ارتفاع وفيات مرضى السل المتزامن مع «كوفيد-19»

بمعدل حالة لكل 3 إصابات

تزامن السل مع «كوفيد-19» يتسبب في معدلات وفاة أعلى  (public domain)
تزامن السل مع «كوفيد-19» يتسبب في معدلات وفاة أعلى (public domain)
TT

ارتفاع وفيات مرضى السل المتزامن مع «كوفيد-19»

تزامن السل مع «كوفيد-19» يتسبب في معدلات وفاة أعلى  (public domain)
تزامن السل مع «كوفيد-19» يتسبب في معدلات وفاة أعلى (public domain)

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن المرضى الذين يعانون من السل، المتزامن مع الإصابة بـ«كوفيد-19» لديهم مخاطر أعلى للوفاة.
وقارن الباحثون من وزارة الصحة بمدينة نيويورك الأميركية، خلال الدراسة المنشورة الجمعة بدورية «بلوس جلوبال ببلك هيلث»، معدلات الوفيات خلال الفترة من مارس (آذار) 2020 حتى يونيو (حزيران) 2022، بين المصابين بالسل وحده (902 مريض) والمصابين بالسل و«كوفيد-19» بشكل متزامن (106 مرضى)، وتشابه المرضى إلى حد كبير ديموغرافياً وسريرياً.
ووجد الباحثون أن معدل الوفيات كان أعلى بين مرضى السل المتزامن مع «كوفيد-19»، مقابل مرضى السل وحده، حيث توفي واحد من كل ثلاثة مرضى (31 في المائة) مصابين بالسل المتزامن مع «كوفيد-19»، وكانت أعمارهم تبدأ من 45 عاماً أو أكثر خلال فترة الدراسة.
وذهبت الدراسة إلى أنه «نظراً للاعتراف المتزايد بالمخاطر التي تشكلها هذه الأمراض مجتمعة، سيكون من المهم زيادة فحص (كوفيد-19) بين مرضى السل، وزيادة فحص مرض السل بين المرضى في المستشفى المشتبه في إصابتهم بـ(كوفيد-19)، ويجب أن يتبع الاكتشاف المبكر لـ(كوفيد-19) في مرضى السل إرشادات نحو الوصول السهل والفوري إلى الأدوية المضادة للفيروسات، وأي أدوية أخرى فعالة للمرض يتم تطويرها في المستقبل».
والعلاقة بين السل و«كوفيد-19» تمت الإشارة إليها قبل شهور من صدور تلك الدراسة، وذلك عبر تقرير لمنظمة الصحة العالمية صدر في أكتوبر (تشرين الأول)، حذر من أن «انشغال العالم بالاستجابة لجائحة (كوفيد-19)، تسبب في بعض الخسائر في برنامج مقاومة مرض السل، ما أدى إلى زيادة عدد المصابين خلال سنوات الجائحة».
ويقول التقرير إن «ما يقدر بنحو 10.6 مليون شخص أصيبوا بمرض السل في عام 2021، بزيادة قدرها 4.5 في المائة عن عام 2020، وتوفي 1.6 مليون شخص بسبب السل، كما زاد عبء السل المقاوم للأدوية بنسبة 3 في المائة بين عامي 2020 و2021، مع 450 ألف حالة جديدة من السل المقاوم لدواء (الريفامبيسين) في عام 2021، وهذه هي المرة الأولى منذ سنوات كثيرة، التي يتم فيها تسجيل عدد الأشخاص المصابين بمرض السل المقاوم للأدوية».
وأرجع التقرير هذه الأرقام إلى أن الجائحة خلقت تحديات مستمرة في توفير خدمات السل الأساسية والوصول إليها، حيث انخفض الإنفاق العالمي على خدمات مكافحة السل الأساسية من 6 مليارات دولار أميركي في عام 2019 إلى 5.4 مليار دولار أميركي في عام 2021، وهو أقل من نصف الهدف العالمي البالغ 13 مليار دولار أميركي سنوياً بحلول عام 2022.
وتجسد هذا الوضع في انخفاض العدد المبلغ عنه للأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسل من 7.1 مليون شخص في عام 2019 إلى 5.8 مليون شخص في عام 2020، وحدث تحسن جزئي عام 2021 بوصول الرقم إلى 6.4 مليون شخص، لكنه لا يزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة.
ويقول خالد عواد، استشاري الأمراض الصدرية بوزارة الصحة المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «انخفاض العدد المبلغ عنه للأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسل، ربما أدى إلى أن عدد الأشخاص المصابين بالسل غير المشخص وغير المعالج قد زاد، وهؤلاء أيضاً كانوا معرضين للإصابة بـ(كوفيد -19) بسبب انخفاض مناعتهم، ما أدى إلى زيادة عدد الوفيات التي رصدتها الدراسة».
ويضيف أن «الدراسة الأميركية ومن قبلها تقرير الصحة العالمية، يؤكدان أهمية إعادة الاستجابة العالمية لمرض السل إلى مسارها الصحيح التي كانت تسير عليه قبل جائحة (كوفيد-19)».



تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».