هل يستطيع الأردن التصدي لبؤر المخدرات في جنوب سوريا؟

وسط أرق في الجبهة الشمالية

صورة من وكالة الأنباء السعودية (واس) في 25 أبريل الماضي تُظهر أحد أعضاء المديرية العامة لمكافحة المخدرات يعرض أكياس حبوب الكبتاغون المضبوطة في جدة مُخبّأة في شحنة من الرمان (أ.ف.ب)
صورة من وكالة الأنباء السعودية (واس) في 25 أبريل الماضي تُظهر أحد أعضاء المديرية العامة لمكافحة المخدرات يعرض أكياس حبوب الكبتاغون المضبوطة في جدة مُخبّأة في شحنة من الرمان (أ.ف.ب)
TT

هل يستطيع الأردن التصدي لبؤر المخدرات في جنوب سوريا؟

صورة من وكالة الأنباء السعودية (واس) في 25 أبريل الماضي تُظهر أحد أعضاء المديرية العامة لمكافحة المخدرات يعرض أكياس حبوب الكبتاغون المضبوطة في جدة مُخبّأة في شحنة من الرمان (أ.ف.ب)
صورة من وكالة الأنباء السعودية (واس) في 25 أبريل الماضي تُظهر أحد أعضاء المديرية العامة لمكافحة المخدرات يعرض أكياس حبوب الكبتاغون المضبوطة في جدة مُخبّأة في شحنة من الرمان (أ.ف.ب)

بعد فشله في امتحانات شهادة الثانوية العامة، اتجه نديم إلى السهر وارتياد الملاهي الليلية في الأردن. وعندما عَرض عليه أحد مرافقيه تناول حبة من مخدِّر الكبتاغون، لم يرفض. كان نديم يسعى إلى الحفاظ على يقظته، خلال لعب البلياردو مع أصدقائه، طيلة الليل.

وقال نديم، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إنه كان يتناول حبة واحدة في البداية، وتحولت الحبة إلى 5 حبات، ثم 10 حبات في الليلة الواحدة. عند هذه النقطة عرف نديم أنه انزلق إلى الإدمان.

والكبتاغون مادة منبِّهة تولِّد قدرة على مقاومة النوم والجوع، ويقدِّر بعض التقارير تجارتها بمليارات الدولار.

انتشرت مادة الأمفيتامين، أو الكبتاغون كالنار في الهشيم، في الأردن ودول مجاورة بالمنطقة. ويُعتقد أن سوريا من البلاد الرئيسية المنتِجة لهذا المخدِّر، وأصبح كبح انتشارها على قمة أولويات كثير من الدول العربية.

وأظهرت بيانات «إدارة مكافحة المخدرات» الأردنية أنه خلال أبريل (نيسان) فحسب، جرى ضبط 500 ألف من حبوب الكبتاجون. وتصدرت مكافحة تهريب وإغراق السوق الأردنية بالمخدرات، وعلى رأسها الكبتاجون، من جنوب سوريا، أولويات الأردن، في مباحثات جرت في الآونة الأخيرة في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر وسوريا والعراق. وفي بيان بعد الاجتماع، وافقت سوريا على المساعدة في منع تهريب المخدرات، والعمل على تحديد هوية مهرِّبيها، والتعاون مع الأردن والعراق، لإنهاء عمليات التهريب.

وقال مصدر حكومي، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن ثمار التعاون الأمني الأردني السوري ظهرت على أرض الواقع، ووجّه الأردن ضربة جوية استهدفت «أبرز معاقل تهريب وصناعة المخدِّرات في جنوب سوريا»، الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل مهرِّب مخدرات سوري، وفق تقارير صحفية. وأضاف المصدر الحكومي: «الضربة الأردنية الأخيرة استهدفت معملاً لصناعة المخدرات في الجنوب السوري، ويُعدّ المسؤول الأول عن تهريبها إلى الأردن»، مشيراً إلى أنها جَرَت بالتنسيق مع سوريا.

ووفق مصادر مطّلعة، فإن هذه الضربة الجوية ليست سوى بداية؛ فالأردن عازم على القضاء على مشكلة أرّقته لسنوات عدة وأغرقت أسواقه بالمخدرات. ورغم أن عمّان لم تعلّق رسمياً على الضربة الأخيرة، فقد قال المصدر إن الأردن قصف «ثلاثة مواقع لتصنيع وتهريب المخدرات على الحدود الأردنية السورية»، مضيفاً أنه جرى اتصال بعد ذلك بين «الخارجية» الأردنية ونظيرتها السورية، للتنسيق فيما يتعلق باستهداف جيوب تهريب المخدرات في جنوب سوريا.

