لاجئون سوريون «يعيشون في رعب» خشية ترحيلهم من لبنان

توقيف قرابة 450 شخصاً في حملة واسعة تستهدف من لا يمتلكون إقامات

احتجاج نظّمه إسلاميون ضد ترحيل اللاجئين السوريين في مدينة طرابلس شمال لبنان أمس (أ.ف.ب)
احتجاج نظّمه إسلاميون ضد ترحيل اللاجئين السوريين في مدينة طرابلس شمال لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

لاجئون سوريون «يعيشون في رعب» خشية ترحيلهم من لبنان

احتجاج نظّمه إسلاميون ضد ترحيل اللاجئين السوريين في مدينة طرابلس شمال لبنان أمس (أ.ف.ب)
احتجاج نظّمه إسلاميون ضد ترحيل اللاجئين السوريين في مدينة طرابلس شمال لبنان أمس (أ.ف.ب)

أثارت «وكالة الصحافة الفرنسية»، في تقرير، أمس، قضية اللاجئين السوريين، الذين قالت إنهم «يعيشون في رعب»، خشية ترحيلهم من لبنان. فقبل سنوات، لجأ سامر وأفراد عائلته إلى لبنان؛ هرباً من الحرب في بلادهم، لكن الأمن، الذي سعوا إليه، ترافق مع ظروف معيشية صعبة، وغالباً مع «خطاب عنصري ضد اللاجئين السوريين»، وصولاً إلى هاجس الترحيل. وفي الأسبوع الماضي، انقطعت أخبار شقيقه، بعد أن سلَّمه الجيش اللبناني إلى السلطات السورية التي أوقفته، وفق تقرير الوكالة الفرنسية.
وشنّ الجيش اللبناني، خلال الأسابيع القليلة الماضية، حملات مداهمات واسعة لتوقيف سوريين لا يمتلكون إقامات أو أوراقاً ثبوتية، أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصاً، جرى ترحيل أكثر من 60 منهم إلى سوريا، وفق ما أفاد مصدر في منظمة إنسانية، مطَّلع على ملف اللاجئين.
وشملت المداهمات، في إحدى ضواحي بيروت، منزل شقيق سامر المتواضع، حيث نُقل مع زوجته وطفليه إلى الحدود، وسُلّموا إلى قوات الأمن السورية، التي أطلقت، بعد أيام قليلة، سراح الزوجة والطفلين، وأوقفت الزوج، وفق رواية شقيقه.
ويقول سامر (26 عاماً)، الذي طلب استخدام اسم مستعار؛ خشية على سلامته، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نخاف أن نعيش المصير نفسه، فيجري ترحيلنا إلى سوريا».
ويضيف الشاب، الذي كان هو وشقيقه في عداد مَن شاركوا في الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري عند اندلاعها عام 2011: «نخاف أن يصبح شقيقي في عداد المفقودين» في سجون النظام.
وبعد اندلاع النزاع في سوريا المجاورة، لجأ عدد كبير من السوريين إلى لبنان. وتقدِّر السلطات حالياً وجود أكثر من مليوني لاجئ على أراضيها، بينما عدد المسجّلين لدى الأمم المتحدة، يتجاوز بقليل عتبة 800 ألف.
ومنذ استعادة الجيش السوري السيطرة على الجزء الأكبر من مساحة البلاد، تمارس بعض الدول ضغوطاً لترحيل اللاجئين من أراضيها، بحجة تراجع حِدّة المعارك، لكن ذلك لا يعني، وفق منظمات حقوقية ودولية، أن عودة اللاجئين باتت آمنة، في ظل بنى تحتية متداعية، وظروف اقتصادية صعبة، وملاحقات أمنية تشمل اعتقالات تعسفية وتعذيباً.
في لبنان، تنوّعت الضغوط على اللاجئين السوريين؛ من حظر تجول في أوقات معينة، وتوقيفات، وترحيل قسري، إلى مداهمات، وفرض قيود على معاملات الإقامة. بينما تنظر السلطات إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئاً، وتعتبر أن وجودهم أسهم في تسريع ومفاقمة الانهيار الاقتصادي المتواصل منذ 2019.
يقول سامر، للوكالة الفرنسية: «نحن أيضاً تعبنا، ونريد حلاً، لا نريد أموالاً، ولا نريد أي شيء من لبنان». ويوضح: «يتهموننا بأننا نأخذ مساعدات من الأمم المتحدة بالدولار، لكن ذلك غير صحيح».
