محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق الثلاثاء في تنزانيا

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد متحدثاً في احتفال الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاق تيغراي للسلام («تويتر» رئيس الوزراء)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد متحدثاً في احتفال الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاق تيغراي للسلام («تويتر» رئيس الوزراء)
TT
20

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد متحدثاً في احتفال الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاق تيغراي للسلام («تويتر» رئيس الوزراء)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد متحدثاً في احتفال الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاق تيغراي للسلام («تويتر» رئيس الوزراء)

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود.
وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين.
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أول إعلان رسمي عن مفاوضات مع هذه الجماعة.
وفي كلمته بمناسبة حفل الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاقية السلام بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي، الأحد، تحت شعار «كفى بالحرب، دعونا نحافظ على السلام!»، قال رئيس الوزراء الإثيوبي إن «شعب إثيوبيا ينتظر بفارغ الصبر محادثات السلام هذه لتعزيز السلام الكامل في البلاد».
وتخوض جبهة أورومو معارك مع السلطات المتعاقبة، بسبب ادعاءات تتعلق بـ«التهميش». ونهاية مارس (آذار) الماضي، أعلن آبي أحمد أن إدارته تحاول إجراء محادثات مع الجبهة.
وبينما عبّر عن أمله في أن يدعم الإثيوبيون العملية، قال آبي أحمد إن «الحكومة لديها مستوى عالٍ من الاهتمام لحل هذا الصراع مع جيش تحرير أورومو بشروط سلمية... لقد تم تشكيل لجنة مكلفة بقيادة عملية السلام».
ولم يحدد رئيس الوزراء الإثيوبي كيفية إدارة تلك المفاوضات، وهل ستكون ثنائية أم بحضور أطراف أخرى، فضلاً عن رعاية البلد المستضيف، والمدى الزمني لها.
لكن وفق الدكتور عبد الرحمن أحمد محمد، الخبير الإثيوبي في العلاقات الدولية، وعضو «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية»، فإن الجبهة اشترطت سابقاً رعاية طرف ثالث (وسيط) للمفاوضات، «مثلما جرى في اتفاق تيغراي للسلام الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بجنوب أفريقيا، كون متمردي الإقليم لا يثقون بتنفيذ الحكومة تعهداتها».
وقاد مفاوضات تيغراي فريق وسطاء من مفوضية الاتحاد الأفريقي، يضم الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانغو، والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، وفومزيلي ملامبو نكوكا النائبة السابقة لرئيس جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي الأمم المتحدة والولايات المتحدة كمراقبين.
وقال عبد الرحمن محمد لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حماساً إثيوبياً لحسم الصراعات العرقية بعد ما حدث في تيغراي»، مشيراً إلى أن «الفترة المقبلة ستوضح خطوات وملامح تلك المفاوضات، ومن هي الأطراف الداعمة لها، خاصة في ظل وجود ضغوط دولية متعددة لدفع البلاد نحو مزيد من الاستقرار، بما يعود بتأثيرات إيجابية على منطقة القرن الأفريقي».
وبدأ الصراع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير أورومو عام 1973 عندما أسس القوميون الأورومو «جبهة تحرير أورومو»، وجناحها المسلح «جيش تحرير أورومو».
والأورومو هي أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، ولها أكبر نطاق انتشار في القرن الأفريقي، ووفقاً لإحصاء 2007 فإن هذه العرقية تشكل من 34 - 45 في المائة من سكان إثيوبيا.
وكانت جماعة «جيش تحرير أورومو» متحالفة مع قوات «جبهة تحرير شعب تيغراي» ضد الحكومة الإثيوبية، إلا أنه يبدو أن الصلح الذي توصلت إليه أديس أبابا مع «جبهة تحرير تيغراي»، في نوفمبر الماضي، قاد إلى المفاوضات مع «جيش تحرير أورومو».
وتصنف أديس أبابا «جيش تحرير أورومو» ضمن «الجماعات الإرهابية»، بعدما وجّهت له اتهامات بـ«ارتكاب عميات قتل جماعي ضد بعض الأقليات العرقية في المنطقة، ولا سيما الأمهرة».
وخلال زيارته إقليم أوروميا، الأربعاء الماضي، كتب آبي أحمد على «تويتر»: «بما أن السلام هو أساس كل الأشياء الجيدة، فإن التنمية من دون سلام لا يمكن تصورها». متعهداً - وفق مسؤولية مشتركة - بإرساء «التنمية من خلال ضمان السلام».
واعتبر المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر، أن اتفاقية السلام التي أنهت بها إثيوبيا الحرب في الجزء الشمالي من البلاد «نموذج للدول الأخرى».
وقال هامر، في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الإثيوبية»، الاثنين، إن «عملية السلام درس بأن المفاوضات يمكن أن تسفر عن نتائج جيدة لشعب إثيوبيا، وكذلك للشعوب الأفريقية، وأن هناك طرقاً لإيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية، والولايات المتحدة دائماً على استعداد لتكون شريكاً في هذه الجهود، لذلك دعونا نأمل أن يكون هذا سلاماً دائماً».
وأضاف المبعوث: «الحل ليس القتال، بل إسكات البنادق، من أجل الدخول في مفاوضات يشارك فيها المجتمع الدولي»، مشيراً إلى «استعداد الولايات المتحدة لدعم هذه الجهود، والعمل مع الاتحاد الأفريقي والمؤسسات الأفريقية الأخرى مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية لتعزيز السلام».


