ماء وطعام على الطرق... سكان ولايات السودان يغيثون الفارين من العاصمة

عائلات سودانية نازحة في وادي كركر بأسوان المصرية- (إ.ب.أ)
عائلات سودانية نازحة في وادي كركر بأسوان المصرية- (إ.ب.أ)
TT

ماء وطعام على الطرق... سكان ولايات السودان يغيثون الفارين من العاصمة

عائلات سودانية نازحة في وادي كركر بأسوان المصرية- (إ.ب.أ)
عائلات سودانية نازحة في وادي كركر بأسوان المصرية- (إ.ب.أ)

على الطريق التي تربط الخرطوم بالولايات الجنوبية، يقف سودانيون من مناطق مختلفة، يقدمون الغذاء والماء للنازحين من العاصمة، وذلك رغم النقص في الموارد والنقد في كل أنحاء البلاد.

ولا يتوقف عبور السيارات المحملة بأشخاص مذعورين وجائعين وعطشى، بينما يخرج الأهالي بالسخاء السوداني المعروف، أكواباً وأطباقاً يقدمونها للفارين من جحيم المعارك.

سودانيون يفرون من جحيم الحرب في الخرطوم إلى أسوان

في ولاية الجزيرة، وعلى الطريق السريع قبالة قرية الدوينيب على بعد 130 كلم جنوب الخرطوم، يلوح أبو بكر حسين ورفاقه بأيديهم للسيارات، ويقدمون لهم أكواباً من الماء، في محاولة لتلطيف درجة الحرارة التي تقترب من 40 درجة مئوية.

ويشير حسين إلى كوخ صغير أُقيم على الطريق، وينادي على المارة: «الطعام جاهز... انزلوا... لن تتأخروا».

ويقول حسين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية: «مع بداية الحرب في الخرطوم وهروب الناس منها، توقعنا أنهم خرجوا من دون أن يحملوا شيئاً، خصوصاً خلال شهر رمضان. جاء بعض السكان بالطعام من منازلهم. ثم صرنا نجمع تبرعات من أهل القرية ونشتري المواد الغذائية ونصنع الطعام بأنفسنا».

وتسود حال من الفوضى في العاصمة السودانية منذ أن اندلعت المعارك في 15 أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».

وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، أبرزها دارفور، في الغرب، عن مقتل 700 شخص على الأقل، وإصابة الآلاف بجروح، بحسب تقارير، ويُعتقد أن هذه الأرقام أقل بكثير من الواقع.

وأفادت «منظمة الهجرة الدولية» بأن ما يقرب من 450 ألف مدني فروا من ديارهم بسبب المعارك، من بينهم أكثر من 115 ألفاً لجأوا إلى بلدان مجاورة.

كذلك هرب السجناء من 3 سجون على الأقل في الخرطوم، وتعرضت المستشفيات للقصف، وانتشرت أعمال النهب في غياب الشرطة.

وأكدت الأمم المتحدة نهب «17 ألف طن من المواد الغذائية»، من أصل 80 ألف طن من مخزون «برنامج الأغذية العالمي» التابع لها، الذي «لا يزال يحاول تحديد ما تبقى» من موارده.

ويقول الباحث في جامعة غوتنبرغ علي فيرجي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بعض عمليات النهب على الأقل... مدفوعة بواقع أن المقاتلين يحتاجون إلى الطعام».

ويضيف: «وردت تقارير كثيرة عن أفراد من (قوات الدعم السريع) دخلوا منازلهم لتناول الطعام».

ويوضح أن قيادة «قوات الدعم السريع» طلبت على ما يبدو «من عناصرها ضمنياً أو بشكل صريح أن يدبروا أنفسهم للحصول على الطعام من دون انتظار دعم لوجيستي منظم».

ورغم تضاعف أسعار المواد الغذائية في ولاية الجزيرة، بحسب «المجلس النرويجي للاجئين»، يواصل المتطوعون تقديم المساعدات للنازحين على الطرق.

وكان ثلث سكان السودان البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريباً، يعانون من الجوع، ويحتاجون إلى الإغاثات الإنسانية قبل هذه الحرب. ويرجح أن ترتفع هذه النسبة مع النقص الفادح في الغذاء والماء والكهرباء والنقد.

إلى شمال الخرطوم، يقول ميرغني حسن الذي غادر مع أسرته منطقة بحري متجهاً إلى مدينة عطبرة على بُعد 350 كيلومتراً شمال العاصمة: «يصر أهل كل قرية نتوقف فيها على تزويدنا بالطعام والماء والعصير، حتى لو كانت المسافة بين القريتين لا تزيد على كيلومتر واحد».

ويؤكد محمد عيسى، سائق حافلة لنقل النازحين من العاصمة إلى ولايات مختلفة، وذلك «في (ولايات) النيل الأبيض وسنار والقضارف والشمالية والبحر الأحمر وكردفان... هذا مشهد رأيته في كل الطرق».



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».