عشرات آلاف الإسرائيليين يشاركون في «مسيرة الأعلام» بالقدس

واشنطن تندد بهتافات «عنصرية» ضد العرب خلال المظاهرات

 المسيرة جرت هذه السنة في أجواء توتر شديد نتيجة مواجهات وأعمال عنف منذ مطلع العام بين إسرائيليين وفلسطينيين (أ.ب)
المسيرة جرت هذه السنة في أجواء توتر شديد نتيجة مواجهات وأعمال عنف منذ مطلع العام بين إسرائيليين وفلسطينيين (أ.ب)
TT

عشرات آلاف الإسرائيليين يشاركون في «مسيرة الأعلام» بالقدس

 المسيرة جرت هذه السنة في أجواء توتر شديد نتيجة مواجهات وأعمال عنف منذ مطلع العام بين إسرائيليين وفلسطينيين (أ.ب)
المسيرة جرت هذه السنة في أجواء توتر شديد نتيجة مواجهات وأعمال عنف منذ مطلع العام بين إسرائيليين وفلسطينيين (أ.ب)

شارك عشرات آلاف الإسرائيليين، أمس (الخميس)، في القدس بـ«مسيرة الأعلام» التي تُنظم سنوياً لإحياء ذكرى احتلال الدولة عام 1967 للشطر الشرقي من المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأغلق الفلسطينيون في القدس الشرقية متاجرهم، ومُنعوا من الدخول إلى منطقة باب العامود الحيوية لإفساح المجال للمشاركين الإسرائيليين في المسيرة.

في قطاع غزة، تجمّع آلاف الفلسطينيين عند الحدود، وحمل معظمهم الأعلام الفلسطينية، بينما أطلق الجيش الإسرائيلي الغاز المسيل للدموع باتجاه كل مَن اقترب من السياج الحدودي، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

آلاف الفلسطينيون تجمعوا عند الحدود في غزة وحمل معظمهم الأعلام الفلسطينية (إ.ب.أ)

وذكر مصدر فلسطيني في غزة أن حركة «حماس» أطلقت «صاروخاً تحذيرياً» في اتجاه البحر، من دون تفاصيل إضافية.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن «مثيري شغب» ألقوا «عبوات ناسفة» وأن الجنود في الجانب الآخر من السياج «أطلقوا الرصاص الحي لتفريقهم».

وقال خالد البطش، أحد قادة «حماس» في غزة، إن «القدس عاصمتنا وسيرحل المحتلّ».

فلسطينيون يحملون متظاهراً جريحاً خلال احتجاجات بغزة (أ.ب)

وتنظم «مسيرة الأعلام» في «يوم القدس» الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى «إعادة توحيد» شطري المدينة بعد احتلال الجزء الشرقي منها إثر حرب يونيو (حزيران) 1967.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس: «منذ حقبة الملك داود، القدس هي عاصمة شعب إسرائيل فقط».

وشارك اثنان من الوزراء في ائتلافه اليميني، هما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، أمس (الخميس)، في المظاهرة.

وقال بن غفير لصحافيين بينما كان بين الجموع: «هناك عشرات الآلاف هنا. القدس لنا إلى الأبد».

وبعد انتهاء المسيرة، أعلن بن غفير في بيان: «اليوم، نقول لـ(حماس) التي هدّدتنا: إنّ القدس لنا».

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يشارك بالمسيرة (رويترز)

ولم تعترف الأمم المتحدة بضمّ إسرائيل القدس الشرقية التي يطالب الفلسطينيون بأن تكون عاصمة دولتهم المستقبلية.

وجرت المسيرة هذه السنة في أجواء توتر شديد نتيجة مواجهات وأعمال عنف منذ مطلع العام بين إسرائيليين وفلسطينيين أسفرت عن سقوط نحو مائتي قتيل، بينهم 35 خلال تصعيد استمرّ 5 أيام بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية في قطاع غزة، من 9 إلى 13 مايو (أيار).

وحذّر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، الأربعاء، إسرائيل من «الإصرار على تنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازية للمستوطنين في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة»، حيث أغلق عدد كبير من التجار الفلسطينيين محالهم لتجنّب تعرضها للتخريب على هامش المسيرة.

وقال أبو ردينة إن قرار تنظيم المسيرة «يؤكد موافقة الحكومة الإسرائيلية على آراء المتطرفين»، مشدداً على أنها لن تقود إلا إلى «التوتر وتفجير الأوضاع».

وانتهت المسيرة التي مرّت عبر البلدة القديمة في القدس الشرقية، عند حائط المبكى الواقع أسفل باحة المسجد الأقصى.

