تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود.
وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين.
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أول إعلان رسمي عن مفاوضات مع هذه الجماعة.
وفي كلمته بمناسبة حفل الاعتراف بالشخصيات المساهمة في اتفاقية السلام بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي، الأحد، تحت شعار «كفى بالحرب، دعونا نحافظ على السلام!»، قال رئيس الوزراء الإثيوبي إن «شعب إثيوبيا ينتظر بفارغ الصبر محادثات السلام هذه لتعزيز السلام الكامل في البلاد».
وتخوض جبهة أورومو معارك مع السلطات المتعاقبة، بسبب ادعاءات تتعلق بـ«التهميش». ونهاية مارس (آذار) الماضي، أعلن آبي أحمد أن إدارته تحاول إجراء محادثات مع الجبهة.
وبينما عبّر عن أمله في أن يدعم الإثيوبيون العملية، قال آبي أحمد إن «الحكومة لديها مستوى عالٍ من الاهتمام لحل هذا الصراع مع جيش تحرير أورومو بشروط سلمية... لقد تم تشكيل لجنة مكلفة بقيادة عملية السلام».
ولم يحدد رئيس الوزراء الإثيوبي كيفية إدارة تلك المفاوضات، وهل ستكون ثنائية أم بحضور أطراف أخرى، فضلاً عن رعاية البلد المستضيف، والمدى الزمني لها.
لكن وفق الدكتور عبد الرحمن أحمد محمد، الخبير الإثيوبي في العلاقات الدولية، وعضو «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية»، فإن الجبهة اشترطت سابقاً رعاية طرف ثالث (وسيط) للمفاوضات، «مثلما جرى في اتفاق تيغراي للسلام الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بجنوب أفريقيا، كون متمردي الإقليم لا يثقون بتنفيذ الحكومة تعهداتها».
وقاد مفاوضات تيغراي فريق وسطاء من مفوضية الاتحاد الأفريقي، يضم الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانغو، والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، وفومزيلي ملامبو نكوكا النائبة السابقة لرئيس جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي الأمم المتحدة والولايات المتحدة كمراقبين.
وقال عبد الرحمن محمد لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حماساً إثيوبياً لحسم الصراعات العرقية بعد ما حدث في تيغراي»، مشيراً إلى أن «الفترة المقبلة ستوضح خطوات وملامح تلك المفاوضات، ومن هي الأطراف الداعمة لها، خاصة في ظل وجود ضغوط دولية متعددة لدفع البلاد نحو مزيد من الاستقرار، بما يعود بتأثيرات إيجابية على منطقة القرن الأفريقي».
وبدأ الصراع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير أورومو عام 1973 عندما أسس القوميون الأورومو «جبهة تحرير أورومو»، وجناحها المسلح «جيش تحرير أورومو».
والأورومو هي أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، ولها أكبر نطاق انتشار في القرن الأفريقي، ووفقاً لإحصاء 2007 فإن هذه العرقية تشكل من 34 - 45 في المائة من سكان إثيوبيا.
وكانت جماعة «جيش تحرير أورومو» متحالفة مع قوات «جبهة تحرير شعب تيغراي» ضد الحكومة الإثيوبية، إلا أنه يبدو أن الصلح الذي توصلت إليه أديس أبابا مع «جبهة تحرير تيغراي»، في نوفمبر الماضي، قاد إلى المفاوضات مع «جيش تحرير أورومو».
وتصنف أديس أبابا «جيش تحرير أورومو» ضمن «الجماعات الإرهابية»، بعدما وجّهت له اتهامات بـ«ارتكاب عميات قتل جماعي ضد بعض الأقليات العرقية في المنطقة، ولا سيما الأمهرة».
وخلال زيارته إقليم أوروميا، الأربعاء الماضي، كتب آبي أحمد على «تويتر»: «بما أن السلام هو أساس كل الأشياء الجيدة، فإن التنمية من دون سلام لا يمكن تصورها». متعهداً - وفق مسؤولية مشتركة - بإرساء «التنمية من خلال ضمان السلام».
واعتبر المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر، أن اتفاقية السلام التي أنهت بها إثيوبيا الحرب في الجزء الشمالي من البلاد «نموذج للدول الأخرى».
وقال هامر، في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الإثيوبية»، الاثنين، إن «عملية السلام درس بأن المفاوضات يمكن أن تسفر عن نتائج جيدة لشعب إثيوبيا، وكذلك للشعوب الأفريقية، وأن هناك طرقاً لإيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية، والولايات المتحدة دائماً على استعداد لتكون شريكاً في هذه الجهود، لذلك دعونا نأمل أن يكون هذا سلاماً دائماً».
وأضاف المبعوث: «الحل ليس القتال، بل إسكات البنادق، من أجل الدخول في مفاوضات يشارك فيها المجتمع الدولي»، مشيراً إلى «استعداد الولايات المتحدة لدعم هذه الجهود، والعمل مع الاتحاد الأفريقي والمؤسسات الأفريقية الأخرى مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية لتعزيز السلام».
محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»
تنطلق الثلاثاء في تنزانيا
محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة