الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

يساعد في تحديد مركّبات تقضي على «خلايا الزومبي»

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟
TT
20

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

في وقت تثار فيه مخاوف حول أضرار الذكاء الاصطناعي واحتمالات تغوله على البشر، تضيف دراسة جديدة سبباً ربما يهدئ تلك المخاوف، ويؤكد المزايا التي يمكن أن يضيفها للبشرية، في مجال «مكافحة الشيخوخة».

وفي دراسة نشرتها دورية «نيتشر أجينج Nature Aging»، في 4 مايو (أيار)، كشف باحثون من شركة «إنتيغريتد بايوساينس Integrated Biosciences»، كيف استخدموا قوة الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مركّبات جديدة قادرة على استهداف «الخلايا الشائخة» أو التي تُعرف بـ«خلايا الزومبي».

واكتسبت تلك الخلايا وصف «الزومبي» بسبب قدرتها على البقاء والاستمرار، رغم أنها أصبحت شائخة وتوقفت عن الانقسام والتكاثر بمرور الوقت، وهي تُنزل الضرر بالخلايا القريبة منها عبر إطلاق مواد كيميائية تتسبب بالالتهابات، لذلك فهي متورطة في مجموعة واسعة من الأمراض والحالات المرتبطة بالعمر، بما في ذلك السرطان والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض ألزهايمر.

وقادت أبحاث سابقة إلى مركبات «سينوليتكس»، التي تحفز بشكل انتقائي موت الخلايا المبرمج في الخلايا الشائخة، كما تكافح البروتينات السامة التي تفرزها تلك الخلايا، ورغم النتائج السريرية الواعدة لتلك المركبات، فإن معظمها قد أعيق استخدامه بسبب التوافر البيولوجي الضعيف والآثار الجانبية الضارة، وهي المشكلة التي سعت شركة «إنتيغريتد بايوساينس» للتغلب عليها، باستخدام الذكاء الاصطناعي .

وأُسست تلك الشركة عام 2022، بهدف علاج تلك المشكلة، واستهداف السمات المميزة الأخرى للشيخوخة، وتعزيز تطوير الأدوية المضادة للشيخوخة بشكل عام باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا التركيبية وأدوات الجيل التالي الأخرى.

وأعلن باحثو الشركة في دراستهم الجديدة عن تحقيق اختراق مهم في هذا الإطار، حيث قاموا بتدريب الشبكات العصبية العميقة على البيانات التي تم إنشاؤها تجريبياً للتنبؤ بنشاط بعض المركبات في استهداف الخلايا الشائخة (خلايا الزومبي) بشكل انتقائي من الجسم، وبطريقة مشابهة لكيفية قتل المضادات الحيوية للبكتيريا دون الإضرار بالخلايا المضيفة، ونجحوا في اكتشاف ثلاثة مركّبات شديدة الانتقائية وفعّالة في تحقيق الهدف، من بين 800 ألف مركب، وكانت جميع الخواص للمركّبات الثلاثة توحي بتوافر حيوي عالٍ عند تناولها عن طريق الفم، وكانت آثارها الجانبية مقبولة.

وتشير التحليلات الهيكلية والكيميائية الحيوية إلى أن جميع المركّبات الثلاثة تستهدف (Bcl-2)، وهو بروتين ينظم موت الخلايا المبرمج، وهو أيضاً هدف للعلاج الكيميائي، ووجدت التجارب التي اختبرت أحد المركّبات في الفئران البالغة من العمر 80 أسبوعاً، والتي تتوافق تقريباً مع البشر الذين يبلغون من العمر 80 عاماً، أنها تُطهر الخلايا الشائخة وتقلل من التعبير عن الجينات المرتبطة بالشيخوخة في الكلى.

يقول جيمس جيه كولينز، أستاذ الهندسة الطبية والعلوم في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» والباحث بشركة «إنتيغريتد بايوساينس»، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للشركة في 8 مايو: «يوضح هذا العمل كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تقريب الطب من العلاجات التي تعالج الشيخوخة، وهو أحد التحديات الأساسية في علم الأحياء».



اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية
TT
20

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

قد تُحدث طريقة جديدة لتصنيع مستشعرات أشعة تحت حمراء كبيرة الحجم فائقة الرقة، لا تحتاج إلى تبريد شديد، تغييراً جذرياً في مجال الرؤية الليلية وتقنياتها المصممة للمركبات العسكرية، أو حتى ذاتية القيادة.

تقنيات الرؤية الليلية

تُعد الرؤية الليلية (الحرارية) معقدة، وتستهلك طاقة كبيرة، وتتطلب مكونات تبريد قد يصعب الحصول عليها، خاصةً في حالة نشوب صراع مع الصين. وتتزايد احتياجات القوات الجوية الأمريكية والجيش وقوات العمليات الخاصة للرؤية الليلية، وكذلك الحال بالنسبة لمُصنّعي الجيل القادم من المركبات ذاتية القيادة.

