ترحيب عربي وخليجي ودولي وسوداني بـ«إعلان جدة» الإنساني

إشادة بالجهود السعودية والأميركية... وبيرتس متفائل بالتوصل لوقف النار خلال أيام

دخان كثيف في جنوب الخرطوم جراء القصف بين الطرفين المتحاربين (أ.ف.ب)
دخان كثيف في جنوب الخرطوم جراء القصف بين الطرفين المتحاربين (أ.ف.ب)
TT

ترحيب عربي وخليجي ودولي وسوداني بـ«إعلان جدة» الإنساني

دخان كثيف في جنوب الخرطوم جراء القصف بين الطرفين المتحاربين (أ.ف.ب)
دخان كثيف في جنوب الخرطوم جراء القصف بين الطرفين المتحاربين (أ.ف.ب)

توالت ردود أفعال الدول والمنظمات العربية والخليجية المرحّبة بتوقيع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على اتفاق أولي، إعلان التزام، في مدينة جدة، برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وأشاد الجميع بالجهود التي بذلتها الرياض وواشنطن، في تشجيع الأطراف السودانية على المشاركة في جولة المحادثات، والتي تؤكد على أهمية وجدوى تضافر جميع الجهود من أجل إنهاء أزمة السودان في أسرع وقت.

وأعلنت السعودية والولايات المتحدة، في وقت مبكر من صباح الجمعة، توقيع ممثلي القوات المسلحة والدعم السريع على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان، عقب محادثات في مدينة جدة.

ورحّب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، بالاتفاق، معبّراً عن أمله في أن يؤدي إلى حل سلمي دائم وشامل، يحافظ على سيادة السودان ويحقق طموحات شعبه في الأمن والسلام والاستقرار السياسي. كما عبّر البديوي عن الأمل بأن يسهم الاتفاق في ضمان مصالح وسلامة الشعب السوداني كأولوية رئيسية، وترسيخ سيادة السودان والحفاظ على وحدة مؤسساته وسلامة أراضيه.

القتال لا يزال مستمراً في الخرطوم حتى مساء الخميس (أ.ف.ب)

منظمة التعاون الإسلامي

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين طه، أعرب عن أمله بأن يشكل إعلان جدة خطوة مهمة نحو إنهاء النزاع المسلح في السودان نهائياً.

وأشار طه إلى «ضرورة استمرار العمل الجاد في إطار المبادرة السعودية - الأميركية المشتركة بهدف التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار وحل الأزمة السودانية في إطار الحوار السلمي».

كما ناشد طه الأطراف السودانية العمل على «تغليب المصلحة الوطنية العليا للسودان بما يحافظ على وحدته ومؤسسات الدولة ويحقق طموحات الشعب السوداني في الأمن والسلام والاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية». البرلمان العربي رأى أن إعلان جدة «خطوة مهمة لحقن دماء الشعب السوداني وتوفير الحماية للمدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المتضررين، والحفاظ على المنشآت والمرافق العامة، وتسهيل عمليات الإجلاء».

ودعا البرلمان العربي الأطراف السودانية إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه من تعهدات بما ينهي النزاع والبناء عليه بالعودة إلى الحوار واستعادة المسار السياسي لتحقيق الأمن والاستقرار في السودان ووقف إطلاق النار بشكل نهائي. في مصر، عبّرت وزارة الخارجية عن تطلعها «لأن يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه من تعهدات، وأن تفسح تلك الخطوة المجال لأطراف النزاع، بمساعدة الوسطاء والشركاء الإقليميين والدوليين، للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار واستئناف الحوار». وأشادت الخارجية المصرية بجهود السعودية والولايات المتحدة في تشجيع الأطراف السودانية على المشاركة في جولة المحادثات، مشيرة إلى أن ذلك يؤكد «أهمية وجدوى تضافر جميع الجهود من أجل إنهاء الأزمة الراهنة في السودان في أسرع وقت».

سيارات وبنايات مدمرة في السوق المركزي بالخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (رويترز)

جامعة الدول العربية

ورحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بالتوقيع على «إعلان جدة». وشدد أبو الغيط في بيان على ضرورة الاحترام الكامل للتعهدات الواردة في هذا الإعلان؛ حقناً للدماء السودانية وبما يمهد الطريق للوصول إلى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار. وأشاد بجهود المملكة والولايات المتحدة في التوصل لهذا الإعلان، وكذلك استضافة السعودية تلك المحادثات.

وأبدى ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان، فولكر بيرتس، تفاؤله بشأن إمكانية توصل الوسطاء لوقف لإطلاق النار في السودان في الأيام القليلة المقبلة، وقال إنه تلقى تطمينات من أحد الطرفين بأنهما سيواصلان التفاوض في السعودية. وقال بيرتس للصحافيين في جنيف «أعتقد أن أهم عنصر في هذا التفاهم الذي تم توقيعه الليلة الماضية هو التزام الطرفين بمواصلة محادثاتهما»، مضيفاً أنه تحدث لأحد الطرفين هذا الصباح.

المبعوث الاممي فولكر بيرتس متفائل بالخطوة (رويترز)

ورحّب الاتحاد الأوروبي بالخطوة، وقال في بيان إنه سيعمل مع الفرقاء في السودان من كثب لحل العقبات، كما رحّبت فرنسا بالخطوة.

وأعربت وزارة الخارجية الأردنية عن أملها بأن يمثل الاتفاق، وما انبثق عنه من التزامات إنسانية تتصل بحماية المدنيين واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني، خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى تسهم في عودة الأمن والاستقرار للسودان، وبما يلبّي طموحات وتطلعات الشعب السوداني بالأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي.

ورحّبت دولة الكويت بـ«إعلان جدة» لحماية المدنيين في السودان وثمّنت الخارجية الكويتية الجهود المقدرة والمستمرة التي تقوم به المملكة والولايات المتحدة في تشجيع الأطراف السودانية، وحثّها على الجلوس على طاولة المحادثات، وجددت الدعوة إلى الوقف الفوري للقتال والأعمال العدائية والاستمرار في الحوار بين الأطراف السودانية؛ بغية تجاوز الخلافات والتوصل لحل دائم وشامل للأزمة الحالية، بما يحفظ للسودان الشقيق أمنه واستقراره وسلامة أراضيه.

ورحّبت دولة قطر بتوقيع إعلان المبادئ، وأعربت خارجيتها، في بيان، عن تطلع قطر إلى أن يمهد الإعلان لوقف دائم وشامل للنزاع العسكري والانخراط بعد ذلك في مفاوضات واسعة تشارك فيها كل القوى السياسية السودانية، وصولاً إلى اتفاق شامل وسلام مستدام يحقق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والتنمية والازدهار.

القوى السودانية

ورحّبت القوى المدنية الموقّعة على الاتفاق الإطاري السياسي في ديسمبر (كانون الأول)، ومنها قوى الحرية والتغيير، بتوقيع إعلان المبادئ الذي قالت إنه يكفل حماية المدنيين ومعالجة القضايا الإنسانية، واعتبرتها خطوة أولى نحو إنهاء الحرب. وجاء في الإعلان الذي صدر بعد محادثات على مدار أسبوع بين الطرفين المتحاربين في السودان إنهما يلتزمان «بإعطاء الأولوية للمناقشات؛ بهدف تحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل توصيل المساعدة الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية».

وعقب التوقيع، ستركز محادثات جدة على التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فعال لإطلاق النار لمدة تصل لنحو عشرة أيام، وستشمل الإجراءات الأمنية آلية لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة من الولايات المتحدة والسعودية والمجتمع الدولي، بحسب وكالة الأنباء السعودية. واتفق الطرفان، وفقاً للإعلان، على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني «هي أولوياتنا الرئيسية»، مؤكدين على الالتزام بضمان حماية المدنيين «ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين في جميع الأوقات ومغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه».

قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

واعتبر «ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير»، في بيان التوقيع على الاتفاق، خطوة مهمة في طريق إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي. وحضّ الائتلاف السياسي الأكبر في البلاد، الجيش و«الدعم السريع» على المضي قدماً للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الخلافات بالحوار، بعيداً عن استخدام العنف والقوة المسلحة. وأشادت «قوى التغيير» بجهود المجتمعين الدولي والإقليمي، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية وأميركا على رعاية المفاوضات بين الطرفين. وقالت في البيان «نتطلع لاستكمال هذه الجهود لحين الوصول إلى وقف شامل ودائم ونهائي، يحقق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال المدني الديمقراطي».

كذلك، رحب «التجمع الاتحادي»، أحد فصائل الائتلاف، بجهود قيادات الجيش و«الدعم السريع»، لإطفاء نار الحرب بالحوار الجاد والشفاف، الذي أسفر عن «اتفاق إعلان مبادئ» لحماية المدنيين، ومعالجة القضايا الإنسانية، وعدّ الاتفاق خطوةً كبيرةً لاستعادة المسار السلمي لحل الخلافات.

وناشد الجيش و«الدعم السريع» تنفيذ كل ما ورد في الاتفاق، بما يمهد الطريق نحو وقف كامل وشامل للحرب، وعودة المسار السياسي، الذي يفضي للتحول المدني الكامل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».