ودارت شجارات بين شبان فلسطينيين ومتظاهرين إسرائيليين مع بدء وصول المشاركين إلى البلدة القديمة، وأشارت الشرطة إلى أن قواتها «اضطرت إلى التصرف لمنع الاحتكاكات والاستفزازات».

وألقى مشاركون عند البلدة القديمة حجارة وزجاجات على صحافيين.

وقال متحدث باسم شرطة القدس إنّه تمّ على الأثر اعتقال شخصين.

وفي وقت سابق، شاهد مراسلون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» شباناً يبصقون على فلسطينيين، وينهالون على أحدهم بالضرب قبل أن تفرقهم الشرطة.

تنديد أميركي

نددت الولايات المتحدة، أمس، بهتافات «عنصرية» ضد العرب أُطلِقَت خلال المظاهرات القومية في إسرائيل.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميللر، على «تويتر»، إن «الولايات المتحدة تعارض قطعاً اللغة العنصرية أياً يكن شكلها»، مضيفاً: «ندين الهتافات البغيضة على غرار (الموت للعرب) خلال مظاهرات اليوم في القدس».

ودانت حركة «حماس» التي تسيطر على غزة، الأربعاء «حملة الاحتلال ضد أبناء شعبنا في القدس المحتلة بحجة ضمان أمن مسيرة الأعلام».

كما ندّدت بمشروع القانون الإسرائيلي الهادف إلى حظر رفع العلم الفلسطيني، الذي وافق عليه «الكنيست» في قراءة تمهيدية، الأربعاء.

وكانت الشرطة الإسرائيلية منتشرة بكثافة، بعد ظهر أمس، في شارع الواد بالبلدة القديمة.

«مسيرة الأعلام» تُنظم في «يوم القدس» الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى «إعادة توحيد» شطري المدينة (رويترز)

وقال الفلسطيني محمد أبو صبيح (27 عاماً) الذي يملك محل بقالة قرر إغلاقه: «تقول لنا الشرطة إن أي خراب أو تحطيم على مسؤوليتنا»، مضيفاً: «في كل مرة يسيرون فيها، يكيلون لنا الشتائم ويقومون باستفزازنا وتكسير المحلات».

ووصف الفلسطيني أبو العبد (72 عاماً) المشاركين في المسيرة، بأنهم يشكلون «خطراً»، مضيفاً: «يطرقون على أبواب المحلات وأبواب منازلنا»، مؤكداً أنه «سيعود إلى بيته».

وحذرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان: «من تفاقم الأوضاع في ضوء السماح بالمسيرة الاستفزازية والتصعيدية في القدس المحتلة»، مؤكدة أنه «لا سيادة لإسرائيل على القدس والمقدسات، وأن القدس الشرقية أرض فلسطينية محتلة».

في 2021، وفي اليوم المحدّد للمسيرة، وبعد أعمال عنف بين إسرائيل وفلسطينيين في القدس الشرقية، أطلقت «حماس» وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، وتلت ذلك حرب استمرت 11 يوماً بين الجانبين.

في 2022، اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال «مسيرة الأعلام»، ما أسفر عن إصابة 79 شخصاً على الأقل.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية هذه السنة أنها نشرت 2500 عنصر في القدس لضمان النظام العام.



بين «اقتلاع الأظافر» و«الإعدامات الوهمية»... اتهامات للأسد ومقربين منه بتنفيذ «جرائم ضد الإنسانية»

صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
TT

بين «اقتلاع الأظافر» و«الإعدامات الوهمية»... اتهامات للأسد ومقربين منه بتنفيذ «جرائم ضد الإنسانية»

صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)

منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011، اتُّهم الرئيس السوري السابق بشار الأسد وأوساطه، بارتكاب كثير من الانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان، شملت عمليات تعذيب واغتصاب وإعدامات بإجراءات موجزة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

شخصان يقومان بتفتيش غرفة داخل «سجن صيدنايا» الذي كان معروفاً بأنه «مسلخ» في عهد بشار الأسد (رويترز)

صور «قيصر»

في عام 2014، كشف مصور سابق في الشرطة العسكرية يستخدم الاسم المستعار «قيصر»، صوراً لجثث أشخاص تعرَّضوا للتعذيب في مراكز اعتقال في سوريا، التُقطت بين عامَي 2011 و2013. وقد فرَّ من البلاد، حاملاً معه أكثر من 50 ألف صورة مرعبة.

تحمل الجثث التي تظهر عليها آثار وحشية وتعذيب كلها، أرقاماً كُتِبت غالباً على الجلد. وبعض هذه الجثث دون عيون، ومعظمها عارٍ أو بملابس داخلية.

ودفعت هذه الصور إلى إقرار قانون أميركي سُمّي «قيصر»، دخل حيز التنفيذ في عام 2020، ويفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، واتخاذ إجراءات قانونية في أوروبا ضد متعاونين سابقين مع بشار الأسد.

