«متسلق البرتقال» يكشف أسرار الخلايا

يحتوي على مركّبات يمكن استخدامها لتحسين التصوير الطبي

المركب الفلوري المأخوذ من جذر النبات (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
المركب الفلوري المأخوذ من جذر النبات (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
TT

«متسلق البرتقال» يكشف أسرار الخلايا

المركب الفلوري المأخوذ من جذر النبات (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
المركب الفلوري المأخوذ من جذر النبات (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)

النباتات التي تتوهج تحت الأشعة فوق البنفسجية ليست مجرد اختراعات للتلفزيون والأفلام من الخيال العلمي، حيث يمكن أن تتألق جذور نبات الطب التقليدي الذي يسمى «متسلق البرتقال»، أو (Toddalia asiatica) بلون أزرق.

والآن، حدد الباحثون جزيئين من «الكومارين»، يمكن أن يكونا مسؤولَين عن ذلك، حيث تتمتع هذه الكومارين الطبيعية بخصائص فلورية فريدة؛ ولذا يمكن استخدام أحد المركّبات يوماً ما للتصوير الطبي، وفق الدراسة المنشورة في 19 أبريل (نيسان) بدورية «إيه سي إس سينترال ساينس».

تمتص المواد الفلورية الأشعة فوق البنفسجية الموجهة إليها وتطلق ضوءاً مرئياً ملوناً نابضاً بالحياة، وبعضها يتوهج بشكل أكثر سطوعاً عندما يقتربان من بعضهما بعضاً، وهي ظاهرة تُرى في مركّبات تسمى لومينوجينات الانبعاث الناجم عن التجميع (AIEgens)، وهي مكونات أساسية في بعض الأجهزة البصرية وتقنيات التصوير الخلوي وأجهزة الاستشعار البيئية.

ومع ذلك، عادة ما يتم صنع هذه الجزيئات في المختبر، والعديد منها سام، وتمتلك بعض النباتات هذه القدرة بالفعل؛ لذلك لجأ تشونغ تانغ وتشنغ تشاو وشياو دونغ لو وزملاؤه من كلية العلوم والهندسة بمعهد شنتشن للعلوم والتكنولوجيا بالجامعة الصينية في هونغ كونغ، إلى الطبيعة للعثور على مركّبات طبيعية وأكثر أماناً.وقام الباحثون بتجفيف جذور «متسلق البرتقال»، وسحقها إلى مسحوق، ثم عزل وتحديد مركبات الكومارين و«هيميثوكسيسيلين – 5» (5 - MOS) و«ميثوكسيسيلين – 6» (6 - MOS)، وعندما تذوب هذه المركّبات في مذيب عضوي، أظهر مركب «ميثوكسيسيلين – 5» توهجاً أخضر مزرقاً، وكان «ميثوكسيسيلين – 6»، له توهج أزرق باهت قليلاً، بالإضافة إلى ذلك، كان لكل منها سمّية خلوية منخفضة وتوافق حيوي جيد.

وفي سلسلة نهائية من التجارب، وجد الفريق أنه يمكن تحديد الميتوكوندريا (مصانع الطاقة في الخلية) بوضوح في الخلايا الحية الملطخة بمركب «ميثوكسيسيلين– 5»، دون أي معالجة إضافية؛ ما يجعل التصوير الخلوي أسهل وأسرع من معظم الطرق الحالية، وهو ما يعني أن المركّب الذي تم الإبلاغ عنه حديثاً هو خيار طبيعي مشتق من النباتات، لتعزيز التصوير الحيوي.

يقول تشنغ تشاو، من كلية العلوم والهندسة بمعهد شنتشن للعلوم والتكنولوجيا بالجامعة الصينية في هونغ كونغ، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة «على مدار التطور الطويل، قامت الطبيعة بتحسين المواد والأنظمة المتطورة ذات الوظائف المتنوعة، فالعديد من الاختراعات العظيمة عبر تاريخ البشرية مستوحاة من الطبيعة، وتلعب أدواراً لا غنى عنها في حياة الإنسان، ومع التقدم السريع للتكنولوجيا، يميل العلماء إلى التعرف على الطبيعة من المستوى المجهري، وبالتالي تحفيز ازدهار المواد والأنظمة الوظيفية، مثل الميكروفيلم ثلاثي الأبعاد المستوحى من البذور المشتتة بالرياح، والروبوتات اللينة المستوحاة من الحيوانات رخوة الجسم، والطلاء المضيء المستوحى من أوراق اللوتس».

ويضيف «قنديل البحر المضيء الرائع أدى إلى اكتشاف بروتين الفلورسنت الأخضر (GFP)، الذي أحدث ثورة في التكنولوجيا التحليلية في البحوث البيولوجية، وبالإضافة إلى قناديل البحر المضيئة، تنتج النباتات مركبات فلورية طبيعية وفيرة ذات أنشطة بيولوجية ودوائية متنوعة، ولكن نادراً ما يتم فحص خصائصها الفلورية واستغلالها، وتعالج دراستنا هذه المشكلة من خلال دراسة نبات متسلق البرتقال».


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»