توابع لـ«الأزمة المصرفية» تطفو على السطح

«يو بي إس» لخسارة 17 مليار دولار و«إتش إس بي سي» يهجر «صناديق التقاعد» في بريطانيا

شعار بنك «يو بي إس» على أحد فروعه في مدينة زيوريخ السويسرية (رويترز)
شعار بنك «يو بي إس» على أحد فروعه في مدينة زيوريخ السويسرية (رويترز)
TT

توابع لـ«الأزمة المصرفية» تطفو على السطح

شعار بنك «يو بي إس» على أحد فروعه في مدينة زيوريخ السويسرية (رويترز)
شعار بنك «يو بي إس» على أحد فروعه في مدينة زيوريخ السويسرية (رويترز)

فيما يعد من الآثار المباشرة للأزمة المصرفية التي عصفت بعدد من البنوك الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، قال بنك «يو بي إس غروب» في عرض تقديمي يوم الأربعاء إنه يتوقع خسارة مالية تبلغ نحو 17 مليار دولار بعد الاستحواذ على «كريدي سويس».

ويتوقع «يو بي إس» تأثيراً سلبياً بقيمة 13 مليار دولار من تعديلات القيمة العادلة لأصول والتزامات المجموعة المدمجة، كما يتوقع البنك تكبد أربعة مليارات دولار في دعاوى محتملة وتكاليف تنظيمية تنتج عن خروج رؤوس أموال.

لكن الاحتياطيات المالية لدى البنك ستساعده في استيعاب الخسائر المحتملة، وقد تسفر عن زيادة أرباحه في الربع الثاني من العام إذا استكمل «يو بي إس» الصفقة في الشهر المقبل كما هو مزمع.

وفي شأن مصرفي آخر، ذكرت تقارير إخبارية أن بنك «إتش إس بي سي» البريطاني تخلى عن خططه للحصول على حصة من سوق صناديق التقاعد في بريطانيا، بعد عملية مراجعة موسعة للخطة.

وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن «إتش إس بي سي» أكد في بيان قرار حل صندوق استثمار أموال التقاعد «إتش إس بي سي ماستر تراست» والكيانات التابعة له في بريطانيا، وفقاً للقواعد والاشتراطات القانونية والتنظيمية المعمول بها.

برج بنك «إتش إس بي سي» في الحي المالي بضاحية كناري وورف في العاصمة البريطانية لندن (د.ب.أ)

وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء يوم الأربعاء إلى أن قرار البنك جاء بعد مراجعة شاملة أظهرت أفضلية تحويل الموارد التي سيتم استثمارها في هذا الاتجاه إلى أولويات أخرى. ورفض بنك «إتش إس بي سي» الكشف عن حجم الأموال التي أنفقها لتطوير صندوق التقاعد الرئيسي لديه، والذي قرر حله مؤخرا.

ومن جهة أخرى، سجل مصرف «كومرتسبنك» الألماني قفزة بصورة أكبر من المتوقعة من حيث الأرباح التي تم تسجيلها خلال الربع الأول من العام، بفضل أسعار الفائدة المرتفعة والأعمال التجارية ذات الرسوم الجيدة.

وقال المصرف الذي يتخذ من فرنكفورت مقرا له، يوم الأربعاء، إن صافي الأرباح خلال الربع الأول من العام، قفز إلى 580 مليون يورو (629 مليون دولار)، من أصل 298 مليون يورو في العام السابق. وجاء ذلك بواقع نحو 100 مليون يورو أكثر مما توقعه المحللون.

وقال رئيس مجلس إدارة المصرف، مانفريد كنوف: «لقد حظينا ببداية جيدة جدا لعام 2023، من خلال مواصلتنا للأداء القوي الخاص بالعام السابق... إننا نسير بأفضل صورة على الطريق الصحيحة لتحقيق أهدافنا لعام 2023، التي تشمل تحقيق نسبة دفع تبلغ 50 في المائة».