ليونة

عمر الرداد، وهو عميد سابق في المخابرات الأردنية ومحاضِر في الأمن الاستراتيجي، قال، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن الأردن كان يتعامل بليونة مع ملف تهريب المخدرات، من خلال اجتماعات أمنية وسياسية مع الجانب السوري، «لكن من الواضح أن النظام السوري لم يستطع إيجاد مقاربة تتضمن الحد من تهريب المخدرات».

وأضاف أن تهريب المخدرات من سوريا يعكس أزمة داخل المؤسسات السورية، تتمثل في وجود تيارين؛ «أحدهما تابع لقوى إيرانية ترعى عمليات التهريب، والآخر متحالف مع روسيا، وهو غير راض عن هذه السيطرة والاختراق الواسع من قِبل ميليشيات مسلَّحة في سوريا».

وأعلنت «جامعة الدول العربية»، هذا الشهر، استعادة سوريا مقعدها في الجامعة، بعد تعليق عضويتها في 2011، ويرغب القادة العرب من سوريا أن تكبح جماح تهريب الكبتاغون وإنتاجه.

وقال الرداد: «الأردن معنيٌّ بالتعامل مع سلطة شرعية في الدولة السورية»، مضيفاً أن الضربة الأردنية الأخيرة «تعبر عن موقف أردني يريد إرسال رسالة صارمة لكل الجهات الموجودة في سوريا، حيث عبَّر السوريون أكثر من مرة عن عدم قدرتهم على مواجهة أو تفكيك هذه الجماعات في الجنوب السوري».

ويرى الرداد أن ضربة الأردن تعطي مؤشراً على دقة معلوماته الاستخباراتية. وقال: «إنهم على علم تام بما يجري داخل الحدود السورية، ويعرفون العصابات بشكل دقيق، وهو ما يعني وجود تنسيق مع الجانب السوري حول تفاصيل عمليات تصنيع وتهريب المخدرات».

وتوقَّع الرداد أن تُتوَّج المباحثات الأمنية والسياسية والعسكرية مع سوريا بالتوصل إلى «اتفاقية أمنية»، يجري بموجبها السماح بضربات من هذا النوع ودخول قوات أردنية، أو قوات مشتركة، إلى بعض المناطق في جنوب سوريا، لاستهداف تجار المخدرات.

وفي الأشهر القليلة الماضية، فرضت الولايات المتحدة و«الاتحاد الأوروبي» عقوبات على أقارب للأسد، بسبب مزاعم حول اشتراكهم في تهريب المخدرات.

موقع جغرافي

ساعدت روسيا الأسد على استعادة السيطرة على أغلب أجزاء سوريا، لكن تقليل حجم قواتها هناك بعد اندلاع حربها مع أوكرانيا، العام الماضي، تسبَّب في فراغ على الحدود الأردنية السورية، التي تمتد حوالي 386 كيلومتراً، ملأته مجموعات مسلَّحة.

وقال الوزير السابق والخبير الأمني الأردني محمود الخرابشة إن هذه المجموعات المسلَّحة «تعيش على التهريب وتجارة السلاح والمخدرات». وأضاف: «الأردن أصبح سوقاً لهذه العصابات وممراً إلى دول أخرى»، ما زاد من العبء المفروض عليه في الحفاظ على أمنه وأمن الدول المجاورة.

ويرى الخرابشة أن مهمة الأردن صعبة في السيطرة على حدوده الشمالية، نظراً لطبيعتها الجغرافية المتعرجة، ويقول إنه بحاجة إلى ثلاثة أمثال عدد قواته المسلَّحة حتى يستطيع ضبط وحماية الحدود.

ومضى قائلاً: «الأردن أرسل رسالة واضحة في اجتماع عمان مع وزراء خارجية المنطقة بأنه لن يسمح باستمرار اختراق حدوده وأمنه، وسيتخذ خطوات لحمايتها، حتى لو كانت خارج أراضيه».