وتؤكد «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» أن المسجلين لديها يحصلون على مساعدة نقدية بالليرة اللبنانية فقط، وأن التمويل المتوافر لديها يغطي 43 في المائة من اللاجئين المحتاجين.
وأشارت المفوضية مؤخراً، في تصريح، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى ارتفاع في عدد المداهمات بمناطق يقطن فيها لاجئون سوريون في منطقتي جبل لبنان والشمال، بينها 13 مداهمة على الأقل في شهر أبريل (نيسان) الحالي.
ونوهت المنظمة بتقارير تفيد بأن بين الموقوفين والمرحَّلين لاجئين مسجلين لديها.
وأوضح مصدر متابع للملف، للوكالة الفرنسية، أنه في بعض الحالات فُرِّق أطفال عن عائلاتهم.
وأعرب عدد من السوريين عن خوف يتملّكهم في الأيام الأخيرة، يمنعهم حتى من الخروج إلى الشارع.
ويقول أبو سليم، الذي طلب استخدام اسم مستعار: «منذ أيام، أجلس ونحو 20 عاملاً سورياً آخر في مستودع المكان الذي نعمل فيه؛ خشية توقيفنا»، وهو يخاف أن يجري تسليمه للسلطات السورية بعدما عانى 6 سنوات في سجونها، حيث تعرَّض لتعذيب شديد، على حدّ قوله. ويضيف: «لا أريد أن أعيش تجربة الاعتقال مجدداً، إذا دخلت السجن مجدداً، فلن أخرج منه».
وترأّس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الأربعاء، اجتماعين؛ لبحث ملف اللاجئين السوريين، جرى خلالهما تأكيد مواصلة تدابير الجيش والقوى الأمنية «بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية، وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية».
واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الشهر الحالي، أن الموضوع بات «قضية حياة وموت»، محذراً من «تغييرات ديموغرافية خطيرة، وسنصبح لاجئين في بلدنا».
وارتفع، خلال الأسابيع الماضية، مجدداً خطاب الكراهية تجاه السوريين، وطالب لبنانيون كثيرون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإخراجهم من لبنان.
ويتساءل عمار (31 عاماً)، اللاجئ السوري في لبنان منذ 2014: «لِمَ كل هذه الكراهية تجاهنا؟ نحن شعب لجأنا إلى هنا؛ هرباً من الموت، ماذا فعلنا لكم؟!». ويعيش عمار، الوالد لطفل رضيع، في حيرة من أمره، منذ بدء المداهمات الأخيرة.
ويقول: «لم أخرج من المنزل، منذ أن سمعت عن الترحيل، لكنني أخاف أيضاً أن يقتحم الجيش بيتي ويسلّمني، كما أنني مضطر إلى العودة إلى العمل لأشتري الحليب لطفلي الرضيع».
كان عمار يأمل أن يتخرج في كلية إدارة الأعمال، لكن النزاع في بلده دفع به للجوء إلى لبنان؛ حيث يعمل في خدمة التوصيلات. ويضيف: «لو كنت أعرف أن الأمور ستصعب بهذا الشكل، لما تزوجت ودمرت حياة عائلتي معي».
ومع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا، بات كثيرون يَعبرون إلى لبنان عبر طرق التهريب؛ أملاً في ركوب قوارب الهجرة غير القانونية، التي أصبح لبنان نقطة انطلاق لها نحو أوروبا منذ فترة.
ويقول عمار: «قد أجد الأمل في البحر، لكن في سوريا لم يعد هناك من أمل». ويضيف: «أُفضّل الموت في البحر، على العودة إلى سوريا».


مقالات ذات صلة

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

المشرق العربي لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

قالت مصادر أمنية في منطقة البقاع اللبناني، أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن مكاتب الأمن العام استعادت نشاطها لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري.