وفي دراسة نُشرت اليوم في مجلة Nature، كشف الباحث جيهوان كيم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالتعاون مع زملائه من جامعة ويسكونسن-ماديسون، ومعهد رينسيلار للفنون التطبيقية، وجامعة سول الوطنية، عن عملية تُسمى «الانطلاق الذري atomic lift-off ALO»، تُنتج طبقات رقيقة للغاية من مادة بلورية خاصة قادرة على التماسك دون الالتصاق بشبكة من الغرافين، مثلاً. ويمكن الحصول على الطبقة الناتجة بسمك رقيق يقل عن 10 نانومترات.

حل مشكلة التبريد

تعاني معظم أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء اليوم، مثل كاشفات تيلورايد الزئبق والكادميوم الشائعة الاستخدام، من عيب كبير: إذ يجب الحفاظ عليها باردة للغاية - نحو 321 درجة فهرنهايت تحت الصفر (196 درجة مئوية تحت الصفر) - مما يعني أنظمة تبريد ثقيلة تستهلك طاقة كبيرة. وهذا يجعل استخدامها صعباً في المعدات العسكرية المدمجة، أو الطائرات من دون طيار، أو الأقمار الاصطناعية، حيث تكون المساحة والطاقة محدودتين.

ووجد الباحثون حلاً لهذه المشكلة، إذ ابتكروا غشاءً فائق الرقة، أقل من جزء من مائة من عرض شعرة الإنسان، مصنوعاً من مادة خاصة تُسمى PMN-PT التي تتميز بقدرتها على استشعار التغيرات الطفيفة في الحرارة بحساسية قياسية، أفضل بنحو 100 مرة من العديد من المواد القديمة مثل تانتالات الليثيوم. والأهم من ذلك، أن مستشعرات PMN-PT تعمل في درجة حرارة الغرفة. وهذا يعني أنها تستطيع اكتشاف نطاق واسع من الإشارات الحرارية في طيف الأشعة تحت الحمراء البعيدة دون الحاجة إلى تبريدها، مما قد يُحدث نقلة نوعية في كيفية بناء أجهزة الرؤية الليلية واستشعار الحرارة.

اختبارات ناجحة

أثبت الباحثون إمكانية استخدام تقنيتهم ​​الجديدة لصنع أغشية استشعار بالأشعة تحت الحمراء أكبر وأرق دون فقدان الجودة. فقد ابتكروا أغشية بسمك 10 نانومترات فقط وعرض 10 مليمترات - بحجم ظفر الإصبع تقريباً - مع الحفاظ على سلاسة وتناسق البنية البلورية. كما بنوا مصفوفات أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء عاملة من أغشية أكثر سمكاً بقليل (80 نانومتراً)، ووجدوا أن كل جهاز في دفعة الأجهزة التي صنعوها، المكونة من 108 أجهزة، يعمل بكفاءة عالية. كانت الإصدارات الأرقّ بسمك 10 نانومترات أصعب في التعامل معها أثناء التصنيع، لذا لم ينجُ منها سوى عدد قليل، ولكن تلك التي نجت لا تزال تعمل بكفاءة.

تستجيب هذه المادة لأطوال موجية عبر طيف الأشعة تحت الحمراء بأكمله، مما يسمح لمرتديها برؤية أوضح مما تسمح به أنظمة الرؤية الليلية الحالية، أو ربما يُمكّن المركبات ذاتية القيادة من اكتشاف العوائق أو التهديدات أو المشاة بشكل أفضل، حتى في الظروف الضبابية أو الصعبة التي قد تعيق عمل الكاميرات أو أجهزة الاستشعار الشائعة الأخرى.

حتى بعد نقلها إلى سطح جديد، حافظت أجهزة الاستشعار على أدائها الكهربائي. في الاختبارات، ظلت مستقرة بمرور الوقت وكشفت عن الحرارة بفعالية تضاهي أفضل أجهزة الكشف عن الأشعة تحت الحمراء المبردة اليوم - دون الحاجة إلى معدات تبريد ثقيلة.

الاستغناء عن المكوّنات الصينية

هذا وتم دعم المشروع بمنح من مكتب البحوث العلمية التابع للقوات الجوية ووزارة الطاقة الأميركية.

لا يبحث الجيش الأميركي فقط عن رؤية ليلية أصغر حجماً وأكثر فعالية، بل يبحث أيضاً عن حلول جديدة لا تعتمد على المعادن أو المواد أو المكونات الصينية. تُعد الصين مورداً عالمياً رئيسياً لمعدات التصوير الحراري، بالإضافة إلى الجرمانيوم والكالكوجينيد، وهما معدنان أساسيان في العدسات اللازمة للتصوير الحراري.

يشير هذا البحث إلى نوع جديد من الرؤية: ليس مجرد رؤية ليلية دون تبريد، بل طريقة إنتاج لتطوير معدات رؤية ليلية أسرع وأقل تكلفة باستخدام مكونات أميركية أكثر.

* مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».