وأدى عمل خلية من المحققين تدعى «قيصر» إلى توقيف 8 أشخاص في يوليو (تموز) من جانب السلطتين الألمانية والسويدية، يُشتبه في ارتكابهم «جرائم ضد الإنسانية».

ومنذ عام 2022، صدرت في ألمانيا ثم في هولندا وفرنسا، إدانات عدة بحق مسؤولين كبار سابقين في أجهزة الاستخبارات السورية، أو أعضاء سابقين في مجموعات عسكرية تابعة للحكومة.

«أرخبيل من أقبية التعذيب»

اعتباراً من عام 2012، تحدَّثت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن «أرخبيل من أقبية التعذيب» في سوريا، مشيرة خصوصاً إلى «استخدام الكهرباء»، واللجوء إلى «الاعتداءات الجنسية والإذلال»، و«اقتلاع الأظافر»، و«الإعدامات الوهمية» في مراكز الاعتقال التابعة للحكومة السورية.

في عام 2022، قدّر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن أكثر من 100 ألف شخص لقوا حتفهم في السجون منذ عام 2011، خصوصاً نتيجة التعذيب.

في نهاية عام 2023، أمرت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، سوريا بوضع حدٍّ للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة.

رجل يتفقد حقيبة تحتوي على عظام بشرية عثر عليها سكان محليون في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

عمليات اغتصاب

في عام 2020، قدّم 7 لاجئين سوريين شكاوى في ألمانيا، وقالوا إنهم كانوا ضحايا أو شهوداً على عمليات تعذيب وعنف جنسي تشمل «الاغتصاب، وصعق الأعضاء التناسلية بصدمات كهربائية، والتعرّي القسري أو الإجهاض القسري» بين عامَي 2011 و2013.

وأفاد تحقيق للأمم المتحدة في عام 2018 بحصول عمليات اغتصاب وعنف جنسي ممنهجة ضد مدنيين نفّذها جنود وعناصر مجموعات عسكرية موالية للأسد.

في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وثَّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» «ما لا يقل عن 11 ألفاً و553 حادثة عنف جنسي ضد نساء، بينهن فتيات دون سن الـ18 عاماً»، من جانب أطراف النزاع منذ مارس (آذار) 2011، بينها 8024 حادثة تُنسب إلى النظام السوري، في حين يتحمَّل تنظيم «داعش» بشكل أساسي المسؤولية عن بقية الحالات.

امرأة مسنة تتفاعل بعد العثور على عظام بشرية في دمشق (رويترز)

«إبادة»

في عام 2016، ذكر محققون تابعون للأمم المتحدة أن «الحكومة مسؤولة عن أعمال تصل حدّ الإبادة، وترقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية»، خصوصاً في «سجن صيدنايا» قرب دمشق، الذي وصفته منظمة العفو الدولية في عام 2017 بأنه «مسلخ بشري تُمارَس فيه سياسة إبادة».

بُعيد ذلك، تحدَّثت الولايات المتحدة عن وجود «محرقة جثث» في السجن تُستخدَم للتخلص من رفات آلاف السجناء المقتولين.

في عام 2022، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنَّ نحو 30 ألف شخص كانوا محتجزين في «صيدنايا»، تعرَّض بعضهم لأبشع أنواع التعذيب، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

أسلحة كيميائية

في أبريل (نيسان) 2020، نشرت «المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية» تقريراً اتهم الجيش السوري بشنِّ هجمات بأسلحة كيميائية على منطقة اللطامنة في شمال سوريا في عام 2017.

في نوفمبر 2023، أصدر القضاء الفرنسي مذكرات توقيف دولية بحق بشار الأسد، وشقيقه ماهر، وضابطين كبيرين لمسؤوليتهم المزعومة عن هجمات كيميائية في أغسطس (آب) 2013 قرب دمشق، التي تقول الولايات المتحدة إنها أسفرت عن أكثر من ألف قتيل.

كذلك، اتُّهمت قوات الأسد بالضلوع في هجوم آخر بغاز «السارين» على مدينة خان شيخون في شمال غربي البلاد في أبريل 2017، وشن هجمات بغاز الكلور. وقد نفت السلطات السورية أن تكون استخدمت أسلحة كيميائية.

واعتباراً من عام 2012، ندَّدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بإلقاء طائرات عسكرية «قنابل حارقة» تسبب حروقاً شديدة. ووفقاً للمنظمة غير الحكومية، يمكن لهذه الأسلحة أن «تحوي مواد قابلة للاشتعال مثل النابالم أو الثيرمايت أو الفوسفور الأبيض».