المشرق العربي لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

أطلقت وزارة الداخلية اللبنانية حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين وتسجيلهم، ضمن إجراءات جديدة لضبط عملهم وتحديد من يوجد في لبنان بصورة قانونية، وذلك في ظل نقاشات سياسية، وضغط أحزاب لبنانية لإعادة النازحين إلى بلادهم. ووجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، كتاباً إلى المحافظين ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات ويوجد فيها نازحون سوريون، لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين، والقيام بتسجيل كل المقيمين، والطلب إلى المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشدد في عدم تأجير أي عقار لأ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

قال وزير العدل اللبناني هنري الخوري لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى بلدهم «قضية حساسة ولا تعالج بقرار متسرع». ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، فيما وضعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة لترحيلهم وكلف الخوري البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية». وأكد الخوري أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة (...) إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا فقد تكون الإجراء

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي «اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

«اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد الاثنين في عمّان، بمشاركة وزراء الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والعراقي فـؤاد محمد حسين والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد، سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن الاجتماع هو بداية للقاءات ستتابع إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية. وشدد الوزير الأردني، على أن أولوية إنهاء الأزمة لا تكون إلا عبر حل سياسي يحفظ وحدة سو

المشرق العربي «اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

«اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد اليوم (الاثنين)، في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، في سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. ووفقاً لبيان ختامي وزع عقب الاجتماع ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اتفق المجتمعون على أن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً». وحضّوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لـ«تنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

غزة: خطة ترمب على المحك مع تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
TT

غزة: خطة ترمب على المحك مع تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)

يوماً بعد يوم تزداد الشكوك في قدرة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قطاع غزة على الصمود في وجه التحديات، والعقبات التي يفرضها موقف كل من طرفي الصراع الرئيسين حركة «حماس»، وإسرائيل، وفق تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

فالخطة، المؤلفة من عشرين بنداً، لم تكتمل مرحلتها الأولى حتى الآن بسبب عدم تسليم الفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع الجثة المتبقية من جثث الرهائن الإسرائيليين، وهو الأمر الذي تتذرع إسرائيل به، بغض النظر عن السبب وراء ذلك، وتتنصل من بعض الالتزامات التي تنص عليها الخطة في مرحلتها الأولى، فضلاً عن إصرارها على عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية حتى تتسلم تلك الجثة.

وكان يفترض بموجب خطة ترمب أن تنتهي استحقاقات المرحلة الأولى من الاتفاق في غضون 72 ساعة من توقيعه، إلا أن الفصائل الفلسطينية تقول إنها تواجه صعوبات في العثور على تلك الجثة، أو ما تبقى منها في ظل ضعف إمكانيات البحث، وصعوبة الوضع القائم في القطاع، علماً بأنها سلمت جميع ما لديها من الرهائن الأحياء، والأموات.

وفي المقابل تشن إسرائيل ضربات شبه يومية في القطاع، وتواصل سياسة الاغتيالات بحق كوادر حركة «حماس»، وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بوساطة دولية، ورعاية أميركية.

«حماس» تفكر في التراجع عن التزامات نزع السلاح

وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات على الانتقال إلى المرحلة الثانية، بدأ بعض قادة «حماس» مؤخراً في إطلاق تصريحات تشي بتراجع الحركة عن التزام رئيس في صلب تلك المرحلة، والمتمثل في نزع سلاحها، ما يطرح العديد من التساؤلات بشأن موقف الحركة، والأوراق التي تملكها حتى تضع الاتفاق برُمّته على المحك، لا سيما بعد تسليم الرهائن الإسرائيليين.

وعلى الجانب الآخر، تتلقف تل أبيب هذه التصريحات، وتبرزها، في محاولة منها لإلقاء كل اللوم على «حماس» في عدم إحراز تقدم على صعيد تنفيذ باقي مراحل الاتفاق، وسط تلويح بين الحين والآخر باستئناف الحرب.

ويتناغم الموقف الإسرائيلي مع انتقادات أوروبية لحركة «حماس»، حيث اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن رفض الحركة نزع سلاحها «يشكل العقبة الرئيسة أمام إحراز تقدم حقيقي نحو الاستقرار في قطاع غزة».

ورأت كالاس أن أي مسار سلام جاد في القطاع «لن ينجح ما لم تعالج مسألة السلاح، باعتبارها شرطاً أساسياً للاستقرار طويل الأمد».

ضغط أميركي للحفاظ على الاتفاق

وفي سياق متصل نقلت قناة «آي 24» الإسرائيلية عن مسؤول غربي مشارك في تنفيذ الخطة تشككه البالغ، قائلاً إنه من غير الواضح ما إذا كانت «حماس» ستتخلى عن أسلحتها.

