أسود السودان وضباعه تواجه خطر الجوع في حدائق الحيوان

نداءات لإغاثة الحيوانات من الموت جوعاً... أو قتلاً بالرصاص

أسود السودان وضباعه تواجه خطر الجوع في حدائق الحيوان
TT
20

أسود السودان وضباعه تواجه خطر الجوع في حدائق الحيوان

أسود السودان وضباعه تواجه خطر الجوع في حدائق الحيوان

فيما تتساقط القذائف والرصاص على أجساد المواطنين ومنازلهم، وتوقع بينهم قتلى وجرحى، فإن خطراً آخر يهدد بمزيد من الضحايا، بين الحيوانات هذه المرة.

فقد أصدرت حديقة السودان للحياة البرية بياناً كشفت حَراجَة وضع الحديقة التي تضم 25 أسداً و6 ضباع و3 أنواع من القرود و5 قطط برية (نمور)، و6 غزلان و5 سناجب، ونوعين من السلاحف، وأعداداً كبيرة من الطيور، وكلبين.

وراجت معلومات عن أسود ونمور تتجول في أنحاء العاصمة الخرطوم، بيد أن التقصي أثبت أنها غير حقيقية، لكن المؤكد أن حيوانات الحدائق معرضة للموت جوعاً وعطشاً إن لم تصبها رصاصات الحرب.

ولا تعد حراجة وخطورة أوضاع الحيوانات في هذه الحديقة الحالية الأولى، التي تشغل الرأي العام بسبب نقص غذاء الحيوانات في السودان.

ففي يناير (كانون الثاني) 2020. ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور من داخل حديقة القرشي للحيوانات في الخرطوم، عن تعرض أسود ولبوات للموت من شدة الجوع، حتى بدت أقرب لكونها «هياكل عظمية» لحيوانات، ونشطت وقتها المطالبات بالتدخل العاجل من الحكومة أو المختصين، من باب الرفق بالحيوان.

وقال المسؤول عن الحدائق في هيئة حماية الحياة البرية، عادل محمد، لـ «الشرق الأوسط»، إن مشكلة الحديقة تم حلها، ووعد بمنح الصحيفة معلومات مفصلة في اليوم التالي، بيد أنه لم يرد على الهاتف، واشترط بعدها التواصل كتابة في ظل ظروف لا تسمح بالتنقل أو تسليم الخطابات.

وأوضح الطبيب البيطري فيصل عمر في حديثة للصحيفة، أمس، أن للحيوان 5 حقوق: «الأكل، الشرب، الشعور بالأمان، التنقل والسكن». وأضاف: «إذا جاعت الحيوانات وهي في الأقفاص فهذا حرام شرعاً، وإذا تم إخراجها أو خرجت من الأقفاص نتيجة لعدم إغلاقها جيداً فهذه ستكون كارثة، لأنها ستأكل الإنسان والحيوان، لكونها حيوانات مفترسة بطبيعتها».

وقال عمر إن الأسد، على سبيل المثال، يحتاج لأكثر من 3 كيلوغرامات من اللحم يومياً، أما الضبع فيحتاج إلى كيلوغرام لحم في اليوم، مما يجعل توفيرها أثناء الحرب والقتال صعباً وغير ممكن، فيما راجت معلومات وتم تداول صور لأسود تتجول في شوارع الخرطوم بلا رقيب، لكن التقصي أثبت أنها غير صحيحة.

