أثار الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران والقوى العالمية الكبرى الست في فيينا، في 14 يوليو (تموز) الماضي، جدلا واسعا في الكونغرس الأميركي وأدّى إلى انهيار موجة انتقادات، ربما كانت هي الأسوأ منذ سنوات، على الرئيس الأميركي وإدارته.
وفيما ينتظر العالم نتيجة تصويت أعضاء الكونغرس على الاتفاق النووي الشهر المقبل، فإنها لا تؤثر في الحقيقة على تطبيق الاتفاق إلا بصورة ثانوية. ذلك أن نتيجة التصويت الذي من المقرر إجراؤه في سبتمبر (أيلول)، حتى إن قضت برفض الاتفاق، فإنها لا تعني نهاية المطاف بالنسبة للبيت الأبيض.
في الواقع، إن تصويت الكونغرس بالرفض لن يحول دون تحرك أوباما من تلقاء نفسه للشروع في تنفيذ الاتفاق. ورغم أن هذا قد يجعله محط انتقادات لاذعة، فإن هذا الإجراء سيمكنه من إضافة إنجاز جديد على صعيد السياسة الخارجية إلى قائمة إنجازاته خلال فترة رئاسته الثانية.
والواضح أن أوباما ليس بحاجة إلى إذن من الكونغرس كي يمنح إيران الجزء الأكبر من مليارات الدولارات جراء رفع العقوبات عنها، تبعًا لما ينص عليه الاتفاق، ما دامت طهران تفي بتعهداتها في كبح برنامجها النووي. يقول روبرت ساتلوف، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تعليقا على هذا الأمر: «قد يترك قرار برفض الاتفاق مع إيران أصداءً سياسية كبرى، لكن تأثيره العملي سيظل محدودًا، ذلك أنه لن يلغي سلطة الرئيس أوباما في تطبيق الاتفاق».
ترجح سيطرة الجمهوريين على كلا مجلسي الكونغرس، النواب والشيوخ، بأن نتيجة التصويت ستكون عكس آمال البيت الأبيض. وقد تعهد أوباما باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار بالرفض من جانب الكونغرس، لذا يتحول السؤال من: «هل سيصوت الكونغرس ضد الاتفاق النووي؟» إلى «هل سيستطيع الكونغرس حشد ما يكفي من الأصوات للتغلب على فيتو الرئيس؟».
وبيد أنه يبدو أن عددا كبيرا من أعضاء الكونغرس، ديمقراطيين كانوا أم جمهوريين، يعارضون المصادقة على اتفاق يعتبرونه «ليّنا» تجاه طهران، إلا أنهم يستبعدون قدرتهم على إبطال «الفيتو» الرئاسي بسبب افتقار رافضي الاتفاق إلى عدد الأصوات الكافي للوقوف بوجه أوباما. كما يذكر أن أكثر من نصف عدد أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين والمستقلين من بين الـ34 اللازمين للإبقاء على الفيتو، يؤيدون الاتفاق. وحتى الآن، لم يحدث سوى انشقاق واحد لافت يتمثل في موقف تشوك شومر، الذي يعد ثالث أهم عضو ديمقراطي داخل مجلس الشيوخ وهو مرشح لزعامة الحزب.
أما داخل مجلس النواب، فإن أكثر من 45 ديمقراطيًا أبدوا تأييدهم للاتفاق، بينما أعلن 10 معارضتهم له.
ومن جانبه، لدى الرئيس القدرة على تجميد بعض العقوبات الأميركية، كما باستطاعته إصدار أوامر جديدة تسمح بمعاملات مالية محظورة حاليًا. فعلى الصعيد المالي، يمكن لأوباما استغلال أوامر تنفيذية في شطب أسماء أفراد إيرانيين ومؤسسات إيرانية، منها قرابة 12 مصرفًا إيرانيًا، من المحظورين في القوائم الأميركية، مما يعني أنها لن تظل خاضعة لعقوبات اقتصادية.
جدير بالذكر أن الكونغرس وحده يملك القدرة على إنهاء العقوبات التشريعية ضد إيران، والتي تعد من بعض أقسى العقوبات المفروضة على البلاد، وهي موجهة لقطاع الطاقة هناك والمصرف المركزي الإيراني وأجزاء رئيسية من الاقتصاد. ورغم ذلك يرى خبراء أن أوباما باستطاعته بمفرده تخفيف بعض هذه العقوبات والعمل مع الأوروبيين على تخفيف حدة البعض الآخر منها.
من جهة أخرى، لن يمثل التصويت الذي سيجرى في سبتمبر الكلمة النهائية في القضية. ومن بين التساؤلات التي تلوح في الأفق بهذا الشأن إذا ما كان ينبغي على الكونغرس إعادة تفعيل قانون العقوبات ضد إيران، وهو قانون ينص على الكثير من العقوبات ضد طهران. من جهتهما، طرح السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز والسيناتور الجمهوري مارك كيرك، التشريع على الكونغرس لتجديده. وإن اتخذ قرار إعادة تفعيل هذا القانون، يجوز أن تعتبره إيران انتهاكًا للاتفاق النووي، بينما لم يحدد مسؤولو الإدارة ما إذا كان هذا الإجراء خرقًا للاتفاق بالفعل، وإنما اكتفوا بالقول إن الوقت سابق لأوانه لتناول هذا الأمر.
أما عما إذا كان ينبغي على الكونغرس الضغط على البيت الأبيض لإبرام «اتفاق أفضل»، فقد رفضت الإدارة فكرة إعادة التفاوض حول اتفاق آخر، وقال وزير الطاقة إرنست مونيز أمام أعضاء الاتحادات اليهودية إن إعادة التفاوض بخصوص الاتفاق «أكثر الاستراتيجيات التي يمكن تخيلها خطورة». وأضاف: «لا أعتقد أن هذه خطة بديلة يمكن الوثوق بها».
ويذكر أن شومر وآخرين رافضون للاتفاق ويعتقدون أن إدارة أوباما ينبغي أن تعود لطاولة التفاوض. ولن تكون هذه أول مرة دفع فيها الكونغرس لإعادة التفاوض حول اتفاق معين، إذ إنه سبق له المطالبة بإدخال تغييرات على أكثر من 200 معاهدة واتفاق دولي في الماضي.
معارضة الكونغرس للاتفاق النووي لن يحول دون تطبيقه
أوباما قادر على رفع جزء كبير من العقوبات على طهران بتعاون أوروبي
معارضة الكونغرس للاتفاق النووي لن يحول دون تطبيقه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة