اليسار الإسرائيلي يتحدى نتنياهو ويتظاهر مع علم فلسطين

بعض القوى للانفصال عن قيادة الاحتجاج وإدارة مظاهرات خاصة بها

متظاهرون يحملون لافتات وعلم فلسطين خلال مظاهرة في تل أبيب ضد عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (د.ب.أ)
متظاهرون يحملون لافتات وعلم فلسطين خلال مظاهرة في تل أبيب ضد عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (د.ب.أ)
TT

اليسار الإسرائيلي يتحدى نتنياهو ويتظاهر مع علم فلسطين

متظاهرون يحملون لافتات وعلم فلسطين خلال مظاهرة في تل أبيب ضد عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (د.ب.أ)
متظاهرون يحملون لافتات وعلم فلسطين خلال مظاهرة في تل أبيب ضد عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (د.ب.أ)

في أعقاب قرار قيادة الاحتجاج وقف المظاهرات ضد خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإحداث انقلاب في منظومة الحكم، وإضعاف الجهاز القضائي، أعلن عدد من النشطاء البارزين في الجناح اليساري الراديكالي، (الأحد)، نيتهم الانفصال عن حملة الاحتجاج المركزية والخروج بمظاهرات خاصة بهم، مثلما فعلوا، مساء السبت، وانضم إليهم ألوف من المتظاهرين.

قال إيرز غرينشتاين، وهو مواطن في تل أبيب، وينشط في حركة «الكتلة ضد الاحتلال»، إن قيادة الاحتجاج مجموعة عظيمة من حيث نشاطها ومبادراتها، لكنها خضعت لقوى الحرب، وأوقفت المظاهرات، وخدمت بذلك رئيس الوزراء نتنياهو. وكان عليها أن تصر على المظاهرات رغم العملية الحربية في قطاع غزة، وأن تقول بصوت عال إن «هذه الحرب تخدم نتنياهو ولا تخدم إسرائيل».

ورفض غرينشتاين ادعاءات قيادة الاحتجاج بأن هناك خطراً أمنياً يهدد بقتل ألوف المتظاهرين، وقال إنه كان بالإمكان نقل مظاهرة تل أبيب شمالاً إلى هرتسليا أو نتانيا أو حتى حيفا.

وكان التيار اليساري في حركة الاحتجاج قد رفض قرار وقف المظاهرات، ودعا الجمهور إلى الحضور بعشرات الألوف إلى المظاهرة في تل أبيب، وفي كل المناطق الشمالية من البلاد. ووفق تقديراته، وصل خمسة آلاف إلى مظاهرة تل أبيب و10 آلاف إلى حيفا وأكثر من 20 ألفاً في مواقع أخرى. واعتبروا هذا التجاوب دليلاً على صحة موقفهم.

المعروف أن التيار الراديكالي في حملة الاحتجاج كان يشارك عادة في المظاهرات، طيلة 18 أسبوعاً، باتخاذه موقعاً جانبياً يبرز فيه شعاراته الخاصة. ووفق غرينشتاين فإن مظاهرات الأمس "كانت عبارة عن فرصة لإظهار وإبراز الشعارات الخاصة التي يرفعونها ويتطرقون فيها للوضع السياسي بشكل عام، ويشددون فيها على أن خطة الحكومة لإحداث الانقلاب، خطة سياسية بالأساس، إذ إن هدفها تثبيت حكم اليمين بقرارات ديكتاتورية حتى تغلق فرص اليسار بالعودة إلى الحكم وإقامة سلام مع الفلسطينيين.

مظاهرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإصلاح القضائي في تل أبيب السبت (رويترز)

من هذا المنطلق، برزت الشعارات التي رفعها المتظاهرون بمضمون سياسي، ومنها: «ليتوقف إطلاق النار على قطاع غزة»، و«الحرية لغيتو غزة»، و«نكبة»، و«قتل الأطفال يقوي حكومة نتنياهو»، و«اسم هذه الحملة على غزة هو: عودوا يا كراسي» (يقصدون مقاعد النواب التي خسرها نتنياهو بسبب خطة الحكومة)، و«لا للديكتاتورية ولا للأبرتهايد». ورفع عدد من المتظاهرين اليهود والعرب أعلام فلسطين.