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم إثيوبيا تعلن حل القوات الخاصة بالأقاليم

إثيوبيا تعلن حل القوات الخاصة بالأقاليم

أعلن الجيش الإثيوبي، اليوم (السبت)، حل القوات الخاصة بالأقاليم في البلاد، بعد أيام من احتجاجات عنيفة في إقليم أمهرة على خطط لدمج قواته، وفقاً لوكالة أنباء «رويترز». وقال قائد قوات الدفاع الوطني الإثيوبية برهانو جولا إن القوات الخاصة لم تعد موجودة الآن، وإن عناصرها ستنضم إلى الشرطة الإقليمية أو الشرطة الاتحادية أو الجيش الاتحادي. وأضاف لهيئة إذاعة «فانا» التابعة للحكومة: «ما تبقى الآن هو نقلهم من أجل نشرهم، وسيتلقون التوجيه والتدريب». وأضاف: «الآن لدينا فقط الدفاع الوطني والشرطة الاتحادية والشرطة النظامية الإقليمية والجماعات المسلحة الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
TT
20

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)

اقترحت منظمة الصحة العالمية خفض موازنتها بنسبة 20 في المائة إثر قرار الولايات المتحدة، أكبر مساهم فيها، الانسحاب، الأمر الذي يستدعي تقليص مهماتها وأفراد طاقمها، وفق ما أعلن مديرها في رسالة إلكترونية داخلية اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في رسالة وجهها إلى العاملين في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، يوم الجمعة، أن الهيئة تواجه عجزاً يناهز 600 مليون دولار في 2025 و«لا خيار آخر أمامها» سوى البدء باقتطاعات.

وفضلاً عن إعلان بدء انسحاب بلاده بعد عودته إلى البيت الأبيض، قرر الرئيس دونالد ترمب تجميداً عملياً لكامل المساعدات الأميركية الخارجية، بما يشمل برامج مهمة تهدف إلى تحسين الصحة في مختلف أنحاء العالم.

وكانت الولايات المتحدة باشرت خلال ولاية ترمب الأولى في 2020 اتخاذ خطوات للخروج من «منظمة الصحة العالمية».

وحذر تيدروس نهاية يناير (كانون الثاني) من أن المنظمة ستتخذ إجراءات للاقتصاد في نفقاتها.

وتعتبر الولايات المتحدة المساهم الأكبر في منظمة الصحة وبفارق كبير. ففي آخر دورة مالية لعامي 2022 و2023، أمنت واشنطن 16.3 في المائة من 7.89 مليارات دولار شكلت مجموع موازنة المنظمة.

وأضاف تيدروس في رسالته أن «اقتطاعات كبيرة في المساعدات الحكومية للتنمية قامت بها الولايات المتحدة ودول أخرى، تتسبب باضطرابات هائلة بالنسبة إلى دول ومنظمات غير حكومية ووكالات أممية، بينها منظمة الصحة العالمية».

وحتى قبل بدء الانسحاب الأميركي، واجهت المنظمة صعوبات مالية وبدأت، قبل تسعة أشهر، العمل على إجراءات لتحسين فاعليتها، بحسب المصدر نفسه.

وقال تيدروس إن «إعلان الولايات المتحدة، مقروناً باقتطاعات أخيرة في المساعدة العامة للتنمية من بعض الدول بهدف زيادة نفقات الدفاع (لديها)، جعلت وضعنا حرجاً أكثر».

وتابع: «رغم أننا اقتصدنا في النفقات الحيوية، فإن الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة تزيد من صعوبة تعبئة الموارد».

في فبراير (شباط)، خفض المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة الموازنة المقترحة لعامي 2026 و2027 من 5.3 إلى 4.9 مليارات دولار.

وقال تيدروس: «من وقتها، تدهورت إمكانات المساعدة في التنمية واقترحنا تالياً على الدول الأعضاء موازنة أقل، تناهز 4.2 مليارات دولار، أي بخفض نسبته 21 في المائة مقارنة بالموازنة التي طرحت في البداية».

وخلص مدير المنظمة إلى أنه «رغم كل جهودنا (...) لا خيار آخر لدينا سوى تقليص مساحة عملنا وطاقمنا»، لافتاً النظر إلى أن «هذه التدابير ستطبق أولاً على مستوى مقر (الوكالة) عبر البدء بالمسؤولين الكبار. لكن تأثيرها سيطال كل المستويات وكل المناطق».