مقالات ذات صلة

واشنطن ترسل قوات إلى الإكوادور في إطار عملية لمكافحة الاتجار بالمخدرات

أميركا اللاتينية العلم الأميركي (رويترز)

واشنطن ترسل قوات إلى الإكوادور في إطار عملية لمكافحة الاتجار بالمخدرات

أعلنت السفارة الأميركية في كيتو، الأربعاء، إطلاق «عملية مؤقتة» لمكافحة الاتجار بالمخدرات وإرسال قوات إلى الإكوادور في إطار الاستراتيجية الأمنية المشتركة للبلدين

«الشرق الأوسط» (كيتو)
الولايات المتحدة​ رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين لدى وصوله إلى مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة لتقديم إحاطة لأعضاء مجلس الشيوخ حول الوضع في فنزويلا (رويترز)

ترمب يوسع حملته ضد فنزويلا بعد «الحصار الكامل» على نفطها

غداة أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض «حصار كامل» على ناقلات النفط المعاقبة من فنزويلا وإليها، تأهبت القوات الأميركية لتوسيع عملياتها العسكرية في الكاريبي.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يسير في مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن 16 ديسمبر 2025 (رويترز)

هيغسيث وروبيو يدافعان عن ضربات واشنطن في الكاريبي

دافع وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان أمام الكونغرس، الثلاثاء، عن الضربات الجوية التي استهدفت سفناً تشتبه واشنطن بتهريبها المخدرات في منطقة الكاريبي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (إ.ب.أ)

واشنطن تصنّف عصابة مخدرات كولومبية «منظمة إرهابية أجنبية»

أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء تصنيف عصابة «كلان ديل غولفو» لتهريب المخدرات في كولومبيا على أنّها «منظمة إرهابية أجنبية».

الولايات المتحدة​ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كاراكاس بفنزويلا (رويترز)

الفنتانيل سلاح دمار شامل عند ترمب… وبيلاروسيا تفتح أبوابها لمادورو

صنّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الفنتانيل سلاح دمار شامل، بينما رحب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاتشينكو بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إذا لجأ لبيلاروسيا.

علي بردى (واشنطن)

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
TT

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)

على وقع مخاوف من تصعيد إسرائيلي يطيح اتفاق وقف النار مع لبنان، ينعقد في باريس، اليوم (الخميس)، اجتماع رباعي يضم ممثلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، يتناول سبل دعم الجيش اللبناني والاطلاع على جهوده لنزع سلاح «حزب الله».

وتفيد مصادر فرنسية بأن باريس تشعر بخطر داهم محدق بلبنان، في ظل تهديدات إسرائيلية معلنة ومتواترة بالعودة إلى الحرب.

وتقول مصادر مطلعة في باريس إن اجتماع الخميس يندرج في إطار ثلاث أولويات رئيسية؛ أُولاها النظر في عمل آلية «الميكانيزم» المنوطة بها مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان، والنظر في تطويرها.

ويمثّل لجم التصعيد الإسرائيلي في لبنان الأولوية الثانية للاجتماع الذي يشارك فيه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل الذي سيقدم عرضاً للجهود اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة.

أما الأولوية الثالثة فتتعلق بما ستقوله الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بخصوص خطط بلادها في لبنان.


غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار
TT

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس (الأربعاء)، جميع الأطراف في اليمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وذلك بعد تقدم الانفصاليين في الجنوب، في تطور ينذر بتأجيج الحرب الأهلية المستمرة منذ عشر سنوات، بعد فترة هدوء طويلة، طبقاً لما أوردته وكالة «رويترز».

وأشار غوتيريش إلى أن عمليات المنظمة الدولية باتت غير قابلة للاستمرار في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتحديداً العاصمة اليمنية صنعاء، إلى جانب شمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية.

من ناحية ثانية، نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الشائعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.


إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق أمني مع سوريا يخدم الطرفين، لكنه قال إن أي اتفاق من هذا النوع «يجب أن يراعي الوضع بالجنوب»، في إشارة إلى رغبة تل أبيب في جعلها منطقة منزوعة السلاح.

وزعم ساعر في مقابلة مع قناة «العربية الإنجليزية»، أمس، أن تل أبيب، «ليس لها أطماع في أراضي سوريا»، مستدركاً أنها «لا تريد انطلاق أنشطة إرهابية من سوريا».

وفي الشأن اللبناني، قال ساعر إن لدى إسرائيل رغبة في «التطبيع مع لبنان»، عادّاً أن «الخلافات بسيطة، ويُمكن تجاوزها».

وتطرق وزير خارجية إسرائيل، إلى ملف غزة، زاعماً أن سلاح حركة «حماس» هو العقبة أمام الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

من جهته، قال الوسيط المقرب من الإدارة الأميركية، بشارة بحبح، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرحلة الثانية لاتفاق غزة ستبدأ الشهر المقبل.