وقد عقّب قادة الاحتجاج على هذه المظاهرات بالقول: «نحن نكافح للدفاع عن الديمقراطية، ونحترم وجهة نظر إخوتنا الذين تظاهروا أمس. ولكن علينا الحذر بألا نحدث انقساماً في حركة الاحتجاج».

وأكدوا أن المظاهرات الاحتجاجية ستستأنف السبت القادم بكل قوة، وسيسبقها نشاط كبير لتشويش الحياة الرتيبة، يوم الخميس المقبل.

يذكر أن نتنياهو، الذي استهل جلسة الحكومة العادية (الأحد) ببيان سياسي شامل، تحدث فيه عن أكثر من عشرة مواضيع، تعمد تجاهل الخطة الحكومية والاحتجاج عليها. وقد أثار هذا الأمر رفيقه في الليكود، وزير القضاء ياريف لفين، الذي قال إنه يريد «تذكير من نسي أن هناك خطة لإصلاح القضاء لا تقل أهمية عن أي موضوع آخر».



تركيا تحدث وثيقة «الأمن القومي» للمرة السادسة في عهد إردوغان

جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)
جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)
TT

تركيا تحدث وثيقة «الأمن القومي» للمرة السادسة في عهد إردوغان

جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)
جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)

انتهت تركيا من تحديث وثيقة الأمن القومي التي توصف بأنها «الدستور السري» للدولة، والمعروفة علناً بـ«الكتاب الأحمر». وكشف نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، عن الانتهاء من تحديث الوثيقة خلال اجتماع سرّي عُقد في الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي بأوامر من الرئيس رجب طيب إردوغان.

وعقد الاجتماع الذي ترأسه يلماظ، مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في ظل تدابير مشددة، حيث جرى سحب الهواتف النقالة والساعات الذكية من المشاركين فيه منعاً لتسريب أي معلومات من المناقشات الدائرة حول تحديث الوثيقة.

نائب الرئيس التركي جودت يلماظ متحدثاً أمام البرلمان الخميس (من حسابه في «إكس»)

وذكر يلماظ، رداً على أسئلة نواب البرلمان خلال مناقشة موازنة تركيا لعام 2025 بالبرلمان، الأربعاء، أنه تم تجميع آراء الوزارات والمنظمات ذات الصلة في الأشهر الأولى من العام الحالي، وتم إجراء الدراسات في ضوء المعلومات التي تم جمعها، ويتمّ عرض الوثيقة على اجتماع مجلس الأمن القومي المقبل برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، وأضاف أن «وثيقة سياسة الأمن القومي هي وثيقة شاملة للغاية، وذات مؤهلات عالية، سنضفي عليها طابعاً رسمياً بقرار من مجلس الأمن القومي، وستوجه العمل الذي يتعين على مؤسسات الدولة القيام به».

ما «الكتاب الأحمر»؟

يرجع تاريخ «الكتاب الأحمر»، الذي يُعد حجر زاوية استراتيجيات الأمن القومي التركي، إلى تأسيس مجلس الأمن القومي عام 1961، وكان مؤسس حزب «الحركة القومية» ممثل تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ذلك الوقت، ألب أرسلان توركيش، أول من كشف النقاب عن الوثيقة بالغة الأهمية، التي كانت مكونة من 10 إلى 15 صفحة مربوطة بغلاف جلدي أحمر، وعرفت بـ«مبادئ سياسة الأمن القومي».

ويعد «الكتاب الأحمر» عنصراً محورياً في تشكيل الاستراتيجيات الدفاعية لتركيا، ويتضمن تحليلاً معمقاً للتهديدات التي تواجه وجود تركيا، سواء كانت داخلية أم خارجية، مع التركيز بشكل خاص على تدابير مكافحة الإرهاب.