المقر الرئيسي لمصرف «كوميرتسبنك» الألماني في مدينة فرنكفورت (د.ب.أ)

وتأتي التطورات المصرفية في وقت عانت فيه أغلب البنوك الأوروبية والأميركية من أزمات خلال الفترة الماضية، وامتدت الأزمات من الإفلاس إلى العلاقات السياسية، إذ تعتزم مجموعة «مورغان ستانلي» المصرفية شطب 7 في المائة من قواتها العاملة في فروعها بمنطقة آسيا - المحيط الهادي.

وستكون الصين صاحبة النصيب الأكبر من عمليات شطب الوظائف في ظل تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، وعرقلة النمو الاقتصادي لإمكانية عقد صفقات، وفقاً لما ذكرته مصادر مطلعة.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن من المرجح أن يبدأ البنك هذا الأسبوع التواصل مع الموظفين الذين سيشملهم الشطب، حيث إن أكثر من 40 وظيفة معرضة للخطر، وتشمل وظائف في وحدة أسواق رأس المال. وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة «مورغان ستانلي» لشطب نحو 3000 وظيفة على مستوى العالم بحلول نهاية هذا الربع. وكانت «بلومبرغ» أشارت مطلع هذا الشهر إلى أن ذلك سوف يمثل نحو 5 في المائة من القوة العاملة.

ويبدو أن آثار الأزمة المصرفية قد تخطت جزئياً حدود أوروبا وأميركا، إذ انخفض صافي الأرباح المجمعة في 73 بنكاً ومجموعة مصرفية يابانية إقليمية بنسبة 2 في المائة، لتصل إلى 814.3 مليار ين ياباني في السنة المالية 2022، مقارنة بعام 2021، حسبما أظهرت تقارير أرباح البنوك والمجموعات المصرفية.

ومن بين 73 بنكاً ومجموعة مصرفية، سجل 42 بنكا ومجموعة، أو نحو 60 في المائة من البنوك والمجموعات المصرفية اليابانية، ارتفاعا في الأرباح في العام الذي انتهى في مارس (آذار) الماضي، بفضل ارتفاع عائدات الفوائد على القروض بشكل أساسي، وفق وكالة أنباء «جيجي برس» اليابانية. ولكن تراجعت الأرباح المجمعة بسبب الخسائر الناجمة عن انخفاض أسعار السندات في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا.

ومن ناحية أخرى، سجل 29 بنكا ومجموعة مصرفية أخرى انخفاضا في الأرباح، ومن بين الـ 73 بنكا ومجموعة مصرفية، تُستثنى مؤسستان حيث لا يمكن مقارنة نتائج أعمالهما بشكل مباشر بالعام السابق.

وسجلت مؤسسة «جيموتو هولدينغز» صافي خسارة قدرها 7 مليارات ين. وتسعى المؤسسة إلى ضخ أموال في بنك «كيراياكا» التابع لها، ومقره في مدينة ياماغاتا شمال شرقي اليابان.

وعلى أساس الشركات الأم فقط، تراجع صافي إجمالي الأرباح المجمعة في 90 بنكا بنسبة 1.1 في المائة. ومن بين هذه البنوك، سجل 80 في المائة خسائر متعلقة بتداول السندات، والتي بلغت 632.5 مليار ين.


مقالات ذات صلة

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الربع الثالث من 2024 بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة عن الربع المماثل.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «بنك الرياض» بالمركز المالي في العاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

أرباح «بنك الرياض» ترتفع 27 % إلى 705 ملايين دولار في الربع الثالث

ارتفع صافي أرباح «بنك الرياض» بنسبة 27 في المائة خلال الربع الثالث من 2024 بسبب زيادة الدخل وانخفاض المصاريف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

تراجع الأسهم الأميركية مع نتائج إيجابية للمصارف وهبوط أسعار النفط

هبطت الأسهم الأميركية قرب مستوياتها القياسية بعد أن حققت عدة مصارف كبرى أرباحاً أقوى في الصيف مما توقعه المحللون بينما تراجع سعر النفط الخام مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليوان والروبل وسط أعلام الصين وروسيا (رويترز)

التجارة باليوان مستمرة بموسكو رغم انتهاء صلاحية الترخيص الأميركي

استمرت تجارة اليوان الصيني في بورصة موسكو للأوراق المالية الاثنين رغم انتهاء ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.