ورسمت البروفسورة منال الفاتح، من متحف السودان للتاريخ الطبيعي التابع لجامعة الخرطوم، صورة مأسوية للحيوانات الموجودة في المتحف، وقالت إنها لم تأكل أو تشرب طوال أكثر من 15 يوماً، هي أيام الحرب بين الجيش و«الدعم السريع». وأضافت في إفادة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد يستطيع الذهاب إلى المتحف الواقع في شارع الجامعة القريب من القصر، حيث تدور المعارك، لمعرفة وضع الحيوانات». وتابعت: «أتوقع موت بعض الحيوانات، كما أن البيئة ستكون سيئة في المتحف»، مشيرة إلى أنه يضم عدداً كبيراً من الحيوانات، مثل التماسيح، والأصلة، والسلاحف، والطيور، والقردة، وغيرها من الحيوانات النادرة التي تم إحضارها من الولايات السودانية لإجراء الأبحاث عليها، مؤكدة أن البعض يسعى لإنقاذ الحيوانات، لكن المشكلة تكمن في خطورة الوصول للمتحف.

وأرسلت مديرة متحف السودان للتاريخ الطبيعي، الدكتورة سارة عبد الله، خطاباً إلى مجموعة اتحاد المتاحف العالمية (ICOM) قبل ثلاثة أيام، بطلب منه، جاء فيه أن المتحف متخصص في التراث الطبيعي السوداني، إلى جانب كونه مركزاً بحثياً يحوي عينات مرجعية مختلفة لأنواع متعددة من الحيوانات التي جمعت من مناطق السودان المختلفة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وأوضحت في رسالتها أن الوضع الحالي للمتاحف السودانية يمثل أعلى درجات الخطورة، بسبب وجودها في قلب منطقة المعارك بين الفريقين المتحاربين، ولا توجد فيها حراسة ولا رقابة، ما يعرض مقتنياته للسرقة والتخريب في أي لحظة، إضافة للضرر من المعارك نفسها.

وتابعت سارة عبد الله: «أصحاب النفوس الضعيفة، في ظل غياب دور الشرطة والرقابة الأمنية على المتاحف، قد يستغلون الوضع لسرقة مقتنيات المتاحف وتهريبها خارج البلاد».

ويقول محمد النجومي، المتخصص في حقوق الإنسان، إن إطلاق سراح الحيوانات المفترسة، خاصة الأسود والذئاب والنمور، يمثل تهديداً وخطراً كبيراً على الطمأنينة والسلامة العامة للمواطنين، وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان المتمثلة في الحق في الأمن والسلامة والحق في الحياة وفي الصحة، حيث تنتهك هذه الحقوق بشكل واسع بسبب قيام مسؤولي حديقة الحيوانات أو الحياة البرية، أو غيرهم من المسؤولين عن رعايتها وتربيتها، بإطلاقها في الشوارع والأحياء بين المواطنين.

وأوضح أن خروج الحيوانات المفترسة من الحدائق ستتضرر منه الفئات السكانية الأقل هشاشة، مثل الأطفال وذوي الإعاقة والنساء، لعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم ضد الحيوانات المفترسة، مما يؤدي لوقوع أضرار جسدية ونفسية بالغة لهم.

وتنص قوانين الحياة البرية السودانية والقوانين ذات الصلة، على التجريم المشدد في حال إهمال الحيوانات المفترسة في أماكن رعايتها، خاصة إطلاقها بين المواطنين بشكل يهدد حياتهم وأرواحهم للخطر. وأضاف النجومي: «يجب على السلطات المختصة التشدد في عدم إهمالها وإطلاق سراحها تحت أي مبرر وذريعة كانت، وأن يقدَّم الموظفون المسؤولون عن ذلك للعقاب والمحاسبة القانونية».


مقالات ذات صلة

مقتل 15 في قصف لـ«الدعم السريع» على مدينة الفاشر بدارفور

شمال افريقيا لاجئون سودانيون من غرب دارفور بالسودان في مستشفى أدري بتشاد 16 يونيو 2023 (رويترز)

مقتل 15 في قصف لـ«الدعم السريع» على مدينة الفاشر بدارفور

قُتل 15 شخصاً على الأقل في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر في إقليم دارفور، بحسب ما أفاد مصدر طبي الخميس.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: «الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة أم كدادة

