صدر حديثاً عن منشورات «رامينا» بلندن مجموعة شعرية بعنوان «لو كانت البولنديةُ هنا»، وهي عبارة عن مختارات للشاعر السويدي وارنر آسبنستروم، بترجمة كاميران حرسان.
ويعدّ الشاعر وارنر آسبنستروم (1918-1997) أحد أعلام الشعر السويدي؛ إذ شكّلَ مع شعراء كبار مثل إيريك ليندغرين، وكارل ليندبيري، وستيغ داغرمان، اتجاهاً شعرياً ترك تأثيراً كبيراً على مجمل الحركة الشعرية في السويد.
يعكس آسبنستروم نموذجاً تقليديّاً لِمَا كُتِبَ في الأربعينات، لكنه مغاير للمعهود، طارحاً في أعماله رؤيةً سوداء لِمَا يجري في العالم تجاه مآثرَ يقتَرفُها البشر بحق الإنسانية!
يحتوي هذا الكتاب على نصوصٍ مختارةٍ من مُعظمِ مجموعات آسبنستروم الشعريةِ، كما يضُمُّ نصوصاً شعريةً من كتبهِ النثريةِ مثلَ «تناقضات» و«الغيمةُ الحمراءُ» الصادرة عام 1986؛ الكتاب الذي يرسمُ فيهِ الأديبُ أحلامهُ نثراً وشعراً، فلا يتَقَيَّدُ بقوالبَ أدبية محَدَّدةٍ، فتتخالطُ الكلمات وتتمازجُ الصور في مشهدٍ فنيٍّ لا يتَقَيَّدُ بقوالبَ أدبية محَدَّدةٍ.
في عام 1976 نالَ آسبنستروم شَهادة الدكتوراه الفخريّة في الفلسفة، ثم عُيّنَ مُكرهاً في عام 1981 عضواً في أكاديميّة «نوبل» إلى حين استقالته من منصبه من الأكاديميّة عام 1989. توفّي كارل وارنر آسبنستروم عام 1997 عن عمرٍ يناهزُ التاسعة والسبعين مخلّفاً أعمالاً شعريّة نقل المترجم قصائد وافية منها.
مما جاء في تقديم المترجم للمجموعة:
إنْ أمكنَ القولُ إنَّ أحداً ممّن يُسَمَّون بـ«الفورتي تاليين»؛ أدباء الأربعينات، قد حازَ على هوى الشعب، فإنّه بلا ريبٍ آسبنستروم. هذهِ الكلمات لبنغت أميل يونسون تُختزلُ بها مراحلُ نضوج آسبنستروم الأدبيّ وتطوّرهِ من شاعر الأربعينات الرهيف إلى أديبٍ يرسمُ بِرِيشَتهِ الحاذقة ملامحَ اليومِ البسيطة، ومشاغل الناسِ وهمومهم، ممّا منحهُ شعبيّة واسعة لدى القرّاء. فإنْ أضحت أشعارهُ أكثر بساطةً مع السنين، أمست كذلكَ عميقةً تلامسُ بمهارةٍ حضورَ الواقعِ بسهلٍ ممتَنِعٍ.
وُلد الشاعر كارل وارنر آسبنستروم أواخرَ خريفِ عام 1918 في قرية توربو الوديعة. بعدَ أجلٍ قصيرٍ من ولادتهِ يموتُ والِدهُ متأثراً بمرضِ الزهْري، تاركاً خلفَهُ زوجةً وأولاداً ثلاثة لحياةٍ سَرَدَ كارل وارنر تفاصيلها في كتابهِ النثري «الغدير» عام 1957؛ إذ تُرسَمُ فيهِ صورة حقيقية للمكانِ والزمانِ، مسلطةً الأضواءَ على سويد غريبٍ لا يُشبهُ في شيءٍ سويد الحاضر.
ثمَّةَ قصائدُ شتّى في هذهِ المجموعةِ تُعتبرُ بمثابةِ مؤشرٍ يُحَدّدُ وجهةَ كتابتهِ ومواضيعهِ الأدبيةِ؛ إذ يعلنُ فيها التحاقهُ بـ«مدرسةِ الطبيعة»، وأنهُ «شاعرٌ لا قارضُ أظفارٍ»، مؤكداً في «إيكاروس والصبي الحجر الرمادي» ارتباطهُ بالأرض: «الفنُّ أن تبقى ولكَ وزنٌ».
لدى آسبنستروم تختفي الزوابع وتهدأ الطبيعةُ في خطابهِ المهادن، سائراً على دربٍ مبتداهُ الأملُ ومنتهاهُ الراحةُ.
آسبنستروم شاعرٌ واقعيٌّ، كتاباتهُ مستوحاة من واقعهِ الشخصيّ، ما يجري معهُ وما يحلمُ به...
أما المترجم كاميران حرسان، فهو شاعر وروائي كردي سوري مقيم في السويد منذ أكثر من ثلاثة عقود. له العديد من
الأعمال الأدبية الشعرية منها والنثرية، ومنها: «رشيقاً أعمى كالدمى» (شعر)، و«بين» (شعر)، و«نجوم من أعماقها» (شعر)، و«المدخنة التي امتلأتْ بالدبابير» (شعر)، و«كوكبة النسور» (رواية 2021)، و«درب الغريب» (مختارات شعرية للشاعر السويدي غونار إيكيلوف)، و«مجرات سحرية» (مختارات شعرية سويدية)، و«السماء نصف المكتملة» (مختارات شعرية لتوماس ترونسترومر).
كانت لوحة الغلاف للفنان التشكيلي بشار العيسى، وتصميم الغلاف للشاعر والفنان ياسين أحمدي، وجاءت المجموعة في (174) صفحة من القطع الوسط.