لشروط الجهات الدائنة لليونان.وأيقظت كارثة القطار التي أودت بـ57 شخصاً في نهاية فبراير (شباط)، الغضب المزمن في اليونان منذ الأزمة المالية، وأدت إلى مظاهرات ضد الحكومة المحافظة المتهمة بإهمال سلامة شبكة السكك الحديد. لكن مع ذلك، لم يعاقب الناخبون ميتسوتاكيس على إدارته الكارثة، بل كان يبدو أنهم يقدّرون سجّله الاقتصادي.
عند خروجه من مركز التصويت في أثينا، أكّد ميتسوتاكيس أنه يريد جعل اليونان «بلداً أقوى مع دور مهم في أوروبا». وأشار إلى تراجع معدل البطالة وتسجيل نمو نسبته نحو 6 في المائة العام الماضي، وعودة الاستثمارات وطفرة في السياحة وانتعاش الاقتصاد مجدداً بعد سنوات من أزمة حادة وخطط إنقاذ أوروبية. لكن تراجع القوة الشرائية وازدياد الصعوبات في تغطية النفقات الشهرية للعائلات، هما أهم ما يشغل السكان الذين قدموا تضحيات مؤلمة في السنوات العشر الماضية.ويضطر عدد كبير من اليونانيين إلى الاكتفاء بأجور منخفضة وفقدوا الثقة بالخدمات العامة التي تقلصت إلى حدودها الدنيا بسبب إجراءات تقشفيّة. العام الماضي، لامس التضخم 10 في المائة؛ ما فاقم الصعوبات المعيشية. وفي الوقت نفسه، ما زال البلد يرزح تحت دين يشكّل 170 في المائة من إجمالي ناتجه المحلي. لكن منتقدي ميتسوتاكيس يتهمونه باتباع نزعة استبدادية، خصوصاً أن فترة حكمه شهدت فضائح وعمليات تنصت غير قانونية على مكالمات هاتفية وإعادة قسرية للمهاجرين وعنف الشرطة.