أعلنت «الدعم السريع» سيطرتها على منطقة أم كدادة الواقعة على بعد 187 كيلومتراً، جنوب شرقي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب السودان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جنود سودانيون قرب مركبة عسكرية مدمرة في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

«الصليب الأحمر»: لا يجوز أن يدير المجتمع الدولي ظهره للسودان

عرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير المآسي التي يمر بها السودان جراء النزاع بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا دبابة مدمرة في أحد شوارع الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

السودان ينفي رسمياً إرسال مبعوث رئاسي لإسرائيل

نفت الحكومة السودانية إرسال «أي مبعوث» إلى إسرائيل للحصول على دعم تسليحي ودبلوماسي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عامان من النزاع في السودان (رويترز) play-circle

الصليب الأحمر يناشد أطراف الصراع السوداني التزام «إعلان جدة»

حثَّت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس، أطراف النزاع في السودان على الالتزام بـ«إعلان جدة» الموقَّع في مايو (أيار) 2023، واحترام القانون الدولي الإنساني.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

وزير الخارجية المصري يبحث تطورات غزة خلال زيارته تركيا

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
TT
20

وزير الخارجية المصري يبحث تطورات غزة خلال زيارته تركيا

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)

توجَّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الخميس، إلى مدينة أنطاليا التركية، للمشاركة في الدورة الرابعة لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي يعقد خلال الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

ووفق بيان لوزارة الخارجية المصرية، فإن عبد العاطي سيُشارك في عدد من الجلسات الخاصة بالمنتدى، كما يعقد لقاءات ثنائية على هامش المنتدى مع عدد من نظرائه، ويشارك في اجتماع مجموعة الاتصال العربية الإسلامية حول غزة.

وقبيل مغادرته القاهرة، أجرى عبد العاطي محادثات مع نظيره المجري بيتر سيارتو، تناولت تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين. ووفق إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزيران «ضرورة العمل لزيادة التبادل التجاري»، كما ثمَّنا «تطور مشروعات التعاون الثنائي، والتطور في التعاون الاقتصادي، لا سيما على المستوى الصناعي».

وجاءت المحادثات المصرية - المجرية، بالتزامن مع انعقاد «الدورة الخامسة للجنة الاقتصادية المشتركة، في الفترة من 8 حتى 10 أبريل الحالي»، وكذلك «منتدى الأعمال المشترك، بحضور وزيري التجارة والتعاون الدولي المصريين، وبمشاركة وفد رجال أعمال مجري يُمثل 21 شركة، مع ممثلي 95 شركة مصرية»، حسب «الخارجية المصرية».

وأعرب وزيرا خارجية البلدين عن تطلعهما لـ«قيام الشركات المجرية بضخ استثمارات بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر»، إلى جانب «تعزيز التعاون في قطاع السياحة والطيران».

ويُشكل الجانب الاقتصادي والتبادل التجاري أولوية في مسار العلاقات المصرية - المجرية، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاهرة تسعى لاستعادة وجودها في أسواق شرق أوروبا»، مشيراً إلى أن «المجر من بين دول الاتحاد الأوروبي الذي تطورت علاقاته مع مصر مؤخراً إلى مستوى الشراكة».

وعلى الصعيد الإقليمي، تناولت المحادثات تطورات الأوضاع في غزة، وأكد وزير الخارجية المصري «رفض بلاده الكامل للعدوان الإسرائيلي على القطاع، ومنع نفاذ المساعدات الإنسانية والإيوائية والتصعيد الجاري بالضفة الغربية»، كما أعاد تأكيد رفض بلاده «تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مسمى».

وأشار عبد العاطي، إلى «الخطة العربية - الإسلامية»، لعملية التعافي المبكر، وإعادة الإعمار في غزة، مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وأكد ضرورة «التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية، من خلال حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

كما تناولت المحادثات المصرية - المجرية «التطورات في سوريا ولبنان، إلى جانب أمن الملاحة في منطقة البحر الأحمر»، حسب «الخارجية المصرية».