وفي معرض رده على السبب وراء عدم التخلي عن الخطة في ظل هذا الموقف من قبل «حماس»، قال المسؤول الغربي إن «موقف العديد من الدول هو دعم الخطة رغم المشكلات، لأنها لا ترى خياراً آخر. نحن والدول الغربية الأخرى نفضل عدم الانسحاب، لأننا لا نريد أن نرى إسرائيل تعود إلى القتال في غزة».

ووسط حالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد، تواصل الولايات المتحدة أيضاً ضغوطها بغية دعم الاتفاق، والحيلولة دون انهياره.

مسلحون فلسطينيون يحرسون المكان في اليوم الذي تم فيه تسليم الرهائن المحتجزين في غزة (رويترز)

اتهامات متبادلة بين تل أبيب وواشنطن

وفي هذا السياق، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤولين أميركيين اثنين قولهما إن البيت الأبيض وجه رسالة شديدة اللهجة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن مقتل القيادي العسكري البارز في حركة «حماس» رائد سعد مطلع الأسبوع الجاري يمثل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأشار الموقع إلى أن هذه الرسالة «الغاضبة» من البيت الأبيض تأتي وسط تصاعد التوترات بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، وسياسة إسرائيل الإقليمية الأوسع، في إشارة لموقفها من لبنان، وسوريا.

كما كشف مسؤول أميركي رفيع المستوى أن رسالة البيت الأبيض لنتنياهو كانت: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك، وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقيات، فتفضل، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في إبرام الاتفاق في غزة».

في المقابل كشفت مصادر إسرائيلية أن حكومة تل أبيب أبلغت إدارة ترمب بأن حركة «حماس» هي من انتهكت الاتفاق «بمهاجمة الجنود، واستئناف تهريب الأسلحة».

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي أن «مقتل رائد سعد، وهو إرهابي بارز كان يعمل ليل نهار على انتهاك الاتفاق واستئناف القتال، جاء رداً على هذه الانتهاكات، وكان يهدف إلى ضمان استمرار وقف إطلاق النار».

نساء فلسطينيات يمشين بين أكوام الأنقاض والمباني المدمرة في مدينة غزة (رويترز)

التحضيرات لإطلاق قوة الاستقرار الدولية في غزة

وفي محاولة لكسر حالة الجمود، والابتعاد عن دائرة الاتهامات المتبادلة بين «حماس» وإسرائيل، تعقد القيادة المركزية في الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء مؤتمراً في قطر بمشاركة ممثلين عن 40 دولة، معظمهم ممثلون عسكريون، بهدف بلورة قائمة الدول التي ستشارك في قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في غزة، ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب، وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية.

وفي التفاصيل، أشارت هيئة البث إلى أن المؤتمر سيشهد مشاركة دول أعلنت بالفعل استعدادها لإرسال قوات إلى القطاع، إلى جانب دول ما زالت مترددة في الإقدام على هذه الخطوة، إضافة لعدد من الدول الأوروبية في مقدمتها إيطاليا.

وسيناقش المؤتمر مهام تلك القوة، وما إذا كانت ستعمل بالقوة في مناطق تخضع لسيطرة «حماس» بهدف نزع سلاحها، أم في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

وفيما وصف بأنه بالغ الأهمية، تعقد جلسات هذا المؤتمر من دون مشاركة إسرائيلية مباشرة، على أن يعقد مؤتمر آخر حول الموضوع بعد نحو شهرين، وفقاً لما ذكرته هيئة البث.

ومع غياب أفق واضح للمضي قدماً في خطة ترمب، تثار الكثير من التكهنات في مواجهة مسار محفوف بالمخاطر قد يقوض جهود السلام، ويدفع المنطقة نحو دائرة العنف من جديد.


العراق: «الإطار» يدرس تكليف رئيس وزراء سابق قيادة الحكومة


قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)
قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)
TT

العراق: «الإطار» يدرس تكليف رئيس وزراء سابق قيادة الحكومة


قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)
قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

في ظلّ التعقيدات التي يواجهها «الإطار التنسيقي» الشيعي لتشكيل الحكومة الجديدة ضمن السقوف الدستورية التي لا تتعدى 3 أشهر في حدّها الأعلى، لا يستبعد مسؤولٌ رفيعٌ مقرب من قوى «الإطار» أن يختاروا رئيسَ وزراء سابقاً لقيادة الحكومة الجديدة.