ولا يمكن إقرار قوانين أو مراسيم تتعارض مع مبادئ السياسة الوطنية المنصوص عليها بالكتاب، الذي يعد وثيقة بالغة السرية، حتى بالنسبة لنواب البرلمان، الذي يفرض على صانعي القرار الالتزام بمبادئه، بصرامة شديدة، دون الحق في الاطلاع عليها أو مناقشتها.

جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان (الرئاسة التركية)

ويتم تداول «الكتاب الأحمر» في أروقة السلطة في إطار من السرية الشديدة والحرص الأمني البالغ، ويسلمه رئيس البلاد إلى خلفه، بعد انتهاء حكمه، ضمن إجراءات انتقال السلطة، ويتولى جهاز المخابرات مسؤولية نقله بأمان إلى المستشارين المختصين.

تحديثات متعاقبة

وجرى تحديث الكتاب 3 مرات فقط خلال الـ30 عاماً التي سبقت تولي حزب «العدالة والتنمية» برئاسة إردوغان السلطة، ثم 6 مرات منذ تولي الحزب قيادة البلاد. وكان آخر تحديث أُجري في 30 سبتمبر (أيلول) 2019.

ولا يمكن الوصول إلى معلومات عما يحتويه «الكتاب الأحمر» فيما يتعلق بالتهديدات الداخلية والخارجية، إلا من خلال ما يرد من عبارات في البيانات التي تصدر عن اجتماعات مجلس الأمن القومي الدورية، أو عبر التسريبات الإعلامية شديدة الندرة.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية على «إكس»)

وفيما يخص التهديدات الداخلية، استطاع إردوغان إعادة صياغة توجهات «الكتاب الأحمر» بخصوص «الجماعات الدينية»، التي كانت مدرجة سابقاً فيما يعرف بـ«الفعاليات الدينية الرجعية»، وتوجيه الأنظار نحو الجماعات الإرهابية التي تسيء استخدام الدين لزعزعة استقرار الدولة.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك استبعاد حركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن، التي كانت تعرف بـ«تنظيم الدولة الموازية»، من كونها عنصراً من عناصر التهديد الداخلي تحت بند «الجماعات الدينية» في الفترة التي كان فيها غولن، الذي توفي مؤخراً في أميركا، أقرب وأوثق حلفاء حزب «العدالة والتنمية» وإردوغان.

لكن حركة «غولن» عادت لتتصدر قائمة التهديدات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، بينما كان تنظيم «القاعدة» و«حزب الله» بين أبرز التهديدات الخارجية حينها.

وبحسب ما رشح من معلومات تداولتها وسائل الإعلام التركية، تم استبعاد سوريا وإيران واليونان «جزئياً»، وبلغاريا وأرمينيا وجورجيا من لائحة الدول التي تهدد أمن تركيا، بعدما كانت تعد الأكثر تهديداً له.

وركز التعديل، الذي أجرى على الكتاب عام 2010، بشكل أساسي، على إسرائيل، إذ عدَّ أن عدم الاستقرار في المنطقة سببه النشاط الإسرائيلي وسياسة تل أبيب التي تسببت في سباق التسلح بالمنطقة.

وشهد ذلك العام توتراً وقطيعة دبلوماسية بين تركيا وإسرائيل على خلفية حادث اعتداء إسرائيل على سفينة «مرمرة الزرقاء» (مافي مرمرة)، في شرق البحر المتوسط في 30 مايو (أيار) من ذلك العام، وهي في طريقها ضمن «أسطول الحرية» الذي كان يسعى لكسر الحصار على غزة.

واستشهدت الحكومة التركية بـ«الكتاب الأحمر» للرد على اتهامات المعارضة لإردوغان بتحويل نظام الحكم في تركيا إلى نظام الرجل الواحد، إذ قال نائب الرئيس، جودت يلماظ، إن «الكتاب الأحمر» يُعدّ شاهداً على مدى التزام الإدارة بالإجراءات المنصوص عليها، واتخاذ جميع التدابير الخاصة بعمليات التشاور اللازمة، ما يعكس بنية الحكم المؤسسي بدلاً من التركيز على القوة الفردية للرئيس.