دراسة: نصف المصابين بارتجاج الدماغ يعانون أعراضا طويلة الأمد

دراسة: نصف المصابين بارتجاج الدماغ يعانون أعراضا طويلة الأمد
TT

دراسة: نصف المصابين بارتجاج الدماغ يعانون أعراضا طويلة الأمد

دراسة: نصف المصابين بارتجاج الدماغ يعانون أعراضا طويلة الأمد

يعاني حوالى 56 مليون شخص على مستوى العالم من ارتجاج في المخ كل عام.
ومن الشائع أن يتسبب الارتجاج بأعراض قصيرة المدى مثل الصداع والغثيان والحساسية للضوء ومشاكل في التركيز. لكن العديد من الأشخاص يعانون أيضًا من أعراض طويلة المدى؛ بما في ذلك التعب وصعوبة النوم والتركيز والاضطراب.
وقد توصلت الأبحاث السابقة الى أن الأطباء قدّروا أن واحدًا من كل عشرة أشخاص قد يعاني من أعراض طويلة الأمد بعد ارتجاج المخ. غير ان دراسة جديدة أجراها باحثون بجامعة كامبردج بالمملكة المتحدة نُشرت في «Brain» تقدر أن أعراض ما بعد الارتجاج أكثر شيوعًا. فقد وجدت أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين عانوا من ارتجاج في المخ لم يتعافوا تمامًا بعد ستة أشهر من إصابتهم، وذلك وفق ما نشر موقع «theconversation» العلمي المرموق.
ولإجراء الدراسة، قام الباحثون بتحليل فحوصات الدماغ لأكثر من 100 مريض تعرضوا للارتجاج أخيرًا من جميع أنحاء أوروبا. وأجريت فحوصات الدماغ هذه باستخدام تقنية تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لحالة الراحة (fMRI). إذ يقيس الرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة نشاط الدماغ عندما يكون الشخص في حالة راحة، والذي يمكن استخدامه لفهم كيفية تواصل مناطق الدماغ المختلفة. وهذا يسمح لنا بفهم ما إذا كان الدماغ يعمل كما ينبغي أو إذا كانت هناك مشاكل في اتصال دماغ الشخص.
ويمكن أيضًا أن يخبرنا التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة بما هو أكثر من التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي؛ ففي حين أن هذه الأنواع من الفحوصات تُجرى غالبًا لمرضى الارتجاج، فإن كلاهما يبحث فقط عن التغييرات الهيكلية في الدماغ مثل الالتهاب أو الكدمات.
وغالبًا لا تحدث مثل هذه التغييرات في حالات الارتجاج الخفيف بعد الإصابة بفترة وجيزة، ما قد يدفع الأطباء إلى الاعتقاد بعدم حدوث تلف في الدماغ. ولكن يمكن أن يُظهر لنا التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة تغييرات أكثر دقة في وظائف المخ؛ وقد يساعدنا في التنبؤ بشكل أفضل بمن هو أكثر عرضة للإصابة بأعراض طويلة المدى، وفق الباحثين؛ الذين قالوا «في تحليلاتنا، بحثنا على وجه التحديد عن التغيرات في منطقة بمركز الدماغ تسمى المهاد. هذه المنطقة مهمة في دمج المعلومات الحسية ونقلها في جميع أنحاء الدماغ. حيث يُعتقد أيضًا أن المهاد ضعيف جدًا لنوع القوة الخارجية التي تؤدي إلى الارتجاج (مثل السقوط أو الضربة في الرأس). فوجد بحثنا أن الارتجاج كان مرتبطًا بزيادة الاتصال الوظيفي بين المهاد وبقية الدماغ بعد وقت قصير جدًا من الإصابة، مقارنةً بـ 76 شخصًا يتمتعون بصحة جيدة. وبعبارة أخرى؛ كان المهاد يحاول التواصل بشكل أكبر نتيجة الإصابة. وهذا الأمر اكتشف رغم التصوير الروتيني بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب اللذين لم يظهرا أي تغييرات هيكلية في الدماغ».
وبينما يفترض الكثير منا أن المزيد من الاتصال في الدماغ أمر جيد، تشير الأبحاث التي تبحث في إصابات الرأس الأكثر خطورة إلى أن الاتصال الأكبر بين مناطق الدماغ قد يكون في الواقع علامة على أن الدماغ يحاول تعويض الضرر الحاصل فيه. فوجد الباحثون أن «ما يقرب من نصف المصابين بالارتجاج لم يتعافوا تمامًا بعد ستة أشهر من الإصابة».
وفي هذا الاطار، أفاد الباحثون بأن «بحثنا خطوة مهمة في فهم الارتجاج، حيث يُظهر أنه حتى إصابة دماغية واحدة يمكن أن تكون لها عواقب واضحة لدى بعض الأشخاص. قد لا يظهر هذا الضرر أيضًا في أنواع الفحوصات التي يتم إجراؤها على مرضى الارتجاج بشكل روتيني، ما يشير إلى أن الوقت قد حان لتوسيع أنواع التصوير المستخدمة. فقد وجدنا أنه في الأشخاص الذين عانوا من أعراض طويلة الأمد، كانت التغييرات الوظيفية لا تزال موجودة في الدماغ بعد 12 شهرًا من الإصابة. وتم العثور على هذه التأثيرات في مجموعة فرعية عادت للمسح بعد عام من إصابتها، ولم يتم رؤيتها في المرضى دون أعراض طويلة الأمد».
وغالبًا ما يُنظر إلى الارتجاج على أنه حدث قصير المدى، لكن هذه النتائج تشير إلى أنه يمكن أن يكون مرضًا طويل الأمد، وقد يستغرق بعض الأشخاص وقتًا أطول للتعافي من غيرهم.
جدير بالذكر، وجدت الدراسة أيضا أن الأعراض طويلة المدى التي يعاني منها الشخص قد تتعلق بمناطق مختلفة من الدماغ.
وبين الباحثون «وجدنا أن الأشخاص الذين عانوا من أعراض معرفية طويلة الأمد (مثل مشاكل التركيز والذاكرة) زادوا من الاتصال من المهاد إلى مناطق الدماغ المرتبطة بالنورأدرينالين (رسول كيميائي في الدماغ). وفي حين أن الأشخاص الذين عانوا من مشاكل نفسية طويلة الأمد (مثل الاكتئاب أو التهيج) لديهم اتصال أكبر بالمناطق التي تنتج مرسالًا كيميائيًا مختلفًا، وهو السيروتونين؛ فهذا لا يوضح لنا فقط كيف يؤثر الارتجاج على الأشخاص بشكل مختلف، بل قد يمنحنا أيضًا أهدافًا يمكننا استخدامها لتطوير الأدوية التي تخفف من أعراض الارتجاج».
ويخلص باحثو الدراسة الى القول «بينما يعتبر الارتجاج إصابة دماغية خفيفة، إلا أن النتائج التي توصلنا إليها تظهر أنها يمكن أن تكون لها عواقب طويلة المدى على نسبة كبيرة من الناس. فعلى الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير الذي لا نعرفه عن الارتجاج؛ بما في ذلك الآثار التي قد يحدثها الارتجاج المتكرر على الدماغ؛ فمن الواعد أن نرى هذه الحالة يتم أخذها على محمل الجد، خاصة في الألعاب الرياضية الشائعة».


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.