وقال المسؤول لـ«الشرق الأوسط» إنَّ القوى الشيعية «ترغب في تولي شخصية ذات خبرة في إدارة المنصب التنفيذي الأول بالبلاد، خصوصاً في ظلّ التحديات المحلية والإقليمية القائمة والمتوقعة». ولم يستبعد المسؤول «أن تلجأ قوى (الإطار التنسيقي) إلى اختيار أحد الشخصيات التي شغلت منصب رئاسة الوزراء سابقاً، مثل نوري المالكي أو محمد السوداني أو حيدر العبادي أو مصطفى الكاظمي، وبدرجة أقل عادل عبد المهدي الذي سبق أن أُقيل من منصبه بعد (حراك تشرين) الاحتجاجي».


ترمب: نبحث ما إذا كانت إسرائيل انتهكت وقف النار... و«قوة الاستقرار» تعمل بالفعل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

ترمب: نبحث ما إذا كانت إسرائيل انتهكت وقف النار... و«قوة الاستقرار» تعمل بالفعل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، أن إدارته تبحث فيما إذا كانت إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار في قطاع غزة بقتلها، السبت، قيادياً في حركة «حماس» الفلسطينية.

وقال خليل الحية، رئيس «حماس» في غزة وكبير مفاوضيها، الأحد، إن عملية اغتيال إسرائيل للرجل الثاني في «كتائب القسام» الذراع العسكرية للحركة، رائد سعد، يهدد «بقاء الاتفاق (وقف إطلاق النار) صامداً» في القطاع.

وأعلنت إسرائيل، السبت، مقتل سعد في هجوم جوي نفذته مُسيَّرة على مركبة من طراز «جيب» على شارع الرشيد الساحلي، جنوب غربي مدينة غزة، حيث أطلقت الطائرة 3 صواريخ باتجاه المركبة ومحيطها، لقتل كل من بداخلها.

وأكد الرئيس الأميركي، الاثنين، أن قوة تحقيق الاستقرار الدولية في غزة تعمل بالفعل، وأن مزيداً من الدول ستنضم إليها.

وأضاف: «أعتقد أنها تعمل بشكل أو بآخر. ينضم إليها المزيد من الدول. هناك دول مشاركة بالفعل، لكنها سترسل أي عدد من القوات أطلبه منها».

وفي سياقٍ مختلف، قال ترمب، الاثنين، إنه من المحتمل أن يقيم في القريب العاجل دعوى قضائية على هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بسبب تقرير عن تعليقاته في الفترة التي سبقت الهجوم على مبنى الكونغرس الأميركي (الكابيتول) في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

وقال ترمب لصحافيين في البيت الأبيض إن الدعوى القضائية قد تقام (الاثنين) أو (الثلاثاء)، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأشار الرئيس الأميركي إلى أن اتفاقاً يهدف إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا بات أقرب من أي وقت مضى، وذلك بعد أن أعلن فريقه عن إحراز تقدم عقب محادثات جرت في برلين. وأكد: «أعتقد أننا أقرب الآن من أي وقت مضى».

وأعلن الرئيس الأميركي أنه طلب من نظيره الصيني شي جينبينغ النظر في إطلاق سراح قطب الإعلام المؤيد للديمقراطية جيمي لاي بعد إدانته في هونغ كونغ بتهم تتعلق بالأمن القومي.

وقال ترمب: «أشعر بحزن شديد. تحدّثت إلى الرئيس شي بهذا الشأن، وطلبت أن ينظر في إطلاق سراحه»، من دون أن يحدّد متى طلب ذلك من الرئيس الصيني. وأضاف: «إنه (لاي) رجل مسنّ، وليس بصحة جيدة. لذا قدّمت هذا الطلب. سنرى ما سيحدث».

وأدانت المحكمة العليا في هونغ كونغ، الاثنين، «لاي» بتهمة التآمر مع قوات أجنبية، في أبرز محاكمة تشهدها المدينة، بموجب قانون الأمن القومي الذي فرضته الصين، والذي قد يؤدي إلى سجنه مدى الحياة.